كيف التعامل مع الزوج الذي يشتم زوجته

كيف التعامل مع الزوج الذي يشتم زوجته، هذا السؤال يشغل الكثيرات من النساء المعنفات لفظيا والمقموعات في منازلهن ممن يعانين هذا الأمر، وسنعالج في موقع المرجع هذه المسألة عن طريق تحري الأسباب والنتائج المترتبة على هذا السلوك، وسنبدأ بالحديث عن العنف اللفظي ثم نحلل الأسباب المؤدية إلى الشتم ونطرح بعدها آثار الشتم السلبية والحلول المناسبة لهذه المشكلة بالإضافة إلى رأي الإسلام بالإساءة اللفظية للزوجة.

العنف اللفظي

مهما اختلفت أشكال الأذى وطرائق الإساءة إلا أنها جميعا تترك وقعا مؤلما في نفوس متلقيها، ويعتبر العنف اللفظي شكلا من أشكال الإساءة وربما كان أشد تلك الأشكال إيلاما وإن لم تظهر آثاره على صورة كدمات في الجسد أو ندوب في الوجه. ويعاني الكثيرون من الإساءة اللفظية في العمل والبيت والمدرسة والجامعة وحتى على وسائل التواصل الاجتماعي، وتختلف أساليب تلك الإساءة، فتكون مباشرة بالسب والشتم والإهانة أو تكون غير مباشرة بالازدراء والتجاهل واللامبالاة بما يقوله أحدهم مما يدفعه للاعتقاد بأنه غير جدير بالاهتمام والتفاعل والتواصل الودي.

كما يتسبب العنف اللفظي برفض الشخص لذاته وأفكاره ومعتقداته ومشاعره إلى الحد الذي يجعله يرى نفسه سيئا وبلا فائدة، وغالبا ما يلجأ الشخص إلى ممارسة العنف اللفظي لشعوره بنقص ما وعدم رضاه عن ذاته فيسعى إلى التقليل من شأن الآخرين ليرفع من قيمته. وقد يتفاقم هذا السلوك مع مرور الوقت إذا لم تتم معالجته والحد منه مما يؤدي إلى أذى نفسي وجسدي طويل المدى، ومن الصعب إثبات مثل هذا النوع من الضرر لأن المسيء كثيرا ما يتجمَّل بشخصية مغايرة لحقيقته أمام الآخرين فيوجه إساءته لأشخاص محددين ويتصرف بشكل إيجابي مع من سواهم. وقد تصل الأذية النفسية عند الشخص المعنَّف إلى حد خطير لا سيما الأطفال الذين يعانون من العنف اللفظي فإن ذلك يخلق لديهم آثارا نفسية بالغة.[1]

شاهد أيضًا: كيف تتعامل مع شخص يقلل من قيمتك

كيف التعامل مع الزوج الذي يشتم زوجته

هناك آليات عديدة تساعد في الحد من هذه المشكلة وتخفف الآثار السلبية الناجمة عنها، ومن أكثر الأساليب المجدية في التعامل مع الزوج الذي يشتم زوجته نذكر:[2]

التزام الهدوء

وهو الأسلوب الأقوى في مواجهة هذه المشكلة، والبديل الأمثل للانفعال، فهو أفضل من رد الإساءة وتصعيد الموقف فالإنسان يفقد الكثير من الحكمة وقت الغضب ويتفوه بالكثير من الأشياء التي غالبا ما يندم بسببها لاحقا، كما يؤكد علم النفس على أهمية الهدوء في مثل هذه المواقف لكونه آلية تساعد الشخص ليواجه الموقف بحكمة وروية كما تساهم في تحجيم الأمر وتدفع الطرف المسيء إلى إدراك خطأه والكف عن إساءته.

عدم التسامح

قد تعتقد الزوجة أن تجاهل الشتائم والتغاضي عن الإساءة اللفظية يساعد في حل المشكلة، لكنها غالبا ما تواجه المزيد من الشتائم. وقد تفيد هذه الآلية في تحجيم المواقف المتعلقة بالأشخاص الغرباء والعابرين الذين يمرون بحيواتنا ويحاولون استفزازنا أو إثارة غضبنا، إلا أن التجاوز لا يكون ذا نفع في الأخطاء الصادرة عن المقربين ولاسيما الأزواج.

