من هو اسد الله الغالب

من هو اسد الله الغالب الذي لُقب به صحابي من الصحابة الكرام؛ حيث إن كان هنالك لكل صحابي لقب يلقب به، بحيث يكون سببًا في رفع قدره وشأنه؛ ولهذا ستتم الإجابة في موقع المرجع على سؤال مقالنا الذي يحمل عنوان من هو اسد الله الغالب، و سنتطرق للحديث عن إسلام علي بن أبي طالب، وخلافته في هذا المقال.

من هو اسد الله الغالب

إنّ اسد الله الغالب هو الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه، وهو أبو الحسن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، ابن عم النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وصهره، وهو من آل بيته، وأحد أصحاب رسول الله، وهو رابع الخلفاء الراشدين عند السنة وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو أول الأئمة عند الشيعة، ولد الإمام علي بن أبي طالب في الكوفة، وأُمه فاطمة بنت أسد الهاشمية؛ وقد أسلم قبل الهجرة النبوية، وهو ثاني أو ثالث الناس دخولًا في الإسلام، ولكنه أول من أسلم من الصبيان، وهاجر إلى المدينة المنورة بعد هجرة الرسول بثلاثة أيام؛ حينها آخاه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- مع نفسه حين آخى بين المسلمين، ومن ثم زوجه ابنته فاطمة في السنة الثانية من الهجرة.

ومن الجدير بالذكر أن الإمام عي بن أبي طالب قد شارك في كل غزوات الرسول عليه الصلاة والسلام؛ عدا غزوة تبوك حيث خلّفه فيها النبي على المدينة، وعُرف -رضي الله عنه- ببراعته في القتال فكان عاملًا مهمًا في نصر المسلمين في العديد من المعارك وكان على رأسها غزوة الخندق ومعركة خيبر، ولقد كان الإمام علي بن أبي طالب محل ثقة عند رسول الله، فكان أحد كتاب الوحي وأحد أهم سفرائه ووزرائه،  وقد اشتهر علي عند المسلمين بالفصاحة والحكمة، جيث نسب له الكثير من الأشعار والأقوال المأثورة، كما يُعدّ رمزًا للشجاعة والقوة ويتصف بالعدل والزُهد، وكما يُعتبر من أكبر علماء في عصره علمًا وفقهًا إن لم يكن أكبرهم على الإطلاق.[1]

شاهد أيضًا: من هو قاتل علي بن ابي طالب ومكان دفنه وذكر مقتله في الحديث

إسلام علي بن أبي طالب

لقد كان علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- منذ صغره لتربيته في بيت النبوة؛ يرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدوة كبيرة وعظيمة في كل مواقف حياته؛ فكان يتبع الرسول في كل أقواله وأفعاله، وعليه فقد لاحظ رسول الله إنه من الواضح أن النبي صلى الله عليه وسلم لاحظ نبوغًا مبكرًا، وعبقرية ظاهرة في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فما كان من رسول الله إلا أن يُخبره بأمر الرسالة، رغم خطورة المسألة؛ لكون المرحلة سرية، وبمرور الأيام رأى الجميع ما رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- من عبقرية وذكاء؛ فكان أكثر الصحابة ذكاءً وقدرةً على استنباط الأحكام، والقضاء في الأمور، وذلك بجانب فراسته وعلمه وفقهه رضي الله عنه.

وعَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: “كُنْتُ امْرَأً تَاجِرًا فَقَدِمْتُ الْحَجَّ فَأَتَيْتُ العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه لأَبْتَاعَ مِنْهُ، فَوَاللهِ إِنِّي لَعِنْدَهُ بِمِنًى خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ خِبَاءٍ قَرِيبًا مِنْهُ، فَنَظَرَ إِلَى الشَّمْسِ فَلَمَّا رَآهَا مَالَتْ قَامَ فَصَلَّى، ثمَّ خَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْخِبَاءِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَامَتْ خَلْفَهُ فَصَلَّتْ، ثمَّ خَرَجَ غُلاَمٌ حِينَ رَاهَقَ الْحُلُمَ مِنْ ذَلِكَ الْخِبَاءِ فَقَامَ فَصَلَّى مَعَهُ، فَقُلْتُ لِلْعَبَّاس رضي الله عنه: مَنْ هَذَا يَا عَبَّاسُ؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنِ أَخِي صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ: مَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ؟ قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. قُلْتُ: فَمَنْ هَذَا الْفَتَى؟ قَالَ: هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ابْنُ عَمِّهِ رضي الله عنه. قُلْتُ: فَمَا هَذَا الَّذِي يَصْنَعُ؟ قَالَ: يُصَلِّي وَيَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَلَمْ يَتَّبِعْهُ عَلَى أَمْرِهِ إِلاَّ امْرَأَتُهُ، وَابْنُ عَمِّهِ الْفَتَى، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَتُفْتَحُ عَلَيْهِ كُنُوزُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ. قَالَ: وَكَانَ عَفِيفٌ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ الأشعث بن قيس يَقُولُ وَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ: لَوْ كَانَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَدَانِي يَوْمَئِذٍ فَأَكُونُ ثانيًا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه”.[2] [3]

شاهد أيضًا: كم مدة خلافة عثمان بن عفان

خلافة علي بن أبي طالب

إنّ خلافة الإمام علي بن أبي طالب تمت بالبيعة، فكانت بطريقة الاختيار وذلك بعد أن استشهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- على أيدي الخارجين المارقين الذين جاءوا من أمصار مختلفة، وقبائل متباينة لا سابقة لهم، ولا أثر خير في الدين فبعد أن قتلو عثمان -رضي الله عنه- ظلمًا وعدوانًا، قاموا بعد ذلك كل من بقي بالمدينة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمبايعة علي -رضي الله عنه- بالخلافة؛ وذلك لأنه كان من أفضل الصحابة بعد عثمان رضي الله عنه، إلا أنه لم يقبل الإمامة لنفسه أحد بعد عثمان رضي الله عنه ولم يكن علي بن أبي طالب -رضي الله- عنه حريصًا عليها، لا سيما وأنه لم يقبلها إلا بعد إلحاح شديد ممن بقي من الصحابة بالمدينة، وخوفًا من ازدياد الفتن وانتشارها، ورغم ذلك إلا أنه لم يسلم من تلك الفتن كموقعة الجمل وصفين التي أوقد نارها وأنشبها الحاقدون على الإسلام كابن سبأ وأتباعه الذين استخفهم فأطاعوه لفسقهم ولزيغ قلوبهم عن الحق والهدى.

وقد روى بعض أهل العلم الطريقة التي تم بها اختيار علي رضي الله عنه للخلافة؛ حيث روى أبو بكر الخلال بإسناده إلى محمد بن الحنفية قال: “كنت مع علي رحمه الله وعثمان محصور قال: فأتاه رجل فقال: إن أمير المؤمنين مقتول الساعة قال: فقام علي رحمه الله: قال محمد: فأخذت بوسطه تخوفًا عليه فقال: خل لا أم لك قال: فأتى علي الدار وقد قتل الرجل رحمه الله فأتى داره فدخلها فأغلق بابه، فأتاه الناس فضربوا عليه فدخلوا عليه فقالوا: إن هذا قد قتل، ولابد للناس من خليفة ولا نعلم أحدًا أحق بها منك فقال لهم علي: لا تريدوني فإني لكم وزير خير مني لكم أمير فقالوا: لا والله لا نعلم أحدًا أحق بها منك قال: فإن أبيتم علي فإن بيعتي لا تكون سرًا، ولكن أخرج إلى المسجد فبايعه الناس”.

وفي رواية أخرى عن سالم بن أبي الجعد عن محمد بن الحنفية: “فأتاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن هذا الرجل قد قتل ولابد للناس من إمام ولا نجد أحدًا أحق بهذا منك أقدم مشاهد، ولا أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علي: لا تفعلوا فإني وزير خير مني أمير، فقالوا: لا والله ما نحن بفاعلين حتى نبايعك قال: ففي المسجد فإنه لا ينبغي بيعتي أن تكون خفيًا ولا تكون إلا عن رضا من المسلمين قال: فقال سالم بن أبي الجعد: فقال عبد الله بن عباس فلقد كرهت أن يأتي المسجد كراهية أن يشغب عليه وأبى هو إلا المسجد فلما دخل المسجد جاء المهاجرون والأنصار فبايعوا وبايع الناس”.

وعليه فإنه تبيّن أن خلافة علي -رضي الله عنه- تمت بطريق الاختيار من جميع من كان موجودًا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة بعد استشهاد ذي النورين عثمان رضي الله عنه، وهذه الطريقة التي تم بها اختيار علي رضي الله عنه كالطريق التي ثبت بها خلافة الصديق أبي بكر رضي الله عنه حيث إن عثمان رضي الله عنه لم يعين أحدًا يقوم بالخلافة بعده فقد روى الإمام أحمد والبخاري والحاكم عن مروان بن الحكم: “أن عثمان رضي الله عنه أصابه رعاف شديد سنة الرعاف حتى حبسه عن الحج وأوصى وطلب منه أن يستخلف فلم يستخلف رضي الله عنه وأرضاه”، ومما تقدم لنا “أن بيعة علي رضي الله عنه كانت كبيعة إخوانه من قبل جاءت على قدر وفي إبانها وأنها مستمدة من رضا الأمة في حينها لا من وصية سابقة مزعومة، أو رموز خيالية موهومة”.
وقد ذكر الحافظ ابن كثير: “وأما ما يغتر به كثير من جهلة الشيعة والقصاص الأغبياء من أنه أوصى إلى علي بالخلافة فكذب وبهت وافتراء عظيم يلزم منه خطأ كبير من تخوين الصحابة، وممالأتهم بعده على ترك إنفاذ وصيته وإيصالها إلى من أوصى إليه، وصرفهم إياها إلى غيره لا لمعنى ولا لسبب وكل مؤمن بالله ورسوله يتحقق أن دين الإسلام هو الحق يعلم بطلان هذا الافتراء لأن الصحابة كانوا خير الخلق بعد الأنبياء وهم خير قرون هذه الأمة التي هي أشرف الأمم بنص القرآن، وإجماع السلف والخلف في الدنيا والآخرة”.[4]

ومن هنا نصل إلى ختام مقالنا الذي يحمل عنوان من هو اسد الله الغالب، وقد تعرفنا على أن علي بن أبي طالب صاحب هذا اللقب، وتحدثنا بعد ذلك عن إسلام علي بن أبي طالب وطريقة توليه الخلافة بعد عثمان بن عفان رضي الله عنه.

المراجع

  1. marefa.org , علي بن أبي طالب , 02/09/2021
  2. مسند أحمد , أحمد شاكر، عفيف الكندي، 3/218، صحيح
  3. islamstory.com , إسلام علي بن أبي طالب , 02/09/2021
  4. dorar.net , خلافة علي بن أبي طالب , 02/09/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *