حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية

حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية الذي يجري كلّ عام مع نهاية اليوم الأخير من العام، تلك الاحتفالات التي يسبقها احتفالات الكريسماس حتى يظن الإنسان أنّ عيد رأس السنة هو من ضمن أعياد الكريسماس، في هذا المقال يتوقف موقع المرجع لبيان الحكم الشرعي الذي قال به علماء المسلمين، إضافة للوقوف على حكم حضور الاحتفالات وحسب، ويتطرّق المقال إلى حكم الكريسماس وأصله أيضًا.

حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية

إنّ حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية مسألة قد اختلف فيها العلماء، وتفصيل أقوالهم فيما يلي:

المانعون

ذهب المانعون من العلماء إلى أنّ الاحتفال بعيد رأس السنة الميلادية منهيٌ عنه في الكتاب والسنة والإجماع، فقد قال تعالى في كتابه الكريم: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}،[1] فقيل إنّ الزور هو أعياد المشركين وأهل الكتاب، وأما الدليل من السنة فما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- في الحديث الذي يقول فيه: “قَدِمَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنَّا نلعب فيهما في الجاهليَّة، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ الله قد أبدلكما بهما خيرًا منهما: يومَ الأضحى والفِطر”،[2] ووجه الدلالة هنا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يقرّهما على ذلك بل أخبرهم أنّ يوم الأضحى والفطر هما اليومان المشروعان.[3]

ومن الإجماع أنّ اليهود والنصارى احتفلوا بأعيادهم قديمًا في زمان السلف ولم يشاركهم بها أحدٌ من المسلمين، وكذلك ما فعله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في شروطه مع أهل الذمة أنّهم لا يُظهرون أعيادهم في بلاد المسلمين، وبذلك يكون حضورها من المسلمين أشدّ من إظهارها، ويرى ابن تيمية أنّ موافقة الكافرين في الأعياد هي موافقة في المنهاج، فمن وافقهم في العيد فقد وافقهم في الكفر.[3]

المجيزون

أجاز بعض العلماء الاحتفال برأس السنة الميلادية وقالوا بعدم وجود حرمة في ذلك؛ إذ إنّ ذلك من باب إظهار الفرح بميلاد نبي من أنبياء الله وهو عيسى بن مريم عليه السلام، وذلك تأسيًا بالحديث الصحيح المشهور: “أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ”،[4] وقد كان من المجيزين دار الإفتاء المصرية التي وضّحت أنّ المسلمين يؤمنون بأنبياء الله تعالى ورسله جميعًا ويفرحون بأيام ولادتهم، وتلك الاحتفالات إنّما هي من باب شكر لله تعالى على نعمة إرسالهم رحمة للبشرية.[5]

ومما استندت عليه دار الإفتاء حديث يرَون فيه أنّ النبي -صلى الله عليه وسلّم- قد فرح لنجاة نبيّ من الأنبياء وانتصاره على عدوّ الله وعدوّه، وهو موسى -عليه السلام- حين نصره الله -تعالى- على فرعون وأغرقه مع جنوده، ففي الحديث أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قدم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، “فَقالوا: هذا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وهو يَوْمٌ نَجَّى اللهُ فيه مُوسَى، وأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ، فَقالَ: أَنَا أَوْلَى بمُوسَى منهمْ. فَصَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ”،[6] ولم يرَ -عليه الصلاة والسلام- أنّ صيام هذا اليوم مشاركة لليهود في عقيدتهم، ولذلك فلا مانع من الاحتفال بهذا اليوم، وبخاصّة إن كان في ذلك زيارات وصلة، ولا مانع من تهنئة أهل الكتاب الذين يشاركونهم في الوطن ولا يؤذونهم لقوله تعالى: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.[7][5]

شاهد أيضًا: حكم الاحتفال باليوم الوطني هيئة كبار العلماء

حكم حضور احتفالات رأس السنة الميلادية

إنّ حكم حضور احتفالات رأس السنة يعود إلى الأحكام السابقة، فمن أجاز الاحتفال فإنّه سيجيز حضور الاحتفالات، ومن لا يجيز فإنّه لن يجيز حضور الاحتفالات، ولكن لحضور الاحتفالات حكم قد يكون مختلفًا عن حكم الاحتفال لما قد يرافق الاحتفالات من أمور قد تكون غير مشروعة، فقال جماعة من أهل العلم إنّ حضور احتفالات الكفّار هو من الأمور المحرّمة لما قد ورد من تحريم حضور احتفالاتهم ولو من بعيد حتى وإن جلس يشاهد الألعاب النارية التي يطلقها الناس احتفالًا برأس السنة، ومن قال بذلك هم ذاتهم العلماء الذين قالوا بحرمة الاحتفال برأس السنة، والله أعلم.[8]

شاهد أيضًا: حكم الاحتفال بيوم المعلم

ما معنى الكريسماس؟

الكريسماس هو عيد ميلاد النبي عيسى عليه السلام كما يرى النصارى، وكلمة كريسماس هي كلمة مكونة من مقطعين الأول هو christ ومعناه المخلص وهو لقبُ للمسيح، والثاني mas ومعناه ميلاد، وقد جعل النصارى يوم الخامس والعشرين من ديسمبر يومًا للاحتفال بولادة ما يسمونه بميلاد يسوع أو ميلاد الرب كما يعتقدون في عيسى عليه السلام.[9]

شاهد أيضًا: هل يجوز الاحتفال بالهالوين

هل أصل الكريسماس وثني

يقول باحثون غربيّون إنّ أصل الكريسماس واحتفالات رأس السنة هي عادات فرعونية مصرية قديمة وثنيّة كان يُحتفل بها في التقويم الروماني القديم، وهذه الاحتفالات قد تسرّب إلى النصرانيّة من خلال هذا الباب، ويقول أوّل الآباء الكاثوليكيين -على الأرجح هو إغناطيوس الأنطاكي- في تعليقه على أعياد الميلاد: “لم يسجل الكتاب المقدس أنّ أحدًا كان يحتفل أو أقام مأدبة كبيرة بمناسبة يوم ميلاده، إن الآثمين والخطائين -مثل فرعون وهيرود- هم وحدهم الذين يجعلون من يوم مجيئهم إلى هذا العالم مناسبة للابتهاج العظيم”، وتقول دائرة المعارف البريطانية: “ولم يوجد -أي عيد الميلاد- لا المسيح ولا الحواريون ولا نص من الكتاب المقدس بل أخذ -فيما بعد- عن الوثنية”، وينقل مؤرّخ أمريكي عن دائرة المعارف الأمريكية: “وفي القرن الرابع الميلادي بدأ الاحتفال لتخليد ذكرى هذا الحدث، أي ميلاد المسيح، وفي القرن الخامس أمرت الكنيسة الغربية بأن يحتفل به إلى الأبد في يوم الاحتفال الروماني القديم بميلاد (سول) نظرًا لعدم معرفة ميلاد المسيح معرفة مؤكدة”.[10]

شاهد أيضًا: حكم الاحتفال باليوم الوطني

وإلى هنا يكون قد تم مقال حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية بعد الوقوف على حكمه بين علماء المسلمين المُختَلَف فيه، والمرور على أصل الاحتفال بهذا اليوم ويوم الكريسماس.

المراجع

  1. سورة الفرقان , الآية: 72
  2. التوضيح لشرح الجامع الصحيح , ابن الملقن، أنس بن مالك، الرقم: 8/52، حديث إسناده صحيح.
  3. islamweb.net , حكم الاحتفال بعيد أول السنة الميلادية الكريسمس , 03/11/2021
  4. صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، الرقم: 3443، حديث صحيح.
  5. elbalad.news , حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية , 03/11/2021
  6. صحيح البخاري , البخاري، عبد الله بن عباس، الرقم: 3397، حديث صحيح.
  7. سورة الممتحنة , الآية: 8
  8. islamweb.net , حكم حضور احتفالات وأعياد غير المسلمين لرؤية ألعابهم , 03/11/2021
  9. saaid.net , هل تعرف معنى كلمة (كريسماس) و(بابا نويل)؟! , 03/11/2021
  10. saaid.net , عيد الميلاد (CHRISTMAS) وأصله الوثني .. بقلم : باحثَين نصرانيَين! , 03/11/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *