من الحقوق المشتركة بين الزوجين

من الحقوق المشتركة بين الزوجين هو ما سيتمّ بيانه وذكره في هذا المقال، حيث إنّ الله خلق بنو الإنسان وجعلهم في الحياة الدّنيا لعبادته، ولتحقيق هذه الغاية ترك لهم الأسباب التي تضمن استمرارهم، فجعل لهم الأسرة ركيزةً أساسية يقوم عليها المجتمع وينهض بها، وهي سبب استمرار الحياة والكون، ولقيام الأسرة الناجحة لا بدّ من أن يعرف كلّ عضوٍ فيها حقوقه وواجباته، ويعرف ما له وما عليه، ولذلك سيقوم موقع المرجع بتعليمنا ما هي الحقوق المشتركة في الزّوجين، وسيذكر الحقوق الخاصّة بالزوج والحقوق الخاصّة بالزّوجة.

الزواج في الإسلام

للخوض فيما حدده الإسلام من الحقوق المشتركة بين الزوجين، لا بدّ من الخوض في مفهوم الزواج في الإسلام ودعائم الأسرة الأساسية، حيث تقوم الأسرة في الحضارة الإسلامية على دعامتين اثنتين ومهمّتين، وهما الزّوج والزّوجة، وهما الدّعامتين الأساي في الإنجاب وتكوين الذرية، قال تعالى في كتابه العزيز: {واللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}.[1] وقد اهتمّ الإسلام بهما ووضع الشرائع التي تحكم العلاقة الزوجية وتنظّمها، ورسم حدودًا واضحة ليقوم كلّ منهما بدوره على أكمل وجه، وجعل لكلٍ منهما حقوقًا كما جعل عليهما واجبات، وبيّن هدف الزواج من الحصول على السكينة والملجأ، وجعل لهما معايير يتّبعانها في اختيار الزوج أو الزّوجة.[2]

شاهد أيضًا: دعاء لزوجي يوم الجمعة ، اجمل ادعية للزوج في يوم الجمعة

من الحقوق المشتركة بين الزوجين

إنّ الله -سبحانه وتعالى- يقول في كتابه العزيز: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.[3] وقد قال أهل العلم أن هذه الآية تعني أن يتّقي الرّجال ربّهم في النساء وأن تتقي النّساء ربهنّ في الرجال، وهي تعمّ كلّ الحقوق الزوجية لهما، ويتبيّن جليًّا أنّ الشرع الحكيم قد بيّن لكلٍّ من الزوجين حقوقه وواجباته تجاه الآخر، فعليهما أن يؤدّيا ما عليهما من واجبات، ويؤدّى ما لهما من حقوق، وهنالك من الواجبات ما اختصّ بها الزّوج لزوجته، ومنها ما اختصّت بها الزوجة لزوجها، إلا أنّ هنالك حقوقًا مشتركة لهما لا بدّ أن يسعيا معًا لتحقيقها، ومن الحقوق المشتركة بين الزوجين ما سيتمّ بيانه فيما يأتي:[4]

التواصي بالحق والتعاون على التقوى

من الحقوق المشتركة بين الزوجين التواصي على حق والمناصحة، والتذكير بتقوى الله وعبادته، والواجب على كلٍّ منهما أن يعين أحدهما الآخر على عبادته لربّه، وأن يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، وأن يذكّره ما عليه من العبادات والواجبات تجاه الله -سبحانه وتعالى- وقد قال الله تعالى في كتابه الحكيم: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.[5]

تجسيد المودة والرحمة والحب بين الزوجين

ومن الحقوق المشتركة بين الزوجين أيضًا أن يحمل كلّ واحدٍ منهما قدرًا من المحبّة لصاحبه، وأن يندفع كلّ منهما للخوض والسعي في قضاء الحوائج للآخر، وبذل الكلام الطيب والجميل له، وأن يرحمه ويكن عونًا له في حياته لا عبئًا عليه، وكذلك التسامح والعفو عند المقدرة عن الزلات والأخطاء، والتغاضي عن الهفوات والسقطات، وأن يبذل الزوج لزوجه مواساةً عند الحزن ودعمًا عند الضّعف والشدائد والمحن، وأن يقدّما ما يجبر الخاطر ويقي من النفور والكره، ويجلب المحبّة والسّعادة والسّرور.

بذل الثقة وإحسان الظن بين الزوج والزوجة

قال تعالى في كتابه العزيز: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱجۡتَنِبُواْ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمٞۖ وَ لَا تَجَسَّسُواْ}.[6] فمن الحقوق المشتركة بين الزوجين أن تكون أقوالهما وأفعالهما بعيدة عن التشكيك والتكذيب وإساءة الظّن، فلا بدّ لهما من أن يكونا واثقين من بعضهما، ومن أقوالهما، وأن يخلصا لبعضهما في القول والعمل والنصيحة، وصفة الأمانة واجبةٌ عليهما تجاه بعضهما البعض.

الصبر واحتمال الأذى من الزوج والزوجة

تطبيقًا لقوله تعالى: {وَلَا تَسۡتَوِي ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ* وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ}.[7] وهذا الذي بينك وبينه عداوة، فكيف لو كان أقرب الناس إليك وهو زوجك أو زوجتك، فالواجب على الزّوجين احتمال أحدهما للآخر والصبر عليه وعلى ما لا يعجبه منه من قولٍ أو عمل، وهي صورة من أسمى صور العفو عند المقدرة، والصفح الجميل الذي يكون برأفة القلوب، وبهذا الصّبر والرأفة يؤجر الزوجين ويبارك لهما في أسرتهما.

تحمل المسؤولية في بناء الأسرة

وكذلك من الحقوق المشتركة بين الزوجين أن يحمل كلًّا منهما المسؤوليّة تجاه أسرته، وبذلك أن يقوم بكلّ واجباته التي تقع على عاتقه والمهام التي ينبغي عليه القيام بها، من تربية الأولاد إن وجدوا ورعايتهم صحيًّا ودينيًّا وسلوكيًا وغيره، فالأولاد هم المستقبل للأسرة وللمجتمع ككل، فلو نشأوا النشأة الصحيحة ازدهر المجتمع وساد، وهذا الأمر واجب على الزوجين القيام به، فالزّوجة والزوج راعيان في بيتهما وكلًّا منهما مسؤولٌ عن رعيّته، والرّعية هم الأولاد والبيت كلّه.

ثبوت حق التوارث بين الزوجين

إنّ حقّ التوارث من الحقوق المشتركة بين الزوجين، وذلك بمجرّد إتمام عقد الزّواج والدخول، وذلك أنّ العقد بينهما هو سبب الإرث، فالزّوج لو ماتت عنه زوجته ولم يكن لها ولد له نصف ما تركت، ولو كان لها ولد فله الرّبع، ولو مات الزوج عن زوجته فإنّ للزوجة ربع ما ترك زوجها إن لم يكن له ولد، ولها الثّمن إن كان له ولد ولو من غيرها، وهذا الأمر محدّدٌ في الإسلام ولا جدال فيه لما ورد نصًّا صريحًا في سورة النساء في قوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۚ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم ۚ مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}.[8]

حرمة المصاهرة بين الأزواج

تتمثّل حرمة المصاهرة التي يكون أساسها عقد النكاح الشرعي في أنّ الرجل يحرم عليه أن يتزوّج من أمّهات زوجته بمجرد العقد عليها، ويحرم على الرّجل أن يتزوج من بنات زوجته لو كان دخل بزوجته، وهي ما تسمّى ربيبته، كذلك فإنه يحرم على المرأة حتّى بعد طلاقها من زوجها أو وفاته عنها أن تتزوج آباءه، ويحرم على الرّجل أن يجمع بين الأخت وأختها والأخت وخالتها وعمتها، وهذه الحرمة في المصاهرة من الحقوق المشتركة بين الزوجين التي تحفظ الكرامة وتصون الأنفة لكلا الزوجين في حياتهما ومماتهما.

حق الاستمتاع بين الزوجين

بعد ثبوت عقد النّكاح الصحيح من حقّ الرّجل والمرأة أي الزوج والزوجة أن يستمتع كلًّا منهما بصاحبه، ضمن الحدود المباحة في الشرع، وذلك لو تمّ العقد بأركانه وشروطه وانتفت موانع الاستمتاع كالإحرام والصيام ونحوها، فالزوجة تحلّ لزوجها ويحلّ الزوج لزوجته، وهو حقٌّ مشترك للزوجين لا ينفرد أحدهما به والله أعلم.

ثبوت النسب بين الأزواج

إنّ ما يتبع الاستمتاع بين الزّوجين من الولد، في الزّواج الشّرعي التامّ الأركان، فإنّ من الحقوق أن ينسب الولد لأبيه فهو صاحب الفراش، ولا ينسب الولد لأمّه إلا في حال انقطاع نسبه من جهة أبيه.

شاهد أيضًا: كيف اعرف اني محسودة انا وزوجي وعلامات الحسد على الزوجين

حقوق الزوج على زوجته في الإسلام

بعد بيان ما حدده الشرع من الحقوق المشتركة بين الزوجين، فإنّ للزوج حقوقٌ على زوجته اختصّ بها، وحقوق الزّوج على الزوجة من أعظم الحقوق، وحقّه عليها أعظم من حقّها عليه، ومن حقوق الزوج على زوجته في الإسلام:[9]

  • لزوم طاعته: جعل الله الرّجال قوامون على النساء بالأمر والتوجيه والرعاية، وذلك كما يقوم الولاة على رعيّتهم، هذا الأمر لما اختصّ الله به الرّجل من ميزات عقلية وجسمية ويما أوجب عليه من واجبات مالية، ومن واجبها أن تطيعه فيما يأمرها به.
  • تمكين الزوج من الاستمتاع: فعلى الزوجة أن تمكّن زوجها من التمتع بها متى شاء، ووجب عليها تسليم نفسه به إن كان أهلًا للجماع، ولو امتنعت عن ذلك ولم تكن معذورة فإنّها ترتكب كبيرة من الكبائر.
  • عدم الإذن لمن يكره الزوج في بيته: فعلى المرأة أن لا تدخل بيت زوجها من يكره دخوله، وهو من حقوق الرجل.
  • عدم الخروج من البيت إلا بالإذن: فالمرأة لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه وذلك حقٌّ للزوج.
  • التأديب: فمن حقّ الزوج أن يؤدب زوجته بالضّرب والهجر عند معصية أمره بما لا يكون فيه معصية.
  • خدمة الزوجة لزوجها والقيام بأموره: وتكون الخدمة بالمعروف من مثلها لمثله ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال.
  • معاشرته بالمعروف: وذلك بالصحبة الحسنة والعشرة بالمعروف.

شاهد أيضًا: لماذا امر الرسول الزوجين بالاستحمام معا

حقوق الزوجة على زوجها

تنقسم حقوق الزوجة على زوجها بين حقوق مالية وحقوق غير مالية، وهي على الشّكل الآتي:

  • المهر: وهو من الحقوق المالية، وهو المال الذي تستحقّه الزوجة على زوجها وذلك بالعقد عليها وبالدخول بها.
  • النفقة: أجمع أهل العلم أنّ النفقة من حق الزوجة على الزوج بشرط تمكين المرأة نفسها لزوجها فلو نشزت سقطت نفقتها.
  • السكن: من حقوق الزوجة أن يهيّئ لها سكنًا على قدر سعته وقدرته.
  • العدل بين الزوجات لو كان عنده أكثر من زوجه: فالعدل والتسوية بين النساء من حق الزوجة على زوجها، ويكون ذلك في المبيت والنفقة والكسوة.
  • حسن العشرة: ويعدّ من الحقوق المشتركة بين الزوجين، والواجب على الزوج تحسين خلقه مع زوجته والرفق بها.
  • عدم الإضرار بالزوجة: وهو من أصول الإسلام فلا ضرر ولا ضرار، فلو أدّبها بالضّرب فّإنّه يضرب ضربًا غير مبرح.

شاهد أيضًا: كيفية المحافظة على الحب بين الزوجين

بهذا نصل لنهاية مقال من الحقوق المشتركة بين الزوجين والذي بيّن أهميّة الزواج في الإسلام ومشروعيّته، وذكر الحقوق المشتركة بين الزوج والزوجة، وتفرّد في ذكر حقوق الزوج على زوجته وختم ببيان حقوق الزوجة في الإسلام.

المراجع

  1. سورة النحل , الآية 72
  2. islamstory.com , الزوجان في الإسلام الحقوق والواجبات , 20/12/2021
  3. سورة البقرة , الآية 228
  4. alukah.net , الحقوق المشتركة بين الزوجين , 20/12/2021
  5. سورة العصر , الآية 3
  6. سورة الحجرات , الآية 12
  7. سورة فصلت , الآية 34،35
  8. سورة النساء , الآية 12
  9. islamqa.info , ما هي حقوق الزوج وما هي حقوق الزوجة , 20/12/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *