حكم قول صدق الله العظيم

حكم قول صدق الله العظيم التي تصدر من الإنسان بعد كل انتهاء سورة أو بنية الثناء على الله سبحانه وتعالى، سواء أكان تلاوة للقرآن أم في الصلاة، وهذا مما اختلف العلماء في مسألة حكمه، ولهذا سيتم التعرف في موقع المرجع على حكم قول صدق الله العظيم، وقول صدق الله العظيم عقب تلاوة القرآن أو في داخل الصلاة في هذا المقال.

حكم قول صدق الله العظيم

لقد أجاز العلماء قول صدق الله عند المناسبات، مثل أن يقع شيء من الأشياء التي أخبر الله بها فيقول: صدق الله تأكيدًا لخبر الله -عز وجل- حيث إنه لا شك أن الله سبحانه وتعالى هو أصدق القائلين بلا ريب؛ كما جاء في قوله تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً}،[1] وما ورد في حديث مسلم: “فإنَّ أصدق الحَديث كِتابُ الله تعالى”، ولذلك اعتقادنا واعترافنا أن الله -عز وجل- صادق فيما يقوله فرض على كل مسلم ومؤمن، ولذلك من كذب الله أو شك في صدق ما أخبر به فهو كافر خارج من الملة، ولقد ورد في الحديث عن بريدة قال: “كان رسولُ اللهِ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – يَخْطُبُنا، إذ جاء الحَسَنُ والحُسَيْنُ، عليهما قميصانِ أحمرانِ، يَمْشِيانِ ويَعْثُرَانِ، فنزل رسولُ اللهِ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم من المنبرِ، فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال : صدق اللهُ : إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ؛ نَظَرْتُ إلى هَذَيْنِ الصَّبِيَّيْنِ يَمْشِيَانِ ويَعْثُرَانِ، فلم أَصْبِرْ حتى قطعتُ حديثي ورفعتُهُما”[2] وأما المداومة على قول: صدق الله العظيم، بعد التلاوة فقد ذكر جمع من المحققين من العلماء المعاصرين أنها بدعة إضافية، وقالوا هو ذكر مطلق، فتقييده بزمان، أو مكان، لا بد له من دليل، إذ الأذكار المقيدة لا تكون إلا بدليل، ولا يمكن الاعتماد في ذلك على أصل الإباحة، للقاعدة الفقهية: الأصل في العبادات التحريم، والأصل في العادات الإباحة لأنه ليس هنا محل قياسها.

شاهد أيضًا: لماذا لم تذكر البسملة في سورة التوبة

هل يجوز قول صدق الله العظيم عقب التلاوة

لا يجوز للقارئ المداومة على قول صدق الله العظيم عقب تلاوة القرآن، حيث قال الشيخ ابن باز: “اعتاد الكثير من الناس أن يقولوا: صدق الله العظيم عند الانتهاء من قراءة القرآن الكريم، وهذا لا أصل له، ولا ينبغي اعتياده، بل هو على القاعدة الشرعية من قبيل البدع إذا اعتقد قائله أنه سنة، فينبغي ترك ذلك، وأن لا يعتاده لعدم الدليل، وأما قوله تعالى: قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فليس في هذا الشأن، وإنما أمره الله عز وجل أن يبين لهم صدق الله فيما بينه في كتبه العظيمة من التوراة وغيرها، وأنه صادق فيما بينه لعباده في كتابه العظيم القرآن، ولكن ليس هذا دليلًا على أنه مستحب أن يقول ذلك بعد قراءة القرآن أو بعد قراءة آيات أو قراءة سورة، لأن ذلك ليس ثابتًا ولا معروفًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن صحابته رضوان الله عليهم”، ومن الأدلة أيضًا من السنة الشريفة ما ورد عن رسول الله في قول ابن مسعود: “قالَ لي النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، آقْرَأُ عَلَيْكَ، وعَلَيْكَ أُنْزِلَ، قالَ: نَعَمْ فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّساءِ حتَّى أتَيْتُ إلى هذِه الآيَةِ: {فَكيفَ إذا جِئْنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بشَهِيدٍ، وجِئْنا بكَ علَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} قالَ: حَسْبُكَ الآنَ فالْتَفَتُّ إلَيْهِ، فإذا عَيْناهُ تَذْرِفانِ”،[3] ولهذا لو كانت ليست من البدع المحدثة لوردت عن رسول الله.[4]

ومن الجدير بالذكر أن بعض العلماء أجازوا أن يقول “صدق الله العظيم”، بعد تلاوة القرآن الكريم ويكون هذا بقصد الثناء على الله عز وجل بما أثنى به على نفسه حين قال سبحانه: {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[5] والثناء على الله جائز في كل وقت وكل حين، وليس في الإتيان به عقب التلاوة بدعة ولا مخالفة للشريعة، بل فيه تعظيم للقرآن، وتأدب مع الله عز وجل، والراجح هو القول الأول على الصحيح مما قاله أكثر أهل العلم.[6]

شاهد أيضًا: تفسير حلم قراءة القران للعزباء في المنام للعزباء والمتزوجة والحامل

حكم قول صدق الله العظيم في الصلاة

لا يجوز قول صدق الله العظيم في الصلاة، حيث ذكرنا فيما سبق أنه لا يجوز على الصحيح من قول أهل العلم قول صدق الله العظيم بعد تلاوة القرآن الكريم، ومن باب أولى تركها في الصلاة؛ لأنها بدعة لم ترد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه أنهم كانوا إذا انتهوا من القراءة سواء داخل الصلاة أو خارجها قالوا صدق الله، ونحن نعلم أن قول القائل صدق الله ما هي إلا عبادة يؤجر عليها العبد؛ لأنه ثناء على الله بالصدق، إلا أنه لا يجوز أن نشرع من العبادات ما لم يشرعه الله ورسوله، حيث نكون بذلك قد استحدثنا بدعة وكل بدعة ضلالة، فقد قرأ رسول الله وأصحابه القرآن ولم ترد عنهم، حيث قرأ عنده زيد بن ثابت سورة النجم حتى ختمها ولم يقل النبي -صلى الله عليه وسلم- له قل صدق الله العظيم؛ فدل هذا على أنه ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا هدي أصحابه أن يقولوا عند انتهاء القراءة صدق الله العظيم لا في الصلاة ولا خارج الصلاة.[7]

حكم قراءة البسملة قبل قراءة القرآن

إنَّ من آداب تلاوة القرآن الكريم البدء بالاستعاذة والبسلمة، ولما لهم الأجر العظيم والاستعداد الروحي للشروع بقراءة القرآن، ولهذا ورد للبسملة أربع حالات يستطيع أن يأتي بها القارئ قبل قراءة القرآن الكريم وهي كالآتي:[8]

  • الحالة الأولى: أن تكون في أول السورة “غير سورة براءة”؛ حيث نص أكثر الأئمة على أنه: ” َتُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ الْبَسْمَلَةِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا”، وينبغي أن يحافظ عليها حتى أن بعض العلماء اعتبر ختمة القرآن ناقصة إذا لم يأت بالبسملة.
  • الحالة الثانية: أن تكون في أثناء السورة؛ وقد قال جمهور من العلماء والقراء على أنه لا مانع من الابتداء بها، حيث قِيلَ للإمام أحمد  في البسملة: “فَإِنْ قَرَأَ مِنْ بَعْضِ سُورَةٍ يَقْرَؤُهَا؟ قَالَ: “لَا بَأْسَ”، ونُقل عن الشافعي: استحبابها في أثناء السورة، قَالَ الْقُرَّاءُ : “وَيَتَأَكَّدُ الابتداء بالبسملة إذا كان في الآية التي سيقرأها بعد البسملة ضميرٌ يعود على الله سبحانه نَحْوِ قوله: {إلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ}” .
  • الحالة الثالثة: قراءتها في ابتداء سورة براءة؛ فلقد اختلف العلماء والقراء في كراهة ذلك، “قَالَ صَالِحُ فِي مَسَائِلِهِ عَنْ أَبِيهِ أحمد رحمه الله : وَسَأَلْتُهُ عَنْ سُورَةِ الْأَنْفَالِ وَسُورَةِ التَّوْبَةِ هَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ أَبِي : يَنْتَهِي فِي الْقُرْآنِ إلَى مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا يُزَادُ فِيهِ وَلا يَنْقُصُ”.
  • الحالة الرابعة: قراءتها في أثناء سورة براءة: وهنا اختلف القراء في ذلك كما نقل ذلك ابن حجر الهيثمي في الفتاوى الفقهية فَقَال: “قال السَّخَاوِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ: لا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يُسَنُّ الْبُدَاءَةَ أَثْنَاءَهَا بِالتَّسْمِيَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَ أَثْنَائِهَا وَأَوَّلِهَا لَكِنْ بِمَا لا يُجْدِي وَرَدَّ عَلَيْهِ الْجَعْبَرِيُّ مِنْهُمْ “أي من القراء” وَهُوَ الْأَوْجَهُ “أي أن القول بالكراهة هو الأقرب للصواب”، إذْ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِتَرْكِ الْبَسْمَلَةِ أَوَّلَهَا , مِنْ كَوْنِهَا نَزَلَتْ بِالسَّيْفِ , وَفِيهَا مِنْ التَّسْجِيلِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ بِفَضَائِحِهِمْ الْقَبِيحَةِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهَا مَوْجُودٌ فِي أَثْنَائِهَا , فَمِنْ ثَمَّ لَمْ تُشْرَعْ التَّسْمِيَةُ فِي أَثْنَائِهَا كَمَا فِي أَوَّلِهَا لِمَا تَقَرَّرَ”.

ومن هنا نصل إلى ختام مقال حكم قول صدق الله العظيم، وتعرفنا على عدم استحباب المداومة على قولها لأنها من البدع المحدثة، ولا تقال عقب التلاوة ولا داخل الصلاة أو خارجها، ولأن ذلك لم يرد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا عن صحابته الكرام.

المراجع

  1. سورة النساء , الآية 122
  2. تخريج مشكاة المصابيح , الألباني، بريدة بن الحصيب الأسلمي، 6177، صحيح
  3. صحيح البخاري , البخاري، عبدالله بن مسعود، 5050، صحيح
  4. islamweb.net , حكم التزام قول صدق الله العظيم عقب التلاوة , 01/09/2021
  5. سورة آل عمران , الآية 95
  6. aliftaa.jo , حكم قول صدق الله العظيم عقب التلاوة , 01/09/2021
  7. al-maktaba.org , قراءة سورة الفاتحة والسورة التي تليها هل يجوز قول صدق الله العظيم , 01/09/2021
  8. islamqa.info , تفسير البسملة ، وحكم افتتاح القراءة بها , 01/09/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *