هل الاضحية واجبة على المقتدر وحكمها لغير المقتدر

هل الاضحية واجبة على المقتدر وحكمها لغير المقتدر أحكامٌ مهمّة لجميع الأمّة الإسلاميّة مع اقتراب عيد الأضحى، واقتراب أيّام العشر من ذي الحجّة خير أيّام الدّهر، التي جعل الله -سبحانه وتعالى- الأعمال فيها أفضل من الجهاد، وهي أحبّ إلى الله من الأعمال في غيرها، ومن تلك الأعمال التي يُستحبّ أن يفعلها المسلم في يوم النّحر التّضحية، ولأهميّة هذه الطّاعة والعبادة سيقوم موقع المرجع ببيان بعض الأحكام المتعلّقة بها وإثبات مشروعيّتها وذكر سننها ووقتها المخصص.

مشروعية الاضحية

قبل معرفة جواب هل الاضحية واجبة على المقتدر وحكمها لغير المقتدر ينبغي التّعرّف على معنى الأضحية ومشروعيّتها، فالأضحية اسمٌ لما يُضحّى به أي يُذبح أيّام عيد الأضحى، وهي ما يُذبح من بهيمة الأنعام في يوم الأضحى إلى آخر أيام التشريق تقرّباً إلى الله، وقد شرّع الإسلام الأضحية لحكمةٍ بالغة والحكمة من مشروعيّتها ما سيتمّ ذكره فيما يأتي:[1]

• إحياء سنّة سيّدنا إبراهيم -عليه السّلام- عندما افتدى الله -سبحانه وتعالى- نبي الله  إسماعيل -عليه السلام- بذبحٍ عظيمٍ من السّماء، بعدما امتثل إبراهيم لأوامر الله بأن يذبح ابنه إسماعيل.
• استلهام الصّبر من الأضحية والامتثال لأوامر الله -سبحانه وتعالى- وذلك كما صبر نبيّا الله ابراهيم واسماعيل -عليهما السلام- وثباتهما ومحبّتهما لله، قال تعالى:{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}[2]
• الأضحية فيها التّوسيع على الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء والفقراء، وهي سبيلٌ للتّكافل بين المسلمين وزيادة أواصر المحبّة والألفة.
• يشكر المسلمون الله -سبحانه وتعالى- بالأضحية على نعمه الكثيرة التي لا تعدّ ولا تحصى، وهي وجهٌ من وجوه الإنفاق في سبيل الله، وصورةٌ من صور شكره وحمده سبحانه وتعالى.

شاهد أيضاً: هل يجوز الاشتراك في الاضحية باقل من السبع

هل الاضحية واجبة على المقتدر وحكمها لغير المقتدر

أمّا عن وجوب الاضحية على المقتدر وحكمها لغير المقتدر  فقد اختلف أهل العلم في ذلك فبعضهم قال أنّها واجبةٌ على المقتدر وسنّةٌ مؤكدة على المسلمين، وجمهور العلماء قالوا أنّها سنّة مؤكّدة على سائر المسلمين، فقد شرّع الله -عز وجل- الأضحية للمسلمين بقوله سبحانه: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}[3] وهي نعمةٌ من الله بأن جعل لعباده المسلمين ما يُشاركون به الحجّاج من الفضل فللحجّاج الهدي ولغيرهم جعل الأضحية، وبالأضحية اقتداءٌ بنبيّ الله ابراهيم -عليه السّلام- وإحياءٌ لسنّته.

وقد اختلف أهل العلم في حكم الأضحية في حكم الأضحية في كونها واجبة يأثم تاركها وفي كونها سنّةٌ مؤكدة يُكره تركها، والأصحّ  قولا أنّها سنّةٌ مؤكدة على سائر المسلمين، لكن اشترط لوجوبها أو سنّيّتها غنى المضحّي فأن يملك ثمنها ممّا هو فائض عن حاجته وحاجة عياله وأهله ممّن ينفق عليهم، فإن كان للمسلم هذا الفضل من المال شرعت الأضحية في حقّه، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: “مَن كان له سَعَةٌ ولم يُضَحِّ ، فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانا”[4] وقد احتجّ أهل العلم بهذا الحديث في شرط الغنى لمشروعيّة الأضحية، ولا فرق بين ذكرٍ أو أنثى في أحكامها، فهي كما تنطبق على الرّجال فإنّها تنطبق على النّساء.[5]

حكم من لم يضحي وهو قادر

بعد معرفة جواب هل الأضحية واجبة على المقتدر وحكمها لغير المقتدر فما حكم من لم يضحّي وهو قادر، فالفاصل في القول أنّ أهل العلم قالوا في حكم الأضحية قولان، بعضهم قال أنّها واجبةٌ على المسلم القادر ولديه سعةٌ في المال، وجمهور العلماء قالوا أنّ الأضحية سنّةٌ مؤكّدة على سائر المسلمين باشتراط القدرة عليها، والغالب في القول أنّها سنّة مؤكّدة فمن قام بها نال أجراً عظيماً وثواباً جزيلاً من الله، وأحيا سنّة النّبيين في الأرض، أمّا حكم من لم يضحّ وهو قادرٌ عليها، فهو لا يأثم بإذن الله، لكنّه فوّت على نفسه فضلاُ عظيماً لا يُعوّض وأجراً كبيراً من الله، ولا يجب عليه قضاء الأضحية فالسّنّة لا تُقضى بعد فوات وقتها، إلّا أن يكون قد نذر أن يضحّي عندها يكون عليه واجباً ولزاماً أن يوفي نذره ويضحّي، والله ورسوله.[6]

شاهد أيضاً: هل يجوز ذبح الاضحية في بلد اخر

سنن ذبح الاضحية

إنّ الاطّلاع على إجابة هل الاضحية واجبة على المقتدر وحكمها لغير المقتدر يدفع المسلم للبحث عن سنن ذبح الأضحية، وشروط الذبح وسسنها تتوزّع على الذّابح أو المضحّي، وأيضاً على الأضحية نفسها وعلى الذّبح نفسه، ومن سنن الأضحية وشروطها:[7]

• الإسلام والعقل للمضحّي فلا يضحي كافر ولا مجنون.
• أن يكون الذّبح خالصاً لله وحده لا يُشرك به أحداً.
• تحديد الشّفرة أو السّكين.
• إمرار السّكين والشّفرة بقوّة ذهاباً وعوداً ليكون أرحم بالأضحية.
• استقبال الذّابح للقبلة وتوجيه الذّبيحة نحوها، وهو مستحبٌّ جدّاً في الهدي والأضحية، لأنّها من القربات، فيوجّه الذبيحة إمّا بتوجيه مذبحها للقبلة، أو يوجّه جميع بدنهاأو يوجّه قوائمها.
• التّسمية عند الذبح وهو أمرٌ مستحب.
• من الأمور المستحبّة عند الذبح قطع اللبّة أسف العنق في الإبل، والذبح بقطع الحلق أعلى العنق في البقر والغنم.
• يستحبّ أن يُنحر البعير وهو قائم على ثلاث قوائم ومعقول الرّكبة، أو أن يكون باركاً، والبقرة والشاة تضّجع على جنبها الأيسر.
• يسنّ إذا قطع الذّابح الحلقوم والمريء، أن يمسك ولا يزيد في القطع ولا يبادر فوراً للسّلخ بل يترك كلّ شيء حتّى تفارق الرّوح.
• ومن السّنّة أن يقول عند الذّبح اللهم منك وإليك تقبّل منّي.
• أن لا يتمّ ذبح الأضحية أمام الأخريات.

شاهد أيضاً: حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي

وقت ذبح الأضحية

إنّ الأضحية سنّةٌ مستحبّة بشرط القدرة عليها لسائر المسلمين، هذه كانت إجابة سؤال هل الاضحية واجبة على المقتدر وحكمها لغير المقتدر، أمّا في الوقت المخصص لذبح الأضحية فالثّابت عن أهل العلم أنّه من وقت صلاة عيد الأضحى وينتهي بغروب الشّمس من اليوم الثّالث من أيّام التّشريق وهو اليوم الثّالث عشر من شهر ذي الحجة، فأيّام الذّبح أربعة أيّامٍ كاملة من ضمنها يكون يوم العيد، فمن ذبح قل صلاة العيد أو بعد غروب اليوم الثّالث من أيّام التّشريق فلم تُقبل ضحيّته وصارت ذبحاً للحم، إلا أن يكون عذراً أخّره عن ذبحها كأن تهرب الأضحية أو يوكّل أحدهم بالذّبح عنه فينسى أن يذبح له ولم يجد أضحيته التي فرّت إلا بعد فوات الأوان، فبالقياس أجاز أهل العلم أن يذبح بعد انتهاء الوقت تعذّراً، ولا فرق بالذّبح أن يكون في الليل أو النّهار، ولكنّ الأفضل أن يُذبح نهاراً وأفضل أيّام الذّبح هو يوم العيد والأفضل المساعرة والمبادرة بعد صلاة العيد أن يقوم بالذّبح كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلّم.[8]

في ختام هذا المقال الذي تمّت الإجابة والتّوضيح فيه عن حكمٍ هامٍّ من أحكام الأضحية، وبيان إجابة هل الاضحية واجبة على المقتدر وحكمها لغير المقتدر، وقد بيّن مشروعيّة الأضحية وسننها وآدابها، وذكر وقت الأضحية المخصّص للذّبح.