حكم التشهد الأول والأخير

حكم التشهد الأول والأخير هو ما سنعرضه في هذا المقال، حيث أنّ هذا الكم من الأحكام الفقهيّة العظيمة الّتي يجب على كلّ مسلمٍ أن يكون على درايةٍ بها، فهو حكمٌ متعلّقٌ بالصّلاة المفروضة على العبد المسلم خمس مرّاتٍ يوميًّا، لذا من واجبه تعلّم أحكامها وشروطها وأركانها الصّحيحة، لتكون صلاته صحيحةً مقبولةً بإذن الله تبارك وتعالى، وعبر موقع المرجع سنتعرّف على هذا الحكم المذكور، وعلى بعض أحكام الصّلاة الأخرى.

حكم التشهد الأول والأخير

إنّ حكم التّشهّد الأول في الصّلاة هو واجب، أمّا عن حكم التّشهّد الأخير فهو ركنٌ من أركان الصّلاة لا تصحّ بدونه، فلقد فرض الله تبارك وتعالى على الأمّة الإسلاميّة خمس صلواتٍ في اليوم واللّيلة لكلّ منها وقتها وعدد ركعاتها الّذي قد يختلف عن الأخرى، ولقد جعل لهذه الصّلوات أركانًا وواجباتٍ وسننًا يجب على المسلم اتّباعها لتكون صلاته كاملةً وصحيحةً ومقبولةً بإذن الله تعالى، فيأخذ أجرها في الدّنيا والآخرة، وإنّ من واجبات الصّلاة أن يتشهّد المسلم التّشهّد الأول الّذي يكون عند الجلوس بعد السّجود في الرّكعة الثّانية، وقد أقرّت المذاهب الفقهيّة الحنفيّة والحنابلة ومالك أنّ التشهّد الأول هو واجبٌ من واجبات الصّلاة، كما قال بهذا القل أكثر أهل العلم كابن داود وابن بازٍ وابن عثيمين رحمهم الله، وقد استند هذا القول على قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إذا أنت قُمتَ في صلاتِك فكبِّرِ اللهَ عزَّ وجلَّ، ثمَّ اقرَأْ ما تَيسَّرَ عليك مِن القُرآنِ، وقال فيه: فإذا جلَستَ في وسَطِ الصَّلاةِ فاطمَئِنَّ وافتَرِشْ فَخِذَك اليُسرى، ثمَّ تَشهَّدْ، ثمَّ إذا قُمتَ فمِثلَ ذلك، حتى تفرُغَ مِن صلاتِك”.[1] فهذا الحديث يشير إلى أنّ النبيّ أمر بالجلوس عند كلّ ركعتين وقراءة التّشهّد، وأمر النّبي واجبٌ على المسلم تنفيذه.[2]

أمّا عن التّشهّد الأخير فهو ركنٌ من أركان الصّلاة لا تصحّ الصّلاة بدونه، وقد ذهب الشّافعيّة والحنابلة وداود الظّاهريّ إلى هذا القول واتّخذوه، كذلك في روايةٍ عن مالك، ولقد قالت به طائفةٌ من السّلف الصّالح رضي الله تعالى عنهم أجمعين، كما اختاره بعض كبار العلماء كابن بازٍ وابن عثيمين رحمهم الله وغفر لهم، ويرجع هذا الحكم إلى الحديث الّذي رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حيث قال: “كنَّا نقولُ في الصَّلاةِ قَبلَ أن يُفرَضَ التَّشَهُّدُ: السَّلامُ علَى اللَّهِ، السَّلامُ علَى جبريلَ وميكائيلَ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: لا تقولوا هَكَذا فإنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ هوَ السَّلامُ ولَكِن قولوا: التَّحيَّاتُ للَّهِ”.[3]  وإنّ وجه الدّلالة في هذا الحديث المبارك أنّ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال أنّه قبل أن يُفرض، أي أنّ التّشهّد الأخير قد فُرض فرضًا على المسلمين من عند الله تعالى، والله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: ما هو التشهد الاول

الفرق بين التشهد الأول والأخير

هنالك بعض الفروق البسيطة بين التشهد الأول والأخير، فالتشهد الأول يكون في نهاية الركعة الثّانية من الصّلاة، أمّا الأخير فيكون في نهاية الرّكعة الأخيرة من الصّلاة قبل التّسليم، والتشهد الأول يكون في صلاة العصر والظّهر والمغرب والعشاء، أمّا في الفجر فلا يوجد فيها تشهدٌ أوّلٌ لأنها مؤلّفةٌ من ركعتين فقط، والتّشهّد الأخير يكون في جميع الصّلوات لا تصحّ من دونه، كذلك إنّ التشهّد الأول لا تُقرأ فيه صيغة التشهّد كاملًا حيث يقف فيه المسلم عند الشهادتين فقط فلا يلفظ الصلاة على النبي، أمّا التشهد الأخير فيُقرأ كاملًا ويزيد عليه المسلم ما شاء من الدّعاء والله أعلم.

شاهد أيضًا: ما هو التشهد الاخير

صيغة التشهد في الصلاة

قد أمرنا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وحثّنا على التّأسّي والاقتداء بكل ّما يفعله وكلّ ما يقوله، وأهمّ ما يجب على المسلم أن يقتدي فيه برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هو الصّلاة وصفتها الصّحيحة، حيث قال النّبي عليه أفضل الصّلاة والسّلام: “صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي”.[5] ولقد أخبرنا رسول الله عن العديد من صيغ التشهد الّتي يجب على المسلم أن يقوله المسلم في صلاته، ومن الصّيغ الواردة ما يأتي:

  • التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
  • التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
  • التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ، الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

ويكمل المسلم بعد التشهد الصّلاة على رسول الله بإحدى صيغ الصّلاة عليه المأثورة في سنتّه، وكلّها صحيحةٌ بإذن الله، ولا حرج على المسلم إن اقتصر في صلاته على واحدةٍ من صيغ التشهّد والصّلاة على النّبي، أو نوّع بها في كلّ صلاةٍ، فيقول منها أيّها يشاء ويحفظ ولا يشقّ على نفسه بها.[6]

شاهد أيضًا: حكم رفع اليدين في تكبيرة الاحرام

حكم من نسي التشهد الأول والأخير في الصلاة

سيتم ذكر حكم من نسي التشهد الأول والأخير في الصلاة وما يجب على المسلم إذا نسيهما أن يفعل ليتلافى هذا النسيان، والحكم فيما يأتي:

  • حكم نسيان التشهد الأول: فالتشهد الأول واجب وإنّ نسيه المسلم وقام للرّكعة الثّاني وتذكّره قبل أن يشرع في القراءة، فعليه الجلوس مرّة أرى وقول التشهد، أمّا أن تذكّره بعد أن شرع في القراءة فإنّه يكمل صلاته ويسجد ركعتين سجود السّهو بعد التّشهّد الأخير وقبل التّسليم.[7]
  • حكم نسيان التشهد الأخير: إنّ التشهد الأخير هو أحد أركان الصّلاة الّتي لا تصحّ من دونها لكن إذا نساه المسلم وسلّم وقام فتذكّره فورًا، يرجع فيقعد فيتشهّد ثمّ يسلّم ويسجد سجدتي السّهو، كما يجوز له أن يسجد سجود السّهو قبل السّلام ولا بأس بذلك، أمّا إن تذكّر بعد مدّة طويلة من إتمام صلاته، فعليه أن يعيد صلاته كلّها، والله أعلم.[8]

حكم الزيادة في التشهد الأول

لا بأس على من زاد في التشهّد الأول وقرأ الصّلاة على النّبيّ والأذكار الّتي يُؤتى بها في التّشهّد الأخير سواءً كان سهوًا أو عمدًا فلا تبطل صلاته ولا تتأثّر صحّتها بإذن الله تعالى، وقد قال بعض أهل العلم أنّه يجب على المصلّي أن يأتي بسجدة السّهو في نهاية صلاته، وقال بعضهم أن يجوز له سجود السّهو وإن تركه فلا حرج عليه، وممّا سبق فإنّ الزيادة في التشهد الأول مشروعةٌ ولا بأس بها.[9]

