حكم صلة الارحام غير المسلمين بالمال
جدول المحتويات
حكم صلة الارحام غير المسلمين بالمال هو الموضوع الّذي سيتمّ الحديث عنه في هذا المقال، فقد خلقنا الله تعالى وجعلنا شعوبًا وقبائل، وجعل للإنسان درجاتٍ من القرابة تبدأ من أبويه، وأمر الإنسان بالمحافظة على العلاقات الحسنة بينه وبي أقربائه، وأن يكون على صلةٍ بهم، يعلم حالهم ويشاركه أحزانهم وأفراحهم، وعبر موقع المرجع سنتعرّف على حكم صلة الرّحم الّذين لم يسلموا من خلال إعطائهم المال.
صلة الرحم
قبل الخوض في حكم صلة الارحام غير المسلمين بالمال، من الضّروري تعريف مفهوم صلة الرّحم، والذي يعني الإحسان للأقارب بالخير وفع الشرور عنهم ما أمكن الإنسان وبقدر استطاعته، وعند القول قطع الرّجل رحمه فالمقصود أنّه لم يحسن إليهم وقد يكون أساء، وقد ورد عن أهل العلم أنّ صلة الرّحم واجبةٌ على المسلمين، وقطيعة الرحم كبيرة من كبائر الذنوب التي قد يرتكبها الإنسان في حقّ أرحامه.[1]
شاهد أيضًا: دعاء عن صلة الرحم قصير مكتوب
حكم صلة الارحام غير المسلمين بالمال
إنّ حكم صلة الارحام غير المسلمين بالمال جائزة لكنّها ليست واجبة باتّفاق المذاهب الأربعة، فلو كان الرّحم أخًا أو أبًا أو أمًّا أو سواهما وهم على غير دين الإسلام فصلة الرّحم بالمعروف أمرٌ مستحبّ، بشرط أن لا تكون الأرحام من غير المسلمين في حالة حربٍ مع المسلمين، وقد ورد في سورة الممتحنة قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.[2] وبذلك لو كانت الأرحام من الكفار أو المشركين في حربٍ مع المسلمين، فلا تجوز صلتهم لا بمال ولا بغيره، ومن الأدلة أيضًا على جواز صلة الأرحام غير المسلمين وغير المقاتلين للمسلمين هو أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلّم أذن لأسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- أن تصل أمّها ولم تكن قد أسلمت بعد.[3]
شاهد أيضًا: رسالة عتاب عن صلة الرحم
حكم صلة الأرحام المسلمين بالمال
ببيان أنّ حكم صلة الأرحام غير المسلمين بالمال جائزة ولا حرج فيها، فحكم صلة الأرحام المسلمين بالمال وغيره واجبة على المسلم بقدر استطاعته، وتركها من المحرّمات وكبيرة من كبائر الذنوب، فلا خلاف بين أهل العلم أنّ صلة الأرحام واجبة، ويختلف حكمها باختلاف قدرة الواصل والموصول، فلو كان الإنسان غنيًّا وله أخٌ فقير وجب عليه صلته بالمال، وأصبح ذلك عليه واجبًا، ولو كان الأخوين من الأغنياء لا يحتاج أن يصلا بعضهما بالمال، لكن يتوجّب عليهما الصّلة بأشياء أخرى كالسلام والزّيارة وغيرها والله أعلم.[1]
هل تجب صلة الرحم الكافر
لا تجب على المسلم صلة الرّحم الكافر، لكن حكم صلة الارحام غير المسلمين بالمال وغيره جائزة بغير وجوب، فالمسلم يصل أرحامه بحسب طاقته، ولو بالكلام الحسن والجميل، وبالمال إن كان مقتدرًا وهم فقراء، بواسيهم وينفق عليهم، أما أهل الكفر والشّرك منهم فلا تجب صلتهم لكن لو فعلها المسلم فذلك حسنٌ منه، فقد يكون بصلته لهم سببًا لهدايتهم ودخولهم الإسلام، فالإحسان للناس من أسباب لين القلوب، أمّا الوالدين لو كانا كافرين فهما بذاتهما لهما حقٌّ عظيم على المسلم، وعليه أن يصاحبهما في الدّنيا معروفًا على أن لا يطيعهما بمعصية وغير ذلك والله أعلم.[4]
شاهد أيضًا: حديث عن فضل صلة الرحم من كتاب رياض الصالحين
من الأرحام الذين تجب صلتهم
باتّفاق أهل العلم في حكم صلة الارحام غير المسلمين بالمال لم يكن خلافٌ في ذلك، لكنّ العلماء كان خلافهم حول الأرحام الذين تجب صلتهم، وكان لأهل العلم في ذلك ثلاثة أقوال، وهي:[1]
- أصحاب القول الأول: قالوا أنّ الأرحام الذين تجب صلتهم هم المحارم الذين تكون بينهم قرابة تمنعهم من الزواج لو كان أحدهما ذكرًا والآخر أنثى، وبهذا فتكون الأرحام الواجب وصلها هم الوالدان ووالديهم مهما علوا، والأولاد وأولادهم مهما نزلوا، والأخوة والأخوات وأولادهم مهما نزلوا، والأعمام والعمات والأخوال والخالات.
- أصحاب القول الثاني: قالوا أنّ الأرحام الواجب وصلهم هم القرابة الذين يتوارثون، وبهذا لا يكون الأخوال والخالات من الأرحام الواجب وصلها، وقد ضعّف أهل العلم هذا القول لأنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- جعل الخالة بمنزلة الأم.
- أصحاب القول الثالث: قالوا أنّ الأرحام الواجب وصلها كل ما يشمله الرّحم فكلّ قريبٍ لك من الأرحام الذين تجب صلتهم، ويدخل في ذلك أولاد العم والعمة وأولاد الخال والخالة وأولادهم.
كيف يصل المسلم رحمه؟
إنّ الخوض والتفصيل في حكم صلة الارحام غير المسلمين بالمال، فإنّه من اللازم للمسلم أن يعرف كيف يصل رحمه وبم تكون الصّلة وكيف تتحقق، ومن الجدير بالذّكر أنّ صلة الرحم تختلف بحسب حاجة الموصول وحسب قدرة الواصل، وتختلف بقرب الرّحم وبعده عن المسلم من حيث القرابة والمكان، ويمكن أن تكون صلة الرّحم بما يأتي:[1]
- أن يصل المسلم رحمه بالزّيارو في بيوتهم.
- استقبالهم واستضافتهم في بيته ودعوتهم إليه.
- السّلام عليهم وتفقد أحوالهم على الدّوام والسّؤال عنهم ولو بالهاتف.
- أن يعطيهم من ماله سواءً لحاجتهم أو كهدية لو كانوا بغير حاجة من باب إدخال السّرور عنهم والتخفيف عليهم.
- احترام كبيرهم وتوقيره والعطف على صغيرهم والإحسان إليه.
- إعلاء شأن الأرحام وإنزالهم منازلهم وترقيتهم وعدم الإساءة إليهم بالقول أو العمل.
- المشاركة في أفراحهم بالتّهنئة وفي أتراحهم بمواساتهم وتعزيتهم.
- زيارة مرضاهم وإتّباع جنائزهم وإجابة دعواتهم.
- عدم حمل الحقد في الصدر نحوهم.
- إصلاح ذات البين بينهم والسّعي الدّائم لحل خلافاتهم إن وجدت وتصفية نفوسهم.
- الدّعاء لهم بالخير، أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر باللين والنّصح.
شاهد أيضًا: المراد بذوي الرحم هم
ثمرات وفوائد صلة الرحم
إنّ المؤمن الحقّ يصل أرحامه ولا يقطع، مهما بدر منهم ومهما كان موقفهم، وذلك أنّ صلة الرّحم واجبة، وقطيعة الرّحم إثم، ثمّ إنّه بصلته لرحمه سيجني ثمرات تلك الصلة والفوائد العظيمة لها في الدّنيا وفي الآخرة، ومن ثمرات وفوائد صلة الرحم ما يأتي:[1]
- إنّ صلة الرّحم من أسباب نيل صلة الله -سبحانه وتعالى- وقد ورد في الحديث الذي رواه الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: “إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حتَّى إذا فَرَغَ مِن خَلْقِهِ، قالتِ الرَّحِمُ: هذا مَقامُ العائِذِ بكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قالَ: نَعَمْ، أما تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ؟ قالَتْ: بَلَى يا رَبِّ، قالَ: فَهو لَكِ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فاقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَهلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ أنْ تُفْسِدُوا في الأرْضِ وتُقَطِّعُوا أرْحامَكُمْ}.[5]
- صلة الرّحم من أسباب دخول العبد للجنّة.
- بصلة العبد لرحمه فإنّه يمتثل لأوامر الله جلّ وعلا.
- صلة الرّحم من الإيمان بالله واليوم الآخر وهي من أحبّ الأعمال إلى الله.
- من وصايا النّبي صلى الله عليه وسلم أن يصل المسلمون أرحامهم.
- يكسب واصل الرحم شهادة الرحم له يوم القيامة.
- ينال واصل الرّحم زيادةً في العمر وبركةٍ وبسطٍ في الرّزق.
- صلة الرحم تدفع العذاب وتعجّل الثواب وقطيعتها تعجل العذاب، وصلة الرحم تدفع ميتة السوء، وهي أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة.
شاهد أيضًا: اذاعة مدرسية عن صلة الرحم
بهذا نكون قد وصلنا لختام مقال حكم صلة الارحام غير المسلمين بالمال، والذي تمّ تسليط الضوء فيه على مفهوم صلة الرحم، وبيان أهمّ أحكام صلة الرّحم، فقد بيّن المقال حكم صلة الرحم الكافر والرحم المسلم، وبيّن الرحم التي يجب وصلها، وبيّن كيفية صلة الرّحم وثمارها وفوائدها.
المراجع
- saaid.net , صلة الرحم , 15/12/2021
- سورة الممتحنة , الآية 8-9.
- dorar.net , صِلةُ الرَّحِمِ الكافِرةِ , 15/12/2021
- binbaz.org.sa , درجات صلة الرحم وحكم صلة الكفار منهم , 15/12/2021
- صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 5987، صحيح.
التعليقات