من هو الإنسان الذي قام بقتل سدس سكان العالم

من هو الإنسان الذي قام بقتل سدس سكان العالم يُعد هذا السؤال أو اللغز من الأسئلة المُحيرة والتي تجدها في العديد من المسابقات والألغاز، والتي تجعلك تتفكر وتبحث في خُلدك عن إجابة السؤال وتتسأل من الشخص الذي قتل ملايين البشر إلى درجة أنه يقضى على سدس سكان العالم، لكن هذا السؤال إجابته ترمي إلى إجابة أخرى، وخلال هذا المقال من موقع المرجع سنجيبكم عن قاتل سدس سكان العالم ونتعرف بقصته عن قُرب.

خلق آدم عليه السلام

أول ما بدأ الخلق خلق الله تعلى آدم عليه السلام ونفخ فيه من روحه، ثم خلقت حواء من ضلع آدم ليسكن إليها، وسميت بحواء كونها خُلقت من ضلع حي وأسكنهما الله الجنة، حتى أخرجا منها بعد أن وسوس إليهم إبليس وقيل إن حواء كان تلد في كل بطن توأم ذكر وأنثى، وذكر في بعض الروايات أنها ولدت قابيل وأخته بالجنة والبعض الآخر تقول أنهما أنجبا أولادهما على الأرض بعد نزولهما من الجنة، وكان لا يحل للذكر منهم أن يتزوج بأخته التوأم التي شاركته نفس البطن وإنما لا بد أن يتزوج بأخته من البطن الآخر.[1]

من هو الإنسان الذي قام بقتل سدس سكان العالم

إنّ الإنسان الذي قام بقتل سدس سكان العالم هو قابيل بن آدم عليه السلام، حيث قام بفعلته وقتل أخيه الذي كان حينها يمثل سدس سكان الأرض من البشر، وكان عدد من في الأرض يومئذ ستة أشخاص فقط وهما (سيدنا آدم عليه السلام، وحواء زوجه، والإخوان هابيل وقابيل، وأختيهما)، وتتحدث بعض الروايات الأخرى أنه قتل ربع سكان العالم أي أن سكان العالم حينها كان أربع أشخاص وهما (آدم وحواء، وهابيل وقابيل فقط) وهذه رواية ضعيفة فالسبب الرئيسي للقتل هو الاختلاف على الزواج من أختيهما، ويذكر الله تعالى قصة مقتل هابيل على يد قابيل في القرآن الكريم في قوله عز وجل:

(۞ وَٱتۡلُ عَلَیۡهِمۡ نَبَأَ ٱبۡنَیۡ ءَادَمَ بِٱلۡحَقِّ إِذۡ قَرَّبَا قُرۡبَانࣰا فَتُقُبِّلَ مِنۡ أَحَدِهِمَا وَلَمۡ یُتَقَبَّلۡ مِنَ ٱلۡـَٔاخَرِ قَالَ لَأَقۡتُلَنَّكَۖ قَالَ إِنَّمَا یَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِینَ ۝  لَىِٕنۢ بَسَطتَ إِلَیَّ یَدَكَ لِتَقۡتُلَنِی مَاۤ أَنَا۠ بِبَاسِطࣲ یَدِیَ إِلَیۡكَ لِأَقۡتُلَكَۖ إِنِّیۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ۝  إِنِّیۤ أُرِیدُ أَن تَبُوۤأَ بِإِثۡمِی وَإِثۡمِكَ فَتَكُونَ مِنۡ أَصۡحَـٰبِ ٱلنَّارِۚ وَذَ ٰ⁠لِكَ جَزَ ٰ⁠ؤُا۟ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝  فَطَوَّعَتۡ لَهُۥ نَفۡسُهُۥ قَتۡلَ أَخِیهِ فَقَتَلَهُۥ فَأَصۡبَحَ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ) [سورة المائدة 27 – 30].

قصة مقتل سدس سكان العالم

بدأت أحداث القصة ورحاها حينما وضعت السيدة حواء زوج أبو البشر آدم عليه السلام أطفالها التوأم وهما (هابيل وأخته، وقابيل وشقيقته)، وكان آدم عليه السلام يزوج ذكر كل بطن بأنثى الأخرى أي يتزوج كل منهما توأم الآخر إلّا إن توأم قابيل كانت أجمل من توأم هابيل، وحين أمر آدم أولاده بالزواج وتبادل التوأم رفض قابيل مستهجنًا تلك القسمة التي رأى أنها ظالمة؛ كونه سيتزوج الفتاة الأقل حظًا من الجمال فلم يرض بالقسمة، فتوجه آدم إلى خالقه من أجل حل تلك المشكلة وأمرهم بتقريب قربانًا إلى الله تعالى ومن يتقبل قُربانه يتزوج الأجمل، وكان قابيل يعمل بالزراعة وهابيل يرعى الأغنام.

فلما أراد قابيل تقريب الُقربان اختار من زرعه أضعف ما فيه وإما هابيل فقد اختار أجود وأفضل ما في أغنامه، فنزلت نار من الخالق فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل؛ فاسشتاط قابيل غضبًا وتوعد أخيه بالقتل كي لا يتزوج أخته، فرد عليه هابيل: “إنّما يتقبّل الله من المتّقين” وكان هابيل ذو بسطة في الجسم والعقل وكان راضيًا بالقسمة التي أمر بها والديه، وعن عبد الله بن عمرو، وقال عبد الله بن عمرو: “وأيم الله إن كان المقتول لأشد الرجلين، ولكن منعه التحرج أن يبسط إليه يده”، فتربص قابيل بأخيه هابيل وقام بقتله.

شاهد أيضًا: قصة سيدنا يونس عليه السلام المختصره

كيف قتل قابيل أخيه؟

كان قابيل عاقد العزم على قتل أخيه وتوعده بذلك -كما ذكرنا- وذات يوم تأخر هابيل في الرعي عن عادته، فأرسل إليه آدم قابيل ليستطلع خبره ولما وصل إليه قال له: “تقبل منك، ولم يتقبل مني”، فرد هابيل بقوله: “إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ”، فغضب وأراد قتله فقال تعالى في ذلك على لسان هابيل “لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَى يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِى إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ” [المائدة: 28]، فوجد قابيل شيئًا بقربه فضرب أخيه على رأسه، وتختلف الروايات حول مقتله وحول هذا الشيء فبعض الروايات تذكر أنها حديدة، والبعض الآخر تقول إنه قام بقتله بصخرة أنزلها على رأسه وهو نائم، والبعض تسرد بأنه قام بخنقه بشدة، وأغلب المصادر تقول أن حادثة القتل هذه تمت بكهف عند جبل قاسيون على مشارف دمشق بالشام.

دفن قابيل لهابيل

بعد أن قتل قابيل أخيه أصبح أول من قتل على سطح الأرض كما أنه قتل سدس سكان العالم حينها، وبعد قتله لأخيه هابيل لم يعرف قابيل كيف يواري جثة أخيه ، فحمله على ظهر داخل جراب وظل يتخبط حائرًا مدة عام وفي بعض الروايات مئة عام لا يعلم ماذا يفعل بجثة أخيه، فبعث الله إليه بغربان يتقتلان فنقر أحدهما الآخر فقتل وهو ناظر إليهم شاخصًا ببصره فقام الغراب بعمل حفرة بالأرض بمنقاره ووارى بداخلها جثة الغراب الآخر وأخفاها تحت التراب، ولا زال قابيل يتابع حتى أصابته الحسرة والندم وأورد هذا تعالى في قوله: (فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَابࣰا یَبۡحَثُ فِی ٱلۡأَرۡضِ لِیُرِیَهُۥ كَیۡفَ یُوَ ٰ⁠رِی سَوۡءَةَ أَخِیهِۚ قَالَ یَـٰوَیۡلَتَىٰۤ أَعَجَزۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِثۡلَ هَـٰذَا ٱلۡغُرَابِ فَأُوَ ٰ⁠رِیَ سَوۡءَةَ أَخِیۖ فَأَصۡبَحَ مِنَ ٱلنَّـٰدِمِینَ) [سورة المائدة 31]، فقام قابيل يفعل كما فعل الغراب بجثة أخيه فحفر بالأرض قبرًا ووضع فيه جثة أخيه وحثى عليه التراب.[2]

تأملات حول قتل قابيل لأخيه هابيل

حادثة مقتل هابيل على يد أخيه قابيل كان أولى جرائم القتل في التاريخ وكان هابيل حينئذ يمثل سدس سكان الأرض، فبقتل قابيل لأخيه فأنه قتل سدس سكان العالم وتُنسب بعض الروايات عن النبي أن جميع جرائم القتل التي حدثت وما زالت تحدث إلى نهاية العالم سيظل يتحمل قابيل جزءًا منها، فعن الإمام أحمد قال: حدثنا أبو معاوية، ووكيع، قالًا: حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله ﷺ:

“لا تقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه كان أول من سن القتل”، ورواه الجماعة سوى أبى داود، من حديث الأعمش به، وهكذا روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وإبراهيم النخعي، أنهما قالا مثل هذا سواء.

كما ورد ذكر نبأ قتل قابيل لأخيه في حديث آخر عن رسول الله ﷺ فقد روى الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، عن سعد بن أبى وقاص، أنه قال عند فتنة عثمان بن عفان: أشهد أن رسول الله ﷺ قال:

“إنها ستكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي قال: أفرأيت إن دخل على بيتي فبسط يده إلى ليقتلني، قال: كن كابن آدم”، ورواه ابن مردويه، عن حذيفة بن اليمان، مرفوعًا، وقال: كن كخير ابنى آدم ورواه مسلم، وأهل السنن، إلا النسائي، عن أبى ذر نحو هذا.

وفي نهاية مقال من هو الإنسان الذي قام بقتل سدس سكان العالم نكون قد تحدثنا بإيجاز عن خلق آدم وحواء ثم قصة قتل قابيل لأخيه هابيل، وكيف أن الحقد قد يدفع صاحبه إلى القتل.