هل يجوز صيام يوم الجمعة في عشر ذي الحجة

هل يجوز صيام يوم الجمعة في عشر ذي الحجة التي حثَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على صيامها، هو ما سنتعرف عليه تاليًا، فقد وردَ في الإسلام بعض الصيام المنهي عنه لأسباب معينة، ولكن ذلك قد لا يكون عامًّا في جميع الأوقات، وفي هذا المقال، ومن خلال موقع المرجع سوف نتعرف على حكم صيام يوم الجمعة بشكل منفرد، وعلى حكم صيام يوم الجمعة في عشر ذي الحجة وغير ذلك من الأحكام المتعلقة.

حكم صيام يوم الجمعة منفردا

يعدُّ صيام يوم الجمعة بشكل منفرد من الأمور المنهي عنها في الشريعة الإسلامية، بمعنى أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيام يوم الجمعة دون صيام يوم قبله أو يوم بعده، وقد أجمع على هذا القول الشافعية والحنفية والحنابلة، وخالفهم المالكية الذي رأوا أنه لا كراهة في ذلك.[1]

اقرأ أيضًا: فضل صيام يوم عرفة لغير الحاج

هل يجوز صيام يوم الجمعة في عشر ذي الحجة

إنَّ صيام يوم الجمعة في عشر ذي الحجة جائز، ولا حرجَ فيه، فقد جاء النهي عن صيام يوم الجمعة بشكل منفرد فقط، وهذا ما دلَّت عليه الأحاديث الصحيحة، وبما أنَّ المسلم يصوم التسع الأوائل من ذي الحجة، فإنَّه لا بد من صيام يوم الجمعة مع جملة هذه الأيام وبهذه الطريقة لا يصومه منفردًا، وهذا لا حرج فيه كما سبق.[1]

اقرأ أيضًا: حكم صيام ايام التشريق لغير الحاج

دليل جواز صيام يوم الجمعة في عشر ذي الحجة

لقد وردَت العديد من الأحاديث التي تحثُّ على القيام بمختلف الأعمال الصالحة والتقرب إلى الله تعالى بمختلف أنواع العبادات بما فيها الصيام في عشر ذي الحجة، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم هذه الأيام جميعها بما فيها الجمعة، ومن الأدلة التي تثبت جواز صيام يوم الجمعة في عشر ذي الحجة:[2]

  • كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم التسع الأوائل من ذي الحجة، ففي الحديث عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ”،[3] وهذا يشمل يوم الجمعة دون شك.
  • ورد عن الرسول أنَّها أيام عظيمة العمل الصالح أحب إلى الله فيها من الأعمال في بقية الأيام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟ قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ”،[4] والصيام من أفضل العمل الصالح.
  • لقد ورد النهي عن صيام يوم الجمعة منفردًا فقط، وبما أنه في عشر ذي الحجة يتم صيامه مع بقية الأيام، فقد زال سبب النهي وجازَ صيامه.

اقرأ أيضا: هل يجوز قطع صيام العشر من ذي الحجة

دليل النهي عن صيام يوم الجمعة منفرداً

لقد وردَ عن رسول الله عدد من الأحاديث التي نهى فيها عن صيام يوم الجمعة منفرًا، وفيما يأتي الأحاديث التي تدلُّ على ذلك:[5]

  • الحديث الصحيح الذي وردَ في صحيح مسلم سَأَلْتُ جَابِرَ بنَ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، وَهو يَطُوفُ بالبَيْتِ أَنَهَى رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- عن صِيَامِ يَومِ الجُمُعَةِ؟ فَقالَ: نَعَمْ، وَرَبِّ هذا البَيْتِ”.
  • عن جويرية أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا يَومَ الجُمُعَةِ وهي صَائِمَةٌ، فَقالَ: أصُمْتِ أمْسِ؟، قالَتْ: لَا، قالَ: تُرِيدِينَ أنْ تَصُومِي غَدًا؟ قالَتْ: لَا، قالَ: فأفْطِرِي”.
  • وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بقِيَامٍ مِن بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بصِيَامٍ مِن بَيْنِ الأيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكونَ في صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ”.
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “لا تصوموا يومَ الجُمُعةِ، إلا وقبلَه يومٌ، أو بعدَه يومٌ”.

اقرأ أيضًا: حكم صيام ايام التشريق لغير الحاج

حكم صيام يوم الجمعة إذا وافق يوم عرفة

إنَّ صيام يوم عرفة مشروعٌ في الإسلام وقد حضَّ عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن الأعمال المستحبة حتى لو صادف ذلك يوم الجمعة وحتى إذا لم يصُم معه المسلم يوم قبله أو يوم بعده، وفي الحديث أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ”، وها الحديث في الحث على صيام يوم عرفة عام في يوم الجمعة وفي غيره، ولكنَّ الأفضل أن يصوم المسلم الأيام التي قبله حتى ينال أجرًا عظيمًا ومغفرةً من الله تعالى لما في هذه الأيام من خير كبير وقبول للعمل الصالح.[6]

اقرأ أيضًا: حكم صيام عشر ذي الحجة

الصيام المكروه في الإسلام

لقد ورد في الإسلام بعض الأوقات التي يكره فيها الصيام، وقد ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيما ياتي سيتم ذكر الصيام المكروه في الإسلام:[7]

صيام الدهر

والمقصود بصيام الدهر  أن يصوم المسلم أيام السنة كلها دون أن يفطر منها أي يوم، وهذا منهي عنه في الإسلام، لأنه يسبب ضعف الجسم ونحوله ويضر بالمسلم ويضعفه، فقد ورد في الحديث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا صَامَ مَن صَامَ الأبَدَ”، والأبد يعني الدهر أو السنة كلها، وهذا نهيٌ واضح عن صيام الدهر.

صيام الوصال

وصيام الوصال هو أن يصوم المسلم الأيام المتتالية ولا يفطر بينها في الليل، فيصوم ولا يفطر بين اليومين أو الثلاثة، وقد كان النبي يصوم صيام الوصال ولكنه يقدر على ذلك ولا يضره، وفي الحديث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا تُواصِلُوا، قالوا: إنَّكَ تُواصِلُ، قالَ: إنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إنِّي أبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي ويَسْقِينِي”.

إفراد يوم الجمعة بالصيام

سبق وأشرنا إلى ذلك وإلى الأدلة في النهي عن صيام يوم الجمعة منفردا، فقد نهى عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بقِيَامٍ مِن بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بصِيَامٍ مِن بَيْنِ الأيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكونَ في صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ”.[9]

صيام يوم عرفة للحاج

يكره صيام عرفة للحاج، وذلك لأنه يضعِف الحاج عن العبادة الأساسية في الحج، وسئِل عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن صيام يوم عرفة فقال: “حججتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصمهُ، ومع أبي بكر فلم يصمهُ، ومع عمرَ فلم يصمهُ، ومع عثمانَ فلم يصمهُ، وأنا لا أصومُهُ، ولا آمرُ بِه، ولا أنهَى عنهُ”.

تخصيص صيام شهر رجب

لا يجوز تخصيص شهر رجب بالصيام أو بعض أيامه للاعتقاد أنه أفضل من غيره، لأنه لم يرد في ذلك شيء في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى هذا ذهب كثير من الفقهاء مثل الإمام الشوكاني وابن تيمية وغيرهما، لأنَّ الأحاديث التي وردت في فضل صيامه مكئوبة فقد قال ابن تيمية في ذلك: “وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة، بل موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضعيف الذي يُروى في الفضائل، بل عامّتها من الموضوعات المكذوبات”.

صيام يوم قبل رمضان أو يومين

ذهب الحنابلة والحنفية إلى كراهة صيام يوم أو يومين قبل شهر رمضان، وإجازة المالكية، أما الشافعية فقد ذهبوا إلى تحريم ذلك، فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام النصف الثاني من شعبان، إلا لم كانت له عادة في الصيام فيبقى عليها، مثل صيام الاثنين والخميس أو صيام يوم وإفطار يوم فإنه لا حرج في ذلك.

في نهاية مقال هل يجوز صيام يوم الجمعة في عشر ذي الحجة تعرفنا على حكم صيام يوم الجمعة منفردا والأدلة التي وردَت في النهي عن صيامه بشكل منفرد دون صيام يوم قبله أو يوم بعده، وعرفنا حكم صيام يوم الجمعة في عشر ذي الحجة وحكمه إذا وافق يوم عرفة أيضًا.

المراجع

  1. islamweb.net , يجوز صيام أيام متتالية بما فيها يوم الجمعة , 17/05/2024
  2. islamway.net , حكم صوم يوم السبت في أيام العشر من ذي الحجة , 17/05/2024
  3. سنن أبي داود , أبو داود، بعض أزواج النبي، 2436، صحيح
  4. صحيح البخاري , البخاري، عبد الله بن عباس، 969، صحيح
  5. archive.org , كتاب الصيام شرح عمدة الأحكام , 17/05/2024
  6. m-islam.com , حكم صيام يوم الجمعة إذا وافق يوم الجمعة منفردا , 17/05/2024
  7. alukah.net , الصيام المكروه , 17/05/2024
  8. صحيح مسلم , مسلم، أبي هريرة، 1144، صحيح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *