حكم ترك صلاة الجمعة
جدول المحتويات
حكم ترك صلاة الجمعة، هو الموضوع الذي سيتطرّق إليه هذا المقال، فيوم الجمعة من الأيّام المباركة التي خصّها الله -سبحانه وتعالى- بالكثير من الفضائل والخصائص والأمور التي ميّزته عن باقي الأيّام، فهو خير يومٍ طلعت عليه الشّمس، فيه خُلق آدم وفيه أدخل الجنّة وفيه أُخرج منها، وفي يوم الجمعة تقوم السّاعة، وفيه ساعةٌ يجيب الله فيها الدّعاء، وقد اختصّه الله بصلاة الجمعة وهي أفضل الصّلوات ولا تكون إلا فيه، وفي هذا المقال يبيّن موقع المرجع حكم صلاة الجمعة وحكم ترك الجمعة وعقوبة تاركها.
حكم صلاة الجمعة
إنّ صلاة الجمعة فرض عينٍ على كلّ مسلمٍ عاقلٍ بالغٍ مُكلّف، فلقد أمر الله -سبحانه وتعالى- عباده أن يسعوا إلى ذكره في يوم الجمعة عند النداء للصّلاة، والأمر بالسعي لا يكون إلا لواجبٍ وفرض، قال الله سبحانه وتعالى في سورة الجمعة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}. [1] وقد نهى الشّرع الحكيم عن البيع وقت الصّلاة وذلك تأكيدًا على فرضيّتها على المسلمين، وقد أجمع أهل العلم على أنّها مفروضة ولا خلاف في ذلك. [2]
شاهد أيضًا: علل خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة
حكم ترك صلاة الجمعة
إنّ حكم ترك صلاة الجمعة أنّ ذلك لا يجوز شرعًا ويرى بعض أهل العلم أن من يترك صلاة الجمعة متعمّدًا فهو كافر وتركها أمرٌ من مسببات دخول النّار والعياذ بالله، فقد ورد في السّنة النّبوية الشريفة فيما رواه الصّحابيان الجليلان عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم أجمعين- قالا: “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال وهو على أَعْوادِ مِنبَرِه: لَيَنتَهيَنَّ أقوامٌ عن وَدْعِهمُ الجُمُعاتِ، أو لَيَختِمَنَّ اللهُ على قُلوبِهم، أو لَيَكونَنَّ منَ الغافِلينَ”. [3] فعلى المسلمين الحذر من تركها، بل عليهم أن يحرصوا كلّ الحرص على أدائها في وقتها مع الجماعة في المسجد، ومن تركها بغير عذرٍ شرعي وجب عليه التّوبة بعد أن يقضيها ظهرًا، ولا يجوز إطاعة أحدٍ في ترك صلاة الجمعة لا في عمل لا في غيره، فطاعة الله ورسوله أولى من كلّ أمرٍ في الدّنيا، ويقول أهل العلم أنّ الرّجل ما دام قريبًا ويسمع النّداء فواجبٌ عليه أن يلبّي أمّا لو كان بعيدًا في صحراء مثلًا ولا يسمع النّداء فإنّه يصلّيها ظهرًا ولا بأس عليه والله أعلم. [4]
شاهد أيضًا: متى تكون صلاة الامام يوم الجمعة سرية
حكم من ترك الجمعة ثلاث مرات
اتّفق أهل العلم أنّ حكم ترك صلاة الجمعة ثلاث مرات طبع الله على قلب من يفعل ذلك، استنادًا لما ورد في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو الجعد الضمري قال: “من ترَكَ ثلاثَ جُمَعٍ تَهاونًا بِها طبعَ اللَّهُ علَى قلبِهِ”. [5] وهذا الأمر مخصّصٌ لمن تركها ثلاثًا بغير عذرٍ شرعي، أمّا اختلافهم في هذا الأمر فقد قال بعضهم أن الله -سبحانه وتعالى- يطبع على قلب تارك صلاة الجمعة ثلاث مرّاتٍ متوالية، وآخرون قالوا بل هي ثلاث مرات دون اشتراط التّتالي، والطّبع لا يكون بكفر تاركها ثلاثًا إنّما هذا الجزاء من الوعيد الذي كان في حقّ الكافر والمسلم على حدٍّ سواء، وقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: “إن العبدَ إذا أخطأ خطيئةُ نُكِتتْ في قلبهِ نُكتةً سوداءَ فإذا هو نزعَ واستغفرَ وتابَ سُقلَ قلبهُ وإن عادَ زيدَ فيها حتى تعلو قلبهُ وهو الرانُ الذي ذكرَ اللهُ كَلّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ”. [6] وعلى كلّ مسلم ترك صلاة الجمعة عمدًا أن يتوب إلى الله ويصليها ظهرًا لو كان تركها بغير عذرٍ شرعي، حتّى لا يكون ممّن يطبع الله على قلوبهم. [7]
شاهد أيضًا: يسن للخطيب يوم الجمعة أن يدعو للمسلمين
كفارة ترك صلاة الجمعة بغير عذر
إنّ ما ورد في حكم ترك صلاة الجمعة أنّه لا يجوز تركها، فصلاة الجمعة في جماعة بالمسجد فريضةٌ على المسلمين المكلّفين، ولا يستقيم دين المسلم إلا بالمحافظة عليها وأدائها، وقد يقوم بعض المسلمين بالتّخلف عن صلاة الجمعة وتركها، وهذا من أعظم الذّنوب والآثام، وإنّ عقابه شديدٌ عند الله -سبحانه وتعالى- وكفارة ترك صلاة الجمعة بغير عذر هو أن يتوب المسلم من هذا الذّنب توبةٌ نصوحًا لا يرجع بعدها لتركها أبدًا، فلا يؤدي الجمعة إلا في المسجد مع المسلمين، ثم لا بدّ له من قضاء الجمعة ظهرًا والإكثار من الاستغفار وذكر الله وقراءة القرآن. [8]
شاهد أيضًا: هل يجوز صيام يوم الجمعة في عشر ذي الحجة
حكم ترك صلاة الجمعة للمسافر
إنّ حكم ترك صلاة الجمعة للمسافر أنّها ليست واجبةٌ عليه ما دام في طريق سفره، لكنّ المسافر لو صلّى الجمعة أثناء مروره ببلدٍ ما فهي تُجزئ عنه، ولو لم يصلّ فلا تلزمه ولا شيء عليه بإذن الله، وهذا الوارد عن أهل العلم، فالنّبي -عليه الصّلاة والسّلام- لم يصلي صلاة الجمعة في حجّة الوداع، بل صلّاها ظهرًا في عرفة، وكان في أسفاره يصلّيها ظهرًا قصرًا ولا يصلّيها جمعة، وإنّ المدة التي تلزم المسلم المسافر الجمعة هي أربعة أيّام، فلو دخل بلدًا في سفره ونوى أن يقيم فيها أكثر من أربعة أيّام وجبت عليه الجمعة، أما لو نوى أقلّ من ذلك فهو في حكم المسافر، والمدّة ممّا اختلف فيه أهل العلم لكنّ هذا القول الرّاجح والله أعلم. [9]
شاهد أيضًا: متى وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
متى تسقط صلاة الجمعة
إنّ صلاة الجمعة فرض عينٍ على كلّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ راشد، لكنّها قد تسقط بسبب بعض الأمور والأحكام، وتسقط عن فئاتٍ معيّنةٍ من النّاس، وفيما يأتي أبرز الحالات التي تسقط فيها صلاة الجمعة: [10]
- تسقط صلاة الجمعة عن المرأة، وهي غير واجبةٍ عليها فليست من أهل الحضور في مجامع الرّجال.
- تسقط صلاة الجمعة على العبد، فهو مشغولٌ في خدمة سيّده ومحبوسٌ في منفعة، ولا يجوز له الذهاب لأدائها إلا بإذن سيده.
- تسقط عن الصّبي الذي لم يبلغ الحلم والمجنون، فمن شرط وجوبها التّكليف وهذان غير مكلفين.
- إنّ صلاة الجمعة تسقط عن المسافر وهذا باتّفاق المذاهب الأربعة.
- تسقط صلاة الجمعة في المطر الشّديد عن المسلمين، حيث أنّه ورد في الصحيح الثّابت أنّ المسلمين صلّوا في رحالهم يوم جمعة بأمرٍ من رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- بسبب المطر.
- لا تجب صلاة الجمعة في حال وجود الخوف من الظّالم، فعند خوف المسلم على نفسه أو ماله أو عياله بأدائه للجمعة جاز له تركها.
- تسقط صلاة الجمعة عن المريض الذي لا يقدر عليها، فليس على المريض حرج.
شاهد أيضًا: دعاء ساعة استجابة يوم الجمعة
حكم عدم إدراك خطبة الجمعة
أجمع أهل العلم على أنّ خطبة الجمعة من شروط صحّة صلاة الجمعة، فالخطبة واجبة وشرطٌ رئيس لصحّة الصلاة، وهو مذهب الفقهاء كافّة، فالله -سبحانه وتعالى أمر بالسّعي في يوم الجمعة لذكر الله إذا نودي للصّلاة، وحرّم الانشغال بالعمل، وذكر الله الذي يلي الأذان هو الخطبة وبذلك فإنّها واجبة ولا يجوز التخلّف عنها، والثّابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه لم يصلّيها بدون خطبةٍ أبدًا. [11]
شاهد أيضًا: متى افضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة
هنا نكون قد وصلنا وإيّاكم لختام مقالنا حكم ترك صلاة الجمعة، والّذي قد اطّلعنا من خلاله على مشروعيّة صلاة الجمعة وحكم تركها، كما ذكرنا حكم تركها للمسافر وحكم تركها دون عذر، والكفارة التي تجب على من ترك صلاة الجمعة، بالإضافة إلى الحديث عن الحالة الّتي تسقط فيها صلاة الجمعة عن المسلم، كذلك تطرّقنا إلى الحكم الشّرعي في عدم إدراك خطبة الجمعة.
المراجع
- سورة الجمعة , الآية 9.
- dorar.net , حكم صلاة الجمعة , 09/10/2021
- تخريج مشكل الآثار , شعيب الأرناؤوط، ابن عباس وابن عمر، 3186، إسناده صحيح.
- binbaz.org.sa , حكم التخلف عن صلاة الجمعة , 09/10/2021
- صحيح أبي داود , الألباني، أبو الجعد الضّمري، 1052، حسن صحيح.
- سنن الترمذي , الترمذي، أبو هريرة، 3334، حسن صحيح.
- islamqa.info , حكم من ترك ثلاث جمع عمدا , 09/10/2021
- islamweb.net , كفارة من ترك صلاة الجمعة , 09/10/2021
- binbaz.org.sa , حكم صلاة الجمعة للمسافر , 09/10/2021
- islamweb.net , أعذار ترك الجمعة والجماعة , 09/10/2021
- islamqa.info , هل الخطبة شرط لصحة الجمعة؟ , 09/10/2021
التعليقات