شاهد أيضًا: ما هي الصلاة الابراهيمية

ما الفرق بين الركن والواجب في الصلاة

قد بيّن أهل العلم ووضّحوا الفرق بين الركن والواجب في الصّلاة المفروضة على المسلم، حيث قالوا بأنّ الرّكن هو الفعل والقول الّذي لا يسقط عن المسلم في صلاته عمدًا أو سهوًا أو جهلًا، ولا بدّ له من الإتيان به وإلّا بطلت الصّلاة، أما الواجب فهو الّذي يسقط عن المسلم في صلاته سواءً جهلًا أو نسيانًا، ويجبره المسلم بسجود السّهو قبل أو بعد التّسليم، ولا تبطل بدونه الصّلاة والله أعلم.[10]

واجبات الصلاة

قد أحصى أهل العلم واجبات الصّلاة وهي ثمانية واجباتٍ إذا نسيها المسلم أثناء أداء الصّلاة جبرها وتلافى نسيانها بسجود السّهو، والواجبات هي:[11]

  • التكبير عند القيام والرّكوع والقعود.
  • قول سمع الله لمن حمده عند القيام من الرّكوع.
  • قول ربّنا ولك الحمد عند القيام من الرّكوع.
  • قول سبحان ربّي العظيم أثناء الرّكوع.
  • قول سبحان ربّي الأعلى أثناء السّجود.
  • قول ربّ اغفر لي عند الاطمئنان بين السّجدتين.
  • التشهّد الأول في وسط الصّلاة.
  • الجلوس للتشهّد الأول.

أركان الصلاة

إنّ أركان الصّلاة كثيرةٌ وقد بلغ عددها أربعة عشر ركنًا، لا تصحّ الصّلاة بدونها إطلاقًا ولا تسقط في الصّلاة في أي حالٍ من الأحوال، والأركان هي:[11]

  • الصّلاة قائمًا على من استطاع من المسلمين.
  • تكبيرة الإحرام عند بداية الصّلاة والشّروع فيها.
  • قراءة سورة الفاتحة في كلّ ركعةٍ من ركعات الصّلاة.
  • الركوع.
  • الرّفع من الرّكوع.
  • الاعتدال قائمًا بعد الرّفع من الرّكوع.
  • السّجود مرّتين بالأعضاء السّبعة.
  • الرّفع من السّجود.
  • الجلوس بين السّجدتين.
  • الطمأنينة والسّكون في كلّ ركنٍ فعليّ.
  • التشهّد الأخير.
  • الجلوس للتشهد الأخير وعند التسليم.
  • التسليم عن اليمين وعن الشّمال.
  • مراعاة ترتيب الأركان وعدم تقديم ركنٍ على ركن.

شاهد أيضًا: بحث كامل عن الصلاة وأهميتها مع المقدمة والخاتمة

هنا نكون قد وصلنا لختام مقالنا حكم التشهد الأول والأخير، والّذي وضحّنا فيه الأحكام تفصيليًّا مع الأدلّة من السّنة النّبويّة المباركة، كذلك تحدّثنا عن الفروق بين التشهّدين وعن صيغ التشهد، كما ذكرنا حكم نسيانهما وحكم الزيادة في التشهد الأول، بالإضافة إلى الحديث عن واجبات وأركان الصّلاة والفرق بينهما.

المراجع

  1. تخريج سنن أبي داود , شعيب الأرناؤوط، رفاعة بن رافع، 860، إسناده حسن.
  2. dorar.net , حُكمُ التشهُّدِ الأوَّلِ والجلوسِ له , 05/12/2021
  3. صحيح النسائي , الأبباين، عبد الله بن مسعود، 1276، صحيح.
  4. dorar.net , حُكمُ التشهُّدِ الأخيرِ , 05/12/2021
  5. صحيح الجامع , الألباني، مالك بن الحويرث، 893، صحيح.
  6. islamqa.info , صيغ التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم , 05/12/2021
  7. binbaz.org.sa , حكم من نسي التشهد الأول في الصلاة , 05/12/2021
  8. binbaz.org.sa , حكم من نسي التشهد الآخير في الصلاة , 05/12/2021
  9. islamweb.net , حكم الزيادة في التشهد الأول , 05/12/2021
  10. islamqa.info , الفرق بين الركن والواجب في الصلاة , 05/12/2021
  11. islamqa.info , ما هي أركان الصلاة وواجباتها وسننها؟ , 05/12/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *