من أول ملك فرعوني آمن بالتوحيد

من أول ملك فرعوني آمن بالتوحيد حيث ذكرت الكثير من النصوص الشرعية أنَّ بعض الأنبياء أرسلهم الله تعالى للفراعنة في مصر، فآمن بعضهم بالتوحيد، وتُعدُّ الحضارة المصرية القديمة من أعظم الحضارات على وجه الأرض، والتي لم يكشف عن كثيرٍ من أسراراها حتى الآن، لذلك يهتم موقع المرجع في الحديث عن من أول ملك فرعوني آمن بالتوحيد، وبيان العديد من المعلومات التي تتعلق بهذا الملك.

من أول ملك فرعوني آمن بالتوحيد

إن أول ملك فرعوني آمن بالتوحيد هو الفرعون أخناتون، الذي حكم مصر القديمة لمدة سبعة عشر عامًا، بين الأعوام 1353 ق.م – 1336 ق.م، وكان اسم هذا الملك أمنحوتب الرابع، لكنه بعد ست سنوات من اعتلائه العرش دعا نفسه أَخناتون، وهو الاسم الذي يشتهر به، ويعني الجميل مع قرص الشمس أو (روح آتون)، وقد سعى أخناتون خلال فترة حكمه لتوحيد آلهة مصر القديمة المتعددة، بما فيها الإله أمون، والتوجه لعبادة الإله الواحد آتون، محدثًا بذلك ثورة دينية في مصر القديمة.[1]

ما هو التوحيد في مصر القديمة؟

يُعدُّ الدين القوة المسيطرة على المصري القديم، لدرجة أنه يستمد أدبه وفنه وقصصه كلها من الدين والآلهة، والآلهة في مصر القديمة كثيرة التعدد والاختلاف، والمعتقدات الدينية متشعبة جدًا، ومن الآلهة والمعتقدات التي كان يؤمن بها المصري القديم: (آلهة السماء – آلهة الشمس – آلهة الزرع – الآلهة الحيوانية – آلهة العلاقات الجنسية – الآلهة البشرية – أوزير – إيزيس وحورس – الآلهة الصغرى – الكهنة – عقيدة الخلود – كتاب الموتى)، وكان كل ملك أو فرعون يتخذ آلهة مختلفة عن الآخر، حتى جاء الملك أخناتون أول ملك فرعوني آمن بالتوحيد، وقام بثورة دينية في مصر القديمة، تلخصت في توحيد الآلهة على شكل إله واحد، أطلق عليه اسم آتون.[2]

شاهد أيضًا: من هو فرعون موسى

ما هو معنى التوحيد

يختلف معنى التوحيد الذي نؤمن به في وقتنا الحالي، عن معنى التوحيد الذي دعا له الملك أخناتون، فالتوحيد الذي نعرفه هو اعتقاد أن الله واحد لا شريك له، وقد قسمه العلماء إلى ثلاثة أقسام وهي: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، فتوحيد الربوبية هو إفراد الله تعالى بأفعاله، كالخلق والملك والتدبير والإحياء و الإماتة ونحو ذلك، وتوحيد الألوهية هو إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة الظاهرة والباطنة قولا وعملا، ونفي العبادة عن كل ما سوى الله كائنا من كان، وأما توحيد الأسماء والصفات فهو إفراد الله عز وجل بما له من الأسماء والصفات، فيعتقد العبد أن الله لا مماثل له في أسمائه وصفاته.[3]

شاهد أيضًا: انواع التوحيد في سورة الفاتحة

ما هو الدين عند اخناتون

يعتبر أخناتون أول من أسس دينًا حديثًا يوحد الطقوس الدينية في مصر القديمة خلال فترة حكمه، حيث أسّس عبادة قائمة على تقديس الإله آتون، الذي تم تصويره على أنه قرص الشمس في بعض الآثار القديمة، حيث ظهرت نقوش تصور الإله آتون كقرص شمس في السماء، الذي يمتد أشعة منه إلى أسفل لتصل إلى العائلة الملكية، وكرّس أخناتون جهوده للعبادة الجديدة، فبنى العديد من المعابد الجديدة المخصصة لعبادة الإله آتون، مثل الكرنك وتل العمارنة بالإضافة إلى عدد كبير من موائد القرابين، للاحتفال بالإله آتون، وعمل أيضاً على محو وإخفاء جميع الآثار التي تحمل صورة أو اسم الآلهة السابقة وعلى رأسهم الإله آمون، مما مهد لظهور فكرة التوحيد.[2]

معلومات عن الملك اخناتون

بعد أن تعرفنا على أول ملك فرعوني آمن بالتوحيد سنذكر بعض المعلومات المتعلقة به، أخناتون أو أمنحوتب الرابع هو فرعون من الأسرة الثامنة عشر، والده أمنحوتب الثالث ووالدته تيي التي تحدَّرت من بيئة شعبية، على خلاف ما عُرف عن زوجات الفراعنة اللواتي تحدّرن من سلالات مميزة، أما مرضعته فهي تي، حكم مصر القديمة مع زوجته نفرتيتي لمدة 17 سنة، وسعى لتوحيد آلهة مصر القديمة بما فيها الاله أمون رع في شكل الإله الواحد أتون.

ونقل العاصمة من طيبة إلي عاصمته الجديدة أخت أتون بالمنيا، وفيها ظهر الفن الواقعي ولاسيما في النحت والرسم وظهر أدب جديد يتميز بالأناشيد المخصصة للإله الجديد آتون، أو ما يعرف حاليا بنظام تل العمارنة، وإنشغل الملك أخناتون بإصلاحاته الدينية وانصرف عن السياسة الخارجية، وإدارة الإمبراطورية الممتدة حتي أعالي الفرات شمالًا والنوبة جنوبًا، وقد اختلطت بداية حكمه بنهاية حكم أبيه، الذي بلغت مصر في عهده ذروة مجدها في تاريخها القديم، وامتد نفوذها من الجزيرة الفراتية والأناضول وكريت وحوض بحر إيجه إلى النوبة.[1]

زوجات الملك أخناتون

تزوج أخناتون أول ملك فرعوني آمن بالتوحيد من نفرتيتي وجعلها ملكته وسيدة سعادته على حد تعبيره، وتشير الدراسات التاريخية أنها أنجبت له ست بنات ولم تنجب له أي ذكر، لذلك تولى الحكم بعد وفاته أخوه، وكما قام أخناتون بتغيير اسمه كذلك قامت زوجته نفرتيتي بتغيير اسمها إلى (نفر – نفرو – آتون) أي (جميل هو بهاء آتون)، كما حملت الأميرات من بنات الملك بدورهن أسماء تحتوي على اسم الإله الجديد، وتشير الدراسات التاريخية إلى أن الملك كان حريصًا على تصوير حبه لملكته وسعادته بجوارها، ولكن من المرجح أنه اتخذ زوجةً أخرى تدعى كيا، بهدف إنجاب ولي العهد، لذلك يعتقد بعض العلماء بأن كيا هي والدة توت عنخ آمون.[1]

عاصمة أخناتون الجديدة

قرر أخناتون بناء عاصمة ومقر جديد لإلهه آتون ولبلاطه الملكي، فوقع اختياره على بقعة لم ترتبط من قبل باسم أي معبود، أو حتى مخلوق بشري، تقع في منتصف المسافة بين مدينتي طيبة ومنف، مطلقا عليها اسم (أختاتون) أو (أفق آتون)، وقد دفع الملك إلى اتخاذ هذا القرار المقاومة المتزايدة لكهنة آمون ضد إلهه الجديد آتون، فأصبحت مقر إقامة الأسرة الملكية المقدسة، والمركز المعنوي والسياسي للمملكة، وأقام بها كبار الوزراء، والأجهزة الحكومية.[1]

إنجازات أخناتون

تولى أخناتون الحكم صغيرًا لكنه كان من أكثر الفراعنة إثارة للجدل ولم تخلُ فترة حكمه من إنجازات عديدة عدا عن أنه أول ملك فرعوني آمن بالتوحيد تمثلت في:[1]

  • اهتم بالشؤون الداخلية أكثر من اهتمامه بالسياسة والأمور الخارجية، حيثُ برز اهتمامه بالفنون كالرسم والنقش والكتابة المصرية والهندسة المعمارية إلى جانب الإصلاح الديني، ولا يُمكن إنكار أن هذا الفعل تسبب في إضعاف الدولة.
  • تميزت فترة حكمه بلين الملك وعطفه ولطافته، إلا أنه كان شديدًا مع كهنة معبد آمون حيث كان يرسل أشخاصًا لمحو الصور والنصوص وتدمير الآثار التي تتعلق بآمون. الإصلاح الديني من هذه المدينة.
  • وقام بتحويل أساليب العبادة والشعائر الدينية من آمون وسائر الآلهة الأخرى إلى آتون، كما أمر بتشييد العديد من المعابد الضخمة في طيبة بجوار معابد آمون، وأولى اهتمامًا كبيرًا بشرح عقيدة التوحيد وتبجيل آتون في كل المناسبات.
  • انتهج الملك الأسلوب الدبلوماسي في علاقاته مع أمراء كنعان وفلسطين وسورية، واتخذ أسلوب التراسل والحوار، وانصرف عن الاهتمام بالجيش، وابتعد عن سياسة توسيع حدود الدولة التي انتهجها أسلافه.

كيف مات إخناتون

تشير بعض الدراسات إلى أن الانقسام بدأ يدب في الأسرة الملكية في نهاية عهد أخناتون، واختفت الملكة نفرتيتي في حوالي العام الرابع عشر من فترة حكم زوجها، وانعزلت في قصر خاص بها بعد رؤيتها للتدهور الاقتصادي والسياسي للبلاد، كما يُعتقد أن مؤامرات كهنة معبد آمون وكبار التجار وقادة الجيش، بالإضافة إلى الثورات الصغيرة المتكررة التي لم يستطع الملك قمعها، وأطماع الحيثيين بالولايات التابعة لمصر، كانت من الأسباب الرئيسية لوقوع مصر في حالة فوضى، أدت إلى نهاية ولاية أخناتون.

ويعتبر علماء التاريخ أن نهاية حكم أخناتون غامضة، فمن المرجح أنه مات في الثلاثينيات من عمره، خلال العام السابع عشر من الحكم لأسباب غير معروفة، كما أن المقبرة الملكية المخصصة لأخناتون في تل العمارنة لم تحتوِ على رفاته ضمن تابوت ملكي، كما جرت العادة في مصر القديمة، ولكن عُثر في المقبرة KV55 على هيكل عظمي، اعتقد الكثيرون أنه يعود لأخناتون، وهذا دليل آخر على حالة الفوضى الشديدة التي وقعت فيها الدولة، واحتمالية نقل مقبرة أخناتون وتدنيسها.[1]

نهاية التوحيد في مصر القديمة

بعد وفاة أخناتون أول ملك فرعوني آمن بالتوحيد، عادت مصر تدريجياً إلى دينها التقليدي متعدد الآلهة، فاتخذ خلفاء أخناتون بدءًا من توت عنخ آمون، خطوات لإبعاد أنفسهم عن الأتونية. حيث قام توت عنخ آمون بإسقاط اسم آتون من اسمه وتغييره إلى توت عنخ آمون، وتم استعادة آمون ليكون الإله الأعلى، وأعاد توت عنخ آمون تأسيس معابد الآلهة الأخرى، وبالإضافة إلى ذلك فإن مشاريع بناء توت عنخ آمون في طيبة والكرنك استخدمت الحجارة من مباني أخناتون، مما يعني أن توت عنخ آمون ربما بدأ في هدم المعابد المخصصة لآتون، واستمر هدم معابد آتون تحت حكم آي وحورمحب، وخلفاء توت عنخ آمون وآخر فراعنة الأسرة الثامنة عشرة أيضاً، كان من الممكن أن يكون حورمحب قد أمر بهدم أخيتاتون عاصمة أخناتون، ولتعزيز الانفصال عن عبادة آتون، ادعى حورمحب أن الإله حورس اختاره ليحكم مصر، وقد أمر ستي الأول الفرعون الأول من الأسرة التاسعة عشرة، بإعادة اسم آمون على النقوش بدلًا من اسم آتون.[4]

وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية المقال، الذي تحدثنا فيه عن من أول ملك فرعوني آمن بالتوحيد وذكرنا فيه معلومات مختلفة تتعلق بهذا الملك وثورته الدينية المثيرة للجدل، بالإضافة إلى ذكر بعض المعلومات عن الملك أخناتون الذي يُعدُّ أول من آمن بالتوحيد من الفراعنة.

المراجع

  1. marefa.org , أخناتون , 2/6/2021
  2. marefa.org , الدين في مصر القديمة , 2/6/2021
  3. islamqa.info , ما هو معنى التوحيد ؟ وما هي أقسامه ؟. , 2/6/2021
  4. wikiwand.com , أخناتون , 2/6/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *