حكم القيء في رمضان عند المالكية

حكم القيء في رمضان عند المالكية هو ما يتمّ البحث عنه في بلاد الحرمين الشريفين التي تنهج مذهب الإمام مالك في أحكامها الشرعية، فالصوم في رمضان من أعظم الفرائض والعبادات على المسلمين، والتي خصصها الله سبحانه وتعالى في شهر رمضان المبارك، فالصوم ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة، ولا يكتمل إسلام العبد إلا معه، ومن خلال موقع المرجع سيتم بيان حكم القيء في الصيام ومذاهب العلماء في رجوع القيء من الصائم، والتطرق إلى إجابة هل الاستفراغ يبطل الصيام.

حكم القيء في رمضان عند المالكية

ذهب أصحاب المذهب المالكي من أهل العلم أنّ القيء في رمضان لا يفطر إن لم يكن متعمدًا، أما من قاء متعمدًا فقد فسد صومه وأفطر ويلزمه القضاء ولا كفارة عليه، وقد وافقهم في ذلك أهل العلم في المذاهب الفقهية الأربعة من الأحناف والشافعية والحنابلة، وهو قول أهل العلم بالإجماع، وقد استدلوا بذلك على الأثر الوارد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه حين قال: “مَن ذرعَهُ قَيءٌ وَهوَ صائمٌ، فلَيسَ علَيهِ قضاءٌ، وإن استَقاءَ فليقضِ“.[1] فكل مسلم غلبه القيء فلا حرج عليه ويكمل صومه فهو لم يفسد أما لو استقاء واستفرغ عن عمدٍ وتقصد باختلاف الطريقة وبأي أسلوب، فإن صيامه فسد ويلزمه التوبة والقضاء ولا تجب عليه الكفارة، وقد ورد في الفواكه الدواني للنفراوي المالكي: “وإن استقاء بالمد أي استدعى خروج القيء فقاء أي خرج منه القيء فعليه القضاء بمجرد خروجه، وظاهره ولو تيقن عدم رجوع شيء منه إلى حلقه، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء، وإن استقاء عمدا فعليه القضاء. رواه أصحاب السنن والحاكم. قال الترمذي: حسن غريب وضعفه البغوي” والله ورسوله أعلم.[2]

حكم الاستفراغ اثناء الصيام

ذهب جمهور أهل العلم أنّ الاستفراغ أثناء الصوم يبطله إن كان متعمدًا، أما إذا غلب المسلم القيء وخرج بغير اختياره فلا يفسد ثومه إلا إذا ابتلع منه شيئًا باختياره بعد وصوله إلى الفم وإمكان بصقه، وفي حكم قضاء هذا اليوم يكون واجبًا إن كان القيء متعمدًا، ويحرم على المسلم إفساد وتعمد القيء في الصوم الواجب كصيام رمضان وصيام الكفارة والنذر ونحوه، أما ما كان من صوم التطوع فلو أفسده فلا شيء عليه ولا قضاء يجب عليه، لكن الأولى على المسلم أن لا يفسد الصوم ما دخل فيه، وذكر بعض أهل العلم أنّه حتى لو استقاء في الصوم النافلة فإنّه يلزمه القضاء والله ورسوله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: هل الاستفراغ يبطل الصيام للحامل

هل يؤثر القيء على صوم الحامل

إنّ القيء من غير عمد لا يبطل الصيام لا للحامل ولا لغير الحامل، أمّا القيء عمدًا فهو مُبطلٌ للصوم، سواءً كان ذلك من رجل أو امرأة، وسواءً كانت المرأة حاملًا أم غير حامل، وعلى من فعل ذلك وتعمد القيء، فإنه يلزمه القضاء يومًا مكانه ويلزمه التوبة والاستغفار لما جاء في الحديث من استقاء عمدًا فليقض، فالحامل إن قاءت بغير إرادتها فلا حرج عليها، أمّا لو تعمدت القيء فسد صومها والله ورسوله أعلم.[4]

هل القيء يفسد الصيام في غير رمضان

ذهب أهل العلم أنّ الاستفراغ والقيء في صوم النافلة يعدّ مبطلًا للصوم فيها، وذلك أنّ الصوم بعد القيء فيه مشقة والذي لا داعي لأن يتعرض لها المسلم في صوم النافلة لو لم يكن الصوم مفروضًا، ولو استقاء متعمدًا فسد صومه بلا خلاف في النافلة وفي الفريضة من الصيام، ويرى الشيخ ابن باز رحمه الله أنّ القيء في صوم النافلة لا يبطل الصيام، وذلك لما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ومن الجدير بالذكر أن النوافل في العبادات يتمّ التخفيف فيها مقارنةً بالضوابط الشرعية الموجودة في العبادات المفروضة.

شاهد أيضًا: هل نزيف الانف يبطل الصيام

حكم القضاء على من استقاء في نهار رمضان

بحسب ما ورد عن السلف الصالح، وما ذكره أهل العلم في الفتاوى التي تمّ الاتفاق عليها أنّ القيء عمدًا في رمضان يبطل الصوم ويوجب القضاء، فمن استقاء متعمدًا وهو صائم يجب عليه القضاء، وقد عُرضت هذه المسألة على الشيخ ابن باز رحمه الله فقال:[5]

“إن كان الاستفراغ باختيارك؛ فعليك القضاء، لقول النبي ﷺ: من ذرعه القيء؛ فلا قضاء عليه، ومن استقاء؛ فعليه القضاء أما إذا كان غلبك، ولم تختاري ذلك، ولكن غلبك، وخرج بغير اختيارك؛ فليس عليك قضاء لهذا الحديث المذكور، أما إن كنت استفرغت أنت بنفسك اختيارًا منك في الأيام العشرة؛ فإنك تقضين جميع الأيام؛ لأن الصوم بطل بذلك”.

شاهد أيضًا: ماهي الاشياء التي تجرح الصيام

مذاهب العلماء في رجوع القيء من الصائم

ببيان حكم القيء في رمضان عند المالكية، فإنّ أهل العلم قد وضّحوا مسألة رجوع القيء من الصائم، فلو تعمد المسلم بلع القيء وما في حكمه مع التمكن من مجّه وإخراج فقد فسد صومه، ولا يجوز إفساد الصوم الواجب بل عليه أن يحافظ على صحته، ومذاهب أهل العلم في ذلك كما يأتي:[6]

  • عند الحنفية: لو عاد القيء بنفسه بغير صنع الصائم، ولو كان ملء الفم مع تذكر الصائم للصوم فإنه لا يفسد صومه، وذلك لعدم وجود الصنع عندهم ولأنه لم توجد صورة الفطر ولا يتغذى به عادةً بل تعافه النفس.
  • عند المالكية: إنّ القيء المفطر هو القيء الراجع، سواءً كان القيء لعلة أو لامتلاء المعدة، قل أو كثر تغير أو لا رجع عمدًا أو سهوًا، فهو بكلّ أحواله مفطر وعلى الصائم القضاء.
  • عند الحنابلة: لو عاد القيء بنفسه دون إرادةٍ من المسلم فإنه لا يفطر وذلك لأنّه كالمُكره، أما لو أعاده فإنه يفطر.
  • عند الشافعية: إن رجوع القيء بكل أحواله يبطل الصوم مهما قل، وقد ذكر الشافعي قوله: “بالاستقاءة كأن تقيأ منكوسا (بطل) صومه بناء على أنها مفطرة لعينها لا لعود شيء، ووجه مقابله البناء على أن المفطر رجوع شيء مما خرج وإن قل”.

مقالات مقترحة

نرشح لكم أيضًا قراءة المقالات التالية:

بهذا نختتم مقال حكم القيء في رمضان عند المالكية، والذي بيّن عديد الأحكام الشرعية في صحة الصوم مع القيء والاستفراغ، وحكم القضاء على من استفرغ واستقاء، وحكم صوم من رجع عليه القيء.

المراجع

  1. صحيح أبي داود , الألباني/أبو هريرة/2380/صحيح
  2. dorar.net , المبحث الرابع: الاستِقاءُ , 09/03/2024
  3. ar.islamway.net , القيء بين إفساد الصوم وعدمه , 09/03/2024
  4. islamweb.net , هل يؤثر القيء على صوم الحامل , 09/03/2024
  5. binbaz.org.sa , حكم القضاء على من استقاء في نهار رمضان , 09/03/2024
  6. islamweb.net , مذاهب العلماء في رجوع القيء من الصائم , 09/03/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *