لا زكاة في الخارج من البحر وإن أُعد للتجارة

لا زكاة في الخارج من البحر وإن أُعد للتجارة يحتاج من يريد لإخراج زكاة أن يكون لديه العلم الكافي في مسألة الزكاة، وما هي الأموال أو الأشياء التي لا بُد أن يزكيها، ولهذا سيتم التعرف في موقع المرجع على مفهوم الزكاة، ومعرفة الإجابة عن أنه لا زكاة في أموال الخارج من البحر، وإن أُعد للتجارة صحيحة، وما حكم زكاة السمك، وما حكم زكاة الخارج من الأرض في هذا المقال.

مفهوم الزكاة

جاءت الزكاة في اللغة: من زكي: والزاي والكاف والحرف المعتل أصلاً يدل على النماء والزيادة؛ ويُقال: الطهارة زكاة المال؛ وقد قال بعضهم: “سُمِّيت بذلك لأنها مما يُرجى به زكاء المال، وهو زيادته ونماؤه”، وقال بعضهم: سُمِّيت زكاة لأنها طهارة؛ وكان دليل ذلك قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}،[1] والأصل في ذلك كله راجع إلى هذين المعنيين؛ وهما “النماء والطهارة”، وقد ذكر المرداوي: “الزَّكَاةُ فِي اللُّغَةِ: النَّمَاءُ. وَقِيلَ: النَّمَاءُ وَالتَّطْهِيرُ؛ لِأَنَّهَا تُنَمِّي الْمَالَ وَتُطَهِّرُ مُعْطِيَهَا، وَقِيلَ: تُنَمِّي أَجْرَهَا، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: تُنَمِّي الْفُقَرَاءَ”، وأما والزكاة شرعًا: “فهي حَقٌّ يَجِبُ فِي مَالٍ خَاصٍّ، لِطَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ، فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ”.

فالزكاة ما هي إلا فريضة من فرائض الإسلام؛ وهي أحد أركانه بعد الشهادتين والصلاة، وقد دلت الآيات والأحاديث الشريفة وإجماع المسلمين على وجوبها، والزكاة تجب في أموال مخصوصة منها: الذهب والفضة بشرط بلوغ النصاب، وعروض التجارة: وهي كل ما أٌعد للتجارة من عقارات وسيارات ومواشي وأقمشة وغيرها من أصناف المال.[2]

شاهد أيضًا: اذكر الدليل من السنة على اشتراط الحول لوجوب الزكاة

لا زكاة في الخارج من البحر وإن أُعد للتجارة

  • نعم، لا زكاة في المستخرج من البحر، كاللؤلؤ والمرجان والعنبر، ونحوه.

وجاء هذا باتفاق المذاهب الأربعة: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، ودليل من القرآن الكريم في قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}،[1]
فكان وجه الدلالة من الآية ؛ بأن الله قد فرض الزكاة، فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم من بعض الأموال دون بعض، حينها علمنا أن الله تعالى لم يُرد فرض الزكاة على جميع الأموال، وإنما أراد البعض، ووما جاء في السنة في حديث رسول الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “العَجْمَاءُ جُبَارٌ، والبِئْرُ جُبَارٌ، والمَعْدِنُ جُبَارٌ، وفي الرِّكَازِ الخُمُسُ“،[3] فقيل اأن الركاز لا يطلق على البحر.

ومنه أيضًا عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل بأن يسلفه ألف دينار فدفعها إليه، فخرج في البحر، فلم يجد مركبا، فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار، فرمى بها في البحر، فخرج الرجل الذي كان أسلفه، فإذا بالخشبة فأخذها لأهله حطبا- فذكر الحديث- فلما نشرها وجد المال”،[4] ومما جاء في ذلك؛ “أن في أخذ الرجل الخشبة حطبا لأهله؛ دليلا أن ما يوجد في البحر من متاع البحر وغيره، أنه لا شيء فيه، وهو لمن وجده حتى يستحق ما ليس من متاع البحر من الأموال كالدنانير والثياب، وشبه ذلك”،  ومن الجدير بالذكر أنه قد كان يخرج من البحر على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فلم يأت فيه سنة عن ذلك، فالأصل عدم الوجوب فيه؛ حيث إن اللؤلؤ والعنبر يتولدان من حيوان البحر، فأشبها السمك والصدف.[5]

حكم زكاة السمك

ليس في السمك زكاة عند اصطياده، وقد أجمع على ذلك أبو عبيد القاسم بن سلام وابن حزم، حيث إنه ليس هنالك لا نص ولا إجماع على الوجوب في زكاة السمك، ولا يصح قياسه على ما فيه الزكاة؛ لأنه لا وجه في إيجابها، ولاغم أنه صيد؛ إلا أنه لا يعد كصيد البر، ولأن لم يرد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي دليل على زكاة السمك، ولا سيما أنه قد خرج من أبحر ذلك، إلا أنه لم يأمر به؛ فيكون مما عفا عنه، كما عفا عن صدقة الخيل والرقيق.[6]

وأما إخراج الزكاة من المزرعة السمكية؛ فيكون بما فيها من السمك؛ فيعتبر من عروض التجارة، وعليه يجب تقويمه وإخراج زكاته على رأس الحول، حيث إن حول عروض التجارة يكون بحول المال الذي اشتريت به، وإذا كان نصابًا أو بتمام الحول من يوم الشراء إن لم يكن نصابًا، فإذا حال عليه الحول، فيجب حينها أن  تقوّم وتخرج زكاتها؛ وهي ربع عشر قيمتها ما لم تنقص عن النصاب في أثناء الحول.[7]

شاهد أيضًا: كم مرة ذكرت الزكاة في القران الكريم

حكم زكاة الخارج من الأرض

إن زكاة الخارج من الأرض من الحبوب والثمار ونحوها لا زكاة فيه، وهو مما يُدَّخر للقوت؛ لقول الله تعالى: {ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}،[8] وقوله سبحانه: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}،[9] ولذلك لا تجب الزكاة في الحبوب والثمار حتى تبلغ نصابًا، وهو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعًا نبويًّا؛ أي: ثلاثمائة صاعٍ نبوي؛ وهو أربع حفنات من البُرِّ الجيِّد بكفَّي الرجل المتوسط اليدين؛ حيث ذكر الداودي: “ومعياره – يعني: الصاع – الذي لا يختلف أربع حفنات بكفَّي الرجل المعتدل الْخِلقة”، وعليه يكون الواجب فيه العُشر إنْ كان يُسقى دون كُلفة؛ كالذي يُزرع على الأمطار والأنهار والعيون الجارية والآبار، حيث يسقي دون آلات، أمَّا ما يُسقَى بكلفة آلات؛ فالواجب فيه نصف العُشر.

ولذلك تؤخَذ الزكاة من نفس ما وجبت فيه من الحبوب والثمار، أو من نوعه، لأن ذلك هو الأصل؛ كما في قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}،[9] فلا تخرج الزكاة إلا منها أو من نوعها؛ وهذا لأن الزكاة عبادة، والعبادات توقيفية؛ فلَم يثبت في الشرع ما يدل على جواز أخذ القيمة عنها، وأما الخضروات فلا تجب فيها الزكاة مطلقًا؛ وهذا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: “ليس في الخضروات صَدَقة”؛ وقد روى الأثرم أنَّ عمر -رضي الله عنه- كتب إلى أحد عُمَّاله: “ليس فيها – يعني: الفِرْسِك والرُّمَّان – عُشر – يعني: زكاة – هي من العضاه”، وأيضًا ليس في الفواكه والبطيخ ونحوها زكاة؛ وهذا بدليل قول علي رضي الله عنه: “ليس في التفاح وما أشبهه صَدَقة”، وهذا لأنها ليست بحبِِ لا ثمر، أما لو باع الشخص ما لديه من الفواكه والبطيخ والخضروات بأموال نقدية، وحال عليها الحول وهي عنده ولم يتصرف فيها، وقد بلغت نصابًا أو أكثر، ففيها زكاة الأوراق النقدية؛ لا زكاة الخضروات والفواكه، لأن ليس فيها زكاة كما وورد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.[10]

مقالات مقترحة

نرشح لكم أيضًا قراءة المقالات التالية:

وبذلك نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال لا زكاة في الخارج من البحر وإن أُعد للتجارة، وبينا صحة هذا القول، وتعرفنا على مفهوم الزكاة لغة واصطلاحًا، ومن ثم تعرفنا على حكم زكاة السمك وحكم ما يخرج من الأرض.

المراجع

  1. سورة التوبة , الآية 103
  2. alukah.net , تعريف الزكاة , 19/03/2024
  3. صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 1499، صحيح
  4. صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 1498، معلق
  5. dorar.net , حكم زكاة الخارج من البحر , 19/03/2024
  6. dorar.net , زكاة الأسماك , 19/03/2024
  7. islamweb.net , زكاة العقارات , 19/03/2024
  8. سورة البقرة , الآية 267
  9. سورة الأنعام , الآية 141
  10. alukah.net , زكاة الخارج من الأرض , 19/03/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *