حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت ابن عثيمين

حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت ابن عثيمين من الأحكام التي أخذت العديد من الآراء، وتطرقت إلى مسائل متعددة؛ فالتبرع لا يكون إلا لإنقاذ نفس بشرية أخرى، ولهذا سيتم التعرف في موقع المرجع على التبرع بالأعضاء، ثم حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت عند ابن عثيمين، وما حكم هبة الأعضاء وما أجر المتبرع في الإسلام، وسنتحدث عن حكم نقل عضو من حيوان إلى إنسان في هذا المقال.

التبرع بالأعضاء

إنَّ التبرع بالأعضاء يقصد به أن يسمح الشخص بإزالة أي عضو من أعضاءه بطريقة قانونية، إما عن طريق الموافقة في حين كان المتبرع على قيد الحياة أو بعد الوفاة مع موافقة أقرب الأقرباء لشخص آخر يحتاج العضو ذاته، وتشمل عمليات الزرع الشائعة عندنا: الكلى والقلب والكبد والبنكرياس والأمعاء والرئتين والعظام ونخاع العظام والجلد والقرنيات، ومن الممكن التبرع ببعض الأعضاء والأنسجة من قبل المتبرعين الأحياء، مثل الكلى أو جزء من الكبد، أو جزء من البنكرياس، أو جزء من الرئتين أو جزء من الأمعاء، [3] إلا أن معظم التبرعات تحدث بعد وفاة المتبرع، ومن الجدير بالذكر أن المتبرعون بالأعضاء أحياء أو متوفين دماغيًا؛ يمكن الحصول على أنسجتهم إن كانت بأزمات قلبية في غضون 24 ساعة من توقف ضربات القلب، على عكس الأعضاء الأخرى، حيث يمكن حفظ معظم الأنسجة “باستثناء القرنية” وتخزينها لفترة تصل إلى 5 سنوات، وهذا يعني أنها يمكن أن تُخزن في “بنوك”، ولهذا  يثير موضوع زراعة الأعضاء العديد من القضايا الأخلاقية الحيوية، بما في ذلك تعريف الوفاة، وتوقيت وكيفية التصريح بزراعة أحد الأعضاء، إضافة إلى فكرة دفع مقابل مالي للأعضاء المزروعة، إلا أنها من الأمور الشائعة في الوقت الحالي.

قد كان أول متبرع بالأعضاء الحية في عملية زراعة ناجحة كان رونالد لي هيريك “1931-2010″، الذي تبرع بكليته لأخيه التوأم المتطابق في عام 1954، وفاز الجراح الرئيسي، جوزيف موراي بجائزة نوبل في الفسيولوجيا أو الطب في عام 1990، وقد كان أصغر المتبرعين بالأعضاء طفلاً مصابًا بانعدام الدماغ ولد في عام 2015، عاش لمدة 100 دقيقة فقط وتبرع كليتيه لشخص بالغ مصاب بفشل كلوي، وأقدم متبرع بالأعضاء المعيشية الإيثارية امرأة تبلغ من العمر 85 عامًا في بريطانيا، تبرعت بكليتها إلى شخص غريب في عام 2014 بعد أن سمعت عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى عملية زرع كبد.[1]

شاهد أيضًا: هل يجوز التبرع بالاعضاء بعد الموت

حكم التبرع بالأعضاء بعد الموت ابن عثيمين

ذكر ابن عثيمين أن التبرع بأعضاء الميت حرام شرعًا؛ لأن الله -عز وجل- قد جعل جسم الإنسان أمانة عنده بدليل قوله سبحانه: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [2] وقد بيّن ابن عثيمين أنه لا فرق في التبرع بالأعضاء بين الحياة والموت، ويقصد بذلك أن الحي لا يجوز أن يتبرع بشيء من أعضائه، وأن الميت لا يجوز أن يتبرع بشيء من أعضائه كذلك، ولا حتى أولياء الميت لا يحق لهم التبرع بشيء من أعضائه بعد وفاته؛ لأن الأولياء يرثون المال، أما أعضاء الميت فهي محترمة مكرمة، وحتى لو سمح الورثة أن بذلك فإنه لا يجوز، بل قال الفقهاء في كتاب الجنائز: “لا يجوز أن يؤخذ شيء من أعضائه ولو أوصى به، حتى لو أوصى المريض بأن يؤخذ شيء من أعضائه فإنه لا يجوز تنفيذه؛ لأن جسم الإنسان أمانة”، حتى الحي لا يجوز أن يتبرع بأعضاءه وهذا لأنه لا يعلم نتيجة هذه العملية فقد تنجح أو لا، وعلى هذا أجمع ابن عثيمين أنه لا يجوز التبرع بالكلى مطلقًا، ولا بالكبد، ولا بأي عظم مطلقًا لا في الحياة ولا بعد الممات، ومن الجدير بالذكر أنه أجاز التبرع بالدم؛ وهذا عند الحاجة بشرط ألا يحصل على المتبرع ضرر، وكان الفرق بين الدم والعضو أن الدم يأتي خلَفه والعضو لا يأتي خلَفه، الدم بمجرد ما ينتهي أخذ الدم منه يعطى غذاءً ويرجع الدم بإذن الله عز وجل، لكن العضو إذا فقد لا يرجع، والله أعلم. [3]

حكم هبة الأعضاء

ذكرنا أنَّ التبرع بالأعضاء لا يكون على درجة واحدة، فهو ينقسم إلى تبرع بعضو تتوقف الحياة عليه، وتبرع بما لا تتوقف عليه الحياة؛ فإن كان التبرع بعضو تتوقف عليه الحياة كالقلب والكبد: فلا يجوز التبرع به بإجماع العلماء؛ لأنه قتل للنفس، وأما إن كان العضو لا تتوقف عليه الحياة: كالكُلية والشرايين؛ فهذا مما اختلف العلماء المعاصرون فيه وجاء على قولين:[4]

  • القول الأول: لا يجوز نقل الأعضاء الآدمية.
  • القول الثاني: يجوز نقل الأعضاء الآدمية.

ومن هنا قد صدرت فتاوى بالجواز من عدد من المؤتمرات والمجامع والهيئات واللجان في العديد من البلدان، وكان ذلك بالوصول إلى اختار بعض العلماء بجواز النقل بشرط أن يكون المنقول منه كافرًا حربيًا: “أي ليس معاهدًا للمسلمين ولا ذميًا ولا مستأمنًا” لأن الكافر الحربي لا حرمة له، أما المسلم فحرمته ثابتة حيًا وميتًا.

شاهد أيضًا: كم سعر قلب الانسان

أجر التبرع بالأعضاء بعد الموت

جاءت مسألة التبرع بالأعضاء على قولين عند أهل العلم، فمنهم من أجاز ذلك ومنهم من حرّمه؛ إلا أنه من أخذ بالرأي الجواز وقام بالتبرع فهو ينال بذلك الأجر العظيم والكبير؛ ولا سيما أنه يدخل ذلك في باب الإحسان إلى الغير، وإنقاذ نفس بشرية من أي ضرر أو أذى كان سيودي بها إلى الهلاك، فللمتبرع أجر على إحسانه إلى الآخرين وخصوصًا إن كانوا أقرباءه، حيث قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [5] وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ“،[6] وقال أيضًا: “مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ“،[6] فينال الثواب والأجر الكبير هذا المتبرع في الدنيا والآخرة مع الأخذ بالرأي الأصوب في حالة التبرع الخاصة به، والله أعلم.[7]

حكم نقل العضو من حيوان إلى إنسان

تعرفنا على حكم نقل الأعضاء من إنسان للآخر، وذكرنا آراء العلماء في ذلك، ولكن هنالك مسألة قد تتبادر إلى ذهن الإنسان؛ وهي نقل الأعضاء من الحيوان إلى الإنسان، وقد قيل بجواز بذلك ولكن بالشروط الآتية:[8]

  • أن يكون طاهرًا: ومن أمثلته بهيمة الأنعام المذكاة من إبل، وبقر، وغنم، فهذا الضرب من الحيوان لا إشكال في جواز التداوي بأي جزء من أجزائه ولا حرج في غرس أعضائه في جسم الإنسان، وذلك لعموم الأدلة الدالة على مشروعية التداوي، والندب إلي وهذا كما جاء في حديث أسامة -رضي الله عنه- من قوله عليه الصلاة والسلام: “تداووا … “، والتداوي بأعضاء هذا الضرب من الحيوان يعتبر كالتداوي بسائر المباحات، بجامع طهارة الكل وإذن الشرع في الانتفاع بهما، هذا وقد نص بعض الفقهاء المتقدمين -رحمهم الله- على جواز الانتفاع بأعضاء هذا الضرب من الحيوان، وأنه لا حرج في غرسه في الجسم، قال الإمام النووي: ” … إذا انكسر عظمه فينبغي أن يجبره بعظم طاهر …”.
  • أن يكون غير طاهر، ومن أمثلته ميتة بهيمة الأنعام وغيرها، فهذا الضرب يكون الأصل فيه أنه محرم لنجاسة العضو بعد موت الحيوان؛ فلذلك لا يجوز نقل الأعضاء التي يشتمل عليها هذا الضرب إلى جسم الإنسان من حيث الأصل لكن يبقى النظر في الحالات الضرورية؛ حيث ذهب بعض العلماء إلى التفصيل في الحكم بجواز التداوي بالعظام النجسة، وقد أشار الإمام النووي -رحمه الله- إلى ذلك بقوله: “إذا انكسر عظمه فينبغي أن يجبره بعظم طاهر، قال أصحابنا ولا يجوز أن يجبره بنجس مع قدرته على طاهر يقوم مقامه فهو معذور، وإن لم يحتج إليه أو وجد طاهرًا يقوم مقامه أثم ووجب نزعه إن لم يخف منه تلف نفسه، ولاتلف عضو”.

ومن الجدير بالذكر أن الإمام النووي بيّن المسألة؛ حيث ذكر “أن الأصل يقتضي حرمة التداوي بالعظم النجس، وينبغي أن يقوم عليه العظم الطاهر، فإن لم يجده وجبره بعظم نجس”؛ فإنه ينبغي أن يتحقق شرطان:

  • الأول: أن يكون محتاجًا إلى جبر عظمه.
  • الثاني: أن لا يجد طاهرًا يقوم مقامه.

وعليه فإن تخلف أحد الشرطين فإنه لا يجوز له الجبر بالنجس ويعتبر آثمًا لو جبر به، وعليه نزعه بشرط عدم خوف التلف على نفسه، أو عضو من أعضائه.

وهكذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال ما حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت ابن عثيمين، وتعرفنا على الأخذ بالحرمة عنده، وذهب بعض العلماء إلى جواز ذلك، وتعرفنا على أجر المتبرع، ومن ثم حكم النقل من الحيوان؛ الذي يجب أن يكون طاهرًا، حتى يأخذ الجواز، أما إن يكون نجسًا، فحُكِم بالتحريم إلا عند الضرورة.

المراجع

  1. wikiwand.com , تبرع بالأعضاء , 31/08/2021
  2. سورة النساء , الآية 29
  3. binothaimeen.net , حكم بيع الأعضاء , 31/08/2021
  4. islamqa.info , ما حكم هبة الأعضاء , 31/08/2021
  5. سورة البقرة , الآية 195
  6. صحيح مسلم , مسلم، أبو هريرة، 2699، صحيح
  7. islamweb.net , المتبرع بالأعضاء له أجر إحسانه , 31/08/2021
  8. al-maktaba.org , حكم نقل العضو من حيوان إلى الإنسان , 31/08/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *