ما حكم سب الصحابة في المذاهب الأربعة

ما حكم سب الصحابة في المذاهب الأربعة، فمما لا شك فيه أن من العقيدة السليمة والصحيحة أن يؤمن المسلم أنّ صحابة النبي صلى الله عليه وسلم كلّه عدول، وكلّهم أصحاب فضل، فهذه المسألة قطعية لا مجال للنقاش فيها، فهي ثابتة في القرآن الكريم ومؤكّدة في السنة النبوية الشريفة بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة، وقد تجد الكثير من الجهال يسبون ويطعنون في صحابة رسول الله في هذا العصر، لذلك فإن موقع المرجع سيبين أقوال العلماء في حكم من سب الصحابة.

فضل الصحابة ومنزلتهم

إن عقيدة أهل السنة والجماعة أن يحبوا الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، فهم خير القرون في جميع الأمم بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الواسطة بين الرسول وبين أمّة الإسلام، فهم الذين نقلوا الشريعة الإسلامية للمسلمين، وهم من كانت على أيديهم فتوحات الإسلام العظيمة، وهم الذين نشروا الفضائل من الصدق والنصح والأخلاق والأدب، وغيرها الكثير من الفضائل والمكانة والمنزلة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنّهم خير الناس بعد الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم أجمعين، والله ورسوله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: سبب تحريم سب الصحابة

ما حكم سب الصحابة في المذاهب الأربعة

إن الراجح في القول عند أهل العلم أنّ من سب الصحابة إن تاب ورجع فالله توابٌ رحيم، وإن تمادى وطغى ولم يتب فهو كافرٌ ضالٌ مضل مكذّبٌ لما جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ورد فضل الصحابة في كتاب الله سبحانه وتعالى في قوله جلّ جلاله: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. [2] وفي غيرها من المواضع وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سب أصحابه الكرام، بقوله: “لا تَسُبُّوا أصْحابِي؛ فلوْ أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما بَلَغَ مُدَّ أحَدِهِمْ ولا نَصِيفَهُ”. [3] فمن سب قوماً هذه فضائلهم، وهذا ثناء ربهم عليهم، وثناء رسوله صلى الله عليه وسلم عليهم، فلا شك أنه مكذب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم والله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: اقرب الخلفاء الراشدين نسبا من الرسول هو الخليفه

أقوال العلماء في حكم من سب الصحابة

ذكر أهل العلم أنّ سب الصحابة رضوان الله عليهم لا يكون في مرتبةٍ واحدة، وقد اختلف أهل العلم في حكم من سبّهم أيكفر أم لا، فمن  سبهم من يطعن في عدالتهم، ومن السب ما لا يوجب الطعن في عدالتهم،  وقد يكون السب لجميعهم أو لأحدهم، وقد يكون لأحد من ورد النص بفضله أو غيره، وقد اتفق أهل العلم على أنّ من استحل سبّهم فقد كفر، لأنّه أنكر ما عُلم من الدين والنصوص الصحيحة والثابتة، ومن سبهم كلّهم أو جمهورهم فقد كفر، وقد ورد عن السبكي أنّه قال: “إن سب الجميع بلا شك أنه كفر، وهكذا إذا سب واحدًا من الصحابة حيث هو صحابي؛ لأن ذلك استخفاف بحق الصحبة، ففيه تعرض إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلا شك في كفر الساب” وذكر شيخ الإسلام بن تيمية قال: ” قال القاضي أبو يعلى: الذي عليه الفقهاء في سب الصحابة إن كان مستحلاً لذلك كفر، وإن لم يكن مستحلاً فسق ولم يكفر، سواء كفرهم أو طعن في دينهم مع إسلامهم، وقد قطع طائفة من الفقهاء من أهل الكوفة وغيرهم بقتل من سب الصحابة”.[5]

حكم من سب الصحابة لابن باز

سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى ما حكم سب الصحابة فأجاب بقوله رحمه الله: “المعروف عند العلماء أن من سبهم يُقتل؛ مرتد عن الإسلام، ما يسبهم إلا وهو قادح في دينهم وهم النَّقَلة الذين نقلوا لنا الدين كله، الصواب أنه كُفْر، مَنْ سَبَّهم على العموم أو أبغضهم كَفَر، لا يبغضهم إلا كافر؛ فهم حَمَلَةُ الشريعة”.[6]

شاهد أيضًا: منهج الصحابة في تلقي القرآن هو

من هم الصحابة

الصحابة هم الذين أسلموا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وآمنوا به وصدقوه، وصاحبوه فترة معينة ولو كانت قصيرة، وقد عرّف أهل العلم الصحابي أنّه كل رجل لقي النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به ودخل في الإسلام وعاش مسلمًا ومات على الإسلام، ولو لقي النبي صلى الله عليه وسلم مرّة واحدة في حياته، ولو كان صغيرًا أو كبيرًا رجلًا أو امرأة، فالرجل صحابي والمرأة صحابية والله أعلم.[7]

ما يترتب على من سب الصحابة

ذكر أهل العلم أن سب الصحابة يكون على أنواع وكل نوعٍ منها يترتب عليه أمرًا خاصًّا به، فمن رماهم بالكفر والفسق ليس كمن وصفهم بالبخل مثلًا، فمن وصفهم بالكفر والفسق والردة ونحوه فهو كافر وهذا يستتاب وتبيّن له الحجة، فإن تاب فإن الله توابٌ غفور، وإن أصر واستحل سبهم فهو كافر ولا شك في ذلك، وذلك لأنّه كذّب ما نصّ به القرآن وجاءت به السنة النبوية الشريفة، أما من لم يكفرهم أو يطعن في دينهم فهو من أهل الكبائر ويعزّر وعاقب ولا يجوز أن يُعفى عنه، وقال بعض أهل العلم: “وإن شتمهم بغير هذا من مشاتمة الناس، نكل نكالًا شديدًا، ومن سب أحدًا من آل النبي صلى الله عليه وسلم يضرب ضربًا وجيعًا، ويشهر، ويحبس طويلًا حتى تظهر توبته” والله أعلم.[8]

بهذا نختتم مقال ما حكم سب الصحابة في المذاهب الأربعة، حيث تم بيان من هم الصحابة ومنزلتهم وفضلهم، وحكم من سبّهم وانتقص منهم، كما ذكر المقال ما يترتب على من سبّ الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.

المراجع

  1. alukah.net , فضل الصحابة , 01/06/2022
  2. سورة التوبة , الآية 100
  3. صحيح البخاري , البخاري/ أبو سعيد الخدري/ 3673/صحيح
  4. islamweb.net , حكم من سب الصحابة , 01/06/2022
  5. islamweb.net , أقوال العلماء في حكم من سب الصحابة , 01/06/2022
  6. binbaz.org.sa , ما حكم سب الصحابة؟ , 01/06/2022
  7. islamweb.net , تعريف الصحابي , 01/06/2022
  8. alukah.net , سب الصحابة رضي الله عنهم , 01/06/2022

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *