هل يجوز صيام عاشوراء قبل قضاء رمضان

هل يجوز صيام عاشوراء قبل قضاء رمضان عاشوراء هو اليوم الذي أنجى الله تعالى فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه؛ فصامه موسى شكرًا، ثم صامه النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك يهتم موقع المرجع في الحديث عن هل يجوز صيام عاشوراء قبل قضاء رمضان، وهل يجوز صيامه بنية قضاء رمضان، وعن حكم صيامه، وعن حكم إفراده بالصيام، وعن حكم صيامه إذا وافق يوم السبت، وعن الصيام في شهر المحرم، وفضل هذا الشهر.

هل يجوز صيام عاشوراء قبل قضاء رمضان

تباينت آراء الفقهاء في حكم صيام عاشوراء قبل قضاء رمضان، وتفصيل ذلك فيما يأتي:[1]

  • ذهب الحنفية إلى جواز التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان من غير كراهةٍ، لكون القضاء لا يجب على الفور.
  • ذهب المالكية والشافعية إلى الجواز مع الكراهة، لما يلزم من تأخير الواجب، قال الدسوقي: يكره التطوع بالصوم لمن عليه صومٌ واجبٌ، كالمنذور والقضاء والكفارة، سواءٌ كان صوم التطوع الذي قدمه على الصوم الواجب غير مؤكدٍ أو كان مؤكداً كعاشوراء وتاسع ذي الحجة على الراجح.
  • وذهب الحنابلة إلى حرمة التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان، وعدم صحة التطوع حينئذٍ ولو اتسع الوقت للقضاء، ولا بد من أن يبدأ بالفرض حتى يقضيه.
  • ذهب الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله صحة صيام التطوع كصيام يوم عاشوراء لمن عليه قضاء من رمضان، مع التأكيد على أنه ينبغي الحرص على قضاء ما فات من رمضان؛ لأنه دين يجب أن يقضى.

اقرأ أيضًا: ماذا تفعل في يوم عاشوراء

هل يجوز صيام عاشوراء بنية قضاء رمضان

نعم ، يجوز صيام يوم عاشوراء بنية قضاء رمضان، فمن صام اليوم العاشر والحادي عشر من شهر محرم بنية قضاء ما عليه من الأيام التي أفطرها من شهر رمضان جاز ذلك، وكان قضاء عن يومين مما عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى”،[2] قال العلامة العثيمين رحمه الله: “من صام يوم عرفة، أو يوم عاشوراء وعليه قضاء من رمضان فصيامه صحيح، لكن لو نوى أن يصوم هذا اليوم عن قضاء رمضان حصل له الأجران: أجر يوم عرفة، وأجر يوم عاشوراء مع أجر القضاء”.[1]

اقرأ أيضًا: كم يوم الفرق بين السنة الهجرية والميلادية

حكم صيام عاشوراء

إن صوم يوم العاشر من محرم المسمى بعاشوراء سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو اليوم الذي أنجى الله تعالى فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه؛ فصامه موسى شكرًا، ثم صامه النبي صلى الله عليه وسلم، ورد في الصحيحين عن معاوية -رضي الله عنه- أنه قال: “سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: هذا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، ولَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ علَيْكُم صِيَامَهُ، وأَنَا صَائِمٌ، فمَن شَاءَ فَلْيَصُمْ، ومَن شَاءَ فَلْيُفْطِرْ”،[3] قال أهل العلم: ومراتب صيام عاشوراء ثلاثة: أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وأقل ما تحصل به السنة صيام العاشر وحده، وأما جزاء صيامه فهو يكفر السنة الماضية، كما جاء في صحيح مسلم عن أبي قتادة الحارث بن ربعي أنه قال: “سُئِلَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صَوْمِ يَومِ عَاشُورَاءَ؟ فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ”.[4][5]

اقرأ أيضًا: لماذا سميت السنة القمرية الهجرية بهذا الاسم

حكم إفراد عاشوراء بالصيام

أجاز العلماء إفراد يوم عاشوراء بالصيام، لكن وقع بينهم خلاف في كره صيامه، فقد ذهب بعضهم إلى جواز إفراده بالصيام بغير كره، وذهب آخرون إلى جواز إفراد الصوم، فالأفضل أن يصوم قبله يوم، أو بعده يوم، يعني: يصوم يومين، التاسع والعاشر، أو العاشر والحادي عشر، أو يصوم الثلاثة: التاسع، والعاشر، والحادي عشر، خلافًا لليهود، قال شيخ الإسلام: “صيام يوم عاشوراء كفارة سنة ولا يكره إفراده بالصوم”، وفي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي: “وعاشوراء لا بأس بإفراده”، فيجوز صيام يوم عاشوراء يوماً واحداً فقط، لكن الأفضل صيام يوم قبله أو يوم بعده، وهي السنة الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقوله: “لَئِنْ بَقِيتُ إلى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ”[6] قال ابن عباس رضي الله عنهما: “يعني مع العاشر”.[7]

اقرأ أيضًا: ترتيب الأشهر الهجرية ومعاني أسمائها وعدد أيامها

حكم صيام عاشوراء إذا وافق يوم السبت

لا يسقط استحباب صيام يوم عاشوراء إذا صادف يوم سبت؛ لأنه صوم له سبب، وإنما يُكره إفراد يوم السبت بصيام إذا كان نفلاً مطلقًا، ولا يُكره إذا كان يوم عاشوراء، أو قضاءً، أو تكفيرًا عن يمين، أو نذرًا، أو يوم عرفة، أو يوافق عادة له بأن كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو غير ذلك من الأيام التي يُستحبُّ الصيام فيها، يقول الإمام الرملي رحمه الله: “يُكره إفراد السبت بالصوم، إلا كأن كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، أو يصوم عاشوراء، أو عرفة، فوافق يوم صومه: فلا كراهة، ولا يكره إفرادها بنذر، وكفارة، وقضاء، وخرج بإفراد ما لو صام أحدهما مع يوم قبله أو يوم بعده فلا كراهة لانتفاء العلة”، وأما الاستدلال بحديث “لا تصوموا يومَ السبتِ إلا فيما افتُرِضَ عليكم وإن لم يجدْ أحدُكم إلا لِحاءَ عِنَبَةٍ أو عُودَ شجرةٍ فليمضَغْهُ”، رواه أبو داود، فقد اختلف المحدثون في هذا الحديث اختلافا كبيرًا، فضعفه كثيرون، وصححه آخرون، وعلى فرض صحته فهو حديث منسوخ. قال أبو داود في سننه: “وهذا حديث منسوخ”، والله تعالى أعلم.[8]

اقرأ أيضًا: متى يصادف 1 محرم 

حالات صيام عاشوراء

للنبي -صلى الله عليه وسلم- في صيام عاشوراء أربع حالات:[9]

الحالة الأولى

أنه كان يصومه بمكة، ولا يأمر الناس بالصوم؛ ففي الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: “أنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَصُومُ يَومَ عَاشُورَاءَ في الجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ أمَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بصِيَامِهِ حتَّى فُرِضَ رَمَضَانُ، وقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن شَاءَ فَلْيَصُمْهُ ومَن شَاءَ أفْطَرَ”.[10]

الحالة الثانية

أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قدم المدينة ورأى صيام أهل الكتاب له وتعظيمهم له صامه وأمر الناس بصيامه، وأكد الأمر بصيامه، وحث الناس عليه حتى كانوا يصومونه أطفالهم.

الحالة الثالثة

أنه لما فرض صيام شهر رمضان، ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أصحابه بصيام يوم عاشوراء؛ لما رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ عاشوراءَ يومٌ من أيَّامِ اللهِ، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه”، وفي رواية لمسلم أيضا: “فمن أحَبَّ منكم أن يصومَه فلْيَصُمْه، ومن كَرِه فلْيَدَعْه”.[11]

الحالة الرابعة

أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عزم في آخر عمره على ألا يصومه منفردا، بل يضم إليه يوم التاسوعاء؛ مخالفة لأهل الكتاب في صيامه؛ لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فإذا كان العامُ المُقبِلُ إن شاء الله صُمْنا التاسِعَ”،[9] قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

اقرأ أيضًا: كم عدد ايام السنة الهجرية

فضل صيام عاشوراء

أما فضل صيام يوم عاشوراء، فقد دل عليه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي رواه أبو قتادة رضي الله عنه، وقال فيه: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: “أحتَسِبُ على اللهِ أن يُكَفِّرَ السَّنةَ التي قَبْلَه”،[4] ولو صام المسلم اليوم العاشر لحصل على هذا الأجر العظيم، حتى لو كان مفردا له، من غير كراهة، خلافا لما يراه بعض أهل العلم، ولو ضم إليه اليوم التاسع لكان أعظم في الأجر؛ لما رواه ابن عباس رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “لَئِنْ بَقِيتُ أو لئِنْ عِشْتُ إلى قابلٍ لأصومَنَّ التاسِعَ”،[6] وأما الأحاديث التي وردت وفيها صيام يوم قبله وبعده، أو صيام يوم قبله أو بعده؛ فلم يصح رفعها للنبي صلى الله عليه وسلم، والعبادات -كما هو معلوم- توقيفية، لا يجوز فعلها إلا بدليل، وقد يستأنس بما ورد في ذلك؛ فقد صح بعض هذه الآثار موقوفا على ابن عباس رضي الله عنه؛ ولهذا لا حرج على من صام عاشوراء ويوما قبله ويوما بعده، أو اكتفى بصيامه وصام يوما بعده فقط.[9]

اقرأ أيضًا: ذو الحجة شهر كم بالميلادي والهجري

الصيام في شهر المحرم

يستحب الإكثار من الصيام في شهر المحرم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل: “أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ المَكْتُوبَةِ؟ وَأَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقالَ: أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، صِيَامُ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ”،[12] فشهر المحرم من الأشهر الحرم، وفي هذا الحديث إشارة إلى أنه لما كان القتال محرمًا في المحرم، وكان انتهاز وقته للصوم فرصة من أجل أن أوقات إباحة القتال لا يقتضي أن يكون المؤمن فيها صائما؛ لأن الصوم يضعف أهله، فالإكثار من الصيام في شهر الله المحرم مشروع، ومن صامه كله فقد أحسن وفعل خيرًا، قال الحافظ ابن رجب: “وهذا الحديث صريح في أن أفضل ما تطوع به من الصيام بعد رمضان صوم شهر الله المحرم، وقد يحتمل أن يراد: أنه أفضل شهر تطوع بصيامه كاملًا بعد رمضان، فأما بعض التطوع ببعض شهر، فقد يكون أفضل من بعض أيامه، كصيام يوم عرفه، أو عشر ذي الحجة، أو ستة أيام من شوال، ونحو ذلك”.[13]

اقرأ أيضًا: ما هي أشهر الحج المذكورة في القرآن الكريم

فضل شهر المحرم

شهر المحرم هو من الشهور الحرم التي عظمها الله تعالى وذكرها في كتابه، فقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهور عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}،[14] وشرف الله تعالى هذا الشهر من بين سائر الشهور، فسمي بشهر الله المحرم، فأضافه إلى نفسه؛ تشريفًا له، وإشارة إلى أنه حرمه بنفسه، وليس لأحد من الخلق تحليله. كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم تحريم الله تعالى لهذه الأشهر الحرم، ومن بينها شهر المحرم؛ فعن أبي بكرة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “إنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الذي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ”،[15] وقد رجح طائفة من العلماء أن محرمًا أفضل الأشهر الحرم.[9]

اقرأ أيضًا: ترتيب شهور السنة الميلادية

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، الذي تحدثنا فيه عن هل يجوز صيام عاشوراء قبل قضاء رمضان، وهل يجوز صيامه بنية قضاء رمضان، وعن حكم صيامه، وعن حكم إفراده بالصيام، وعن حكم صيامه إذا وافق يوم السبت، وعن الصيام في شهر المحرم، وفضل هذا الشهر.

المراجع

  1. alukah.net , حكم صيام عاشوراء لمن عليه قضاء من رمضان رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/86841/#ixzz72sPDD3Vh , 27/07/2023
  2. صحيح البخاري , البخاري، عمر بن الخطاب، 1، صحيح.
  3. صحيح البخاري , البخاري، معاوية بن أبي سفيان، 2003، صحيح.
  4. صحيح مسلم , مسلم، أبو قتادة الحارث بن ربعي، 1172، صحيح.
  5. islamweb.net , صوم عاشوراء.. ثوابه.. وحكمه , 27/07/2023
  6. صحيح مسلم , مسلم، عبد الله بن عباس، 1134، صحيح.
  7. islamqa.info , حكم إفراد عاشوراء بالصيام , 27/07/2023
  8. aliftaa.jo , حكم صيام يوم (عاشوراء) إذا وافق يوم سبت , 27/07/2023
  9. dorar.net , أحكامُ شهرِ اللهِ المُحَرَّمِ , 27/07/2023
  10. صحيح البخاري , البخاري، عائشة أم المؤمنين، 1893، صحيح.
  11. صحيح مسلم , مسلم، عبد الله بن عمر، 1126، صحيح.
  12. صحيح مسلم , مسلم، أبو هريرة، 1163، صحيح.
  13. islamweb.net , حكم صيام شهر المحرم كله , 27/07/2023
  14. سورة التوبة , الآية 36
  15. صحيح البخاري , البخاري، أبو بكيرة نفيع بن حارث، 4662، صحيح.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *