ما حكم مراقبة الله تعالى في السر والعلن

ما حكم مراقبة الله تعالى في السر والعلن، تلك المراقبة التي من شأنها أن تجعل حياة الإنسان تنقلب باتجاه الطريق الصحيح، وتضع أقدامه على الدرب الواصل إلى جنان الله سبحانه وتعالى، وفي هذا المقال يتوقف موقع المرجع مع بيان حكم هذه المراقبة ومعناها والإضاءة على الأسباب المعينة عليها وكيفية استشعارها، مع بيان بعض الآيات والأحاديث النبوية التي يتجلى فيها معنى المراقبة بوضوح، وغير ذلك.

معنى مراقبة الله

إنّ معنى مراقبة الله تعالى هو إدراك أنَّ الله يرى عبادَهُ وغيرَهم من المخلوقات أينما كانوا، سواء قاموا بفعلٍ أو أضمروه في داخلهم، وأنَّ الله الذي يحيطُ علمًا بكلِّ شيءٍ في الأرضِ والسماء لا يخفى عليه حالهم، فمن أسماء الله الحُسنى “السميع والبصير والعليم”، فمَن آمَن بالله كانَ على يقينٍ بأنَّه مُراقَبٌ مِن قِبلهِ، وهو أمرٌ ضروريٌّ للإنسان ينبُعُ منه الإخلاص في العبادة والابتعاد عمّا حرَّمه الله عزَّ وجلّ، واليقين بأنَّ الله معه في السرِّ والعلن وهوَ خيرُ عالمٍ بحالِهِ وأفعالِهِ ونيّاتهُ.[1]

شاهد أيضًا: حكم دعاء غير الله تعالى من الأولياء والصالحين

ما حكم مراقبة الله تعالى في السر والعلن

إنّ حكم مراقبة الله تعالى في السر والعلن أمرٌ واجبٌ على كلّ مسلم، ومِنهُ تأتي خشية الله في كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ والانتباه لكلِّ تصرُّفٍ يقومُ بِه الإنسان، ومن الواجب على كلّ مسلمٍ أن يخشى الله -تعالى- ويعلم أنَّه معَه وأن يُحسِن عملَهُ ويقومُ بما أمرهُ اللهُ بِه وينتهي عمَّا نهاهُ عنه، حُبًا بالله وخوفًا من غضبهِ وعقابه وابتغاء نيل الجنَّة.

شاهد أيضًا: هل طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين

الأسباب المعينة على مراقبة الله تعالى

إنّ الأسباب المعينة على مراقبة الله -تعالى- كثيرة، منها:[2]

• التدبُّر في القرآن الكريم ومعانيه: فمَن تدبَّر كلام الله جلَّ علاه ازدادَ إيمانًا بأنَّ الله أقربُ إليهِ من حبلِ الوريد، وهذا القرب دافعٌ عظيمٌ لئلّا يغفل عن أنَّ الله -تعالى- رقيبٌ عليه وأنَّهُ يعلمُ الجهرَ وما يخفى.
• مجاهدة النفس: إنَّ النفسَ لأمَّارةٌ بالسوء، وأن يُجاهِد العبدُ نفسَهُ تلك مشقَّةٌ كبيرة، لكن الفوز برضا الله والجنَّة ذاك أعظم جزاء ويستحقُ العناء، أن توسوس لَهُ نفسَهُ بأن يَفعلَ شرًا فيُجاهدها لأنَّهُ يعلم أن الله -تعالى- يراه ويسمعه فينالُ بذلك رضاه عزّ وجل.
• مصاحبة الصالحين: فخيرُ صاحِبٍ يُذكّرُ المسلم على الدوام بأنَّهُ مُراقبٌ من أعظم رقيب هو الصاحب الخيّر، فإذا نسيَ أو غلبت معصية عليهِ يردَعهُ بالتذكير والنصيحة.

شاهد أيضًا: حكم زيارة مدائن صالح

استشعار مراقبة الله تعالى

إنّ المسلم يمكنه استشعار مراقبة الله -تعالى- من خلال بعض الآيات القرآنيّة الكريمة والأحاديث الشريفة التي تَبثُّ في النفس الشعور بمراقبة الله تعالى لعبادهِ، فعندما يتدبَّر العَبد كلام الله عزَّ وجلّ وكلام رسوله الكريم -عليه الصلاة والسلام- الذي يصبُّ في هذه الناحية وهي أنَّ الله رقيبٌ عليه وعليمٌ بأحوالِه، ويَزدادُ شعورًا بهذه المراقبة عندما تتبلور هذه الفكرة وذلك الشعور العظيم في ذهنه، وبذلك يصبح الإنسان مُحاطًا بشعور المراقبة أينما كان، سواء في عبادة يؤدّيها أم في عمل يشتغل به.[3]

شاهد أيضًا: هل يجوز للرجل ان يتزوج اخت ارملته

آيات عن مراقبة الله تعالى

من الآيات التي تتجلى فيها مراقبة الله -عز وجل- لعباده:

• قوله تعالى: {إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}.[4]
• قوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللهَ يَرَىٰ}.[5]
• قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}.[6]
• قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.[7]

شاهد أيضًا: حكم تعليم الجاهل بالأسلوب الحسن

أحاديث عن مراقبة الله تعالى

من الأحاديث النبوية التي تتحدث عن مراقبة الله تعالى لعباده:

• يقول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف في تعريفه للإحسان: “أنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّه يَرَاكَ”.[8]
• يقول -صلى الله عليه وسلّم- موصيًا بعض صحابته: “اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمحُها وخالِقِ النَّاسَ بخلقٍ حسنٍ”.[9]

شاهد أيضًا: حكم صيد الطيور

ثمرات مراقبة الله تعالى

مراقبة الله تعالى تُكسب المسلم رضا الله عنه في الدنيا ونعيمه وجنته في الآخرة، وتحميه من نارِ جهنم؛ وذلك من خلال ما يلي:[10]

• أنّها تبعده عن المعاصي، وتجعلهُ أمينًا حين يُدرِك أنَّ الله -تعالى- يراه فلا يسرُق.
• أنّها تُبعِدهُ عن الغيبة والنميمة استحياءً من الله أن يتكلَّم عن الناس بسوء وربُّ الناسِ يسمعه.
• أنّها تجعله يُحافِظ على عباداتِهِ ويؤدّيها على أكمل وجه.
• أنّها تجعله يبتعد عن كل ما نهى الله -تعالى- عنه من المحرَّمات.
• أنّها تجعلهُ يغضُّ الأبصار مخافةَ أن يسخطِ الله -تعالى- عليه إن رآه ينظرُ للمحرمات.
• أنّها تجعله يبتعد عن إرضاءَ غرائزَهُ بطريقةٍ حرَّمها الله ويتَّقي الله بِكُلِّ أفعالِه وأقوالِه.

شاهد أيضًا: حكم الاختلاط في العمل

وإلى هنا يكون قد تم مقال ما حكم مراقبة الله تعالى في السر والعلن بعد الوقوف على حكم تلك المراقبة ومعناها وكيفية حدوثها وثمراتها والأسباب المعينة عليها.