من الذي قتل ربع سكان الارض

من الذي قتل ربع سكان الارض ؟ من أكثر الأسئلة التي تُطرح في المجالين التاريخي والديني، وهو واحدٌ من الأسئلة التي تدفع بذهن القارئ إلى كلّ الأحداث الدّموية التي وقعت عبر التّاريخ، فيخطر بباله قادةٌ متوّحشين كهتلر وموسوليني من الحربين العالميّتين الأولى والثّانية، وقد يخطر بباله المغول والتتار وغيرهم، لكنّ الحقيقة في إجابة السؤال المطروح مختلفةٌ اختلافاً كبيراً، وسيقوم موقع المرجع في هذا المقال ببيان من قتل ربع سكان الارض.

من الذي قتل ربع سكان الارض

إنّ الذي قتل ربع سكان الارض هو قابيل ابن نبي الله آدم عليه السلام، فقابيل هو الذي قتل أخاه هابيل، حيث يتلخّص الأمر أنّ قابيل قتل ربع سكذان الأرض حينئذٍ لأنّ الرّوايات تقول أنّ عدد سكان الأرض كانوا أربعة أشخاصٍ فقط، وهم آدم عليه السلام وحواء عليها السّلام وقابيل وهابيل، فبقتله لهابيل يكون قد قتل ربع سكان الأرض، لكنّ في رواياتٍ أخرى يقال أنّ لهابيل وقابيل كان يوجد أختين، فبقتل هابيل لقابيل يكون قد قتل سدس سكّان العالم، لأنّهم سيكونون ستّة أشخاص على سطح الأرض، وتتلخّص القّصة أنّ حوّاء قد ولدت أربعين بطناً، في كلّ بطنٍ ذكرٌ وأنثى، وقد كان آدم -عليه السّلام- يزوّج ذكر كلّ بطن بأنثى بطنٍ آخر، فجاء إلى قابيل وأراد تزويجه أخت هابيل، وتزويج هابيل أخت قابيل، لكنّ قابيل رفض وأراد هو الزّواج بأخته لأنّ أخته كانت أجمل من أخت هابيل، فطلب آدم -عليه السلام- منهما تقديم قرابين لله تعالى، وكان هابيل راعياً فقدّم كبشاً عظيماً وكان قابيل مزارعاً فقدّم الزّرع والثّمر، فأتت الإشارة بنارٍ من السماء على كبش هابيل فأكلته، وتركت زرع قابيل، فغضب قابيل وتوعّد هابيل بالقتل، فقتله ثمّ ندم، حتّى أرسل الله له غرابين يقتتلان فقتل أحدهما الآخر وحفر له ودفنه، فقال قابيل أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب وأن أواري سوءة أخي، وقد وردت قصّة قابيل وهابيل في القرآن الكريم، وكانت هذه أوّل جريمة قتلٍ في التّاريخ، ويُقال أنّ قابيل سيحمل وزر كلّ قاتل لأنّه هو من سنّ هذه الجريمة في الأرض والله أعلم.[1]

شاهد أيضاً: أبناء أدم عليه السلام

قصة قتل قابيل لأخيه

مجريات قصّة قتل قابيل لأخيه تتلخّص أنّ قابيل وهابيل قدّما قرابين صدقة لله -سبحانه وتعالى- فتقبّل الله صدقة هابيل لصدقه إخلاصه، ولم يتقبّل من قابيل لسوء نيّته وعدم تقواه فيما أمر به الله، فحسد قابيل أخاه هابيل وتوعّده بالقتل حسداً، لقبول صدقته من الله ورفض الصّدقة التي قدّمها هو، فما كان من أخيه إلا أن يقول له القول الكريم الذي فيه نصيحة وإرشاد، حيث بيّن له الوسيلة التي ستجعل صدقته مقبولةٌ عند ربّه، وهي التقوى والعمل الصّالح، وصون النّفس عن كلّ عملٍ لا يرضاه ربّ العزّة، ثمّ انتقل هابيل ليعطي أخاه درساً في الأخوّة، وليشرح له ما تعنيه رابطة الأخوّة، فكان ردّه أنّه لو اعتدى عليه بالقتل ظلماً وحسداً فإنّه لن يردّ عليه، ولن يقابله بنفس فعله، لأنّه يخاف الله ويخشاه، والقتل أمرٌ منكر فكيف بكون من يقتل أخاه، وحذّره من سوء المصير لو أنه أقبل على طاعة الشّيطان وأقدم على فعلته، لكنّ قابيل استكبر وأبى وانساق مع الهوى، فقتل أخاه ظلماً وحسداً فخسر الدنيا والآخرة، فقد قتل أقرب النّاس إليه، حتى أرسل الله له غراباً ليعلّمه كيف يدفن أخاه، عندما اقتتل غرابين فقتل أحدهما الآخر وحفر له حفرةً ودفنه فيها، هو المنظر الذي يجعل قابيل يندم ويعي ما فعل ووعى عجزه الشّديد لكون الغراب أفطن منه، وبذلك تمّت معرفة من الذي قتل ربع سكان الارض.[2]

هابيل وقابيل من تزوجوا

بعد أن نزل آدم على الأرض من الجنّة، وكان من مهمّته استمرار الحياة وإعمار الأرض حتّى يشاء الله، وقد رزقه الله بكلّ بطنٍ تحمله زوجته حواء اثنين ذكر وأنثى، وبهذا كان يزوج ذكر بطنٍ بأنثى بطنٍ آخر، وقد كان هذا لأمر مشروعاً في عهد آدم -عليه السّلام- وعندما بلغ قابيل وهابيل سن الزواج قرر نبي الله آدم -عليه السلام- تزويج قابيل من أخت هابيل وهابيل من أخت قابيل، لكنّ قابيل حقد على أخيه لأنّه أراد أن يتزوّج من أخته فهي أجمل من أخت هابيل، وقيل أنّ الزّواج قد تمّ فتزوّج كلٌّ منهما أخت الآخر قبل أن يقتل قابيل هابيل والله أعلم.

شاهد أيضاً: قصة سيدنا ادم عليه السلام كاملة

قابيل في القرآن

قصّ الله تعالى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من خلال الوحي قصّة قابيل الّذي قتل أخاه هابيل، والّذي أقدم على أوّل جريمة قتلٍ في تاريخ البشريّة جمعاء، كغيرها من القصص الّتي أوحى بها الله تعالى لرسوله، وهو -صلّى الله عليه وسلّم- على علمٍ بها، وذلك من معجزات القرآن الكريم، أنّ فيه أنباءٌ من الغيب لم يعلمها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ولا قومه من قبل، وقصّة قابيل في القرآن الكريم قد جاءت في مقصوصةً في عدّة آياتٍ متتاليّةٍ من سورة المائدة وهي:

قال الله -جلّ وعلا- في سورة المائدة: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ* لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ* إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ* فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ* فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ}.[3]

وقد وردت العديد من الدّروس والمواعظ في هذه الآيات العظيمة، ومنها، عظم جرم قتل النّفس بغير وجه حق، وأنّ التّقوى وصلاح القلب وحسن النّيّة، هم زاد الإنسان في الدّنيا، وهم سبب نجاته في الآخرة، كذلك نستفيد من هذه القصّة القرآنيّة، أنّ الحسد يهلك صاحبه، ويجلب له خسارة الدّنيا والآخرة، والله أعلم.[4]

