هل يجوز الصيام مع نزول إفرازات بنية بعد الدورة

هل يجوز الصيام مع نزول إفرازات بنية بعد الدورة من الأمور التي تجعل المرأة في حيرة من أمرها في صلاتها وصيامها لما فرضه الله عليها من حيض ونفاس واستحاضة، فلكل حالة منهم يتبعها الكثير من الأمور والأحكام الشرعية ولذلك سيتم التعرف والإجابة في موقع المرجع على كلِِ من مدة الحيض وهل يجوز الصيام مع نزول إفرازات بنية بعد الدورة وهل صلاتها تصح، وما حكم نزول الدم البني قبل الدورة، كل ذلك في هذا المقال.

أنواع الدماء عند المرأة

يقسم الدم عند النساء إلى أربعة أنواع، ذلك باختلافات متعددة، فقد يختلف بالمدة واللون والكثافة والسبب، وعليه فإننا سنذكر الأنواع على النحو الآتي:[1]

الحيض

والحيض لغةً مصدر حاض، يقال حاض السّيل إذا فاض، وحاضت المرأة‏:‏ سال دمها‏، والمرأة حيضة، والجمع حيض، والحياض‏:‏ دم الحيضة‏، وقيل: المرأة حائض، لأنّه وصف خاص، وجمع الحائضة حائضات‏، أما في الاصطلاح على قول المذاهب الأربعة:

• قال الحنفية: هو دم ينفضه رحم امرأة سليمة عن داء وصغر‏.‏
• قال المالكية‏:‏ هو دم يلقيه رحم معتاد حملها دون ولادة‏.‏
• قال الشافعية: هو دم جبلة يخرج من أقصى رحم المرأة بعد بلوغها من غير سبب في أوقات معلومة‏.‏
• قال الحنابلة‏:‏ هو دم طبيعة يخرج مع الصحة من غير سبب ولادة من قعر الرحم يعتاد أنثى إذا بلغت في أوقات معلومة‏.‏

 الاستحاضة‏

والاستحاضة استفعال من الحيض، ولغةً‏:‏ أن يستمر بالمرأة خروج الدم بعد أيام حيضها المعتاد، يقال‏:‏ استحيضت المرأة أي استمر بها الدم بعد أيامها، فهي مستحاضة، وأما شرعًا:‏ فهو سيلان الدم في غير أوقاته المعتادة من مرض، وفساد من عرق يسمى ‏العاذل‏.‏ قال البركوي:‏ “الاستحاضة‏:‏ دم ولو حكمًا -ليدخل الألوان- خارج من فرج داخل لا عن رحم، قال ابن عابدين‏:‏ وعلامته أن لا رائحة له، ودم الحيض منتن الرّائحة‏، ويسمّون دم الاستحاضة دمًا فاسدًا، ودم الحيض دمًا صحيحًا.‏

النّفاس‏

والنفاس لغةً‏:‏ ولادة المرأة إذا وضعت، فهي نفساء، ونفست المرأة، ونفست بالكسر، وقيل ولدت: فهي نفساء‏، وأما شرعًا‏:‏ هو الدم الخارج عقب الولد، وقال المالكية والحنابلة‏:‏ هو الدم الخارج بسبب الولادة‏، أما أهل اللغة فقالوا‏:‏ النفاس الولادة‏، فالمعنى الشرعي مغاير للمعنى اللغوي.

القُرء‏

والقرء‏:‏ الحيض، والطهر، فهو من الأضداد‏ لغة،‏ والجمع أقراء وقروء وأقرؤ وهو في الأصل اسم للوقت‏، حيث قال الشافعي:‏ القرء اسم للوقت‏، فلما كان الحيض يجيء لوقت، والطهر يجيء لوقت، جاز أن يكون الأقراء حيضًا وأطهارًا‏، والقرء عند أهل الحجاز الطهر، وعند أهل العراق الحيض‏.‏

شاهد أيضًا: هل يمكن السباحة اثناء الدورة الشهرية

فترة الحيض

اختلف الفقهاء في أقل فترة الحيض وأكثرها‏ على أقوال متعددة، وقدّرها كل مذهب حسب العادة التي جرت آنذاك، وهي على النحو الآتي:[1]

• الحنفية: قالوا أنّ أقل الحيض ثلاثة أيام بلياليها -وقدروها باثنتين وسبعين ساعةً، وأكثره عشرة أيّام بلياليها‏.‏
• المالكيّة: قالوا أنه لا حد لأقله بالزمان، ففي العدة والاستبراء فلا بد من يوم أو بعضه‏، وأما أكثره فإنه يختلف عندهم بوجود الحمل وعدمه‏؛‏ فأكثر الحيض لغير الحامل خمسة عشر يوم، وأما الحامل -وهي عندهم تحيض- ويختلف باختلاف الأشهر.
• الشّافعيّة والحنابلة: قالوا أن أقل الحيض يوم وليلة؛ وهذا لقول علي -رضي الله عنه‏-:‏ “وأقل الحيض يوم وليلة ولأنّ الشّرع علّق على الحيض أحكاماً، ولم يبيّنه فعلم أنّه ردّه إلى العرف كالقبض والحرز، وقد وجد حيض معتاد يومًا، ولم يوجد أقلّ منه”، وأكثره خمسة عشر يومًا بلياليهن، لقول علي -رضي الله عنه-‏:‏ “ما زاد على الخمسة عشر استحاضة”.

فالشافعية والحنابلة أجمعوا على أن غالب الحيض ست أو سبع، وهذا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لحمنة بنت جحش لمّا سألته:”فتحَيَّضِي ستةَ أيامٍ ، أو سبعةَ أيامٍ في عِلْمِ اللهِ، ثمَّ اغتسلي، فإذا رأيتِ أنكِ قد طَهُرْتِ واستنقأتِ فصلِّي أربعًا وعشرينَ ليلة، أو ثلاثًا وعشرينَ ليلةً وأيامَها، وصومي وصلِّي، فإنَّ ذلكَ يُجزئُكِ، وكذلك فافعلي، كما تحيضُ النساءُ وكما يَطهرْنَ، لميقاتِ حيضاتهنَّ وطُهرهِنَّ“.[2]

هل يجوز الصيام مع نزول إفرازات بنية بعد الدورة

جاء عن أهل العلم أنَّه يجوز الصيام مع نزول إفرازات بنية بعد الدورة إن كانت هذه الإفرازات خارج أيام العادة، ولا يجوز الصيام إن كانت في أيام العادة أي متَّصلة بدم، فهذه الإفرازات البنية التي يسميها الفقهاء “الكدرة”، وعلى قول أكثلر أهل العلم بأن هذه الكُدرة إذا كانت في أيام العادة فهي حيض، وكذلك إذا كانت خارج أيام العادة لكنها اتصلتْ بالدم، فهي حيض وتعامل معاملة دماء الحيض، أما إذا كانت خارج أيام العادة، وغير متصلة بالدم؛ فهذه ليست حيضًا وهذا على الصحيح عند مذهب الحنابلة، وإن كان بعض الفقهاء يرى بأنها حيضًا ما دامتْ لم تتجاوز خمسة عشر يومًا، وليس بينهما من نقاء.

أما إذا وجد طهر تام بينها وبين الدم في أيام العادة -أي جف جفوفًا تامًا- بحيث لو أدخلت المرأة شيئًا إلى الفرج كقطنة مثلًا وخرجت وعليها آثار هذه الإفرازات؛ فهذا الجفاف يقال له الجفاف التام، وهو علامة على الطهر، والواجب هنا الاغتسال والصلاة، فإذا خرجت هذه الإفرازات وكانت في أيام العادة فهي حيض، أي تكون رجعت إلى الحيض ثانيةً.[3]

حكم الصيام عند نزول دم بني قبل العادة

إنَّ الإفرازات البنية والكدرة التي تسبق الدورة لا تعتبر من الحيض، حيث ذكر بعض العلماء أن هذا دم فساد؛ فلا يمنع من الصلاة والصيام، وعلى المرأة أن تغسل فرجها وتعصبه وتتوضأ لكل صلاة، وتصلي حتى يخرج الوقت ثم تتوضأ للوقت الثاني كذلك،
وقد ذكر ابن عثيمين: “أن الكدرة التي تأتي قبل الحيض بيوم أو يومين ليست بعادة”، وهذا لحديث أم عطية: “كُنَّا لا نَعُدُّ الكُدْرَةَ والصُّفْرَةَ شيئًا“،[4] وعليه فالتي ترى الدم أو الإفرازات البنية قبل الحيض فهي ليست بشيء،  وأن الصفرة بعد الحيض ليست بشيء ، وأن الصفرة في أثناء الحيض شيءٌ لأنها لم تطهر بعد.[5]

ما يحرم على الحائض فعله

بعد أن تعرفنا على تعريف الحيض وحكمه، فقد توصلنا إلى أن الحائض يجب عليها أن تتوقف عن العديد من الأمور، وهذا لحكمة لا يعلمها إلا الله -عزّ وجلّ- ولذلك فإنه يحرم على كل حائض والنفساء ما يأتي:[6]

• الصلاة.
• الصوم.
• حمل المصحف ومسه.
• قراءة القرآن ولو غيبًا عند بعض العلماء.
• الطواف في الكعبة.
• المكث في المسجد.
• وطء زوجها لها، ومباشرته لها فيما بين السرة والركبة، بدون حائل.

شاهد أيضًا: هل يجب الاغتسال عند نزول إفرازات الشهوة للعزباء

حكم صيام المستحاضة

إنَّ الاستحاضة تعني: سيلان الدم في غير أوقاته، من مرض وفساد، من عرق في أدنى الرحم يسمى: العرق العاذل، ولونه أحمر رقيق، لا رائحة له، ولا مدة معينة له، والمستحاضة حكمها حكم الطاهرة في الصلاة والصيام وقراءة القرآن ومس المصحف وحمله وسجود التلاوة ووجوب العبادات عليها، وهذا ما أجمع عليه العلماء إن كان دم استحاضة لا حيض، وصيام المستحاضة سواء في شهر رمضان أم في غيره صيامًا صحيحًا لاستمراره لمدة طويلة، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فاطمة بنت أبي حبيش عندما سألته عن أمرها قال إن ذلك عرق وليس بالحيضة، وقد روي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قوله: إنما هذه النقط كرعاف الأنف ليست بحيض.[7]

وهكذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال هل يجوز الصيام بعد نزول إفرازات بنية بعد الدورة، وأجبنا عن ما ورد في ذلك بأقوال العلماء وتعرفنا على حكم الصلاة في ذلك أيضًا، ثم تطرقنا للحديث عن مدة الحيض وحكم صيام المستحاضة.