حكم هجر الزوج لزوجته

حكم هجر الزوج لزوجته، من الأحكام الشرعية التي يلجأ الإنسان إلى معرفتها بعد العقد الشرعي، فالحياة الزوجية تبدأ بين الزوجين مبنية على الود والحب والرحمة، فهذا مما أمر به الله سبحانه وتعالى وحث على فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تعامله مع زوجاته، إلا أنه في بعض الأحيان قد تصل بين بعض الأزواج خلافات فيما بينهم جراء اختلاف الآراء أو سوء التفاهم فينتج عن ذلك الخلاف أن يهجر الزوج زوجته، وهذا مما سيتم التعرف عليه في موقع المرجع حكم هجر الزوج لزوجته وما حكم الهجر عند الشيعة وابن عثيمين، وما حكم هجر الزوج لزوجته في الفراش من غير سبب، وما حكم هجر الزوجة لفراش زوجها، وما إلى ذلك في هذا المقال.

حكم هجر الزوج لزوجته

لا يجوز للزوج أن يهجر زوجته في الشرع الإسلامي، حيث إن الهجر إما أن يكون بالكلام أو بالمضاجع أو في الجماع، فهذه الثلاثة أمور مما لم يجز الشارع الحكيم هجرهم، إلا لأسباب معينة وضعها الله سبحانه وتعالى وبينّها في كتابه العزيز وفي سنة نبيه الكريم، وغير ذلك لا يجوز شرعًا؛ لأن المرأة والزوجة بطبيعتها لا تحتمل الهجر أو قطع الكلام معها لأي سبب كان، لأن ذلك من شأنه أن يؤثر عليها وعلى نفسيتها، فالحوار والكلام والجدال معها مما يجعل حل أي خلاف أهون عليها وعلى نفسها، أم الهجر فلا يجوز ولا ينتج عنه إلا زيادة في البُعد وإنهاء العلاقة والرابطة الزوجية.[1]

حكم هجر الزوج لزوجته عند الشيعة

ذكر الإمام خضر المدني أنه لا يجوز أن يهجر الزوج زوجته في المذهب الشيعي؛ فلا يحق له أن يترك زوجته معلقة بين الهجر أو عدم الطلاق، فحق الزوج على الزوجة أن يعاشرها بالمعروف ويحسن إليها، وإن أصر الزوج على الهجر فقد ذكر الإمام الشيعي أنه يحق للزوجة أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي حتى يحكم لها بين أن يطلقها أو يعود إليها من غير هجر، وقد بيّنوا في مذهبهم أن الهجر لا يجوز أن يتعدى الأربعة أشهر فهذا مما لا يجوز شرعًا.

شاهد أيضًا: كيف التعامل مع الزوج الذي يشتم زوجته

حكم هجر الزوج لزوجته ابن عثيمين

لقد ذكر الإمام ابن عثيمين أن هجر الزوج لزوجته محرم في الشرع الإسلامي؛ لا سيما وأن الزوجة تقوم بواجباتها على أتم وجه، وهذا بدليل قوله الله تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً}،[2] حيث جاء قوله عليًا كبيرًا مناسبًا إن كان هجر الزوج لزوجته من باب العلو والاستكبار، فالله سبحانه وتعالى أعلى وأكبر منه، فواجب على الزوج أن يتوب إلى الله -عز وجل- إن هجر زوجته وألحق بها هذا الأذى، وقد بيّن ابن عثيمين أنه يحق للزوج هجر زوجته في المضجع إن كانت لا تطيعه وتعصيه في أوامره، وأما الهجر في الكلام فلا يجوز له أن يهجرها فوق ثلاثة أيام؛ بدليل قول النبي -صلى الله عليه وعلى وسلم- حيث قال: “لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ السلام”.[3] [4]

حكم هجر الزوج لزوجته شهرين

أجمع أهل العلم على أنه لا يجوز أن يهجر الزوج زوجته شهرين إلا أن تكون ناشزًا، بدليل قوله تعالى: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}،[2] فالهجر في هذه الحالة كان لسبب شرعي، وأما غير ذلك فلا يحق للزوج أن يهجرها كل هذه المدة؛ وعلى الزوج أن يحافظ على زوجته ويحتويها ويبتعد عن هكذا أمور؛ لأنها ليست طريقة لحل أي خلاف، فقد ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف: “اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ”،[5] فالزوجة تحتاج إلى كلام هيّن ليّن حتى تعود وينصلح حالها، فالزوج بعدم الهجر يعف زوجته ويحفظها،وقد بيّن ابن تيمية ذلك حينما سئل:[6]

عن الرجل إذا صبر على زوجته الشهر والشهرين لا يطؤها فهل عليه إثم أم لا وهل يطالب الزوج بذلك؟
فأجاب: ” يجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف ، وهو من أوكد حقها عليه ، أعظم من إطعامها ، والوطء الواجب ، قيل : إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة ، وقيل : بقدَر حاجتها وقُدْرته ، كما يطعمها بقدَر حاجتها وقُدْرته ، وهذا أصح القولين، وذكرت اللجنة الدائمة: إن هجر الزوج زوجته في الفراش أكثر من أربعة أشهر ، إضراراً بها من غير تقصير منها في حقوق زوجها : فإنه كمُولٍ ، وإن لم يحلف بذلك ، تُضرب له مدة الإيلاء ، فإذا مضت أربعة أشهر ولم يرجع إلى زوجته ويطأها في القبل مع القدرة على الجماع ، إن لم تكن في حيض أو نفاس : فإنه يؤمر بالطلاق، فإن أبى الرجوع لزوجته ، وأبى الطلاق : طلَّق عليه القاضي ، أو فسخها منه إذا طلبت الزوجة ذلك.

حكم هجر الزوج لزوجته في الفراش بدون سبب

لقد بيّن العلماء أنه هجر  الزوج للزوجة من غير سبب لا يجوز شرعًا، حيث نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن هكذا أمور من تقاطع والتدابر والتباغض؛ حيث قال في الحديث الشريف: “لا تقاطعوا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم الله”، وقال أيضًا: “لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام”، ولهذا جاء تحريم هجر الزوج لزوجته في الفراش لأنه قد يصل إلى ضرر الزوجة والأذى بها، حيث أورد ابن تيمية أن حاجة الزوجة للزوج أعظم من إطعامها، فلهذا حرّم الهجر في الفراش بدون سبب لما سيلحق الضرر بالزوجين.[7]

شاهد أيضًا: حكم جرح الزوج لزوجته بالكلام

حكم هجر الزوجة فراش زوجها

حرّم الله سبحانه وتعالى هجر الزوجة لفراش زوجها بدون عذر يبيح لها ذلك، ولا سيما وأنها تنال في ذلك غضب اله تعالى، حيث ورد عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ”،[8] لكن إذا كان الزوج ظالمًا لزوجته وهجرته فهذا لا يدخل في التحريم واللعن الوارد في الحديث، كان زوجها ظالماً لها، حيث ذكر ابن عثيمين في شرح الحديث:[9]

والحاصل أن هذه الألفاظ التي وردت في هذا الحديث هي مطلقة، لكنها مقيدة بكونه قائما بحقها، أما إذا لم يقم بحقها فلها أن تقتص منه وأن تمنعه من حقه مثل ما منعها من حقها، لقوله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم. وقوله: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به.

وعليه فإن الزوجة لا بد أن تحسن لزوجها وتعاشره بالمعروف وتسعى لإرضاء زوجها في كل وقت حتى تنال رضى الله سبحانه وتعالى، حيث ورد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِنِسَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ الْوَدُودُ، الْوَلُودُ، الْعَؤُودُ عَلَى زَوْجِهَا، الَّتِي إِذَا آذَتْ أَوْ أُوذِيَتْ، جَاءَتْ حَتَّى تَأْخُذَ بَيْدَ زَوْجِهَا ثُمَّ تَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَذُوقُ غُمْضًا حَتَّى تَرْضَى.[10]

حكم هجر الزوجة الناشز

أجاز العلماء هجر الزوجة انائز وذلك تأديبًا لها على نشوزها، والذي يكون بعدم طاعته وعصيانه وعدم إعطاءه حقه في الفراش، فيكون حينها الهجر في المضجع فلا يطؤها ويولها ظهره، ويهجر النوم معها في غرفة واحدة، لكن لا يهجرها في الكلام فوق ثلاثة أيام، فالهجر في المضجع والنوم في سرير واحد مما لا يأثم عليه الزوج إن كانت زوجته ناشزًا أراد تأدبيها، حيث ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ولا تهجر إلا في البيت. والمعنى: لا تتحول عنها أو لا تحولها إلى دار أخرى”.[11]

ومن هنا نصل إلى ختام مقال حكم هجر الزوج لزوجته، وبينا أنه لا يجوز ومما حرمه الشرع الإسلامي؛ إلا إن كانت الزوجة ناشزًا، وقد تعرفنا على حكم هجر الزوج لزوجته عند الشيعة وابن عثيمين، ومن ثم بينا حكم الهجر لمدة شهرين، وما حكم هجره لفراش زوجته بدون سبب والعكس، وتعرفنا في نهاية المقال على حكم هجر الزوجة الناشز.

المراجع

  1. fiqh.islamonline.net , الهجر في المضاجع , 14/11/2021
  2. سورة النساء , الآية 34
  3. صحيح ابن حبان , ابن حبان، أبو أيوب الأنصاري، 5670، صحيح
  4. binothaimeen.net , حكم هجر الزوج لزوجته , 14/11/2021
  5. صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 3331، صحيح
  6. islamqa.info , هجر الزوجة , 14/11/2021
  7. www.islamweb.net , الهجر بلا سبب , 14/11/2021
  8. صحيح مسلم , مسلم، أبو هريرة، 1436، صحيح
  9. www.islamweb.net , حكم هجر المرأة فراش زوجها , 14/11/2021
  10. المحلى , ابن حزم، عبدالله بن عباس،10/334، لا بأس به
  11. www.islamweb.net , كيفية الهجر , 14/11/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *