حكم دخول غير المسلمين مكة

حكم دخول غير المسلمين مكة هو أحد الأمور التي يرغب الكثير من المسلمين في المعرفة بشأنها نظرًا لأن الكثير من المسلمين يعمل لديهم خُدام غير مسلمين، ويكونون راغبين في اصطحابهم معهم حال السفر لمكة للقيام على شؤون المنزل والأبناء، لذلك سوف يقوم موقع المرجع في هذا المقال بتوضيح حكم دخول غير المسلمين الحرم المكي الشريف.

حكم دخول غير المسلمين مكة

إن الأساس هو عدم جواز إقامة غير المسلمين في مكة تطبيقًا لقول الله -عز وجل- في كتابه الكريم “يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا، وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ[1]، ولكن مع ذلك فهل يجوز لهم الدخول فيها فقط بنية التجارة أو غيرها من التصرفات اليومية الحياتية؟، اختُلف في هذا الرأي، وانقسم الفقهاء بصدده إلى ثلاثة مذاهب وهم:[2]

مذهب جمهور الفقهاء في دخول غير المسلمين مكة

يرى جمهور الفقهاء أن الآية السابق ذكرها قد دلت بصريح الدلالة على أنه لا يجوز لغير المسلمين أن يدخلوا إلى مكة، مما يعني أنه لا يجوز لهم المرور منها ولا التجارة فيها ولا الإتيان فيها بأيًا من التصرفات اليومية العادية، وعلى هذا فلو أراد أحد المسلمين من داخل مكة شراء ما يلزمه من تاجر كافر تعين عليه الخروج إليه خارج الحرم ولا يجوز له إدخاله.

مذهب الحنفية في دخول غير المسلمين مكة

يرى فقهاء المذهب الحنفي أنه يجوز لغير المسلمين دخول مكة وإجراء كافة التصرفات فيها من مرور وبيع وشراء، غير أنهم لا يسمح لهم بالاستيطان فيها ولا المبيت، لأن النهي في الآية الكريمة كان عن دخولهم إلى الكعبة والمسجد الحرام للحج لا عن وجودهم نفسه كأفراد قد تحتم عليهم الظروف التواجد في هذا المكان لعمل أو مرور لا بد منه أو خلاف هذا.

مذهب المالكية في دخول غير المسلمين مكة

يرى جمهور المالكية أنه لا يجوز لغير المسلمين إجراء أي من التصرفات داخل مكة بخلاف المرور منها، لأن مرورهم من مكة قد يكون أمرًا ضروريًا من الممكن أن يجري التساهل معه لعدم تعريضهم لمشقة توغر صدرهم تجاه الإسلام، إما التجارة داخل مكة أو التنزه أو إجراء أيًا من التصرفات الغير لازمة التي لا يترتب على تفويتها حدوث مشقة فلا يسمح لهم بالقيام بها تطبيقًا لنص الآية السابق ذكرها.

الرأي الراجح في دخول غير المسلمين مكة

إن الرأي الراجح في دخول غير المسلمين هو عدم جواز دخولهم نظرًا للأسباب الآتية:

  • لأنه الرأي الذي أخذ به أغلب الفقهاء وكان عليه الإجماع، وقد قال رسول الله ﷺ “إنَّ اللَّهَ لا يجمعُ أمَّتي – أو قالَ: أمَّةَ محمَّدٍ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ – علَى ضلالةٍ ويدُ اللَّهِ معَ الجماعةِ، ومَن شذَّ شذَّ إلى النَّارِ”[3].
  • لأن عدم جواز دخولهم مطلقًا يتماشى أكثر مع المراد من الآية الكريمة، فقد قضى الله في كتابه الكريم يعدم جواز اقترابهم منها مطلقًا، ولم يقل إلا التجارة أو إلا المرور، ولو أراد الله تخصيص أحد الأمور من القاعدة العامة لفعل.

حكم دخول غير المسلمين مكة

شاهد أيضًا: يحرم أهل مكة للحج من

حكم دخول غير المسلمين المدينة المنورة

يجوز لغير المسلمين دخول المدينة المنورة والتجارة فيها وإتيان جميع التصرفات الإنسانية عامة، ولكن لا يسمح لهم بالإقامة فيها، ويؤكد هذا أن النصارى كانوا يتاجرون في المدينة على عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بعد أن سمح لهم، وقد ورد عن هذا الأمر الرواية الآتية ” أن النصارى كانوا يتجرون إلى المدينة في زمن عمر -رضي الله عنه- وأتاه شيخ بالمدينة، فقال: أنا الشيخ النصراني، وإن عاملك عَشَّرَني (أي: أخذ مني العشر) مرتين، فقال عمر: وأنا الشيخ الحنيف، وكتب له عمر: أن لا يُعَشِّروا في السنة إلا مرة، ولا يؤذن لهم في الإقامة أكثر من ثلاثة أيام “[4].

متى آخر مرة سُمح فيها لغير المسلمين بدخول مكة وما سبب المنع؟

لقد كانت المرة الأخيرة التي سُمح فيها لغير المسلمين بدخول الحرم المكي قبيل نزول الآية السابق ذكرها، أي في العام التاسع من الهجرة، وقد حرم دخولهم إلى الحرم المكي نظرًا للأسباب الآتية:

  • لأن المشركين عقيدتهم فاسدة وباطلة مما يجعلهم نجسين معنويًا.
  • لأنهم قد يتأمرون للإضرار بمقدسات المسلمين رغبة منهم في الإضرار بدين الله وبالمسلمين، لذلك فتم إبعادهم عن بؤرة الإسلام ومركزه.
  • نظرًا لأنهم قد يعمدون على تلويث الحرم قصدًا حقدًا من عند أنفسهم وإظهارًا للاحتقار للمكان مما قد يثير حفيظة المسلمين ويؤدي لإشعال الفتن.

شاهد أيضًا: ما هي اول سورة نزلت في مكة

لقد قمنا في هذا المقال بتوضيح حكم دخول غير المسلمين مكة حتى يستطيع كل من يرغب في اصطحاب غير المسلمين معه إلى هذا المكان أو من يرغب في مشاركتهم في تجارة أو المرور معهم من الحرم المكي وخلافه أن يقف على الآراء المختلفة في هذا الأمر، ويختار من بينها ما يطمئن له قلبه.

المراجع

  1. سورة التوبة , الآية 28
  2. islamqa.info , حكم دخول الكافر إلى حرم مكة عبورا واجتيازا , 16/04/2022
  3. صحيح الترمذي , الألباني، عبدالله بن عمر، 2167 ، صحيح
  4. عبد الرحمن بن قدامه , الجزء العاشر الصفحة 623

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *