دعاء الاستخارة للزواج وكيفية صلاتها

دعاء الاستخارة للزواج وكيفية صلاتها ونتائجها هو ما سيتسعرضه المقال، حيث أنّ الاستخارة قبل الزّواج من الأمور المهمّة الّتي يجب أن يقوم بها المسلم أو المسلمة، لأنّ الزّواج هو خطوةٌ انتقاليّة ومسؤوليّةٌ كبيرةٌ في الحياة، ويساهم موقع المرجع في معرفة دعاء الاستخارة الصّحيح، وكذلك توضيح مفهوم الاستخارة والزّواج في الشّريعة الإسلاميّة، كما سيتحدّث عن بعض الأحكام المتعلّقة بالاستخارة.

مفهوم الزواج في الإسلام

قبل الخوض في في مفهوم الاستخارة، وذكر دعاء الاستخارة للزواج، لا بدّ من تعريف وتوضيح مفهوم الزواج في الإسلام، فالزّواج  أو النّكح كما أجمع الفقهاء، أنّه عقد يربط بين الرّجل والمرأة، ويجعل بينهما حقوقاً وواجبات، ويبيح لكلٍّ منهما الاستمتاع بالآخر بما هو مشرّعٌ ومباح، وإنّ الزّواج هو العلاقة الوحيدة المباحة في الإسلام لارتباط المرأة بالرّجل، وكلّ علاقةٍ خارج إطار الزّواج هي محرّمةٌ تحريماً قطعيّاً،  والقصد من الزّواج هو بناء أسرةٍ مسلمةٍ صالحة سليمة، لنفع المجتمع الإسلاميّ والدّولة الإسلاميّة، وإنّ حكم الزواج في الإسلام يكون بحسب من قصد الزّواج، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في موجّهاً حديثه للشّباب المسلم: ” يا معشرَ الشَّبابِ، منِ استطاعَ منْكمُ الباءةَ فليتزوَّجْ، فإنَّهُ أغضُّ للبصرِ، وأحصنُ للفَرجِ، ومن لم يستطِعْ، فعليْهِ بالصَّومِ، فإنَّهُ لَهُ وجاءٌ”.[1]

فحكم الزّواج العامّ أنّه سنّة، وهو واجبٌ لمن كان قادراً على تكاليف الزّواج من مهرٍ وغيره، ومن كان يخاف على نفسه ودينه أن يقع في المحظورات والمحرّمات، وفي بعض الحالات يكون مندوباً أو مكروهاً أو محرّماً، وذلك يعتمد على القدرة الماليّة والماديّة، وكذلك القدرة الجنسيّة، والله أعلم.[2]

مفهوم الاستخارة

إنّ الاستخارة في معناها الشّرعيّ هي طلب العون من الله تعالى، وطلب الخيرة والنّفع من الأمور الّتي يحتار فيها الإنسان، كما أنّها توكّلٌ وتفويضٌ وترك الاختيار لله -سبحانه وتعالى- فهو أعلم بمواطن الخير والنّفع لعباده، وإنّ الله تعالى قد وعد من توجّه إليه بالدّعاء بأنّه لن يردّه خائباً، ما لم يكن في دعائه إثمٌ وقطيعة رحم، قال الله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.[3] فعندما يستخير المسلم ربّه في أرٍ ما، فإنّه يفوّض أمره إليه ليختار له الأنفع والأفضل، والّذي يكون له أحسن لدينه ومعاشه ودنياه، فالله تعالى هو عالم الغيب، وهو أدرى وأعلم بدقائق الأمور وتفاصيلها وماضيها وحاضرها ومصيرها، وبيده الخير وبيده الضّرّ، كما أنّه الخبير والعارف بعواقب الأمور وخواتيمها، وكذلك محاسنها ومساوئها، وإنّ الله تعالى لا يضرّ عباده ولا يظلمهم، فهو أرحم الرّاحمين.[4]

شاهد أيضًا: دعاء الاستخارة بدون صلاة

دعاء الاستخارة للزواج وكيفية صلاتها

إن جوهر الاستخارة هو دعاء المؤمن لربه واستشارة الخالق لبيان طريق الخير من الشر في الأمور الدنيويّة، حيث أنّ صلاة الاستخارة تتمحوّر حول الدّعاء بشكلٍ رئيس، فصّلاة الاستخارة دون الدّعاء  لا نفع منها سوى القيام بأركان الصّلاة، وإنّما تشريع هذه الصّلاة مع الدّعاء ليكون أفضل وأكثر أجراً للدّاعي، لأنّ الدّعاء بعد الصّلاة له فضلٌ كبير، لذلك سنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ركعتين قبل الدّعاء بدعاء صلاة الاستخارة، لكن ما هو دعاء الاستخارة للزواج؟ وكيف تُصلّى صلاة الاستخارة؟ فصلاة الاستخارة هي ركعتان اثنتان، سنّهما رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لمن يقدم على أمرٍ ما، ليطلب من الله تعالى أن يدلّه على ما هو أنفع له وأفضل لدنياه وآخرته، والصّلاة تكون كأيّ صلاةٍ، فقد كان رسول الله يصلّي ركعتين من غير فريضةٍ أو سنّة راتبة، ثمّ يدعو الله تعالى بعد انتهائه من الصّلاة بدعاء الاستخارة، والدّعاء هو:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:  “إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فلْيركعْ ركعتيْن من غير الفريضةِ ثم ليقل: اللهمَّ أني أستخيرُك بعلمِك، وأستقدرُك بقدرتِك، وأسألُك من فضلِك العظيمِ، فإنك تقدرُ ولا أقدرُ، وتعلمُ ولا أعلمُ، وأنت علاَّمُ الغيوبِ, اللهمَّ إن كنتَ تعلمُ أن هذا الأمرَ خيرٌ لي في ديني ومعيشتِي وعاقبةِ أمرِي – أو قال في عاجلِ أمرِي –وآجلِه فيسِّرْه لي، ثم باركْ لي فيه . وإن كنت تعلمُ أن هذا الأمرَ شرٌّ لي في ديني ، ومعيشتِي ، وعاقبةِ أمرِي – أو قال في عاجلِ أمرِي – وآجلِه فاصرفْه عني، واصرفْني عنه، واقدُرْ لي الخيرَ حيث كان، ثم أرضِنِي به”.[5]

وعند الاستخارة للزواج، يكون دعاء الاستخارة للزواج كالآتي: يقول المسلم أو المسلمة في الدّعاء، “اللهمّ إنّي أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، فإنّك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علّام الغيوب، اللهمّ إن كنت تعلم أن في الزّواج من فلان أو فلانة، خيرٌ لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري، فيسره لي، ثمّ بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أنّ في الزّواج من فلان أو فلانة، شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عنّي، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثمّ أرضني به” ويجب على المسلم أو المسلمة الإخلاص بالدّعاء، وسؤال الله تعالى وحده دون شريكٍ له والعياذ بالله، والالتزام بآداب الصّلاة وآداب الدّعاء، ثمّ عليه بالصّبر حتّى يُبدي له الله تعالى نتائج استخارته مع الوقت، والله أعلم.[6]

شاهد أيضًا: دعاء تيسير الزواج

حكم دعاء الاستخارة للزواج

بعد ذكر دعاء الاستخارة للزواج والحديث مطوّلاً عنه، وجب ذكر حكم الاستخارة للزواج، فقد اختلف أهل العلم في الأمور الّتي يجب أن يستخير بها العبد ربّه، من الأمور الّتي لا توجب الاستخارة، حيث قال بعض العلماء بأنّ الاستخارة جائزةٌ لكلّ أمرٍ حتّى لو كان أمراً يدري صاحبه موطن الخير والنّفع فيه، وفي المقابل قال آخرون بأنّ الاستخارة تجوز للمسلم عندما يقدم على أمرٍ قد احتار فيه وجها طريق الخير ووجه النّفع منه، لذلك يجب عليه الاستخارة، فالخير فيما يختاره الله -تبارك وتعالى- وهو أعلم بالأقدار ومصير هذه الأمور، وإنّ الزّواج من النّقلات والخطوات الكبيرة، والّتي تحمل أهميّةً عظيمة، فهي تشكّل نقطة تحوّلٍ في حياة الإنسان، ولا يدري الإنسان في إقدامه عليه إن كان فيه خيرٌ له أو ضرّ، لذلك لا بدّ من أخذ المشورة ممّن هو أعلم بالأمر، وأعلم العالمين هو الله سبحانه وتعالى، واستخارته في هذا الزواج، أمرٌ بالغ الأهميّة، لذلك فالاستخارة في أمر الزّواج جائزةٌ ومرغوبةٌ ومستحبّة، والله ورسوله أعلم.[7]

شاهد أيضًا: صلاة الاستخارة كيف نصلى وكيف تعرف نتائجها

أهمية صلاة الاستخارة

قد ذكرنا فيما سبق دعاء الاستخارة للزواج، وشرحنا كيفيّة صلاة الاستخارة، مع ذكر الحديث الصّحيح الّذي ذُكر فيه دعاء الاستخارة كما رواه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وفيما يأتي سيتمّ توضيح أهميّة الاستخارة في حياة المسلم، فاستخارة الله تعالى فيما احتار به الإنسان وصعب عليه الاختيار، فيها ثلاثة وجوهٍ من النّفع والفائدة وهي:[8]

• فيها تفويض الأمر لله تعالى، والتّوكّل عليه، وبيان بأنّ الله تعالى هو وحده العالم بكلّ شيءٍ، وأنّ الإنسان عبدٌ فقيرٌ وهو بحاجة الله تعالى في كلّ خطوةٍ يخطوها، وكلّ نفسٍ يأخذه.
• فيها تحقّق الخير من الأمر والحصول على ما نفع من الأمر، واجتناب كلّ سوءٍ وضر، والرّزق بالتّوفيق من الله تعالى، فالله تعالى لا يمنع الخير عن عباده إن استخاروه وطلبوه منه جل ّجلاله.
• فيها حصول الرّضا في القلب والعقل، بما اختاره الله تعالى، لأن استخارة الله تعالى لا تورث النّدم والحيرة والتّحسّر، بل تورث صاحبها التّوفيق والرّضا بنصيبه مهما كان، وهذه هي أعظم الفوائد والله أعلم.

أفضل الأوقات لدعاء الاستخارة

تحدّثنا سابقاً عن دعاء الاستخارة للزواج، وتحدّثنا أيضاً عن أهمية صلاة الاستخارة في حياة المسلم، وقد يتساءل البعض عن أفضل وأنسب وقتٍ لصلاة الاستخارة، حيث أفاد العلماء المسلمون، بأنّه لا وقت معيّنٌ لصلاة الاستخارة، ولكنّ بما أنّ هذه الصّلاة الاعتماد فيها بشكلٍ كلّيٍّ على الدّعاء، فأفضل الأوقات لصلاتها هو الثّلث الأخير من اللّيل، فهذا أفضل أوقات الدّعاء، حيث ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: ” يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له”.[9] أي أن هذا الوقت هو وقت استجابةٍ لمن يريد الدّعاء وطلب الخيرة من الله تعالى، كذلك قد أفاد أهل العلم بعدم جواز أداء صلاة الاستخارة في أوقات النّهي، والله أعلم.[10]

كيفية معرفة نتائج صلاة الاستخارة

ليس هناك علاماتٌ واضحةٌ أو معيّنةٌ لمعرفة تحقّق الغرض من صلاة الاستخارة من عدمه، فيمكن أن يكون لظهور نتائج الاستخارة ثلاثة أنماطٍ مختلفة وهذه الأنماط هي:[11]

• تيسيرٌ من الله تعالى لهذا الأمر إلى حدٍّ كبير، حيث تمشي الأمور بسلاسةٍ دون تعقيد، أن يكون فيها عسراً ومشقّةً وصعوبة.
• انشراح الصّدر وراحة القلب واطمئنانه تجاه الأمر، أو ضيق القلب ونفوره من هذا الأمر واجتنابه قدر الإمكان.
• يمكن للمسلم أن يرى رؤيا صالحةً تسعده فيكون ذلك نتاجاً للاستخارة، وكذلك يمكن أن يرى حلماً يعكّر صفوه، أو يجعله يشعر بالخوف أو الانقباض والحزن والله أعلم.

حكم تكرار الاستخارة للزواج

ورد فيما سبق من الحديث ذكر دعاء الاستخارة للزواج، وكيف تُصلى صلاة الاستخارة، وقد شرّع الإسلام للمسلم أو المسلمة بتكرار وإعادة الاستخارة لمرّاتٍ عديدة، حتّى يكون القلب مطمئناً، ويحصل على الإجابة الّتي تريحه وتكون أفضل له في دينه ودنياه، وحتّى يتأكد من النّتيجة إن وقع الشّكّ في قلبه، نظراً لوجود بعض المؤثّرات الّتي يمكن أن تخلط عليه الأمر فتشوّش عقله، فيعيد الاستخارة لثلاث أو أربع مرّات، والله أعلم.[12]

وفي نهاية مقال دعاء الاستخارة للزواج وكيفية صلاتها وجب التّذكير بأنّ الخير فيما اختاره الله تعالى، وعلى المسلم أن يُظهر حاجته لله تعالى في كلّ وقتٍ وكل ّحين، وأن يكون دائم الدّعاء لله تعالى، فيكون على صلةٍ دائمةٍ به تبارك اسمه، وقد قدّمنا في هذا المقال دعاء الاستخارة للزواج، وبعض الأحكام المتعلّقة بصلاة الاستخارة والدّعاء الصّحيحة فيها.