حكم الطواف راكبا لعذر ولغير عذر

حكم الطواف راكبا لعذر ولغير عذر هو الموضوع الّذي سنتحدّث عنه في مقالنا، فالسّؤال عن مثل هذه الأحكام الفقهيّة ضروريٌّ وواجبٌ على كلّ من يعرفها، لأنّ الأحكام الشّرعيّة في الحج وغيرها دقيقةٌ وكثيرة، وتحتاج من المسلم أن يحفظها لكيلا يقع بما حرّم الله تعالى على عباده، وعبر موقع المرجع سنتعرّف على الحكم الشّرعي للطواف راكبًا سواءً كان المسلم معذورًا لذلك أو غير معذور، كما سنتحدّث عن معنى الطّواف وبعض ما تعلّق به من أحكام.

معنى الطواف

يُعرف الطّواف باللّغة على أنّه دوران الشّيء حول شيءٍ آخر، ويُعرف في الشّريعة الإسلاميّة وعند أهل العلم أنّه الدّوران حول الكعبة سبعة أشواطٍ على صفة مخصوصةٍ بقصد التّعبّد لله تبارك وتعالى، وهو من العبادات الّتي شرّعها الله تبارك وتعالى للمسلمين، وجعل فيها الأجر الكبير والخير الكثير، والطّواف ركنٌ من أركان الحجّ لا يصحّ بدونه، كما أنّه نسكٌ من مناسك العمرة وركنٌ من أركانها أيضًا، قال الله تعالى في الذّكر الحكيم: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}.[1] وللطواف فضائله العظيمة وسننه وشروطٌ لصحّته لا بدّ للمسلم أن يلتزم بها.[2]

حكم الطواف راكبا لعذر ولغير عذر

لا حرج على المسلم أو المسلمة أنّ يطّوف راكبًا سواءً لعذرٍ أو دون عذر، فالأصل أن يطّوف المسلم مشيًا على الأقدام، ولكن إن ركب المسلم وطاف وهو راكبٌ فلا حرج عليه وطوافه بإذن الله تعالى مجزئ، ولم يختلف أهل العلم في صحّة طواف الحاجّ أو المعتمر إذا كان راكبًا، والرّاجح بأنّه جائز، سواءً بعذرٍ أو دون عذر، ولقد روى جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنه- عن رسول -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: “طَافَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ علَى رَاحِلَتِهِ بالبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، لِيَرَاهُ النَّاسُ، وَلِيُشْرِفَ وَلِيَسْأَلُوهُ، فإنَّ النَّاسَ غَشُوهُ”.[3] وقال بعض أهل العلم أنّ الطّواف بالبيت كالّصلاة ولا تصحّ الصلاة للراكب، إذاً فلا يصحّ الطواف للراكب دون عذرٍ شرعيٍّ والله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: دعاء الانتهاء من الطواف والسعي

حكم السعي راكبا لعذر ولغير عذر

إنّ الظّاهر من أقوال العلماء والرّاجح منه أنّه إن سعى المسلم وهو راكبٌ من دون عذرٍ فسعيه صحيحٌ ومجزئٌ بإذن الله تبارك وتعالى، ولكنّ الأفضل بإجماع أهل العلم أن يسعى المسلم مشيًا على قدميه إن كان مستطيعًا يملك القوّة لذلك، وأما إن كان شيخًا كبيرًا أو مريضًا أو متعبًا فله أن يسعى راكبًا ما يتيسّر له، وذلك صحيحٌ بإذن الله جلّ جلاله والله أعلم.[5]

هل يجوز الطواف على كرسي

ذكر أهل العلم في حكم الطواف راكبًا على كرسي أنّ الطواف والسعي ماشيًا أولى منه راكبًا، ولا خلاف بين أهل العلم على أنّ الطواف ماشيًا أفضل، وقد اتّفقوا أيضًا أن المعذور لمرض ونحوه يجوز الطواف له راكبًا أو على كرسيٍ متحرك في هذا الزمان، فالمريض والعاجز ومن عليه مشقة كبيرة، والسنّ الكبيرة فكلّ من حصل له ذلك جاز له الطواف على كرسي، أمّا لغير المعذور فطوافه على الكرسي في محلّ خلاف، وذلك قياسًا على مسألة طوافه راكبًا، فالشافعية والظاهرية قالوا حتى غير المعذور لو طاف راكبًا جاز طوافه وهو صحيح، لأن الحكمة أنّ الطواف هو المطلوب بغض النظر عن الكيفية التي تمّ من خلالها، أما جمهور أهل العلم فمنع الطواف والسعي راكبًا لغير عذر فلا يجوز لغير المعذور عندهم أن يطوف على الكرسي  والله أعلم[5]

شاهد أيضًا: من اول من سعى بين الصفا والمروة

هل يجوز الطواف بالدراجة

بالنظر في حكم الطواف راكبًا عند أهل العلم، فإنّ الطواف بالدّراجة الكهربائية أو غيرها جائزٌ للعاجز ومباح، أمّا لغير العاجز ففيه خلاف، فبعض أهل العلم يرون أنّه لا يجوز للرجل أن يطوف محمولًا مهما كان الأمر الذي يركبه إن كان غير معذور، وقال آخرون أنّه يجوز له ذلك فركوبه للدراجة أثناء الطواف يجوز ولا حرج عليه عنهم، والأفضل لمن ليس لديه عذر أن يطوف ماشيًا والله أعلم.

أقوال أهل العلم في حكم الطواف راكبا

كثيرةٌ هي الأقوال التي وردت عن أهل العلم في مسألة كيفية الطواف بين المشي والركوب، ومن جملة ما ورد سيتمّ ذكر ما يأتي:

  • قول ابن قدامة: “وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الطَّوَافَ رَاجِلًا- أي ماشيا- أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافُوا مَشْيًا، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ طَافَ مَشْيًا”.
  • قول ابن تيمية: “يَجُوزُ الطَّوَافُ رَاكِبًا وَمَحْمُولًا لِلْعُذْرِ بِالنَّصِّ، وَاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الطَّوَافُ مَاشِيًا فَطَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا: أَجْزَأَهُ بِالِاتِّفَاقِ”.
  • قول ابن باز: “من ركب في حال الطواف أو السعي من غير حاجة، الطواف صحيح، والسعي صحيح، لأن النبي طاف وهو صحيح، أما حديث ابن عباس أنه اشتكى فركب، فضعيف، فيه يزيد بن أبي زياد، الصواب أنه ركب لدفع المشقة على الناس لئلا يتأذوا أو يؤذوه”.
  • قول ابن الجوزي: “واختلفوا فيمن طاف راكبا من غير عذر، فعن أحمد روايتان، إحداهما: يجزيه ولا دم عليه، وهو قول الشافعي، والأخرى لا يجزيه، وقال أبو حنيفة ومالك: يجزيه وعليه دم”.

شاهد أيضًا: هل يجوز الاحرام من البيت

إلى هنا نصل لنهاية مقال حكم الطواف راكبًا لعذر ولغير عذر، والذي من خلاله تمّ بيان معنى الطواف هل يجوز الطواف والسعي أثناء الركوب، وبيان عديد الأحكام الشرعية التي ترتبط بالطواف ركوبًا، كما تمّ استعراض بعض أقوال أهل العلم في هذه المسألة الشرعية الهامّة.

المراجع

  1. سورة الحج , الآية 26
  2. dorar.net , تعريفُ الطَّوافِ ومَشْرُوعِيِّتُه وفضائِلُه , 09/06/2024
  3. صحيح مسلم , مسلم/جابر بن عبد الله/1273/صحيح
  4. islamweb.net , حكم طواف الراكب , 09/06/2024
  5. islamqa.info , ما حكم الطواف والسعي بعربات الحرم الكهربائية ؟ , 09/06/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *