هل يجوز قراءة القران للجنب

هل يجوز قراءة القران للجنب هو الموضوع الذي سيتمّ بيانه في هذا المقال، حيث إنّ القرآن الكريم هو كلام الله -سبحانه وتعالى- المنزل على رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- والذي كان نزوله لهداية النّاس أجمعين، ولإخراجهم من الضلال إلى طريق الهدى ومن الظلّمات إلى النّور، فكان مصدر التشريع الأول للإسلام والمسلمين، وكان لزامًا على كلّ مسلم أو مسلمة أن يقرأوا القرآن ويتدبّروا فيه ويتلونه، فتلاوته عبادة وفي العمل به سعادة، وفي هذا المقال يهتمّ موقع المرجع ببيان هل يجوز للجنب أن يقرأ القرآن وحكم قراءة القرآن للجنب.

فضل قراءة القرآن وتلاوته

قبل الخوض في مسألة هل يجوز قراءة القران للجنب فإنّه من المهم بيان فضل قراءة القرآن وتلاوته، وهي الأمر الذي أمر به الله سبحانه عباده، وحثّ عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- المؤمنين، وقد ورد الأمر بذلك في الكثير من المواضع في الكتاب والسنة، ومنها قوله تعالى: {ورتّل القرآن ترتيلاً}.[1] وقد كثرت نصوص السّنة في بيان فضل القرآن وأجره، ومن ثمار تلاوة القرآن التي بيّنتها السّنة النبوية ما يأتي:[2]

• إنّ في تلاوة القرآن تورث المسلم درجاتٌ عالية في الجنة.
• ينال المسلم الذي يتلو القرآن شفاعة القرآن يوم القيامة.
• من يتلو القرآن من المسلمين يجعله الله من القانتين.
• بتلاوة القرآن يأمن المسلم على نفسه من الغفلة.
• من يتلو القرآن لا يُردّ إلى أرذل العمر فتُحفظ دنياه.
• إنّ التالين لكتاب الله هم أهل الله وخاصّته.
• بتلاوة القرآن ينال المسلم بكلّ حرفٍ يتلوه عشر حسنات فالحسنة بكاّ حرفٍ بعشرة أمثالها.
• بتلاوة القرآن تتنزّل على العباد السكينة وتتغشّاهم الرّحمة وتحفّهم الملائكة، ويذكرهم الله فيمن عنده.
• تلاوة القرآن خيرٌ من الدّنيا وما فيها.
• تلاوته بركةُ في الدّنيا وأجرٌ ورفعةٌ في الآخرة.
• يحسد من يتلو القرآن على هذه النّعمة فهي سببٌ لرفعته في الدّنيا والآخرة.

شاهد أيضًا: هل يجوز قراءة القران وانا منسدح

هل يجوز قراءة القران للجنب

إنّ الحكم المعتمد الذي ورد من أهل العلم في مسألة هل يجوز قراءة القران للجنب أنه لا يجوز للجنب قراءة القرآن ويحرم عليه ذلك، وعليه فإنّ المذاهب الفقهية الأربعة اتّفقت على تحريم قراءة الجنب للقرآن الكريم، وقد ذهب بعض أهل العلم من السّلف أنّه يجوز للجنب قراءة القرآن، وقد اختاره الطبري وابن المنذر والشوكاني، وقد ذهب عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- إلى جواز قراءة الآية والآيتين والورد منه، وقد رخّص أهل العلم في قراءة ما دون الآية منه، فهو لا يعدّ قارئًا بها، من أدلة منع تلاوة القرآن ما ورد عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّه قال: “هكذا رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ توضَّأ ثم قرأ شيئًا من القرآنِ ثم قال: هذا لمن ليس بجنبٍ فأما الجنبُ فلا ولا آيةً”.[3] وقد ورد عن الترمذي بمنع قراءة القرآن للجنب وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمّا ما دون الآية فلا يعدّ قارئًا، أمّا الشّيخ ابن عثيمين فقال: إنّ المراد بقراءة القرآن هو قراءة آية وصاعدًا، سواءً كان ذلك من المصحف أم عن ظهر قلب، لكن إن كانت الآية طويلة فإنّ بعضها كالآية الكاملة، كآية المداينة في سورة البقرة فلا يجوز له قراءتها والله أعلم، أمّا أهل العلم الذين قالوا يباح للجنب ذلك استدلّوا بأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ قوله وهو جنب.[4]

شاهد أيضًا: هل يجوز قراءة سورة البقرة متقطعة في اليوم

حكم تلاوة القرآن بدون طهارة

بعد بيان هل يجوز قراءة القران للجنب فإنّه سيتمّ توضيح حكم تلاوة القرآن بدون طهارة، حيث إنّ أهل العلم قالوا بإجماعهم أنّه يجوز للمسلم الذي أحدث حدثًا أصغر أن يقرأ القرآن من غير وضوء لكنّ الأفضل والأحسن له أن يتوضأ له، أمّا أن يمسّ المحدث المصحف فذهب أئمّة المذاهب الأربعة إلى تحريم لمس المسلم للمصحف بغير طهارة، إلا الحاكم وبعض أهل العلم إلى أنّه جواز ذلك، لكنّ الراجح أنّه لا يجوز له، فالخلاصة أنّه لا يجوز لغير المتوضّئ أن يمسّ المصحف ويجوز له القراءة منه دون أن يمسّه أو أن يقرأه عن ظهر قلب ويستثني أهل العلم من هذا الحكم الصبيان لضرورة تعلّمهم القرآن وصعوبة محافظتهم على طهارتهم، وكذلك في نقل المتاع وفي جملته المصحف فلو كان القصد هو النقل جاز لمس المصحف بغير وضوء وعفي عمّا فيه من القرآن والله ورسوله أعلم.[5]

شاهد أيضًا: حكم قراءة القرآن بدون وضوء من الجوال

هل يجوز تلاوة القرآن على جنابة من الهاتف

عندما يبحث المسلمون عن أحكام قراءة القرآن وبحثهم عن هل يجوز قراءة القران للجنب، فإنّ ممّا قد يبحثون عنه هو حكم قراءة القرآن للجنب من الهاتف من دون المصحف، والصّحيح والوارد عند أهل العلم بإجماعهم أنّه لا يجوز للجنب قراءة القرآن على الإطلاق لا من المصحف ولا من الهاتف ولا من غيره ولا حتّى عن ظهر قلب، وقد أباح بعضهم إمكانية قراءة ما دون الآية للتعوذ ونحوه، كما أنّ الإنسان إن كان بغير جنابة وكان محدثًا حدثًّا أصغر أي من غير وضوء فله أن يقرأ ما شاء من القرآن من الهاتف أو غيره أو من ظهر قلب، وحتّى من المصحف لكن من غير أن يمسّه فلا يجوز له أن يمس المصحف.[6]

حكم قراءة القرآن للحائض

إنّ الباحث من المسلمين عن أحكام قراءة القرآن بمعرفته هل يجوز قراءة القران للجنب، فإنّه سيبحث عن حكم قراءة القرآن للحائض، وهي مسألةٌ اختلف فيها أهل العلم في قولين اثنين، وهما:[7]

• أصحاب القول الأول: إنّ الحائض لا يجوز لها أن تقرأ القرآن حتّى تطهر، ولا يستثنى لها ذلك ما كان على سبيل الذّكر والدّعاء، ولم يقصد به التّلاوة، وهذا هو قول جمهور الفقهاء، واستدّلوا بذلك على عدّة أمور، منها أنّه في حكم الجنب فكلاهما عليه غسل، وكذلك ما روى الصّحابي الجليل عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- في الحديث الضعيف والذي نهي به عن قراءة الحائض والجنب شيئًا من القرآن.
• أصحاب القول الثاني: قالوا أنّه يجوز للمرأة الحائض أن تقرأ القرآن، وهو مذهب مالك ورواية عن ابن حنبل وأخذ به ابن تيمية والشّوكاني، فالأصل عندهم الإباحة والجواز في الأمور حتّى يثبت العكس بدليل، ولا دليل واضح يمنع الحائض من تلاوة القرآن، وأنّه لا يقاس عندهم الحيض بالجنابة، فالجنابة تزال بالاختيار أما الحيض فليس باختيار المرأة، ولا يجوز للمرأة الحائض مسّ المصحف حتّى تطهر، ولها أن تمسكه بحائلٍ يمنعها من مسّه.

كفارة قراءة القرآن على جنابة

إنّ قراءة القرآن وتلاوته من الأمور الواجبة على المسلم، لكنّه لو كان على جنابة وكان على بيّنةٍ من هل يجوز قراءة القران للجنب وقرأ القرآن أو مسّه، فإنّ الواجب عليه أن يتوب إلى الله -سبحانه وتعالى- وأن يستغفره ويندم على هذا الذّنب ويعزم على عدم الرجوع لمثله، فالتّوبة الصادقة تمحي هذا الذّنب وهي كفّارته ولا يلزم المسلم شيئًا غير التّوبة، فأن يقرأ المسلم القرآن وهو جنب أو أن بمسّه فذلك غير جائز وهو ذنبٌ يتوجّب عليه التّوبة منه والله ورسوله أعلم.[8]

شاهد أيضًا: أهمية حفظ القرآن الكريم

آداب وشروط تلاوة القرآن

قبل ختام مقال هل يجوز قراءة القرآن للجنب من المهمّ المرور على آداب وشروط تلاوة القرآن الكريم، فتلاوته من أعظم الطاعات والقربات، ولا بدّ للمسلم أن يراعي الآداب والشروط عند تلاوته للقرآن ومنها:[9]

• على القارئ الإخلاص في تلاوته للقرآن الكريم لله وحده.
• أن يستحضر القارئ الخشوع وحضور القلب أثناء تلاوة القرآن.
• أن يقرأ القرآن كأنّه يرى الله، فإن لم يكن يراه فالله يراه.
• أن يستاك المسلم قبل تلاوته.
• من المستحبّ للمسلم أن يكون على طهارةٍ كاملة عند تلاوته للقرآن الكريم.
• يتحبّ له أن يتلو كتاب الله في مكانٍ نظيفٍ طاهر.
• ويستحبّ لقارئ القرآن أن يتّجه للقبلة عند تلاوته للقرآن الكريم إن تلاه في غير وقت الصلاة.
• الاستعاذة من الشّيطان الرّجيم قبل القراءة، وكذلك الحرص على البدء بالبسملة.
• التّرتيل في قراءة القرآن لأنّ ذلك أقرب للتوقير والاحترام.
• من المستحبّ إن مرّ بآياتٍ للعذاب أن يستعذ بالله من العذاب والشرور.
• احترام القرآن وتوقيره وتعظيمه ويجب ترك الحديث أثناء قراءة القرآن واستماعه واجتناب الضحك والمزاح، ولا بدّ أن يبتعد أثناء ذلك عن كل ما يغضب الله.
• أن يقرأ المسلم من المصحف من الأمور المستحبّة فالنّظر لقرآن عبادة مطلوبة.

إلى هنا نصل لنهاية مقال هل يجوز قراءة القران للجنب، والذي بيّن فضل تلاوة القرآن والتّعبد بقراءته، وبيّن حكم تلاوة القرآن بدون طهارة، وحكم تلاوته للجنب من الهاتف، وحكم قراءة القرآن للحائض، وبيّن كفارة قراءة القرآن على جنابة، وختم ببيان آداب تلاوة القرآن.