ماذا حدث لقابيل بعد قتله لهابيل

بعد الإجابة عن سؤال من الذي قتل ربع سكان الارض، والّذي تبيّن أنّه قابيل بن آدم عليه السّلام، كان لا بدّ من الحديث عن مصيره الّذي آل إليه قابيل بعد قتل أخيه، حيث أنّ أهل العلم قد أفادوا بأنّه لم يرد في القرآن الكريم ولا في السّنّة المباركة شيءٌ عن مصير قابيل، وماذا حدث له بعد قتله لهابيل، إنّما ذكر القرطبيّ ما جاء في الإسرائيليّات الّتي أمرنا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعدم تصديقها أو تكذيبها، أنّ قابيل بعدما قتل أخيه هابيل، هرب إلى جبلٍ، وبينما كان في سفح الجبل إذ جاء ثورٌ فنطحه، ووقع من سفح الجبل وتفرّقت عروقه، كما قالت الإسرائيليّات بأنّ آدم عليه السّلام دعا عليه، فخسف الله تعالى به الأرض ومات، كلك وردت روايةٌ أخرى تقول: أنّ قابيل بعد ارتكابه لجريمة القتل هرب إلى أرض اليمن، وهناك لقيه إبليس الرّجيم، ووسوس له وأقنعه بأنّ النّار قد أكلت قربان أخيه هابيل، لأنّه كان يعبدها، فافعل أنت مثله، وسمع منه قابيل وبنى بيت نار، وصار يعبد النّار، فكان أوّل من عبد النّار؛ وقال أهل العلم في هذا أّنّه لا يمكن الجزم بصحّة هذه الرّوايات، أو عدم صحّتها، ولكنّ الأفضل اتّباع ما جاء في القرآن الكريم، وعدم الخوض فيما بقي في علم الغيب عند الله تعالى، والله أعلم.[5]

من هم أولاد قابيل

قد وردت العديد من الرّوايات الّتي تتحدّث عن أولاد قابيل، ومن هم، لكن لا يمكن الجزم بصحّة هذه الرّوايات، فمنهم من يقول أنّ قابيل قد أخذ أخته وهرب بهاـ وتزوجها وكان له ذريّة، ومنهم من يقول أنّه قد تزوّج أخت هابيل قبل أن يقتل أخاه، وكان له أولاد منها، ثم هرب بهم إلى جنوب اليمن، وبعض الرّوايات تقول أن قابيل كلّه قد انقرض، واستمرّ نسل آدم عليه السّلام من ابنه شيث فقط، فلم يرد في القرآن الكريم أو السّنّة المباركة ما هو ثابتٌ وصحيحٌ لمعرفة أولاد قابيل من غيرهم والله أعلم.

شاهد أيضًا: لماذا سمي النبي بالأمي

فوائد قصة قابيل وهابيل

بعد معرفة من الذي قتل ربع سكان الارض والاطّلاع على قصّة قابيل وهابيل، سيستنتج القارئ العزيز عديد الفوائد والمضامين من هذه القصّة القرآنيّة، ومن فوائدها:[6]

•  إنّ تقوى الله -سبحانه وتعالى- وإخلاص النّية في القول والعمل، هما أساسا القبول عند الله سبحانه وتعالى.
• إنّ القرآن الكريم كلام الله ومعجزة نبيّه الكريم -صلى الله عليه وسلّم- لأنّ قصة قتل قابيل لأخيه هابيل من القصص العريقة القديمة جدّاً، وهي من إخبار الله لرسوله بالوحي لينتفع بها أولى الألباب من المسلمين.
• إنّ الخير والشّر موجودٌ في النّاس في كلّ الأزمان.
• إنّ الحسد إن تمكّن من النفس وتأصّل فيها، سيودي بصاحبه إلى الهلاك، فالحسد يزيّن البغي والعدوتن والإثم والطّغيان.
• لا ينفع النّدم الإنسان بعد فوات الأوان، ولا يرفع العقوبة عن مرتكب الذّنب، أمّا الذّنب فإنّه لا يُغفر إلا بالتّوبة النّصوح.

قدّمنا لكم في هذا المقال من الذي قتل ربع سكان الارض، وهو قابيل وذكرنا قصّته من القرآن الكريم، أي قصة قتل قابيل لاخيه هابيل، كذلك تحدّثنا عمّن تزوجا من بنات آدم عليه السّلام، وذكرنا الآيات القرآنيّة الّتي تحدّثت عن جريمة القتل وعن الفوائد المستفادة منها، بالإضافة إلى ذكر ما حدث لقابيل بعد قتله لأخيه، ومن هم أولاده.