هل تقبل شهادة مربي الحمام

هل تقبل شهادة مربي الحمام هو سؤالٌ فقهيٌّ مهمّ سيجيب عنه هذا المقال، فالشّهادات تكون في حقوق الله وحقوق العباد، فالشّهادة في حقوق الله لا تقبل فيها شهادة النّساء مطلقاً بل حصراً تكون الشّهادة للرّجال فيهان لأنّ شهادة النّساء لا تخلو من شبهة الخطأ والنّسيان وحقوق الله يؤخذ فيها الاحتياط ، أمّا حقوق العباد فيقبل فيها الرّجال والنّساء على أن تكون شهادة الرّجل بشهادة امرأتين، وقد ورد في هذا الموضوع الهامّ الكثير من الأحكام والتي يساعدنا موقع المرجع في بيانها، كما يوجد الكثير من الحالات التي لا تقبل شهادتها، والتي ستحدّث عن بعضها في هذا المقال.

حكم تربية الحمام

قبل اإجابة على سؤال هل تقبل شهادة مربي الحمام يجب معرفة حكم تربية الحمام في الإسلام، فإن الحديث يكثر عن هذا الموضوع الذي فيه حكمٌ شرعيٌ واضح، فتربية الحمام في البيت للمنفعة والبيع جائزٌ كما ورد عن أهل العلم، لكنّ ذلك مشروطٌ بعدم حصول إيذاءٍ للجيران أو إضاعةٍ لحقّ الحمام، فقد ورد في الحديث الشّريق الذي رواه الصّحابيّ الجليل أني بن مالك -رضي الله عنه- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكانَ لي أَخٌ يُقَالُ له: أَبُو عُمَيْرٍ، قالَ: أَحْسِبُهُ، قالَ: كانَ فَطِيمًا، قالَ: فَكانَ إذَا جَاءَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَرَآهُ، قالَ: أَبَا عُمَيْرٍ ما فَعَلَ النُّغَيْرُ قالَ: فَكانَ يَلْعَبُ بهِ”.[1] والنّغير هنا هو صغير الطّير، وهذا الحديث دلالةٌ على جواز إمساك الحمام دون تطيير، وقد كرّه النّبيّ عن مطاردة الحمام وتطييره فقد شبّه الرّجل يطيّر حمامه بالشيطان الذي يطارد الشّياطين، وذلك لأنه يلهو بها ويؤذي غيره وينشغل عن الحقّ وهي تجعله غافلاً عن ذكر الله، فالوارد عن أهل العلم أنّ تربية الحمام للعب والتّطير مكروه، أمّا تربيتها للفرخ والبيض والأُنس فجائر والله ورسوله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: تفسير رؤية الحمام في المنام لابن سيرين وابن شاهين والنابلسي

هل تقبل شهادة مربي الحمام

الوارد والذي اجتمع عليه أهل العلم أن من يربي الحمام من غير تطيير تُقبل شهادته ومن قام بتربية الحمام وطيّره سقطت عدالته وهذا لا تُقبل له شهادة، فلا بأس أبداً بتربية الحمام للاستفادة منها بلحمها وفراخها وزينتها أو حتّى لاستعمالها في إرسال الرّسائل والمكاتيب، فهذا الأمر مباح ولا ضير فيه ما لم يكن فيه ضررٌ على النّاس، وأمّا تربيتها لتطييرها فهو أمرٌ مذمومٌ شرعاً، لأنّ فعل ذلك يسبب سرقة الحمام من الآخرين ويضيّع الوقت فيما لا فائدة فيه، فمن فعل ذلك لا تقبل شهادته، والذي يلعب بالحمام دون تطييرها لا تسقط عدالته وإن كان يطيّرها تسقط لأنّه يطّلع على عورات النّساء ويشغله ذلك عن الصّلاة والطّاعات، هذا ما قاله الكاسانيّ  في كتابه بدائع الصّنائع، فلا تقبل شهادة صاحب الحمام لأنّه سفه ودناءة وقلّة مروءة، وفي فعله أذىً للجيران وإشرافه على دورهم وهتكٍ لأعراضهم ورميه لبيوتهم بالحجارة، وممّا ورد عن ابن القيّم في هذا الشّاّن أنّه يجب على الحاكم أن يمنع اللاعبين بالحمام على رؤوس النّاس، لأنّهم بفعلهم هذا يشرفون على النّاس ويتطلّعون على عوراتهم، فاللعب بالحمام من اللهو الذي لم يؤذن فيه، وقال جمع العلماء أنّه مكروه ولم يبعد عنهم تحريمه والله ورسوله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: هل يجوز بيع القطط وما حكم بيع القطط في الإسلام

شروط جواز تربية الحمام

ممّا سبق يتّضح أن حكم تربية الحمام مكروهٌ إن كان في تربيتها تطيير لها وضررٌ للنّفس والنّاس من حول المربّي، ويبقى حكم تربيتها مباحاً على الكراهة وإذا لم تورث الغفلة عن ذكر الله، وإن لتربيتها شروطاً عدّة منها ما يأتي:[4]

• تربية الحمام في البيوت دون تطييرها.
• تربية الحمام بغرض الإستفادة منها بلحمها أو بيضها والتّجارة بها.
• تربية الحمام للأنس بصوتها وزينتها في أقفاص.
• عدم تربية أنواع الحمام التي تجذب الحمام فيعتدي على ملك غيره.
• عدم الغفلة والانشغال بالحمام عن ذكر الله وعن الطّاعات والعبادات.
• عدم أذيّة الجيران بها أو بصوتها أو ما شابه.

شروط قبول الشهادة

إنّ الشّهادة لاتكون إلا بعلم، و العلم هنا بالرؤية والسّماعن والشّهادة فرض عينٍ على من تحمّلها متى دعي إليها وخيف من ضياع الحقّ ولو لم يُدع، ولقبول الشّهادة عدة شروطٍ يجب أن تتوافر في الشّاهد منها:[5]

• الإسلام: فغير الكافر لا تجوز شهادته على المسلم وقد اختلف العلماء في جواز شهادته عليه ببعض الأمور.
• العدالة: وهي صفةٌ زائدة عن الإسلام، ويجب توافرها في الشّهود بحيث يغلب خيرهم شرّهم ولم يجرّبوا الكذب والخداع.
• البلوغ والعقل: وهذان شرطاً في العدالة التي هي شرط من قبول الشّهادة، فلا تقبل شهادة الطّفل ولا  المجنون لأن شهادتهم لا تفيد اليقين الذي يشهدون فيه.
• القدرة على الكلام: فلابدّ للشّاهد أن يكون قادراً على الكلام ولذلك شهادة الأخرس لا تقبل.
• الحفظ والضّبط: فلا تقبل شهادة من عُرف بسوء الحفظ وكثرة السّهو والغلط بكلامه.
• نفي التّهمة: حيث لا تقبل شهادة المتّهم بسبب المحبّة أو العداوة.

هل الأعمى تقبل شهادته

كما ورد عن أهل العلم أنّ شهادة الأعمى بطبيعة الحال لا تجوز، لأنّه لا يمكن له التّمييز بين المتخاصمين، لكن تجوز شهادته في بعض المواضع، كالموت والنّسب، والملك الطّلق والتّرجمة بين المتخاصمين، وعلى المضبوط، فالجواز في شهادة الأعمى تقتصر على الأمور التي تعتمد على السّمع ولا تحتاج البصر، ولأنّ هذه الأمور ممّا يثبت بتسامع النّاس لها وتناقلها فيما بينهم، والله ورسوله أعلم.[6]

لماذا لا تقبل شهادة معلم الصبيان

عندما يطلق البعض تساؤلاً مثل هل تقبل شهادة مربي الحمام فغالباً ما يرافقه تساؤلٌ آخر هو هل تقبل شعادة معلّم الصّبيان، فإنّ مما ورد عن أهل العلم في مقولة أن معلّم الصّبيان لا تقبل شهادته، فليس فيها أصل، فالتّعليم أمرٌ يشرّف صاحبه ويعلي قدره وشرفه، وإنّ الرّجل الذي يعلّم النّاس الخير يصلّي عليه الله والملائكة وجميع خلقه، فمهنة التّعليم من أفضل المهن وأشرفها، ومن يمارسها لا تسقط عدالته مالم يرتكب أمراً يُسقط عدالته، بل هي ترفعه وتكرمه وشهادته مقبولة بإجماع أهل العلم.[7]

شاهد أيضًا: هل يجوز الترحم على الحيوانات

هل تقبل شهادة مربي الحمام هو السؤال الذي أجاب عنه هذا المقال، فمربي الحمام لا تقبل شهادته بإجماع أهل العلم، وقد بيّن المقال حكم تربية الحمام في الإسلام وذكر شروط تربيته، وأجاب على عديد الأسئلة المتعلّقة بالشّهادة في الإسلام، كسؤال هل الأعمى تقبل شهادته، لماذا لا تقبل شهادة معلّم الصّبيان.