حكم قصر الصلاة الرباعية للمسافر

حكم قصر الصلاة الرباعية للمسافر، لقد فرض الله تعالى خمس صلواتٍ في اليوم والليلة على المسلمين ولابد من تأديتها في أوقاتها المحددة التي خصصها الله تعالى، ومن نعم الله عز وجل بأنْ لم يكلّف نفساً إلّا وسعها، فجعل هناك أبوابًا ورخصًا لبعض الحالات التي يصعب على المسلم تأدية الصلاة بصفتها العادية فأجاز له ما يسمى بقصر وجمع الصلاة، ومن خلالِ موقع المرجع سنتعرفُ على قصر الصلاة الرباعيّة للمسافر.

مشروعية قصر الصلاة للمسافر

شرّع اللهُ -سبحانهُ وتعالى- للمسافرِ أنْ يقصُرَ في صلاتِه، ترغيبًا لهُ في أداءِ الفرائِض، وتخفيفًا عليّه، وقدْ ثبتت مشروعية قصر الصلاة في السفر في القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع، فقال الله -تعالى-: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ)[1]، فهذه الآية تدلُّ مشروعية قصر الصلاة في السفر في حال الخوف، ودلَّت الأحاديث النبوية والإجماع على مشروعيّتها في حالة الأمن.

شاهد أيضًا: هل يجوز قصر صلاة الجمعة للمسافر

حكم قصر الصلاة الرباعية للمسافر

قصرُ الصلاة هوَ تأديّةُ الصلاةَ الرباعيّة ركعتينِ لظروفٍ معيّنةٍ وضّحها الله -سبحانهُ وتعالى-، والقصر في السفر جائزٌ سواءً كان في حالة الأمن أو الخوف، فهي صدقةٌ من الله -تعالى- لِعباده، وقدْ اتفق الفقهاء على مشروعية قصر الصلاة في السفر، وتعدّدت آراؤهم في حكمه كما يأتي:

  • الشافعية والحنابلة: ذهبَ الشافعيّة والحنابلة إلى أنّ القصرَ في الصلاةِ من الأمورِ الجائزةَ شَرعًا، من بابِ التخفيفِ على المُسافر، ولأنّ رسولُ الله مُحمد -صلى الله عليّه وسلم- كانَ يُقصّرُ في الصلاةِ الرباعيّة في السفرِ ركعتيّن.
  • الحنفيّة: ذهب الحنفيّة إلى أنّ قصرَ المُسلمِ صلاتهِ في السفرِ فرض، فلا يجوزَ أن تتم الصلاة الرباعيّة في السفر كاملة.
  • المالكيّة: ذهب المالكية في المشهور عندهم إلى أنَّ قصر الصلاة في السفر سنّة مؤكدة.

شاهد أيضًا: يجوز للمريض أن يترك الصلاة أثناء مرضه

شروط قصر الصلاة للمسافر

هناك عدّة شروطٍ لقصر الصلاة في السفر، بيانها فيما يأتي:

  • مَسافةُ السفرِ المُبيحة للقِصر: فقد تعددتَ آراء الفقهاءُ في تحديدِ المسّافة، فقولُ الفقهاء في المالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة بأنّ المسافةَ تكونُ مسيّرة يومينِ أو أكثرَ، وتعادلُ ثمانينَ كيلو مترًا، ومنّهم من رأى أنّها تعادلُ مسيرة ثلاثةِ أيام، ويرى جمهور آخر من الفقهاءِ أنّه لا حدّ له، فكلُ ما جاز إطلاقَ عليّه لفظ السفر في العُرف فهو من السفرِ المُبيحَ للقصر.
  • كونَ السفرِ مُباحًا، فلا يجوزُّ قصرَ صلاة السفر الذي يَقصدُّ منّه صاحبهُ المعصيّة، لما في ذلكَ من إعانتهِ على المعصيّة والدعوة إليّها، وأجاز المالكيّة والشافعيّة القصر في السفر المكروه، ومنعه الحنابلة.
  • عدم حُضور الصلاة عليه وهو في الحضر، فإذا حضرته الصلاة وهو في الحضر وقضاها في السفر فيجبُ عليه الإتمام.
  • نيّة القصر عند الإحرام بالصلاة، وهو شرطٌ عند الشافعيّة والحنابلة، واكتفى الحنفيّة بنيّة السفر قبل الصلاة.
  • البُلوغ، وهو شرطٌ عند الحنفيّة، بخلاف الجُمهور الذين يرون قصر الصلاة للصبيّ.
  • استمرار السفر من أول وقت الصلاة إلى آخرها، وهو شرطٌ عند الشافعيّة.

شاهد أيضًا: هل يجوز الجمع والقصر للمسافر في منزله قبل السفر؟

وقت بدء قصر الصلاة

يستطيّعُ المسافر أنْ يبدأ بقصرِ الصلاة عندَما يُغادرَ آخر بيت من بيوت المديّنةِ التي يُقيّمُ فيّها، إلى حين وصوله إلى أول بيتٍ من قريته عند عودته من السفر، لأنّ الله -سبحانه وتعالى- جعل عِلّة قصر الصلاة الضرب في الأرض، ولا يكون المُسافر ضاربًا في الأرض إلا عند مُغادرة عمران بلدته التي يُقيم فيها، وثبت عن عليّ بنِ ربيعةَ أنّه قالَ : (خرجْنا معَ علي بنِ أبي طالبٍ -رضي اللَّهُ عنهُ- متوجِّهينَ هاهنا، وأشارَ بيدِهِ إلى الشَّامِ، فصلَّى ركعتينِ ركعتينِ، حتَّى إذا رجَعنا ونظَرْنا إلى الكوفةِ، حضرتِ الصَّلاةُ فقالوا: يا أميرَ المؤمنينَ، هذهِ الكوفَةُ نُتِمُّ الصَّلاةَ: قالَ: لاَ، حتَّى ندخُلَها)، ويستطيع المسافر أن يقصر الصلاة لمدّة ثلاثة أيام عند وصوله لمكان سفره ما لم ينوِ الإقامة، فإن نوى إقامة أربعة أيام أتمَّ صلاته وهذا رأي جمهور الفقهاء.

وقت انتهاء رخصة القصر للمسافر

ينتهي حكم السفر بثلاثة أمور، وبناءً عليها لا يجوز قصر الصلاة، وهي فيما يأتي:

  • رجوع المسافر إلى المكانِ الذي انطلق للسفرِ منّهُ، فلا يجوزَ حينّها قصرَ الصلاة، حيثُ أنّهُ لم يحقق شروط قصر الصلاةِ المفروضة.
  • نيّة المسافر الإقامة في البلد المسّافرَ إليه مدّة محدّدة.
  • نيّة المسافر في الرجوع إلى المكانِ الذي سافر منّه إذا لم يقطعَ مسافةِ السّفرِ المُحددة بعدْ.

طريقة قصر الصلاة

قصرُّ الصلاة يختصُّ فقط بالصلاةِ الرُباعيّة دونًا عن باقي الصلوات، ويأتي قصر الصلاة على الكيفية الآتيّة:

  • يقوم المصلي بنيّة القصر في الصلاةِ الرباعيّة بعد أن يكون قد حقق شروطِ قصر الصلاة.
  • يبدأ المٌصليّ صلاته بتكبيرة الإحرام، ثم يقرأُ دعاء الاستفتاح.
  • يقرأ سورة الفاتحة وسورة قصيرة أخرى.
  • يركع ويكررُ ” سبحان ربي العظيم” ثلاثًا، ثم يرفع من الركوع ويقولُ ” سمع الله لمن حمده” مرةً واحدةً فقط.
  • يسجد ويكرر في سجوده ” سبحان ربي الأعلى” ثلاثًا، ثم يرفع من السجود ويجلس قليلاً.
  • يسجد مرّةً أخرى ويفعل كما فعل في السجدة السابقة.
  • يقوم لتأدية الركعة الثانية.
  • يقرأ التشهد بعد السجدة الثانية، ثم يقرأ الصلاة الإبراهيميّة، ويسلّم عن اليمين وعن الشمال.

إلى هُنا نكون قد وصلنا إلى نهايةِ مقالنا حكم قصر الصلاة الرباعية للمسافر، حيثُ تعرفنا على كُل ما يتعلّق بقصرِ الصلاة للمسافر وفقَ الشروط التي تحلَّ القِصر.

المراجع

  1. سورة النساء , الآية 101

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *