هل يجوز لعن الشيطان ولعن شخص معين

هل يجوز لعن الشيطان ولعن شخص معين، فالإسلام هو دين الخلق العظيم، حيث إن للأخلاق الفاضلة مكانة كبيرة في الإسلام ومكانة عظيمة، وهذا يظهر من وجوه كثيرة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- بُعث ليتمم مكارم الأخلاق، والأخلاق لا تقتصر على الإحسان، بل إنزال كلّ مخلوقٍ منزلته حتى إبليس والكفرة والفسقة، فالإسلام علم المسلمين كيف يتعاملون معهم حتى في لعنهم والتعوذ منهم، ومن خلال موقع المرجع سيتم بيان حكم لعن الشيطان ولعن شخص معين.

هل يجوز لعن الشيطان

يجوز لعن الشيطان عند كثير من أهل العلم، ذلك أنّ الشيطان ملعونٌ في كتاب الله، في الكثير من المواضع لامتناعه امتثال أمر الله في السجود لآدم، فقد وصفه الله -سبحانه وتعالى- بالرجيم واللعين، والمطرود من رحمة الله وجنته يوم القيامة، قال تعالى في محكم تنزيله: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ *وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ}.[1] وقد لعنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة عندما جاهده، وأراد أن يضره ويفتك به.[2]

فقد ورد عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنه قال: “قَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَسَمِعْنَاهُ يقولُ: أعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ، ثُمَّ قالَ ألْعَنُكَ بلَعْنَةِ اللهِ ثَلَاثًا، وبَسَطَ يَدَهُ كَأنَّهُ يَتَنَاوَلُ شيئًا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، قدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ في الصَّلَاةِ شيئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذلكَ، ورَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ، قالَ: إنَّ عَدُوَّ اللهِ إبْلِيسَ، جَاءَ بشِهَابٍ مِن نَارٍ لِيَجْعَلَهُ في وجْهِي، فَقُلتُ: أعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قُلتُ: ألْعَنُكَ بلَعْنَةِ اللهِ التَّامَّةِ، فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أرَدْتُ أخْذَهُ، واللَّهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أخِينَا سُلَيْمَانَ لأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ به وِلْدَانُ أهْلِ المَدِينَةِ”. [3]

شاهد أيضًا: ما حكم سب الصحابة في المذاهب الأربعة

هل يجوز لعن شخص معين

ببيان هل يجوز لعن الشيطان، فقد ذكر أهل العلم أن اللعن للأشخاص يكون على وجهين، الأول أن يلعن الكفار وأصحاب المعاصي والفسقة على العموم، وهذا اللعن جائز ولا حرج فيه، أو أن يكون اللعن على سبيل تعيين الشخص الملعون سواءً كافرًا أو فاسقًا، فلو كان النص قد ورد في لعنه كإبليس، أو مات على الكفر كفرعون فلعنه جائز، أما لعن الكافر أو الفاسق على سبيل التعيين ممن لم يرد النص بلعنه كبائع الخمر ومن لعن والديه، فاختلف فيه أهل العلم بين التحريم وبين الإباحة، وقد ورد عن شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله-: “اللعنة تجوز مطلقا لمن لعنه الله ورسوله، وأما لعنة المعين فإن علم أنه مات كافرا جازت لعنته، وأما الفاسق المعين فلا تنبغي لعنته لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يلعن عبد الله بن حمار الذي كان يشرب الخمر، مع أنه قد لعن شارب الخمر عموما، مع أن في لعنة المعين إذا كان فاسقا أو داعيا إلى بدعة نزاعاً”.[4]

شاهد أيضًا: ما حكم سب الريح مع الاستدلال

ما حكم سب ولعن إبليس ابن باز

سُئل الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- هل يجوز لعن الشيطان وما حكم لعنه، فأجاب بقوله:[5]

“لا حرج في لعنه، ولكن التَّعوذ بالله أحسن، التَّعوذ بالله من الشيطان الرجيم أفضل، وإن لعنه فلا بأس، فقد لعنه النبيُّ ﷺ: جاء في الحديث الصحيح أنَّ الشيطان تفلَّتَ عليه وهو يُصلي، فقال له: ألعنُك بلعنة الله، فإذا لعنه فلا بأس، وإن استعاذ بالله من شرِّه فذلك أفضل، وكلاهما جائزٌ”.

شاهد أيضًا: حكم سب الريح والدهر على أنهما الفاعل للأحداث أو الفاعل مع الله عز وجل

حكم لعن إبليس وأبو إبليس لابن عثيمين

كذلك عُرضت مسألة هل يجوز لعن الشيطان ولعن إبليس ووالدا إبليس على الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-، فأجاب بقوله:[6]

“لا يجوز، لأنه قد ورد أنه يتعاظم عند ذلك ولكن يستعاذ منه، فقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد أن ذلك مما لا ينبغي؛ لأننا أمرنا عندما ينزغ الشيطان الإنسان، فإنما أمرنا بالاستعاذة بالله منه. وأما إن دعونا عليه، فإنه قد يربأ بنفسه؛ يعني بمعنى يزداد، يربو بنفسه ويزداد، وأما الاستعاذة بالله منه فهي إهانة وإذلال له. فهذا هو المشروع، أن يستعيذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم، ولا يلعن الشيطان وأبا الشيطان، وينبغي للإنسان أن يمرن لسانه على الكلمات الطيبة المثمرة النافعة، وأن يتجنب جميع السباب والشتائم، حتى فيما يجوز له أن يفعله من السباب والشتائم، فإنه لا ينبغي إطلاق لسانه فيها، فكيف في الأمور التي لا خير له فيها مثل لعن إبليس أو والدي إبليس أو ما أشبه ذلك”.

هل يجوز لعن المرض والحمى

لا يجوز للمسلم أن يسب المرض ولا الحمى، فقد جاء النص صحيحًا وصريحًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنهي عن سب الحمى، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: “أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ دَخَلَ علَى أُمِّ السَّائِبِ -أَوْ أُمِّ المُسَيِّبِ- فَقالَ: ما لَكِ يا أُمَّ السَّائِبِ -أَوْ يا أُمَّ المُسَيِّبِ- تُزَفْزِفِينَ؟ قالَتِ: الحُمَّى، لا بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا، فَقالَ: لا تَسُبِّي الحُمَّى؛ فإنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ، كما يُذْهِبُ الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ”.[7] فسب المرض والحمى من الضجر والاعتراض على قضاء الله وقدره، بالرغم من فوائدها وتكفيرها للذنوب والخطايا.[8]

بهذا نختتم مقال هل يجوز لعن الشيطان ولعن شخص معين، والذي بيّن الحكم الشرعي للعن إبليس ولعن أحدٍ بعينه، كما عرض لنا أقوال أهل العلم وآرائهم في هذه المسألة وختم ببيان حكم سب المرض والحمى.

المراجع

  1. سورة ص , الآيات 77-78
  2. islamweb.net , حكم لعن الشيطان ولعن شخص معين , 14/06/2022
  3. صحيح مسلم , مسلم/ أبو الدرداء/ 542/صحيح
  4. islamqa.info , حكم لعن المعين , 14/06/2022
  5. binbaz.org.sa , ما حكم سب أو لعن إبليس؟ , 14/06/2022
  6. binothaimeen.net , حكم لعن إبليس وأبو إبلس , 14/06/2022
  7. صحيح مسلم , مسلم/ جابر بن عبد الله/ 2575/صحيح
  8. alukah.net , النهي عن سب الحمَّى , 14/06/2022

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *