لماذا سمي الخوارج بهذا الإسم

لماذا سمي الخوارج بهذا الإسم ، قد يتساءل الكثير من المسلمين عن مصر كلمة الخوارج، وعن الّذين يُطلق عليهم هذا الاسم، حيث شاعت هذه الكلمة وانتشرت على ألسنة الكثير من النّاس، فمنهم من يدري معناها ومنهم لا يفقه منها شيئاً أبداً، وتُطرح العديد من الأسئلة حول هذا الاسم، ويهتمّ موقع المرجع بتعريفنا على الطّائفة الّتي أُطلق عليها اسم الخوارج، ويجيبنا عن السّؤال المطروح سابقاً، كما سيبيّن لنا صفات وعقائد وفرق الخوارج ونشأتهم.

لماذا سمي الخوارج بهذا الإسم

قد سمّي الخوارج بهذا الاسم لأنّهم خرجوا على الإمام عليٍّ رضي الله عنه، وخالفوا تعليماته وأوامره وقاتلوه، وتبيّن ذلك من القصّة المشهورة والحادثة الّتي وقعت بين عليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، وبين معاوية بن أبي سفيان، وذلك بعد مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفّان، حيث كان أوّل ظهورٍ للخوارج في معركة صفّين، الّتي وقعت بين جيش عليٍّ وجيش معاوية رضي الله تعالى عنهما، وقبل القتال وحقناً لدماء المسلمين، رفع جيش معاوية المصاحف، ودعوا خصومهم من جيش أمير المؤمنين عليّ، ليكون القرآن الكريم حكماً بينهم، فرفض الإمام عليّ رضي الله عنه في البداية، وعرف أنّها حيلةٌ من حيل أهل الشّام، وفعلوا ذلك خشية الهزيمة، لكنّ فئةً من جيش عليٍّ خرجوا عليه، وقبلوا دعوة خصومهم، فاضطّر الإمام عليّ قبول الدّعوة، وذلك لكي لا يتشرّد جيش المسلمين ولا يتفرّق ويتزعزع بين مؤيّدٍ ومعارض.

وكان الحكم عن جيش عليٍّ هو أبو موسى الأشعريّ رضي الله عنه، أمّا الحكم عن جيش معاوية فهو عمر بن العاص رضي الله عنه، فاجتمعا واتّخذا قراراً بتأجيل التّحكيم إلى شهر رمضان المبارك، وقبل الجيشين بذلك، إلّا فئة الخوارج، فرفضوا التّحكيم وأنكروه، وعدّوه كفراً وإحداثاً في الدّين وابتداعاً، وأعلنوا قتالهم لجيش عليٍّ، وخرجوا عن أمره، ونزلوا في الحروراء وهي منطقةً قرب الكوفة، حيث كانوا يريدون قتال الإمام عليّ رضي الله تعالى عنهم، فأطلق عليهم اسم الحروريّة نسبةً إلى هذه المنطقة الّتي عسكروا فيها، كذلك أطلق عليه اسمٌ آخر وهو الشّرّاة، فقد اعتبروا أنفسهم أنّهم قد باعوا أرواحهم وأنفسهم لله تعالى واشتروا الجنّة، وأطلقوا على أنفسهم اسم المحكّمة، وذلك لأنّهم رفضوا ولم يعترفوا بالتّحكيم  بين عليٍّ رضي الله عنه وبين معاوية رضي الله عنه، كما أطلق عليهم أيضاً اسم المارقة، وذلك واردٌفي الأحاديث النّبويّة المباركة،  وقد عرّف أهل العلم الخوارج بأنّهم الخارجون عن أمر الخليفة، المخالفين لأمره، ويطلق اسم الخوارج على كلّ من يخرج على الإمام الحقّ ويخالف رأيه، ويعصي أمره، وينكر حكمه، وقد أحدث الخوارج من خلال معتقداتهم الخاطئة وآرائهم السّياسيّة الواهية، وفهمهم الخاطئ للدّين الإسلاميّ، شرخاً كبيراً في  ترابط وتماسك الأمّة الإسلاميّة، كما أدّت إلى ظهور الفتن والنّزاعات والتّشتت في الأمّة الإسلاميّة والله أعلم.[1]

