هل بول الرضيع طاهر
جدول المحتويات
هل بول الرضيع طاهر واحدٌ من الأسئلة الشرعية المهمة التي ترتبط بموضوع الطّهارة في الإسلام، حيث إنّ الدين الإسلامي قد جاء بعدّة ضوابط وأحكام تضبط وتنظّم أمور المسلم وحياته كلّها، من كبير الأشياء لصغيرها، فلم يترك أمرًا إلا ضبطه وحدّد حكمه، ونظّمه للمسلمين، وقد اهتمّ التشريع الإسلامي بالإنسان منذ ولادته وحتّى مماته، بل وحتّى قبل ولادته وبعد مماته، ولعل الطّهارة من الأمور التي اهتمّ بها الإسلام وبيّنها ونظّمها، وفي هذا المقال يبيّن لنا موقع المرجع هل بول الرضيع ينقض الوضوء وهل بوله نجس أم طاهر.
الطهارة في الإسلام
من أجل معرفة هل بول الرضيع طاهر لا بدّ من الحديث عن الطّاهرة في الإسلام تحديدًا، فقد امتاز المسلمون عن باقي الأمم بالطّهارة والنّظافة، وهذا ما أمرهم به الله -سبحانه وتعالى- وقد جعلها من الأمور الواجبة على كلّ مسلم، وهي شرطٌ أساسي لصحّة الكثير من العبادات، والطّهارة في الإسلام من أسباب نيل محبّة الله ورضاه، فمن واجب المسلم أن يكون طاهرًا على الدّوام، وأن يتخلّص من كلّ نجاسة في البدن وفي الملبس وفي المكان، وبذلك شرّع الوضوء والاغتسال، لا تصحّ الصلاة مثلًا بغير وضوء وهي عماد الدين والرّكن الثاني في الإسلام، وفي الطّهارة يقول النّبي صلى الله عليه وسلم: “الطُّهورُ شطْرُ الإيمانِ، والحمدُ للهِ تملأُ الميزانَ، وسُبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ تَملآنِ ما بين السماءِ والأرضِ، والصلاةُ نورٌ، والصدَقةُ بُرهانٌ، والصبْرٌ ضِياءٌ، والقُرآنُ حُجَّةٌ لكَ أوْ عليكَ، كلُّ الناسِ يَغدُو، فبائِعٌ نفسَهُ، فمُعتِقُها أوْ مُوبِقُها”.[1]
شاهد أيضًا: تفسير رؤية الطفل الرضيع في المنام لغير المتزوجة لابن سيرين
هل بول الرضيع طاهر
إنّ بول الطفل الرضيع نجسٌ مطلقًا من حين ولادته إلى آخر حياته، لكنّ الرضيع الذي لم يأكل الطعام تكون نجاسة بوله مخففة، ويكتفي في تطهيره بالنّضح، وقد ورد في الحديث الذي روته أم قيس بنت محصن -رضي الله عنها- قالت: “إنها أتَتْ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بابْنٍ لها لَمْ يَأْكُلِ الطَّعامَ فَوَضَعَتْهُ في حَجْرِهِ فَبالَ، قالَ: فَلَمْ يَزِدْ علَى أنْ نَضَحَ بالماءِ. وفي رواية: وقالَ: فَدَعا بماءٍ فَرَشَّهُ”. [2] ولا يكون تجويز النّضح في بول الصبي أنّ بوله ليس نجسًا، ولكن من أجل التّخفيف في إزالته، وهذا مخصوصٌ في بول الرّضيع الذي لم يقرب الطعام، بل يكون قوته اللبن الذي يرتضعه والتّمر الذي يحنّك به والعسل الذي يلعقه للمداواة، فتكون نجاسته نجاسة مخففة يكفي فيها النضح للتّطهير، والحيث الوارد يخصّ بول الرّضيع ولا يخصّ غائطه، ولو خالط بول الرّضيع نجاسة ما وأصاب ثوبًا كان ذلك البول نجسًا ولا بدّ من غسله لاختلاطه بنجاسةٍ أخرى، والله ورسوله أعلم.[3]
شاهد أيضًا: تنظيف الخارج من السبيلين عن مخرجه بالماء هو
هل بول الطفلة الصغيرة نجس؟
يكثر البحث عن أحكام البول للطفل الرّضيع كهل بول الرضيع طاهر، وهل بول الطفلة الصغيرة نجس؟ والثّابت في الشّرع أنّ بول الرضيع أو الرضيعة نجاسةٌ بعينه، ولكنّ الشرع أم بغسل بول الفتاة بعكس بول الصبي الذي يكتفي برش ونضح الماء عليه، وهو مخصوصٌ للصبي الذي لم يأكل بعد، فقد ورد في الحديث النبوي، الذي رواه الصحابي أبو السمح -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: “يُغسَلُ مِن بَولِ الجاريةِ، ويُرَشُّ مِن بَوْلِ الغلامِ”.[4] فتكون نجاسة الصبي نجاسة مخففة، ونجاسة الطفلة الصغيرة نجاسة متوسطة.[5]
شاهد أيضًا: النجاسه العينيه هي التي لا يمكن تطهيرها مطلقا
هل بول الطفل الرضيع ينقض الوضوء
ببيان هل بول الرضيع طاهر، فإن بعض المذاهب الفقهية كالمالكية والأحناف لا يرون فرقًا بين بول الرضيعة والرضيع، في فترة الرضاع وغيرها فكلاهما نجس ويجب الغسل منه، أمّا الشافعية فيرون أنّ بول الصبي ليس نجس في فترة الرضاع قبل أن يمسّ لطعام، ولو أصاب ثوبًا يُطهر بنضح الماء عليه فقط، أمّا لو لامس مسلم بول الرضّيع أو الرضيعة في فإنّه لا ينقض الوضوء ولا يلزم وضوءًا جديدًا، ولكن لا بدّ من غسله، وقد سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ ابن باز عن حكم لمس بول الطفل وتوسيخ الثياب ببوله فهل يُعاد الوضوء، فأجاب إنّ الصلاة صحيحة من غير إعادة الوضوء لأنّ ما أصاب الثوب والبدن من بول الطّفل لا ينقض الوضوء لكن يجب غسل ما أصاب منه.[6]
شاهد أيضًا: قال الرسول عليه السلام الطهور شطر الايمان والايمان في الحديث بمعنى
هل على الأم أن تغسل لباسها إن أصابه بول الصبي
إنّ بول الطفل الذي لم يقرب الطعام نجس للأنثى باتّفاق أهل العلم، ونجس للذّكر باختلافٍ ببعض الأقوال، وقيل أنّ أصلهما واحد ولكنّ الاختلاف يكون بطريقة التّطهير، وقد ذهب أصحاب المذهب المالكي أنّ الأمّ المُرضعة تُعفى من غسل بول الرضيع وغائطه ذكرًا كان أو أنثى لكن بشرط أن تجتهد في درئه عنها وتمنعه من الوصول إليها بخرقٍ أو ما شابه، فلو اجتهدت وأصابها بعد ذلك شيء عفيت من غسله، أمّا جمهور أهل العلم فقالوا الأفضل للأمّ أن تغسل لباسها وهو أفضل وأنزه لها، وذلك كما ورد في طريقة تنظيف بول الرّضيع الذكر وبول الرضيعة الأنثى.[7]
لماذا بول الصبي الرضيع طاهر والأنثى نجس
لا يمكن القول أنّ بول الرضيع طاهر وبول الأنثى نجس، فقد اتفق جمهور أهل العلم أنّ كليهما نجسٌ بذاته، ولكنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ميّز في طريقة التّطهير بين البولين، فلم يزد على نضح الماء على بول الرضيع، وهذا مخصوصٌ للرضيع الذي لم يأكل الطّعام، أما الجارية التي لم تأكل الطعام فبولها يتم تطهيره كتطهير باقي النّجاسات، فيُغسل غسلًا ولا يرشّ رشًّا، والتفرقة بين بول الغلام والجارية من الأمور الحسنة في الشّريعة وقد قامت لحكمة ومصلحة، وكان الفرق بينهما وسبب اختلاف كيفية تطهيرهما لعدّة أمور، وهي:[3]
- بول الغلام لا ينزل في مكانٍ واحد، بل يكون متفرّقًا هنا وهناك وبذلك يشقّ على الإنسان غسله وغسل كلّ ما أصاب منه بخلاف بول الجارية الذي ينزل في مكانٍ واحد.
- إنّ النّفوس البشرية تميل للغلمان أكثر من الإناث فكان الناس يحملون الرضّع الذّكور بكثرة، فببول الذّكر تعمّ البلوى ويشقّ غسله باستمرار.
- إنّ بول الأنثى بطبيعته يكون أنتن وأخبث من بول الذّكر، وذلك يرجع لعدّة أمور منها حرارة الذّكر التي تخفف من نتن البول وفساده، وتُذيب الكثير من نتنة، أمّا الأنثى فرطوبتها تزيد في خبث ونتانة بولها، وبهذا يوضّح الفرق بينهما.
في الختام نكون قد عرفنا هل بول الرضيع طاهر، حيث بيّن المقال مفهوم الطهارة في الإسلام، وبيّن إن كان بول الطفلة الصغيرة نجسًا، وحدّد الأسباب التي تجعل الاختلاف في التعامل مع تطهير البول لدى الرضيع الذكر والأنثى موجودًا، وبيّن المقال حكم الوضوء في حال ملامسة بول الطفل الرضيع، حكم غسل الأم ملابسها إن لامسها بول الطفل الصغير.
المراجع
- صحيح الجامع , الألباني، أبو مالك الأشعري، 3957، صحيح
- صحيح مسلم , مسلم/ أم قيس بنت محصن/ 287/ صحيح
- alukah.net , حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله , 02/12/2021
- تخريج شرح السنة , شعيب الأرناؤوط/ أبو السمح/ 85/ 2/ إسناده صحيح
- islamweb.net , نجاسة بول الطفلة الرضيعة ووجوب تطهيرها , 02/12/2021
- al-eman.com , بول الطفل لا ينقض الوضوء ويجب غسله , 02/12/2021
- islamweb.net , هل يلزم الأم غسل لباسها لما يصيبه من بول الصبي , 02/12/2021
التعليقات