مواجهة الموقف بأسلوب فكاهي

قد يبدو هذا الأمر صعبا حين تكون الزوجة غاضبة من شتيمة أو مستاءة من إهانة الزوج لها، لكن السخرية من الموقف ومواجهته بحس الفكاهة والاستهزاء قد يفيدان في تحجيم المشكلة.

التفكير في مدى صحة الكلام الموجه إليك

لا شك في أن الشتم والسب ليسا أسلوبا للتعبير، كما لا يحق للإنسان أن يوصل آراءه بطريقة مهينة وجارحة، إلا أنه من المفيد أحيانا أن نتأمل في معاني الكلمات التي توجه إلينا في أثناء المشاجرة، وقد تجد الزوجة في كلام زوجها بعض الحقائق التي غابت عنها من سلبيات أو أخطاء بدرت منها دون أن تشعر. إلا أن هذا لا يبرر سلوك الشتم لكنه آلية تساعد المرأة خصوصا والإنسان عموما على الاستفادة من المشاجرات والمشادات اللفظية لتحسين السلوك وتحري الأخطاء التي لا يراها المرء في نفسه.

الحوار الصريح

يبقى الحل الأمثل لأي خلاف بين الشريكين هو الحوار البناء والمصارحة وتبادل وجهات النظر، ويتم ذلك باختيار الزوجة للوقت المناسب كي تكاشف شريكها بما تريد حين يكون في مزاج جيد وهادئ يساعده على فهم مشاعرها وما تسببه لها الشتائم من آلام نفسية. وتتطلب هذه الآلية الحذر والهدوء حتى لا يتحول الحوار البناء إلى مشكلة تدمر العلاقة أكثر من السابق.

لا تأخذي الشتائم على محمل الجد

صحيح أننا ذكرنا إمكانية تحري العيوب الشخصية من خلال النقد الموجه من الزوج، لكن هذا لا يعني أن نجعل هذا النقد يفقدنا الثقة بأنفسنا، ولا أن نفقد الشعور بقيمتنا وأهميتنا، فثمة فرق كبير بين الإهانة الخالصة والنقد السليم، وكثيرا ما يكون تجاهل الإهانات وصرف الانتباه عنها حلا فاعلا للحد منها وتجنب آثارها السلبية.

اتركيه وحده

سيكون مفيدا في بعض الأحيان أن تتهربي من الاستماع إلى زوجك حين يبدأ بالإهانة والشتم، وذلك باختلاق الأعذار بهدوء ودون غضب والانصراف إلى غرفة ثانية أو مكان ثان والانشغال بأي نشاط يبدو مهما وغير تافه.

أسباب إهانة الزوج لزوجته

أشارت مختصة في علم النفس إلى أثر التنشئة على العلاقة بين الرجل والمرأة، فهي تكرس صورة الرجل القوي والمسيطر على أنه العنصر الأقوى والأصلب والأكفأ، وبالتالي فإن قدرة المرأة على مجاراة الرجل في أفعاله وإنجازاته أمر يتعارض وذلك التصنيف، مما يجعل إهانة المرأة وسيلة مناسبة لضمان استمرار تفوق الرجل، فإن الرجل يشعر بالقوة حين يحط من قدر المرأة محاولا تأكيد سيطرته عليها وحين يشعر أنه فقد السيطرة يبدأ برفع صوته وربما يده.[3]

وقد ينطوي السلوك السيئ الصادر من الرجل على شعور بالنقص فيحاول التقليل من شأن زوجته ليشعر بالرضا، وربما تدفعه الغيرة عليها إلى هذا السلوك لافتقاده لأساليب التواصل الفعال وعجزه عن التعبير عن خباياه. أو ربما يلجأ الرجل إلى العنف اللفظي بسبب اعتياده على هذا الأسلوب في التعبير منذ أن كان طفلا يتأثر بأبويه ومحيطه الصغير وطرائق الكبار في معالجة مشكلاتهم، فالأسرة هي المعين الأول الذي يتشرب منه المرء الصورة الأولى للحياة والقالب الأول للعلاقات الأسرية والأساليب الأولى في التواصل.

وهذا لا يعني أن الرجل هو الطرف المخطئ دائما، فالعنف اللفظي وإن كان أسلوبا خاطئا وغير مبرر إلا أن المرأة قد تكون سببا في استفزاز الرجل وإخراج أسوأ ما لديه إذا ما تصرفت بعشوائية وتهور أو أهملت مسؤولياتها أو أثارت غضب الرجل باللامبالاة أو بدأت هي بإهانته والاستهزاء به أو أساءت إلى شخص يعنيه ويخصه كوالديه أو إخوته أو أصدقاءه المقربين، وربما كان أكثر ما يثير حفيظة الرجل أن يشعر بنفور زوجته منه أو برودها عاطفيا مما يدفعه لاستثارة انفعالها بالشتم والسب، وهذا كله لا يبرر للرجل سلوكه لكن هذه الأمور تؤخذ بعين الاعتبار في مواجهة هذه المشكلة، فالزوجة يجب أن تتجنب كل ما يزعج زوجها ويستفزه وتظهر له الحب والاحترام كي يبادلها بالمثل.

شاهد أيضًا: طريقة التعامل مع الزوج المطنش

آثار شتم الزوج لزوجته

تخلف الإساءة اللفظية آثارا كثيرة تختلف شدتها من شخص إلى آخر، ولكن هناك قواسم مشتركة بين ضحايا العنف اللفظي، ويمكن تحديد هذه الآثار فيما يلي:[4]

صعوبات في التواصل

• إيجاد صعوبة في اتخاذ القرارات وحسم المواقف.
• انخفاض الثقة بالنفس والشعور بالنقص والاعتراف بعدم الكفاءة، وتقبل اتهامات الآخرين وتصديقها.
• الشك في القدرة على التواصل وتحليل المشكلات والتدقيق في تفاصيلها بسبب الشعور الضمني بالذنب.

آثار طويلة المدى

ويؤدي العنف اللفظي إلى مشكلات نفسية طويلة المدى كالقلق والاكتئاب والتوتر واضطراب ما بعد الصدمة، بالإضافة إلى اضطرابات النوم والأرق واضطراب الشهية والتهيج والغضب، وما قد يترتب على ذلك من تعاطي الكحول أو المخدرات أو محاولة الانتحار أو إيذاء الآخرين.

آثار جسدية

كما أكدت الدراسات تأثير العنف اللفظي على الصحة الجسدية، ويظهر ذلك بصورة صداع متكرر أو ألم مزمن أو تشنج قولون أو عسر هضم أو إسهال أو إمساك أو أعراض أخرى مرتبطة بالقلب.

شاهد أيضًا: كيفية التعامل مع الرجل العصبي والمزاجي

حكم شتم الزوجة في الإسلام

إن سب المسلم إثم كبير وهو من المحرمات سواء أكان السب لرجل أو امرأة، فإن كان سب المسلم لزوجته زاد إثمه، فإن للزوجة من الحقوق على زوجها ما ليس لسواها بين المسلمين، وقد كرمها الإسلام وأوجب رعايتها وحمايتها وإكرامها في النص الديني. فالإسلام جاء لإعزاز المرأة ورفع شأنها وتقديرها ولم يأت بخلاف ذلك، وإن كثيرا من آي الذكر الحكيم تضمنت معان في الإحسان والمودة بين الأهل، ومن ذلك قول الله تعالى في كتابه الكريم {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا}[5] وفي هذه الآية تأكيد على أهمية الإحسان إلى الآخرين ولا سيما الوالدين والأقارب.[6]
كما ورد في الحديث الشريف الكثير من المعاني التي تؤكد قيمة المرأة في الإسلام وواجبات الرجل تجاهها وحقها في الاحترام والتقدير، ومن أبرز تلك الأحاديث قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم “رِفقًا بِالقَوارِير”[7]، بالإضافة إلى الكثير من النصوص الدينية التي نصت على حسن معاملة الزوجة بالقول والفعل ونهت عن ظلمها والإساءة إليها.

كانت هذه ثمرة بحثنا حول كيفية التعامل مع الزوج الذي يشتم زوجته، قدمنا لها بالحديث عن العنف اللفظي، ثم تحدثنا عن أسباب إهانة الزوج لزوجته، وتلاها الحديث عن آثار الشتم على الزوجة، ثم أجبنا عن سؤال كيف التعامل مع الزوج الذي يشتم زوجته بتقديم الحلول المناسبة، وختمنا بالحديث عن حكم شتم الزوجة في الإسلام بإيجاز، آملين أن يكون بحثنا كافيا وافيا.