هل يجوز وضع مزيل العرق بعد الاحرام

هل يجوز وضع مزيل العرق بعد الاحرام؟ هو ما سيبيّن حكمه هذا المقال، فقد جعل الله سبحانه وتعالى الحجّ والعمرة ركنًا من أركان الإسلام، والحجّ فرض عينٍ لمن استطاع إليه سبيلًا، وإنّه من المعروف أنّ لكلّ نسكٍ وعبادة أحكامٌ خاصّة، لا تصحّ العبادة إلا بتمام أحكامها من شروطٍ وأركانٍ وواجباتٍ وسنن، وليحرص المسلم على صحّة إحرامه أثناء الحجّ أو العمرة فإنّه من واجبه البحث والتعلم عن كافّة أحكام الإحرام وشروطه ومحظوراته، وفي هذا المقال عبر موقع المرجع سنعرف هل مزيل العرق من محظورات الإحرام أم لا، مع التّعرف على أهمّ الأحكام في محظورات الإحرام.

الإحرام

لمعرفة هل يجوز وضع مزيل العرق بعد الاحرام فإنّ من المهم أن يتمّ تعريف الإحرام ومعرفة حكمه في الإسلام، فالإحرام هو ما يُعرف في اللغة أنّه المنع الشديد وهو بعكس الحلال أو الإحلال، والإحرام مصدر الفعل أحرم، ويُطلق على الرّجل أنّه أحرم في حال أهلّ بالحجّ أو العمرة أي نوى الدّخول بهما، وباشر بشروطهما وأسبابهما، من تجنّب الطّيب والابتعاد عن النكاح ترك المخيط من الثياب، ويعرف الإحرام أيضًا أنّه المنع عن بعض الأمور التي أحلّها الله، فهي تُصبح حُرمات لا يحلّ للمسلم ارتكابها ولا إتيانها عند إحرامه، وقد عرّف الأحناف الإحرام أنّه الدّخول في حرماتٍ مخصوصة والتزامها ولا يكون إلا بالنّية، وعرّفه أصحاب المذهب المالكي أنّه صفةٌ حكمية توجب لموصوفها حرمةً مقدّمات الوطء وعليه إلقاء التفث والطيب ولبس المخيط وترك الصيد، والإحرام في حكمه هو ركنٌ ثابتٌ من أركان الحجّ وهو الشّرط الأول للابتداء فيه والله أعلم. [1]

شاهد أيضًا: هل مزيل العرق من محظورات الإحرام

 هل يجوز وضع مزيل العرق بعد الاحرام

إنّ وضع مزيل العرق بعد الاحرام مُحرّمٌ على المسلم إذا كان من المزيل الذي يحتوي على الطيب، أما لو كان لا يحوي طيبًا فهو مّما لا يجوز استعماله، فالصّحيح أنّه لا يجوز للمسلم أن يستعمل الطّيب في بدنه وملابسه أثناء إحرامه، وذلك لما ورد في الحديث النبوي الشريف الذي رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم: “أنَّ رَجُلًا وقَصَهُ بَعِيرُهُ ونَحْنُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو مُحْرِمٌ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وسِدْرٍ، وكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْنِ، ولَا تُمِسُّوهُ طِيبًا، ولَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فإنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَومَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا”. [2] وبذلك أجمع أهل العلم أنّ استخدام المحرم بعد إحرامه لمزيل العرق الذي يحتوي على الطيب غير جائزٍ شرعًا وهو يدخل في محظورات الإحرام، أما لو لم يحتو على الطيب فاستخدامه جائز والله أعلم. [3]

شاهد أيضًا: هل يجوز وضع مزيل العرق قبل الإحرام

ماذا يفعل من وضع مزيل عرق فيه طيب بعد الاحرام

ورد عن أهل العلم أنّ من وضع طيبًا أو مزيل عرق فيه طيب بعد الإحرام فإنّه ارتكب أمرًا من محظورات الإحرام، ويلزمه في هذه الحال فدية أذى، وكان الجواب في قوله تعالى في سورة البقرة: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}. [4] فمن ارتكب أمرًا من محظورات الإحرام كان على التّخيير بين ثلاثة أمور وهي: [5]

• إمّا أن يذبح شاة.
• أو يُطعم ستّة مساكين لكلّ مسكينٍ منهم نصف صاعٍ من الطّعام.
• أو يصوم ثلاثة أيّام.

هل يجوز وضع مزيل العرق قبل الاحرام

بمعرفة أنّه لا يجوز وضع مزيل العرق بعد الاحرام إن كان يحتوي على الطيب، فهل يجوز وضعه قبل الإحرام، حيث إنّ منّ السّنة المستحبة أن يتطيب المسلم في بدنه قبل الدّخول في الإحرام وذلك استعدادًا له، حتّى لو بقي أثر الطيب بعد الإحرام، وعلى ذلك أجمع جمهور أهل العلم من أحنافٍ وشافعية وحنابلة وبعض السلف، واعتمدوا بذلك على الكثير من الأدلة الشرعية، فقد ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: “كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ، ولِحِلِّهِ قَبْلَ أنْ يَطُوفَ بالبَيْتِ”. [6] فاستدامة الطّيب قبل الإحرام لا يمنع الإحرام كاستدامة النّكاح، لذلك فهو مباحٌ والله أعلم.[7]

شاهد أيضًا: هل يجوز للمرأة المحرمة تغيير ملابسها

هل يجوز وضع كريم الترطيب بعد الإحرام

من الأسئلة التي يكثر البحث عن جوابها في مسائل الإحرام هل يجوز وضع كريم الترطيب بعد الإحرام، وقد أجاب أهل العلم وبيّنوا هذه المسألة، حيث إنّه لو خلا كريم الترطيب من الطيب فلا يحرم استعماله، لأنّ المحظور بعينه في الإحرام هو الطيب أو التدهن بشيء فيه عطر، ولو وضع المسلم كريمات أثناء السعي والطواف لتخفيف التسلخات وغيره بقصد التداوي والعلاج، فإنّه لا بأس فيه والله أعلم ولا محذور فيه، فيجوز وضع الكريمات لترطيب الأماكن المتسلخة أو منعها، والمقصود منها العلاج وحسب. [8]

حكم وضع مزيل العرق بعد الاحرام جاهلا بالحكم

في الصّحيح في مسألة هل يجوز وضع مزيل العرق بعد الاحرام أنّه لا يجوز إن كان فيه طيبًا أو رائحة، فلا يجوز للمسلم المحرم بطبيعة الحال أن يضع طيبًا على جسده بعد إحرامه، والمزيل المعطّر يدخل في حكم الطيب، ولكن لو وضعه المحرم جاهلًا بالحكم أو ناسيًا أو سهوًا، فلا حرج عليه ولا يكون عليه شيء، لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}. [9] لكن يتوجّب عليه أن يُزيل أثره بقدر استطاعته، فبمجرّد أن زال العذر يتخلى عن ذلك المحظور. [3]

محظورات الإحرام

قبل ختام مقال هل يجوز وضع مزيل العرق بعد الاحرام فإنّ محظورات الإحرام من الضروري أن يتعلّمها المحرم حتّى لا يقع فيها، حيث إنّ محظورات الإحرام هي كلّ ممنوع، وتعرف أيضًا أنّها الممنوعات التي يجب على المسلم المحرم أنّ يتجنّبها بعد دخوله في الإحرام ودخوله النسك، وقد ميّزت الشريعة الإسلامية محظورات خاصّة بالنّساء ومحظورات خاصّة بالرّجال، وبينهما محظوراتٌ مشتركة بينهم جميعًا. [11]

محظورات الإحرام الخاصة بالنساء

إنّ الإسلام حرّم على الرجل والمرأة العديد من الأمور للقيام بها أثناء الإحرام، وخصّ الرّجال بعدّة أمور وخصّ النساء بأمورٍ أخرى، وإنّ محظورات الإحرام على المرأة هو أن تلبس النقاب وأن تلبس البرقع وأن تلبس القفازين، وذلك لما جاء في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قال: “ولا تنتقبُ المرأةُ المحرمةُ، ولا تلبسُ القفَّازيْنِ”. [10] والمباح لها أن تلبس المخيط كالقميص والسراويل ما دون البرقع والنقاب، ويحلّ لها أن تغطي يديها بثوبها وعباءتها والله أعلم.[11]

شاهد أيضًا: ما هي محظورات الإحرام للنساء

محظورات الإحرام الخاصة بالرجال

إنّ محظورات الإحرام الخاصة بالنّساء هي لبس البرق والنقاب والقفازين، أمّا محظورات الإحرام الخاصة بالرجال فهما أمرين اثنين، وقد حددهما الشرع كالتالي:

• يحرم على الرجل لبس المخيط: فلا يجوز للرجل أن يلبس الثياب المفصّل على هيئة البدن أو عضو من أعضاء الجسم، كاللباس الذي يلبسه في الحالة العامة.
• يحرم على الرجل في إحرامه تغطية الرجل بملاصق: وهو الأمر الثاني الذي لا يحلّ للرجل الإتيان به أثناء إحرامه، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن لبس العمائم والبرانس في الإحرام فكلّ متّصلٍ ملامس يراد به ستر الرأس ممنوعٌ على الرّجل.

محظورات الإحرام المشتركة بين الرجال والنساء

أجمع أهل العلم على عدة أمورٍ وأعمال محظورة على الرّجل والمرأة على حدٍّ سواء في الإحرام، ومن تلك المحظورات:

• أن يزيل الرّجل أو المرأة شيئًا من شعر الرأس أو البدن، سواءً كان ذلك بالحلق أو بالنّتف.
• أن يزيل الرّجل أو المرأة شيئًا من الأظفار أو قصّها.
• لبس القفازين للنساء والرجال فهو من ضمن المخيط للرجل وهو محظورٌ للمرأة.
• الصّيد من الأمور المحظورة في الإحرام فلا يحلّ للمحرم الصيد إلا للحاجة القصوى.
• التطيب في الملبس والبدن بكلّ أنواعه لا يجوز.
• من أعظم محظورات الإحرام الجماع فهو يُفسد الإحرام، وهو المقصود به الرّفث الذي نُهي عنه في الكتاب والسّنة وقت الإحرام.

شاهد أيضًا: هل يجوز لبس النقاب في العمرة

بهذا نصل لنهاية مقال هل يجوز وضع مزيل العرق بعد الاحرام، والذي عرّف الإحرام وبيّن حكمه، وبيّن الكثير من الأحكام التي تتعلّق بالإحرام كحكم وضع الكريم المرطب بعد الإحرام، وحكم من وضع مزيل العرق بعد الإحرام جاهلًا بالحكم، وختم المقال ببيان محظورات الإحرام وتعريفها لكلٍّ من الرجال والنساء.