حكم الحلاقة قبل الاضحية

ما هو حكم الحلاقة قبل الاضحية وما هي أحكام وشروط الأضحية، هي أحد أهم الأسئلة التي يتم طرحها تزامنًا مع وصول شهر ذي الحجة المبارك، الشهر الذي أوصى به الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- المسلمين باغتنامه على خير حال، حيث يحرص كثير منهم على ذبح الأضاحي تقربّا لله -عز وجل- وإيتاء مختلف الأعمال الصالحة التي نوّه عليها النبي، وعبر موقع المرجع يمكن للزائر الكريم أن يتعرف معنا على الحكمة من عدم قص الشعر والأظافر للمضحي، وعلى حكم الحلاقة قبل الأضحية.

ما هو حكم الاضحية 

هنالك اختلاف في أقوال الفقهاء حول الأضحية وحكمها، فمنهم من قال إنها سنّة مؤكدة، ومنهم من قال بأنها تصنّف ضمن الأعمال المستحبة، وقد كانت الأحكام على النحو التالي:

  • القول الأول (الاضحية سنة مؤكّدة):
    • وأهل ذلك القول هم الشافعية، والحنابلة، والأصح عند المالكية، وقال به أبو بكر، وعمر، وبلال -رضي الله عنهم- من الصحابة، وسعيد بن المسيب، وعطاء، وغيرهم من التابعين، وكان الاستدلال عبر عدد من الأدلة، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا دَخَلَتِ العَشْرُ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِهِ وبَشَرِهِ شيئًا”،[1] ومن خلال الحديث تم استنتاج فكرة أنّ الأمر يعود إلى إرادة الشخص، وروي عن أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- أنهم كانوا لا يضحون السنة والسنتين.
    • الأضحية سنّة عين، فيجب ألا تجزئ الأضحية الواحدة عن الشخص وأهل بيته أو غيرهم، وصاحب القول هو أبو يوسف، ومنهم من يقول إنها سنة عين حكمًا، فلو ضحى الشخص عن نفسه وعن أهل بيته سقط الطلب عن الذين قد أشركهم معه، ومنهم من يجعلها سنة عين في حق الفرد، وسنة كفاية في حق أهل البيت الواحد وأصحاب القول هم الشافعية والحنابلة، واستدلوا على ذلك بعمل الصحابة الكرام من غير إنكار من النبي -صلى الله عليه وسلم عليهم، وذهب المالكية إلى القول بالكراهة لمن تركها مع قدرته عليها.
  • القول الثاني (واجبة على كل قادر):
  • على أن يستثنى منها الحاج في منى، وصاحب القول هو الإمام أبو حنيفة (رحمه الله)، أمّا عند الماوردي، فقد كانت واجبة في حق المقيم فقط، واستندوا إلى ذلك عبر عدد من الأدلة، كقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} فجاءت كلمة النحر بصيغة الأمر، ومطلق الأمر للوجوب، وقول جندب بن عبد الله رضي الله عنه: “شَهِدْتُ الأضْحَى مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ بالنَّاسِ نَظَرَ إلى غَنَمٍ قدْ ذُبِحَتْ، فَقالَ: مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلْيَذْبَحْ شَاةً مَكَانَهَا، وَمَن لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ، فَلْيَذْبَحْ علَى اسْمِ اللَّهِ”،[2] وينضوي الحديث على امر بإعادة الذبح للشخص الذي قام بالأضحية قبل موعد الصلاة، وفي ذلك دلالة على الوجوب.

اقرأ أيضًا: حكم الأخذ من الشعر لمن أراد أن يضحي

حكم الحلاقة قبل الاضحية

إنّ الحكم الشرعي في الحلاقة قبل الأضحية هو استحباب الامتناع عن قص الشعر للمضحي، وأمّا عن تركه فهو مكروه عند الإمام الشافعي وغير مكروه عند الإمام مالك وأبي حنيفة، ويصنّف على أنه حرام عند الإمام أحمد بن حنبل، وقد استند كل من الفقهاء وأئمة المسلمين على حجج قوية وحكم لعلل معتبرة عندهم، وبناءً على تلك القضية، فإنه يستحب على الشخص الذي عقد النية بأداء الأضحية أن يقوم بالامتناع عن أخذ شيء من الشعر أو الأظفار، وهو المندوب عند جمهور وعامة المسلمين، والأسلم للخروج من الشبهات التي يمكن أن تتواجد في الخلاف.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الاشتراك في ثمن الأضحية ؟ 

ما حكم من قام بالحلاقة قبل الاضحية

إنّ الحكم الشرعي في الشخص الذي قام بالحلاقة قبل الأضحية يختلف حسب أقوال الفقهاء، ولكن الغالب في أنّ قص الشعر أو الحلاقة أو قص الأظافر قبل أداء الأضحية جائز حسب الراجح من أقوال الفقهاء، والأفضل أن يمتنع الإنسان عن أخذ شيء من الشعر والأظافر ليحظى بأجر الأضحية عنت جسده كاملًا استنادًا على ما تمّ تبيانه من سبب منع قص الشعر أو الأظافر لمن عقد النية على أداء طاعة الأضحية تقربًا لله عز وجل، حيث يعزى ذلك الاختلاف عند فقهاء الأمة هو اختلاف تفسيرهم للأحاديث الواردة في المضحي وأحكامه، والتي تختلف عن أحكام الإحرام، وكذلك أيضًا حسب تفسيرهم للحديث الشريف الذي ثبتَ عن رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- في قص الشعر والأظافر.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الحلق قبل ذبح الأضحية

أقوال العلماء في حلاقة الشعر للمضحي

من الواضح الخلاف الشرعي في حكم أخذ الشعر من قبل الشخص الذي يريد التضحية، وقد بدا ذلك واضحًا عند علماء الأمة، ويعود ذلك إلى اختلاف التفسير للأحداث، حيث راح البعض إلى التحريم في الوقت الذي أباح به البعض الآخر، وكانت الأقوال على الشكل الآتي:[3]

  • قول الإمام أبي حنيفة:
    • يقول الإمام أبو حنيفة (رحمة الله) لا يكره على المضحي أن يأخذ من شعره شيئاً، لأنّه لا يحرم على المضحي الوطء ولا اللباس أيضًا، وعليه لا يكره حلق الشعر أو تقليم الأظفار له كما لو أنه لم يرد أن يضحي.
  • قول الإمام مالك:
    • يقول الإمام مالك (رحمه الله): إنَّ الأخذ من الشعر والأظفار إذا دخل العشر لمن أراد التضحية مُباح غير حرام ولا مكروه.
    • حيث لم يأخذ بحديث أم سلمة (رضي الله عنها) لعلة معتبرة عنده، وكان يقول إن حديث السيدة عائشة أثبت وأصح.
  • قول الإمام الشافعي:
    • فقد قال الإمام الشافعي (رحمه الله) أنّ قص الشعر مكروه لمن أراد أن يضحي.
    • وعليه نجد أن الإمام الشافعي قد عمل بالحديثين المذكورين سابقًا حديث أم سلمة وحديث السيدة عائشة (رضي الله عنهما)، لأنَّ أعمال الدليل أولى من إهماله، فأخذ حديث أم سلمة على كراهة قص الشعر والتقليم للمضحي.
  • قول الإمام أحمد بن حنبل:
    • ذهب الإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله) إلى تحريم قص الشعر والظفر لمن أراد التضحية.
    • فقد أخذ الإمام بظاهر النهي الوارد في حديث أم سلمة، فحرم أخذ شيء من الشعر والظفر لمريد التضحية.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الحلق قبل ذبح الأضحية

ما هي الحكمة من منع المضحي من حلاقة الشعر وقص الأظافر

إنّ الحكمة من منع أخذ شيء من الشعر أو الأظافر عند مختلف العلماء كي تعتق جميع أجزاء جسم المضحّي من النار فور قيامه بذبح أضحيته المتقبّلة إن شاء الله، حيث سنقوم بتوضيح مختلف الأقوال عن الحكمة من منع المضحي عن الحلاقة وقص الأظافر، وهي:[4]

  • عند الإمام المناوي (رحمه الله):
    • في كتاب فيض القدير يقول الإمام المناوي عن الحكمة من عدم قص الشعر لمن أراد أن يضحي: “فليجتنب المضحي إزالة شعر نفسه ليبقى كامل الجزاء، فيعتق كله من النار”.
  • عند الإمام النووي (رحمه الله):
  •  في كتابه شرح صحيح مسلم يقول الإمام النووي عن الحكمة من عدم قص شعر المضحي: “والحكمة في النهي أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار”.
  • عند الإمام التوربيش (رحمه الله):
    • وقد كان قول الإمام التوربيشي عن الحكمة من عدم قص شعر المضحي أو أظفاره: “كان سر ذلك أن المضحي يجعل أضحيته فدية لنفسه من العذاب حيث رأى نفسه مستوجبة العقاب وهو القتل، ولم يؤذن فيه، ففداها وصار كل جزء منها فداء كل جزء منه”.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الجمع بين العقيقة والاضحية

ماهي الشروط الواجب توافرها في الاضحية

لأنّ الله تعالى طيّب لا يقبل إلّا طيّبا، فقد قام علماء وفقهاء الأمة بتحديد الشروط الواجب توافرها في الأضحية كي تحقق الغاية منها والقبول عند الله تقربًا وطاعة، وهي على الشكل الآتي:[5]

  • يشترط أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام:
    • حيث يجب أن تكون الأضحية التي يريد المسلم تجهيزها كأضحية من بهيمة الأنعام.
    • وهي الإبل والبقر والغنم، ولا يجوز له أن يضحي من غير هذه الأنعام.
  • يجب أن تكون قد بلغت السن المعتبرة في الشريعة:
    • حيث قامت الشريعة الإسلامية بتحديد عمر محدّد يتم عنده أداء الأضحية، ولا يجوز قبل ذلك حتى تجزئ عن المضحي، استنادًا على حديث رسول الله محمد-صلى الله عليه وسلم-، حيث قال: “لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ”، ولكلّ نوع من الذبائح سنٌّ محدد، ففي الإبل يجب أن يكون عمرها خمس سنوات،
    • في الأضحية من البقر يجب أن يكون عمرها سنتين.
    • وفي الأضحية من الماعز يجب أن يكون عمرها سنة، وفي الضأن يكون ستة أشهر.
  • يشترط أن تكون الأضحية سليمة وخالية من العيوب:
    • يشترط أن تكون الأضحية من الإبل أو البقر أو الغنم سليمة وخالية من العيوب، استنادًا على الحديث الذي ذكره الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- حين قال: لا يُجزِئ في الأضاحِي العوراءُ البينُ عورُها، والمريضةُ البيّنُ مرضهُا، والعرجاءُ البيّنُ ضلعُها، والكسيرةُ التي لا تبقى.
  • تحقيق شرط الوقت في ذبح الأضحية: 
    • وهو شرط مهم كي تكون الأضحية صحيحة ومقبولة من الله تعالى.
    •  أن يتم ذبحها في الوقت المحدد لذبح الأضحية في الشرع الإسلامي.
    • تمّ الاستناد على ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في أنَّ وقت الذبح يبدأ من بعد صلاة عيد الأضحى وحتى عصر رابع أيام التشريق، وذلك ما بدي واضحًا في الحديث عن البراء بن عازب قال: “سَمِعْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَخْطُبُ، فَقالَ: إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به مِن يَومِنَا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقَدْ أصَابَ سُنَّتَنَا، ومَن نَحَرَ فإنَّما هو لَحْمٌ يُقَدِّمُهُ لأهْلِهِ، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ”، وأما إذا كانت خارج هذا الوقت تكون ذبيحة عادية وليست أضحية.

إلى هنا نصل بكم إلى نهاية المقال الذي تناولنا فيه جواب سؤالكم حكم الحلاقة قبل الاضحية لننتقل عبر سطور المقال للتعريف بحكم الحلاقة وأخذ شيء من الشعر والأظافر قبل الأضحية عند عامة العلماء المسلمين، ولنختم أخيرا مع الشروط الواجب توافرها في الأضحية ليتم قبولها بإذن الله.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *