من هي الصالقة والحالقة والشاقة

من هي الصالقة والحالقة والشاقة ؟ من الأسئلة التي تتردّد كثيرًا على ألسنة النّاس، فهي كلماتٌ قد تبدو غريبة للكثير ممّن ضعفت عندهم اللغة العربية، حيث إنّ اللغة العربيّة بحرٌ لا قاع له ولا قرار، ومن الجدير بالذّكر أنّ هذه الأسماء تتعلّق ببعض الأحكام الشّرعية، حيث إنّها أسماء تمّت الإشارة في السّنة النبوية الشريفة، وذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض أحاديثه، ومن خلال موقع المرجع سيتمّ بيان ما هي الصالقة والحالقة الشاقة وسيتمّ بيان الصبر عند الابتلاء كيف يكون.

حديث الصالقة والحالقة والشاقة

ضرب الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- أروع الأمثلة في خشيتهم من الله -سبحانه وتعالى- واتّباعهم هدي النّبي -صلى الله عليه وسلم- في كلّ أحوالهم سواءٌ في الصّحة أو المرض، في الفرح أو الحزن، وممّا يدلّ على ذلك الحديث الوارد عن أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: ” وَجِعَ أبو مُوسَى وجَعًا فَغُشِيَ عليه، ورَأْسُهُ في حِجْرِ امْرَأَةٍ مِن أهْلِهِ فَصاحَتِ امْرَأَةٌ مِن أهْلِهِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَرُدَّ عليها شيئًا، فَلَمَّا أفاقَ قالَ: أنا بَرِيءٌ ممَّا بَرِئَ منه رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فإنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ، والْحالِقَةِ، والشَّاقَّةِ”.[1] وقد ورد في ذات المعنى  عن أبي موسى الأشعري: “أنا بَرِيءٌ مِمَّنْ حَلَقَ ، و سَلَقَ ، و خَرَقَ”.[2]

شاهد أيضًا: ادعاء معرفة الأمور الخفية كالمسروقات، والضوال، وغيرها

من هي الصالقة والحالقة والشاقة ؟

إنّ الصالقة والحالقة والشاقة أسماءٌ عربية وصفاتٌ تدلّ على أفعالٍ معيّنة، وهي على النحو الآتي:

  • الصالقة: هي المرأة التي ترفع صوتها عند المصيبة، والأصل هو الصّلق ويعني في اللغة العربية شدّة رفع الصّوت، فالمرأة التي ترفع صوتها وتزيد شدّته وقت المصيبة تسخّطًا وجزعًا، والسالقة هي ذاتها الصالقة.
  • الحالقة: هي كلّ امرأة تحلق شعرها عند المصيبة، وقد حرّم الإسلام أن تحلق المرأة شعر رأسها عمومًا، ولكن يزداد الإثم عند المصيبة.
  • الشّاقة: هي كلّ امرأة تشقّ ثوبها عند المصيبة، فسمّيت شاقة من شقّ الثياب.

وإنّ البراءة من هؤلاء النسوة التي وردت في حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-  تدلّ على أنّ هذه الأفعال تندرج تحت المعاصي، وهي معاصٍ عظيمة وكبيرة، وقد اجتمع بين الصّفات الثلاثة أمرٌ واحد وهو إظهار الجزع والمبالغة فيه والإكثار من التسخط، ويكون ذلك اعتراضٌ على قضاء الله وقدره، فمن رضي عليها فله الرضا ومن سخط فعليه السخط، وتلحق بهذه الأمور كلّ الأشياء التي من شأنها إظهار الجزع والتسخّط، لأنّ الحكم يدور مع علّته، مع العلم أنّ الحزن لو ظهر على الإنسان لا يخرجه من كونه صابرًا لو كان قلبه مطمئنًّا، وإن كان يعالج نفسه بالصبر والرّضا، وذلك من أعلى مراتب الصبر.[3]

حكم البكاء على الميت

ببيان من هي الصالقة والحالقة والشاقة؟ فإنّ حكم البكاء على الميت من الأمور التي ينبغي للمسلم أن يدركها وبعرفها، فالبكاء بلا صوت جائزٌ شرعًا وباتّفاق أهل العلم فقد قام به النّبي -صلى الله عليه وسلّم- وقد وصفه بأّنه رحمةٌ من القلب بالميّت، ففي الحديث الذي رواه الصحابي الجليل أسامة بن زيد أنّه قال: “أُتيَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأُمَيْمةَ بنتِ زَينبَ ونَفْسُها تَقَعقَعُ كأنَّها في شَنٍّ، فقال: للهِ ما أخَذَ، وللهِ ما أَعطى، وكلٌّ إلى أجَلٍ مُسمًّى! قال: فدَمَعَتْ عَيناه، فقال له سعدُ بنُ عُبادةَ: يا رسولَ اللهِ، أتَبكي؟ أوَلم تَنْهَ عن البُكاءِ؟! فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّما هي رَحمةٌ جَعَلَها اللهُ في قُلوبِ عِبادِه، وإنَّما يَرحَمُ اللهُ مِن عِبادِه الرُّحَماءَ”.[4] وقد أشار النبي أنّ البكاء المحرم هو البكاء الذي يرافقه جزعٌ ونواحٌ وشقٌّ ولطمٌ وغير ذلك، وهو من البكاء الذي يُعذّب الميّت عليه والله أعلم.[5]

شاهد أيضًا: هل الخوف من الموت دليل على قربه

كيف يكون الصبر عند الابتلاء؟

إنّ الحديث الذي بيّن من هي الصالقة والحالقة والشاقة؟ يبيّن للمسلم أنّ الابتلاء سنّة الله الجارية في خلقه، وأن الابتلاء يكون في المرض أو النقمة أو ضيق الرزق أو النعمة، وقد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز قوله: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}.[6] ولكنّ على المسلم أن يصبر على الابتلاء ولا يظهر الجزع ولا يتسخّط به، والصبر على الابتلاء يكون باتّباع الأمور الآتية:[7]

  • أن يدرّب المسلم نفسه على الصّبر فهو من الأمور التي يتحصّل عليها بصبره، فمن يتصبّر يصبّره الله.
  • على المسلم أن يعرف الحكمة من البلاء فالله يبتلي ليهذّب لا ليعذب.
  • على المسلم أن يعلم أنّ البلاء في حقّ المؤمن كفّارةٌ وطهور، فالبلاء من الأسباب العظيمة في تكفير الذّنوب والخطايا.
  • من المهمّ للمسلم أن يعلم أنّ الابتلاء دليل حبّ الله للعبد.
  • وأن يدرك أنّه بالبلاء يرفع الله عباده المنازل العالية رفقة النّبي صلى الله عليه وسلم.
  • وليساعد المسلم نفسه في الصّبر والتصبر عليه أن يتذكر أحوال الأشدّ منه بلاءً فمن يرى ابتلاء غيره ومصيبته يهون عليه بلائه.
  • على المسلم أن يتلقّى البلاء بالرّضا بالقضاء والقدر خيره وشرّه.
  • من الضروري أن يدرك المسلم أن الجزع وعدم الرّضا لا ينفعا أبدًا فالتّحسر على المفقود لا يأتي به.
  • إنّ الدنيا بطبيعتها دار عناء، وهي عبارةٌ عن قنطرة يعبر بها المسلم إلى الآخرة، فلا يجب عليه أن يحزن فيها.
  • من الضروري معرفة ثواب الصّبر العظيم وبذلك يهون على المسلم كلّ بلاء.
  • الإيمان بالله والثقة بالفرج من عنده والاستعانة به واللجوء إليه وطلب المعونة منه وحده سبحانه.
  • ترك التشكّي والابتعاد عن الغضب وقت الابتلاء، وعدم اليأس والاستسلام للشيطان.

في ختام مقال من هي الصالقة والحالقة والشاقة ؟ تمّ تسليط الضّوء على حديث الصالقة والحالقة والشاقة الذي رواه الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، وبيان معاني الكلمات فيه، وبيّن المقال حكم البكاء على الميت، وختم بتوضيح كيف يكون الصبر عند الابتلاء.

المراجع

  1. صحيح مسلم , مسلم/ أبو موسى الأشعري/ 104/ صحيح
  2. صحيح الجامع , الألباني/ أبو موسى الأشعري/ 1460/صحيح
  3. saaid.net , شرح أحاديث عمدة الأحكام , 15/12/2021
  4. تخرج المسند , شعيب الأرناؤط/ أسامة بن زيد/ 21799/ إسناده صحيح على شرط الشيخين
  5. islamweb.net , البكاء على الميت.. المشروع منه والممنوع , 15/12/2021
  6. سورة الإنسان , الآية 2
  7. kalemtayeb.com , الصبر على البلاء , 15/12/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *