هل يجوز صلاة العشاء مع التراويح

هل يجوز صلاة العشاء مع التراويح من أبرز المواضيع التي يبحث عنها الكثيرون مع بداية شهر رمضان المبارك، وإقامة صلاة التّراويح في المساجد، حبثُ يأتي شهر رمضان مقبلًا علينا بنفحاته الرّمضانيّة المميّزة، من طاعات وعبادات وصلوات ودعوات، ويكون المسلم ساعيًا في هذا الشّهر إلى نيل رضا الله عزّ وجلّ لذلك يبحث عن فتاوى شرعيّة في بعض الأمور التي يغلبه الشّك في صحّتها، وعبر موقع المرجع سوف نوضّح لكم هل يجوز أداء صلاة العشاء مع التّراويح.

ما هي صلاة التراويح

إنّ صلاة التّراويح أو ما تُعرف أيضًا بصلاة القيام في رمضان، وهي الصّلاة التي يتم تأديتها جماعةً في ليالي رمضان المُباركة، وكلمة تراويح هي جمع من كلمة ترويحة أي الإستراحة، حيثُ كانوا يستريحون بين كلّ ركعتين لذلك سمّيت صلاة التّراويح، وهي من السّنن المؤكّدة على كلّ مسلم ومسلمة، ويُمكن تأديتها بعد صلاة العشاء مُباشرةً وحتّى قبيل صلاة الصّبح لذلك عرفت بقيام رمضان، وقد حثّنا رسولنا الكريم على قيام شهر رمضان فقال: “من قام رمضان إيمانًا وإحتسابًا، غُفر له ما تقدّم من ذنبه”[1]، ومن خوف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من أن تفرض صلاة التّراويح على أمّته صلّاها بدايةً جماعةً ومن ثمّ جعل صلاتها بشكلٍ فردي.[2]

شاهد أيضًا: متى يقرأ دعاء ختم القرآن في صلاة التراويح

هل يجوز صلاة العشاء مع التراويح

يجوز للمسلم تأدية صلاة العشاء مع صلاة التراويح جماعةً عندما يفوته وقت صلاتها، وذلك وفقًا لما جاء عن مذهب الجماعة الشّافعيّة الّذين اعتمدوا بذلك ما جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: “أنّ معاذ بن جبل كان يصلّي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم العشاء الآخرة، ثمّ يرجع إلى قومه فيصلّي بهم تلك الصّلاة”، فتكون صلاة معاذ نافلةً له وفريضةً لقومه، على الرّغم من اختلاف نيّتهما، ولم ينهى عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فهي بذلك صحيحة وغير مخالفة لشريعة الإسلام.[3]

شاهد أيضًا: هل يجوز قراءة دعاء التراويح من الجوال

كيفية تأدية صلاة العشاء مع التراويح

عندما يتأخّر المسلم عن أداء صلاة العشاء جماعةً ويفوته الوقت عن ذلك، يُمكن له يدخل بالصّلاة مع جماعة التّراويح على نيّة العشاء إذا كان شخصًا واحدًا بمفرده، وعندما ينتهي الإمام من صلاة الرّكعتين يقوم ويكمل صلاة العشاء بنفسه، أمّا إذا كانوا اثنين أو أكثر من ذلك فيفضّل لهم إقامة صلاة العشاء مع بعضهم ومن ثمّ يدخلون لأداء صلاة التّراويح مع الإمام.[4]

بعض الأدلة في فضل صلاة التراويح

إنّ لصلاة التّراويح في شهر رمضان الكثير من الفضائل والخصال الجميلة التي أكرمنا بها الله سبحانه وتعالى، والدّليل على ذلك ما جاء في كتاب الله وسنّة نبيّه الشّريف، ومن تلك الأدلة فيما يلي:

من القرآن الكريم

• قال جلّ وعلا: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}[5]
• قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}[6]

من السنة الشريفة

• قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: “إنَّ اللهَ تعالى افترضَ صومَ رمضانَ، وسننت لكمْ قيامَهُ، فمنْ صامَه وقامَه إيمانًا واحتسابًا ويقينًا كانَ كفارةٌ لِمَا مَضَى”.[7]
• عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: “أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا، فَإِذَا أرَادَ أنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ”[8]

ما الحكم من تأخير صلاة التراويح

باعتبار أنّ وقت صلاة التّراويح عُقب صلاة العشاء وحتّى قبيل صلاة الصّبح، فقد أجمع العلماء على أنّه لا مانع من تأخير صلاة التراويح إلى وقت متأخّر من اللّيل، ولكن خوفًا من تقاعس المسلم عن تأديتها إذا تركها إلى وقت متأخّر من اللّيل، ففي أوّل اللّيل يكون العبد متنشّطًا وقادرًا على قيامها، ولكن إن كان قادرًا على القيام بها وأدائها في وقت متأخّر من اللّيل فهو أفضل له والله أعلم بذلك.[9]

شاهد أيضًا: هل يجوز تكملة ختم القرآن في التراويح

ما الحكم من تقديم صلاة التراويح على صلاة العشاء

عرفنا سابقًا بأنّ وقت صلاة التّراويح يدخل بعد أداء صلاة العشاء، لذا لا يُمكن تقديم صلاة التّراويح على صلاة العشاء، وإذا تأخّر المسلم على تأديّة صلاة العشاء فالأفضل له الدّخول في صلاة التّراويح بنيّة العشاء ومن ثمّ يتابع صلاة العشاء، وإلّا فإن صلاة التّراويح قبل فريضة الحج تعتبر نافلةً وليست صلاة تراويح.[10]

فضل صلاة التراويح مع الامام

يجب على المسلم أن يتمّ صلاته المفروضة مع صلاة التّراويح حتّى آخر ركعة وتر لكي تُحسب له قيام ليلة، وذلك وفقًا للحديث النّبوي الشّريف عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: “صُمنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم فلم يقُم معنا شيئًا من الشَّهرِ حتَّى بقيَ سبعٌ فقام بنا حتَّى ذهب ثلثُ اللَّيلِ فلمَّا كانت السَّادسةُ لم يقم بنا فلمَّا كانت الخامسةُ قام بنا حتَّى ذهب شَطرُ اللَّيلِ فقلتُ يا رسولَ اللهِ لو نفَّلتنا قيامَ هذه اللَّيلةِ فقال إنَّ الرّجلَ إذا صلَّى مع الإمامِ حتَّى ينصرفَ حُسِبَ له قيامُ ليلةٍ”.[11]

كم عدد ركعات صلاة التراويح

ليس هناك حديث نبوي شريف جاء عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوضّح لنا عددها بشكل محدد، إلّا أنّ ما جاء عن أم المؤمنين السّيدة عائشة رضي الله عنها أنّها قالت بأنّه كان يصلّيها إحدى عشر ركعةً، حيثُ قالت: “ما كان رسول الله يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً “[12]، ولكن يمكن أن يصلي عشرون ركعة كما جاء في المذهب الشّافعي، وهي الصّلاة التي تؤدّى في مسجد الحرمين الشّريفين إضافةً إلى ثلاث ركعات الوتر.[13]

شاهد أيضًا: هل يجوز قيام الليل بعد صلاة الوتر في التراويح

أيهما أفضل صلاة التراويح في البيت أو المسجد

إنّ صلاة الجماعة في المسجد للرّجال هي أفضل وأكثر أجرًا من تأديتها في البيت دون وجود عذر شرعي، هذا ما اتفق عليه الأئمّة وعلماء الدّين، فقد جاء عن السّيدة عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ ذاتَ لَيْلَةٍ مِن جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى في المَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجالٌ بصَلاتِهِ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فاجْتَمع أكْثَرُ منهمْ، فَصَلَّوْا معهُ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَصَلَّوْا بصَلاتِهِ، فَلَمَّا كانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عن أهْلِهِ حتَّى خَرَجَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أقْبَلَ علَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكانُكُمْ، لَكِنِّي خَشِيتُ أنْ تُفْرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْها”[14].

إلى هنا نكون قد وصلنا معكم إلى ختم مقالنا الّذي تحدّثنا فيه عن هل يجوز صلاة العشاء مع التراويح، ومن ثمّ تنقّلنا عبر تلك السّطور في الحديث عن كيفية تأدية صلاة العشاء مع التراويح، وما الحكم من تأخيرها، إضافةً إلى ذكر المكان الأفضل لتأديتها بالنّسبة للرّجال المسلمين.