حكم اكل لحم الحمار

حكم اكل لحم الحمار من الأحكام الشّرعيّة الهامّة الّتي قد يبحث عنها الكثير من المسلمين، فلقد شملت الشّريعة الإسلاميّة جميع جانب حياة المسلم وخاصّةً طعامه وشرابه، فأباحت له كلّ ما هو مفيدٌ ونافعٌ، وحرّمت عليه الضّارّ بحياته وصحّته وعقله، وعبر موقع المرجع سنتبيّن هل يجوز اكل الحمار، بالإضافة إلى التّعرّف على بعض الأحكام الأخرى المتعلّقة به.

الأطعمة في الإسلام

اهتمّت الشّريعة الإسلاميّة الحنيفة بطعام الإنسان وشرابه، فأعطته ما هو جيّدٌ له وأخذت ما كان ضارًّا غير نافع، وقد اتّفقت المذاهب الفقهيّة الأربعة على أنّ الأصل في جميع الأطعمة في الحياة الدّنيا هو الحلّ والإباحة، وذلك لقوله تبارك وتعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}.[1] فالله سبحانه وتعالى قد جعل كلّ الأطعمة والمشروبات الموجودة في الأرض حلالًا للإنسان وجعلها قوتًا له ورزقًا، عدا ما ذكره في الآية الكريمة الدّم ولحم الخنزير والميتة، وأمّا ما عدا ذلك من الطّعام والشّراب فكلّه مباحٌ له بإذن الله تبارك وتعالى، كذلك يحرم على المسلم من الطّعام والشّراب ما جاء به حديثٌ نبويٌّ أو خبرٌ مرويٌّ أو إجماعٌ من أهل العلم، وعدا ذلك فكلّ الطّعام والشّراب مباحٌ للمسلمين.[2]

حكم اكل لحم الحمار

لا يجز للمسلم أن يأكل لحم الحمار الأهليّ بتاتًا، فقد أجمع العلماء المسلمون واتّفقت المذاهب الأربعة على حرمانيّة أكل لحوم الحمير الأهليّة، فالله تعالى خلق الحُمُر زينةً للنّاس وسيلة للرّكوب والتّنقّل، قال الله جلّ وعلا: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً}.[3] فلم يبح الله تعالى ولا رسوله الكريم -صلّى الله عليه وسلّم- أن يأكل المسلم لحم الحمير الأهلية، فقد نهى الصّحابة عن أكلها يوم فتح خيبر بعد أن أصابت المسلمين جماعةً وذبحوا حميرًا وطبخوها، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: “لَمَّا فَتَحَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، أَصَبْنَا حُمُرًا خَارِجًا مِنَ القَرْيَةِ، فَطَبَخْنَا منها، فَنَادَى مُنَادِي رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَلَا إنَّ اللَّهَ وَرَسوله يَنْهَيَانِكُمْ عَنْهَا، فإنَّهَا رِجْسٌ مِن عَمَلِ الشَّيْطَانِ، فَأُكْفِئَتِ القُدُورُ بما فِيهَا، وإنَّهَا لَتَفُورُ بما فِيهَا”.[4] النّهي وكفى القدور يدلّ على تحريم أكل لحم الحمار، والأحاديث الواردة في ذلك صريحةٌ وواضحةٌ ولا شكّ فيها إطلاقًا، والله أعلم.[5]

شاهد أيضًا: هل يجوز اكل لحم الثور

حكم شرب لبن الحمار

اتّفقت المذاهب الأربعة وأهل العلم على تحريم شرب لبن الحمار لأنّه نجس، وذلك تبعًا للحمها، وإنّ لحمها حرامٌ أكله على المسلمين، فلا يجوز شرب لبنها، وقد اختلف أهل العلم في شربها عند الضّرورة كالتّداوي وغيرها، والصّحيح أنّ الإجماع حكى تحريم لبن الحمار ولبنه لأنّ اللّبن نجسٌ نجاسةً غليظة.[6]

ما الحكمة من تحريم أكل الحمار

إنّ الحكمة العظيمة والسّبب في تحريم أكل لحم الحمار هو أنّ لحمها نجسٌ، فقد قال عنه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه رجسٌ من عمل الشّيطان، والسّبب في نجاستها أنّها تأكل العذرة أي الروث، وأكلها للروث يعدّها من الحيوانات القذرة النّجسة كالخنزير، وقد قيل بأنّها محرّمةٌ لأنّ الله تعالى خلقها للتّنقّل والرّكوب والزّينة فقط، كذلك قال بعضٌ من أهل العلم أنّ رسول الله قد حرّمها يوم خيبر لكثرة ما ذُبح منها، فخاف انقراضها، وقيل حرّمها -صلّى الله عليه وسلّم- لأنّها لم تدخل في الغنيمة، وأخذ ما خرج عن الغنيمة حرامٌ في الشّريعة الإسلاميّة، والأولى للمسلم الانتهاء عن أكل الحمار اتّباعًا لما قاله النّبيّ، والله أعلم.[7]

شاهد أيضًا: حكم اكل الأطعمه المشتبهه بالحرام

القاعدة في معرفة ما تم تحريمه من الحيوانات

إنّ الشّرع الحكيم قد بيّن للمسلم ما يحرم عليه وما يحلّ به من الطّعام والشّراب، وقد اجتهد العلماء المسلمون في هذه المسألة وبيّنوا بالإجماع والاختلاف ما يحلّ له وما يحرّم عليه وكما يُكره له أكله، وفيما يأتي سنبيّن القواعد الّتي يجب أن يعتمد عليها المسلم في معرفة الطّعام المباح من المحرّم:[8]

• يحرم على المسلم كلّ ما جاء به نصٌّ شرعيٌّ واضحٌ من الكتاب أو السّنّة المباركة يدل على تحريمه كالحمار والخنزير والخمر والميتة والدّم.
• يحرم على المسلم كل ما كان ذا مخلبٍ من الطّيور.
• يحرم على المسلم أكل السّباع وكلّ ذي ناب.
• يحرم على المسلم أكل الحيوانات الّتي تتغذّى على الجيفة والميتة.
• يحرم على المسلم أكل القطط والكلاب.
• يحرم على المسلم أكل الحيوانات المعروفة بخبثها كالفأرة.
• يحرم على المسلم أكل الجلّالة هي الّتي تأكل القذارة، ويحلّ أكلها عندما تطهر منها.
• يحرم على المسلم أكل ما أُمر بقتله كالعقرب والأفعى.
• يحرم على المسلم أكل ما نُهي عن قتله كالضّفدع والنملة.
• يحرم على المسلم أكل كلّ ما ذُبح لغير الله تعالى، وما لم يُذكى عند ذبحه.
• يحرم على المسلم أكل الحيوانات الّتي لم تذبح على الطريقة الشّرعيّة.

حكم أكل لحم الخيل

يباح للمسلم أن يأكل لحم الخيل وذلك في المذهبين الشّافعيّ والحنبليّ وعند بعض المالكيّة والظّاهريّة، وقول أهل السّلف، والصّحيح أنّه مباحٌ لأنّه ليس من الحيوانات الّتي ورد تحريمها بنصٍّ شرعيّ أو إجماعٍ أو خبرٍ مرويّ، وقد دلّ على إباحته حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: “نحرنا على عهدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَسًا فأكلناه”.[9] وهذا الحديث الصّحيح يشير إلى أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لم ينهَ الصّحابة الكرام عن أكل الفرس، ولو كان محرّمًا لنهاهم عن ذلك وما تركهم، ومنه فإنّ الخيل طيّبٌ طاهرٌ مباحٌ أكله.[10]

شاهد أيضًا: كل طعام، أو شراب نجس؛ فهو محرم، ومن أمثلته ما يلي

حكم أكل الحمار الوحشي

حسبما ورد عن أهل العلم أنّ لحم الحمار الوحشيّ مباحٌ أكله للمسلم حيث أنّ التّحريم لأكل الحمار كان للحمر الأهليّة أو الإنسيّة أي الحمير الّتي يربّيها الإنسان ويعمل عليها، وأمّا الحمير الوحشيّة فهي الحمير الّتي تعيش في البريّة وحدها، والحمار الوحشيّ لا ينتمي إلى السّباع أو ذوات النّاب أو المخلب، أو أيٍّ من الحيوانات الّتي يحرم على المسلم أكلها، والله أعلم.[8]

كفارة أكل لحم غير حلال

قد بيّنت الشّريعة الإسلاميّة ما يحرم على المسلم أكله وما يُباح له، وجعلت هذه الأمور واضحةً جليّةً له لتجنّبه الخطأ والوقوع فيما حرّم الله تعالى عليه في القرآن الكريم أو السّنّة، وفيما يخصّ كفارة أكل لحم غير حلال في مختلف الظّروف والأحوال، فإن كان المسلم قد أكل اللحم المحرّم مُجبرًا على ذلك أي مُكرهًا أو جاهلًا بمصدره أو ناسيًا حكمه، فلا حرج عليه ولا ذنب بإذن الله تعالى، فقد روي عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “رُفِع عن أمتي الخطأُ والنسيانُ وما استُكْرِهوا عليه”.[11] وأمّا إن كان أكله متعمّدًا ومدركًا لحرمانيّته، فعليه التّوبة إلى الله تعالى وعدم العودة إلى مثل ما فعل، وعليه بكثرة الاستغفار والله غفورٌ رحيم.[12]

شاهد أيضًا: هل يجوز اكل الكنغر ، هل اكل الكنغر حلال أم حرام

هنا نكون قد وصلنا لختام مقالنا حكم اكل لحم الحمار الّذي تحدّثنا فيه عن الحكم الشّرعيّ لأكل لحم الحمار وما يتبعها من احكامٍ متعلّقةٍ بأكله، كذلك شرحنا الحكمة من حرمانيّته وحكم أكل الحمار والوحي ولحم الخيل وغيرها.