نشأة الخوارج

يُرجع أهل العلم نشأة الخوارج إلى عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- واستندوا بذلك على الكثير من الأحاديث النّبويّة الواردة في هذه الفئة الباغية، ومن الأحاديث التي ذُكر فيها الخوارج ما رواه مسلم والبخاري في روايات مختلفةٍ باللّفظ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ -رضي الله عنه- قال: ” بَعَثَ عَلِيٌّ وهو باليَمَنِ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بذُهَيْبَةٍ في تُرْبَتِهَا، فَقَسَمَهَا بيْنَ الأقْرَعِ بنِ حَابِسٍ الحَنْظَلِيِّ، ثُمَّ أحَدِ بَنِي مُجَاشِعٍ، وبيْنَ عُيَيْنَةَ بنِ بَدْرٍ الفَزَارِيِّ وبيْنَ عَلْقَمَةَ بنِ عُلَاثَةَ العَامِرِيِّ، ثُمَّ أحَدِ بَنِي كِلَابٍ وبيْنَ زَيْدِ الخَيْلِ الطَّائِيِّ، ثُمَّ أحَدِ بَنِي نَبْهَانَ، فَتَغَيَّظَتْ قُرَيْشٌ والأنْصَارُ فَقالوا: يُعْطِيهِ صَنَادِيدَ أهْلِ نَجْدٍ، ويَدَعُنَا قالَ: إنَّما أتَأَلَّفُهُمْ، فأقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ، نَاتِئُ الجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، اتَّقِ اللَّهَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فمَن يُطِيعُ اللَّهَ إذَا عَصَيْتُهُ، فَيَأْمَنُنِي علَى أهْلِ الأرْضِ، ولَا تَأْمَنُونِي، فَسَأَلَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ قَتْلَهُ، أُرَاهُ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ، فَمَنَعَهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا ولَّى، قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ مِن ضِئْضِئِ هذا، قَوْمًا يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ، لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإسْلَامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أهْلَ الإسْلَامِ، ويَدَعُونَ أهْلَ الأوْثَانِ، لَئِنْ أدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ”.[2] وقيل عن أهل العلم بأنّ هذا الرّجل الّذي اشار إليه رسول الله في حديثه المبارك هو ذو الخويصرة التّميمي، وقيل بأنّ اسمه نافع، كما قيل بأنّ اسمه هو حرقوص بن زهير السّعدي، وهؤلاء القوم الّذين تحدّث عنهم النّبيّ هم الخوارج، وهم من أشرّ الخلق والخليقة، والله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: لماذا سمي عام الحزن بهذا الاسم

ما هي معتقدات الخوارج

قد أجبنا سابقاً عن السّؤال الّذي يقول لماذا سمي الخوارج بهذا الإسم، حيث عرّفنا الخوارج ومن هم، ومتى كانت نشأتهم وظهورهم الأوّل، أمّا الآن فسنتحدّث عن العقائد والمنظومة الفكريّة الّتي يتّبعها الخوارج، والّتي أدّت إلى مفارقتهم عن أهل السّنّة والجماعة، حيث أنشأوا بها مذهبهم الخاص، فقد فارقوا المسلمين بدايةً في خروجهم على الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، ثمّ بدأوا بالابتداع والمخالفات في الدّين، وإنكار العديد من أحكام الشّريعة الإسلاميّة والتحريف بها، وهذه العقائد هي:[3]

• كفّر الخوارج مرتكب الكبائر من الّذنوب، وحسموا أمره على أنّه خالدٌ في نار جهنّم يوم القيامة، وذلك بسبب فهمهم الخاطئ لآيات القرآن الكريم.
• يعتمدون في الفتوى وإصدار الأحكام على مدى فهمهم للنّصّ الشّرعيّ، دون الرّجوع للفقهاء أو العلماء المتخصّصين.
• الخروج على الإمام أو الخليفة الّذي لا يناسب أهوائهم وأفكارهم، والّذي يخالف منهجهم وعقائدهم، ليعصوا أمره ويخالفوه ويقاتلوه.
• إنكار خلافة عثمان بن عفّان رضي الله عنه، وخلافة الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، والتّبرّؤ منهما.
• إسقاط حدّي الرّجم عن الزّاني، والقذف عمّن يقذف المحصنين من الرّجال، دون المحصنات من النّساء.
• ذهب بعضٌ من الخوارج إلى عدم جواز تعيين إمامٍ للمسلمين، وعليهم أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، إلّا إن دعت الحاجة إلى ذلك.
•  يجوز عند الخوارج أن يكون الإمام والخليفة من غير بني قريش، فكلّ من ينصّبونه ويكون كما يريدون يعتبروه من خير الأئمة، ولا يهمّ إن حرّاً أو عبداً أو أعجميّاَ أو عربياً.
• يوجبون على الحائض أن تقضي الصّلوات الّتي تفوتها خلال أيّام حيضها، وفي ذلك مخالفة لسنّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ومخالفةٌ للإجماع.
• ينكر بعضهم سورة يوسف، ويقول أنّها ليست من القرآن الكريم، وذلك لذكرها لقصّة عشق زليخة لنبيّ الله يوسف عليه السّلام.

شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الفاتحة بالسبع المثانى

ما هي صفات الخوارج

كذلك الخوض في بيان لماذا سمي الخوارج بهذا الإسم يقتضي الخوض في ذكر ما هي صفات الخوارج، حيث سنعدّد تباعاً فيما يأتي صفات الخوارج الّتي وردت في حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهي:[3]

• يمرقون من الدّين الإسلاميّ كما يمرق السّهم من الرّمية.
• يحلقون رؤوسهم بالكليّة، ويخالفون بذلك عادة المسلمين.
• شر الخلق والخليقة في الأرض، وشرّ القتلى تحت أديم السّماء.
• يكونون يوم القيامة كلاب نار جهنّم خالدين فيها.
• صغر وحداثة سنّهم، وسفهاء الأحلام والأوهام.
• يقاتلون المسلمين ويقتلونهم، ويتركون أهل الكفر والأوثان.
• زهدٌ وعبادةٌ مزيّفةٌ وخبثٌ في الاعتقاد والمذهب الفكريّ.
• قلّة فهم القرآن الكريم، وقلّة الوعي بمفاهيم الدّين والشّريعة.

شاهد أيضًا: لماذا سمي جبل عرفات بهذا الاسم

فرق الخوارج

قد ذكرنا فيما سبق إجابة سؤال لماذا سمي الخوارج بهذا الإسم، لكن ما هي فرق الخوارج وما هي أسمائها؟ انقسمت الخوارج إلى فرقٍ سبع، وهي المحكّمة والأزارقة والنّجدات والصفريّة والعجاردة والإباضيّة والثّعالبة، وفي كلّ فرقةٍ من هذه الفرق فروعٌ شتّى، لكنّهم كلّهم يتّفقون على تكفير عثمان وعليّ رضي الله عنهما، وتكفير كلّ من كان في واقعة التّحكيم، وكلّ من لم ينكر هذه الواقعة ويرفض حكم الحكمين، كذلك وجوب الخروج على الخليفة عن جار، وكان ذلك في اعتقادهم هم فقط دون غيرهم من النّاس، والله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: لماذا سمي الامام علي ابو تراب

لماذا سمي الخوارج بهذا الإسم مقالٌ من خلاله تمّ يبان من هم الخوارج، ومتى ظهروا لأوّل مرّة، ومتى كانت نشأتهم، كذلك ذكرنا الحديث النّبويّ الذّي بيّن صفاتهم وأشار إلى ظهورهم في المستقبل، كما تحدّثنا من خلال هذا المقال العقائد والأفكار الّتي يتبنّاها الخوارج، ونرجو للجميع الاستفادة والانتفاع من المعلومات الواردة فيه.