هل يجوز النوم بعد طواف الوداع

هل يجوز النوم بعد طواف الوداع هو ما سيتناوله موضوع هذا المقال، فلا بدّ للمسلمين أن يفقهوا أحكام الحجّ والعمرة التي جعل الله -سبحانه وتعالى- لها من الفضل العظيم والمكانة الكبيرة في شريعة الدين الإسلامي، وإنّ لكلٍّ منها أعمال مخصوصة في أوقات مخصوصة وكيفية معيّنة، ولها ما لها من الأحكام الشرعية، لذا يهتم موقع المرجع عبر هذا المقال ببيان حكم النوم بعد أحد أركان الحج والعمرة ألا وهو طواف الوداع كما بيّنه أهل العلم والفقهاء في ضوء الكتاب الكريم والسنة النبوية الشريفة.

طواف الوداع مشروعيته ومفهومه

قبل كلّ شيء، وقبل الخوض في بيان هل يجوز النوم بعد طواف الوداع لا بدّ من التعريف بهذا الطواف وبيان حكمه ومشروعيته، وهو الطواف الواجب عن الانتهاء من نسك الحج والعمرة، ويكون وقته قبل الخروج من مكة المكرمة، وذلك عند غالبية أهل العلم، وهذا الطواف هو واجبٌ على الحاج وليس بواجب على المعتمر، وقد استدلّ أهل العلم على وجوبه في فريضة الحج على ما ورد في الصحيح من الحديث: “عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ: كانَ النَّاسُ ينصرِفونَ في كلِّ وجهٍ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: لا ينفِرنَّ أحدٌ حتَّى يَكونَ آخرُ عَهْدِهِ الطَّوافَ بالبيتِ”،[1] وأما عن سنيته في العمرة أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لم يشهد أنه قد طاف الوداع بعد عمرته، والله ورسوله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز البقاء في مكة بعد طواف الوداع

هل يجوز النوم بعد طواف الوداع

لا يجوز للمسلمين النوم بعد طواف الوداع بشكلٍ متعمد، وفعل ذلك يلزم الإعادة للطواف والله أعلم، وذلك لما ورد في الحديث الصحيح أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد أمر الناس أن يكون الطواف بالبيت هو آخر العهد لهم في مكة، فمن نام عامدًا بعد الوداع عليه إعادة الطواف، وأمّا من تعرقل سيره بسبب مشكلةٍ أو ظرفٍ طارئ فلا حرج عليه أن ينام بعد الوداع في مكة المكرمة والله ورسوله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: هل يوجد ركعتين بعد طواف الوداع

حكم من طاف الوداع ثم نام وخرج من مكة بعد النوم

كذلك قد يتساءل البعض عن حكم من طاف الوداع، ثم نام وخرج من مكة بعد النوم، وقد بيّن أهل العلم ذلك على أنّه لا يجوز للمسلمين النوم والخروج من مكة بعد النوم بعدما طافوا الوداع قبل النوم، وقد قال الإمام النووي -رحمه الله- في كتاب المجموع في بيان الحكم الشرعي لذلك: “إذا خرج بلا وداع وقلنا: يجب طواف الوداع عصى ولزمه العود للطواف ما لم يبلغ مسافة القصر من مكة، فإن بلغها لم يجب العود بعد ذلك، ومتى لم يعد لزمه الدم“.[4]

شاهد أيضًا: دعاء الطواف حول الكعبة ، أدعية العمرة كاملة مكتوبة

حكم من طاف طواف الوداع ثم مكث في مكة

إنّ ما ثبت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في طواف الوداع أن يكون آخر عهد المسلمين قبل خروجهم من مكة المكرمة، إلا أن يكون البقاء فيها أمرًا يسيرًا، وذلك ما وضحه الإمام ابن باز رحمه الله، في إحدى الفتاوى:[5]

فلا يجوز للحاج أن يخرج من مكة إلا بعد طواف الوداع، إذا أراد السفر إلى بلاده، أو إلى بلاد أخرى، وإذا ودع قبل الغروب ثم جلس بعد العشاء لحاجة أو لسماع الدرس أو ليصلي العشاء فلا حرج في ذلك، المدة اليسيرة يعفى عنها. قد طاف النبي ﷺ في حجة الوداع، طواف الوداع في آخر الليل، ثم صلى بالناس الفجر، ثم سافر بعد ذلك عليه الصلاة والسلام.

فالأمر اليسير يعفى عنه، فإذا كنت سافرت بعد العشاء فلا حرج في ذلك، أما إن كنت أقمت إقامة طويلة أصبحت، فينبغي لك أن تعيد طواف الوداع، فإن كنت لم تعد طواف الوداع فلا حرج عليك إن شاء الله؛ لأن المدة وإن كانت فيها بعض الطول، لكنها مغتفرة إن شاء الله من أجل الجهل بواجب المبادرة والمسارعة إلى الخروج بعد طواف الوداع، نعم.

شاهد أيضًا: صور طواف الحجاج حول الكعبة المشرفة

هل يجوز النوم بعد طواف الوداع للمعتمر

أمّا عن جواز النوم بعد طواف الوداع للمعتمر، فإنّ ذلك يجوز؛ لأنّ العمرة لم يثبت أن لها طواف وداع واجب في غالب قول أهل العلم والفقهاء، فلم يرد أمرٌ من الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- للمعتمرين بالقيام بطواف الوداع، وبناءً على ذلك فإنّه لا حرج على المسلم أن يلبث بمكة بعد طواف الوداع في العمرة، والله ورسوله أعلم.

شاهد أيضًا: دعاء طواف الوداع للحاج والمعتمر

هل يجوز النوم بعد طواف الوداع مقالٌ فيه تمّ تقديم جملة من الأحكام الشرعية عن النوم قبل وبعد طواف الوداع في الحجّ والعمرة، وكذلك عن المكوث في مكة المكرمة بعد الانتهاء من طواف الوداع في ضوء الشريعة الإسلامية.