هل كثرة الحرائق من علامات الساعة

هل كثرة الحرائق من علامات الساعة؟ سؤالٌ يتمّ طرحه كثيراً مؤخّراً ببين المسلمين، وخاصّةً بعد اندلاع الكثير من الحرائق الكبيرة والضّخمة في بلاد المسلمين وغيرها من البلاد في الآونة الأخيرة، والتي لم يتمّ السيطرة عليها إلا بعد الكثير من الوقت والجهد وبعد أن أودت بالكثير من الأرواح وخلفت الكثير من الأضرار، وقد يرتبط السّؤال عن الحرائق بالنّار التي أخبر عنها النّبي -صلى الله عليه وسلّم- وهي نارٌ ستخرج من اليمن تطرد النّاس إلى أرض المحشر، وفي هذا المقال سيقوم موقع المرجع بالإجابة على سؤال هل كثرة الحرائق من علامات الساعة بالإضافة إلى أنّه سيعرّفنا بعلامات الساعة الصّغرى والكبرى والعلامات التي وقعت بالفعل.

هل كثرة الحرائق من علامات الساعة

إنّ كثرة الحرائق ليست من علامات الساعة، فبالنّظر والبحث في علامات الساعة الكبرى والصّغرى والتي سيتمّ بيانها في هذا المقال، فإنّه سيتمّ تقرير أن لا علاقة لكثر الحرائق الحاصلة في العالم بعلامات السّاعة، فالنّار في علامات السّاعة هي نارٌ محدّدة الوصف، ومحدّدة المهمّة، فتلك النّار تخرج من مكانٍ واحد وتسوق الناس وتحشرهم في أرض المحشر، فهي نارٌ مأمورةٌ بالحشر، فهي لا تحرق لكنّها تسوق النّاس سوقاً، وقد أخبر بها النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- في الكثير من الأحاديث الصّحيحة منها ما رواه الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “يُحْشَرُ النَّاسُ علَى ثَلاثِ طَرائِقَ: راغِبِينَ راهِبِينَ، واثْنانِ علَى بَعِيرٍ، وثَلاثَةٌ علَى بَعِيرٍ، وأَرْبَعَةٌ علَى بَعِيرٍ، وعَشَرَةٌ علَى بَعِيرٍ، ويَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ، تَقِيلُ معهُمْ حَيْثُ قالُوا، وتَبِيتُ معهُمْ حَيْثُ باتُوا، وتُصْبِحُ معهُمْ حَيْثُ أصْبَحُوا، وتُمْسِي معهُمْ”. [1]

ومن الأحاديث ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “ستخرجُ نارٌ قبلَ يومِ القيامةِ من بَحْرِ حضرَموتَ أو من حضرَموتَ تَحشرُ الناسَ قالوا فَبِمَ تَأمُرُنا يا رسولَ اللهِ قال عليكم بالشامِ”. [2] فالنّار المقصودة في علامات يوم القيامة هي نارٌ تسوق النّاس إلى محشرهم، وتُرغمهم على التّوجّه إلى المحشر الذي هو أرض الشّام، وهي آخر علامةٍ من العلامات الكبرى، وليس من مهمّة هذه النّاس أن تحرق النّاس، بل تتوقّف بوقوفهم وتلحق بهم في مسيرهم، بعكس النّيران والحرائق العشوائية التي تحدث في شتّى البلدان الإسلاميّة التي تحرق وتدمّر وتقتل النّاس. [3]

ما معنى علامات الساعة أو أشراط الساعة

بعد معرفة هل كثرة الحرائق من علامات الساعة أم لا فإنّه لا بدّ من الإشارة إلى معنى علامات الساعة أو أشراط الساعة، فالأشراط لغةً هي جمع شرط وهو العلامة، وأشراط السّاعة تعني علاماتها، ويُقال أشراط الشّيء أي بداياته، فالأشراط في اللغة علامات الشّيء المتقدّمة والدّالة عليه، فعلامات الساعة أو أشراط الساعة هي العلامات التي تسبق يوم القيامة وتدلّ على قدومه واقترابه، فانتهاء الحياة لها مقدّمات تسمّى أشراط الساعة، وأشراط السّاعة كما قيل هي علامات السّاعة التي يعقبها قيامها. [4]

شاهد أيضًا: من هو المهدي المنتظر ومن أين يخرج

علامات الساعة الصغرى

إن التساؤل هل كثرة الحرائق من علامات الساعة يدفعنا للبحث في علامات الساعة الصغرى والكبرى، فعلامات الساعة الصغرى كثيرة جدّاً، وقد أخبر النّبيّ -صلى الله عليه وسلّم- بها جميعها، وقد جعل الله -سبحانه وتعالى- علامات السّاعة لتدلّ العباد على دنوّ أجلها وقربها، ومن علامات السّاعة الصّغرى: [5]

• بعثة النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- فقيام السّاعة قريبٌ جدّاً من مبعث النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- والذي شبّه قربه بقرب السّبابة من الوسطى في الأصابع.
• انشقاق القمر في عهد النّبيّ -صلى الله عليه وسلّم- من علامات السّاعة الصغرى وقد قال تعالى في سورة القمر: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَر}. [6]
• موت النّبيّ -صلى الله عليه وسلّم- من العلامات الصّغرى، وبذلك أخبر عوف بن مالك فيما رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
• فتح بيت المقدس من علامات الساعة الصغرى، وقد فُتح أوّل مرّة في عهد عمر بن الخطاب.
• من علامات الساعة تضييع الأمانة وإسناد الأمر إلى غير أهله.
• ومن العلامات الصّغرى ظهور النّساء الكاسيات العاريات وانتشار الربا وظهور الزنا وكثرة القتل وظهور المعزف واستحلالها.
• عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً من علامات الساعة الصغرى.

علامات الساعة الكبرى

وبعد العلامات الصّغرى تكون العلامات الكبرى التي تدلّ على اقتراب الساعة جدّاً، فإذا ظهرت كانت السّاعة في إثرها، فقد ورد عن حذيفة بن أسيد أنّه قال: “أشرَف علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ونحنُ نتذاكَرُ فقال: (ماذا كُنْتُم تتذاكَرونَ؟) قُلْنا: كنَّا نتذاكَرُ السَّاعةَ فقال: (إنَّها لا تقومُ حتَّى ترَوْا قبْلَها عَشْرَ آياتٍ : الدَّجَّالَ والدُّخَانَ وعيسى ابنَ مَريمَ ويأجوجَ ومأجوجَ والدَّابَّةَ وطُلوعَ الشَّمسِ مِن مَغرِبِها وثلاثَ خُسوفٍ : خَسْفٌ بالمَشرِقِ وخَسْفٌ بالمَغرِبِ وخَسْفٌ بجزيرةِ العرَبِ وآخِرُ ذلك نارٌ تخرُجُ مِن قَعْرِ عدَنَ أو عَدَنَ أو اليمنِ تطرُدُ النَّاسَ إلى المَحشَرِ )”. [7] فالعلامات الكبرى تكون كما يأتي: [8]

• الدخان يملأ ما بين المشرق والمغرب، ويظلّ أربعين يوماً وليلة، يصيب المؤمنين منه كما الزكام أمّا الكفار فتراهم سكارى والدخان يخرج من منخارهم وآذانهم وأدبارهم.
• فتنة المسيح الدجال وهي من أعظم الفتن التي تصيب النّاس، وقد حذّر منه النّبي -صلى الله عليه وسلّم- وقد سمّي مسيحاً لأنّ عينه الواحدة ممسوحة، ويسمّى الدّجال لأنّه يغطّي الحقّ بباطله، ويغذي الحقّ بالكذب، ويّقال أنّه سيخرج من بلادٍ يُقال لها خراسان، ويقيم في الأرض أربعين يوماً، يومٌ كسنة ويومٌ كشهر ويومٌ مجمعة وسائر أيّامه كباقي الأيّام.
• نزول عيسى ابن مريم -عليه السلام- وسيؤمن به أهل الكتاب، وسينزل في وقت صلاة الفجر، ويحكم الأرض بكتاب الله،ويبقى في الأرض أربعين عاماً ثمّ يتوفّى.
• خروج يأجوج ومأجوج وهم الأقوام التي بنى عليها ذو القرنين سدّاً حتّى يمنع أذاهم عن النّاس، ويأذن لهم الله في آخر الزمان فيخرجون، ويفسدوا في الأرض، ويكون عيسى -عليه السلام- في الأرض فيدعو الله حتّى يهلكوا بدود النّغف.
•  عودة الناس إلى الجاهلية وعبادة الأوثان ثمّ هدم الكعبة على يد ذو السويقتين.
• خسوفات ثلاثة تحدث في الأرض خسفٌ في المشرق وخسفٌ في المغرب وخسفٌ في جزيرة العرب.
• طلوع الشمس من مغربها وإغلاق باب التوبة وحينها تكون السّاعة ولا عمل يُقبل ولا توبةٌ تُقبل فقد فات الأوان.
• خروج الدّابة للناس فستمهم بكفرهم وتضع لهم علامات.
• وتكون آخر العلامات الكبرى لقيام الساعة النار التي تحشر الناس ليوم الحشر وفي أرض المحشر.

شاهد أيضًا: تفسير حلم يوم القيامة في المنام لابن سيرين وابن شاهين والنابلسي

علامات الساعة التي وقعت بالفعل

إنّ الكثير من العلامات وقعت ومنها ما زال يتكرّر ومنها لم يقع بعد، وهذا التّقسيم الذي اتّبع أهل العلم في تقسيم علامات الساعة الصّغرى، أمّا العلامات الكبرى لم تقع بعد، فالعلامات الصّغرى التي وقعت وانقضت ولن يتكرّر وقوعها، كبعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وموته، وانشقاق القمر، ونار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصرى وتوقّف الجزية والخراج، أمّا العلامات التي وقعت وهي مستمرة أو وقعت وتتكرّر، كالفتوحات والحروب، وقتال التّرك والتتر، وإسناد الأمر إلى غير أهله، تداعي الأمم على المسلمين، واستفاضة المال، واختلال المقاييس الصّحيحة للرجال فيُقبل قول الكاذب ويُردّ الصادق، ويؤتمن الخائن ويخوّن الأمين، ويتكلّم التافه في شؤون العامّة، أمّا العلامات التي لم تقع بعد، فهي عودة جزيرة العرب جناتاً وأنهاراً، انتفاخ الأهلّه، وتكليم السباع والجماد للإنس وانحسار الفرات عن جبلٍ من ذهب، وإخراج الأرض لكنوزها المخبوئة، وإحراز الجهجاه القحطاني للملك، وخروج المهدي ابإضافة لعلامات السّاعة الكبرى التي لم يقع منها شيء إلى الآن، والله ورسوله أعلم. [9]

شاهد أيضًا: ما صحة حديث لا تقوم الساعة حتى يكتفي الرجل بالرجل

في نهاية المقال نكون قد أجبنا على السؤال المطروح هل كثرة الحرائق من علامات الساعة، وتعرّفنا على معنى علامات الساعة وأشراطها، ثمّ تمّ بيان علامات الساعة الصغرى وتلاع بيان علامات الساعة الكبرى، وتوضيح ما هي علامات الساعة التي وقعت بالفعل والتي لم تقع.