هل الاسراء والمعراج رؤيا ام حقيقة

هل الاسراء والمعراج رؤيا ام حقيقة ؟ من الأمور التي يكثر البحث عنها، وبالذّات في شهر رجب الذي يُعتقد أنّ الإسراء والمعراج فيه، وإنّ الكثير من النّاس يتساءلون هل النبي صلى الله عليه وسلم رأى المعجزة في المنام أمّ أنّها كانت رحلةً مادية محسوسة، ومنهم من يبحث عن كونها حدثت بالروح أم بالجسد، وهذه التساؤلات تبيّن مدى عظمة هذه الرحلة ومدى دلالاتها على قدرة الله سبحانه، ومن خلال موقع المرجع سيتمّ بيان حقيقة الإسراء والمعراج منامًا أو واقعًا.

معجزة الإسراء والمعراج

قبل معرفة هل الاسراء والمعراج رؤيا ام حقيقة فإنّ من المهم المرور على نبذة عن معجزة الإسراء والمعراج، وهي المعجزة التي وقعت للنبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وذلك بعد أن واجه الكثير من المعاناة والقسوة من المشركين، وبعد وفاة عمّه وزوجته وهما أكبر الداعمين له، فأثقل قلب النبي صلى الله عليه وسلم بالهمّ والحزن، فأسرى به الله ليسري الحزن عن قلبه، وكانت حادثة الإسراء والمعراج من مكّة المكرمة إلى المسجد الأقصى، ثمّ إلى السماء السابعة، والعودة إلى مكّة بعد أن فُرضت الصلاة فوق سبع سموات، وبعد أن اقرأ النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الآيات الدالات على عظمة الله سبحانه وتعالى.[1]

اقرأ أيضًا: اين كان النبي نائم ليلة الاسراء ؟

هل الاسراء والمعراج رؤيا ام حقيقة

إنّ أهل العلم قد اتّفقوا على أن حادثة الإسراء والمعراج من الحوادث التي ثبت حدوثها في كتاب الله وفي سنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم، وقد استدلوا على ذلك بالآيات القرآنية الواردة في شأنها، والأحاديث النبوية التي تردّدت عن هذه الحادثة المباركة، ولكنّ أهل العلم اختلفوا إن كانت رؤيا أم يقظة ولكن أصحّ الأقوال وأرجحها أنّها كانت في اليقظة، فظاهر الأخبار والروايات تدلّ على أنّها لم تكن منامًا أو رؤيا، وهو قول جمهور أهل العلم، ولكنّ الحسن البصري فقد ذكر أنّها رؤيا وهو قولٌ ضعيفٌ لا يعتدّ به ولا يؤخذ بأدلته، وقد ورد عن الطبري في تفسيره أنّه قال: “إن الله حمله على البراق، حتى أتاه به، وصلى هناك بمن صلى من الأنبياء والرسل، فأراه ما أراه من الآيات. ولا معنى لقول من قال: أسري بروحه دون جسده، لأن ذلك لو كان كذلك لم يكن في ذلك ما يوجب أن يكون دليلاً على نبوته، ولا حجة له على رسالته، ولا كان الذين أنكروا حقيقة ذلك من أهل الشرك كانوا يدفعون به عن صدقه فيه، إذ لم يكن منكراً عندهم ولا عند أحد من ذوي الفطرة الصحيحة من بني آدم أن يرى الرائي منهم في المنام ما على مسيرة سنة، فكيف ما هو مسيرة شهر أو أقل” والله ورسوله أعلم.[2]

اقرأ أيضًا: قصة الاسراء والمعراج مختصره

هل الاسراء والمعراج بالجسد أم بالروح

إنّ مسألة هل الاسراء والمعراج رؤيا ام حقيقة ترتبط ارتباطًا وثيقًا في مسألة هل كانت الإسراء والمعراج بالرّوح والجسد أم بالروح فقط دون الجسد، وراجح القول أنّ الإسراء والمعراج كانا في اليقظة بالرّوح والجسد، فقد ذكر أهل العلم ومنهم الطبري ذلك، فقال: “إن الله إنما أخبر في كتابه أنه أسرى بعبده، ولم يخبرنا بأنه أسري بروح عبده، وليس جائزاً لأحد أن يتعدى ما قاله الله إلى غيره. بل الأدلة الواضحة، والأخبار المتتابعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله أسرى به على دابة يقال لها البراق، ولو كان الإسراء بروحه لم تكن الروح محمولة على البراق، إذ كانت الدواب لا تحمل إلا الأجساد” وكذلك ذُكر عن ابن حجر قوله: ” إن الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسده وروحه، وإلى هذا ذهب جمهور من علماء الحديث والفقهاء والمتكلمين، وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة، ولا ينبغي العدول عن ذلك، إذ ليس في العقل ما يحيله، حتى يحتاج إلى تأويل” فالصحيح أنّ النبي أًسري به في جسده وروحه في يقظته.

اقرأ أيضًا: قصيدة عن الاسراء والمعراج مكتوبة

الاختلاف في تاريخ الإسراء والمعراج

لم يتّفق أهل العلم في تحديد تاريخ ووقت ليلة الإسراء والمعراج وحدوث هذه المعجزة العظيمة، ولا بدّ من القول أنّ أغلب الأقوال جاءت معبّرةً عن عدم تحديدها، ومثبتتةً للمغالطة في تحديد تاريخٍ من قِبل البعض لها، فكانت الروايات مختلفةً في السنة وفي الشهر وفي اليوم  الذي يدلّ على الإسراء والمعراج، فقد شاع بين الناس أنّها وقعت في السابع والعشرين من شهر رجب، لكنّ الصحيح أنّ الروايات الواردة بهذا الشأن غير صحيحة، وقد ذكر ابن تيمية أنّه لم يقم دليلٌ معلوم لا على شهرها ولا على عشرها ولا على عينها، وكلّ ما نُقل في ذلك لا يصحّ ولا يؤخذ به، وقد قام أبو أمامة بن النقاش: “أما ليلة الإسراء، فلم يأت في أرجحية العمل فيها حديث صحيح ولا ضعيف، ولذلك لم يعينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه ، ولا عينها أحد من الصحابة بإسناد صحيح، ولا صح إلى الآن ، ولا إلى أن تقوم الساعة فيها شيء، ومن قال فيها شيئاً، فإنما قال من كيسه لمرجع ظهر له استأنس به ، ولهذا تصادمت الأقوال فيها وتباينت، ولم يثبت الأمر فيها على شيء” والله ورسوله أعلم.[3]

اقرأ أيضًا: اعمال ليلة الاسراء والمعراج وما هو دعاء هذه الليلة العظيمة

هل الاسراء والمعراج مذكورة في القرآن

إنّ إجابة أهل العلم حول مسألة هل الاسراء والمعراج رؤيا ام حقيقة اعتمدت اعتمادًا كليًّا على الأدلة  الواردة في القرآن والسنة، وقد ذكرت الإسراء في القرآن باسمها، أما المعراج فقد تمّت الإشارة إليها، وما ورد عنها ما يأتي:

  • الإسراء في القرآن الكريم:

قال تعالى: {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.[4]

  • المعراج في القرآن الكريم:

{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى * عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى * ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى * لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى}.[5]

هل الاسراء والمعراج مذكورة في الأحاديث الشريفة

كثيرةٌ هي الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج، وهي أحاديث صحيحة ومثبتة، ومما ورد في السّنة النبوية الشريفة عن هذه المعجزة الكبيرة ما يأتي:

  • عن مالك بن صعصعة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “بيْنَا أنَا عِنْدَ البَيْتِ بيْنَ النَّائِمِ، واليَقْظَانِ – وذَكَرَ: يَعْنِي رَجُلًا بيْنَ الرَّجُلَيْنِ -، فَأُتِيتُ بطَسْتٍ مِن ذَهَبٍ، مُلِئَ حِكْمَةً وإيمَانًا، فَشُقَّ مِنَ النَّحْرِ إلى مَرَاقِّ البَطْنِ، ثُمَّ غُسِلَ البَطْنُ بمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وإيمَانًا، وأُتِيتُ بدَابَّةٍ أبْيَضَ، دُونَ البَغْلِ وفَوْقَ الحِمَارِ: البُرَاقُ، فَانْطَلَقْتُ مع جِبْرِيلَ حتَّى أتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، قيلَ: مَن هذا؟ قالَ جِبْرِيلُ: قيلَ: مَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ، قيلَ: وقدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قيلَ: مَرْحَبًا به، ولَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ“.[6]

  • وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لما عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخْمِشون وجوهَهم وصدورَهم، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومِ الناسِ، ويقعون في أعراضِهم“.[7]

إلى هنا نصل لختام مقال هل الاسراء والمعراج رؤيا ام حقيقة، الذي بيّن عديد الأمور المتعلّقة بالإسراء والمعراج ووضحها، كمسألة الإسراء بالروج والجسد، ومسألة ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومسألة الاختلاف في تاريخها بين أهل العلم.

المراجع

  1. islamweb.net , الإسراء والمعراج , 28/01/2024
  2. islamweb.net , الإسراء كان بالجسد والروح يقظة لا مناما , 28/01/2024
  3. saaid.net , لمَ لا نحتفلُ بليلةِ الإسراءِ والمعراجِ ؟! , 28/01/2024
  4. سورة الإسراء , الآية 1.
  5. سورة النجم , الآية 13-18
  6. صحيح البخاري , البخاري، مالك بن صعصعة الأنصاري، 3207، صحيح
  7. صحيح أبي داود , الألباني، أنس بن مالك، 4878، صحيح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *