حكم المشي في المنزل بدون ملابس

حكم المشي في المنزل بدون ملابس من الأحكام التي تهمّ جميع المسلمين والمسلمات، والتي من المهم أن يتمّ الاطّلاع عليها وعرفتها، فالشريعة الإسلامية جاءت بما ينفع الناس ويحدد مصالحهم، ولم يترك الدّين الإسلامي أيّ أمرٍ في حياة المسلم من غير تنظيم ولا ضوابط تحدده وتسيّره على أسلم وجه، ومن المشروع للرجال والنساء بطبيعة الحال ستر العورة وعدم كشفها أمام الأجانب، ويهتمّ موقع المرجع وعبر هذا المقال ببيان ضوابط التعري للمسلمين في الخلوة والانفراد وحكم مشب المسلم في البيت من غير ملابس.

حكم المشي في المنزل بدون ملابس

اختلف أهل العلم في حكم المشي في المنزل بدون ملابس، فمنهم من قال أنّه مباح ومنهم من حرّمه إلا لضرورةٍ وحاجة، فأهل العلم الذين أباحوا ذلك اشترطوا وجود المسلم وحيدًا في منزله وأمنه من أن يطّلع أحدٌ على عورته، وقد ورد عن زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: “يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ فِي الْخَلْوَةِ لِأَدْنَى غَرَضٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ حُصُولُ الْحَاجَةِ، قَالَ: وَمِنْ الْأَغْرَاضِ كَشْفُ الْعَوْرَةِ لِلتَّبْرِيدِ، وَصِيَانَةِ الثَّوْبِ مِنْ الْأَدْنَاسِ وَالْغُبَارِ عِنْدَ كَنْسِ الْبَيْتِ، وَغَيْرِهِ” أمّا جمهور أهل العلم وقولهم هو الراجح بأنّه يجب على المسلم ستر العورة في حال الخلوة إذا لم تدعه الحاجة إلى كشفها، واستدلّوا على ذلك بقول النّبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه بهز بن حكيم أن أبيه عن جدّه قال:” يا رسولَ اللَّهِ عوراتُنا ما نأتي منها وما نذَرُ قالَ احفَظْ عورتَكَ إلَّا من زوجتِكَ أو ما ملكت يمينُكَ قلتُ يا رسولَ اللَّهِ أرأيتَ إن كانَ القومُ بعضَهم في بعضٍ قالَ فإنِ استطعتَ أن لا تُريَها أحدًا فلا تُرينَّها قلتُ يا رسولَ اللَّهِ فإن كانَ أحدُنا خالِيًا قالَ فاللَّهُ أحقُّ أن يُستحيا منهُ منَ النَّاسِ”. [1] ففي الحديث بيانٌ للأمر بستر العورة حتّى في الخلوة.[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز للزوجين النوم عاريان

حكم التعري والتجرد من الثياب؟

بيّن أهل العلم وفصّلوا في حكم  المشي في المنزل بدون ملابس، فالتعري من كلّ الثياب عند قضاء الحاجة ليس بحرام، ولكنّ أهل العلم بيّنوا أنّ التعري والتجرّد من الثياب مطلقًا من غير حاجةٍ له مكروه، والأولى عدم الإتيان به لما فيه من منافاة الحياء من الله حتّى بالخلوة، فيجب على المسلم أن يستر عورته عن أعين الناس، حتّى لو كان في مكانٍ خالٍ يسترها حياءً من الله، وقال بعض أهل العلم بوجوبها عليه، واستثنى أهل العلم الحاجيات التي تلزم كشف العورة ووضع اللباس من دخول خلاء واغتسال وتنظيف ثوب وغير ذلك فيكشف عورته ليقضي حاجته فقط والله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: حكم تقبيل الفرج لابن باز

حكم النوم بدون ملابس

وضّح أهل العلم في حكم المشي في المنزل بدون ملابس منهيٌّ عنه، أمّا بالنسبة لحكم النوم عاريًا بدون ملابس فلا حرج على المسلم وضع ثيابه عند نومه، ويمكن له أن ينام عاريًا بشرط أن يكون في غرفة نومه الخاصة التي يأمن عدم دخول أحدٍ عليه في نومه، وأن يضع عليه غطاءً يأمن عدم انزياحه عنه، ولذلك أمر الله -سبحانه وتعالى- الأطفال والخدم وغيرهم بالاستئذان في وقت النوم والراحة للدّخول، بمظنّة هذه الأوقات لوضع الثياب والتجرد منها أثناء النوم، ولكن على المسلم أن يدرك أنّ الستر للعورة في الخلوة ووقت النوم وغيره مطلوبٌ منه حياءً من الله وملائكته، والله ورسوله أعلم.[4]

هل يجوز أن يمشي الإنسان في الغرفة المغلقة بدون ملابس بعد الجماع؟

إنّ حكم المشي في المنزل بدون ملابس في الغرفة المغلقة بعد الجماع بين الزوج وزوجته أمرٌ مباح وجائز، وذلك إن أمن الزوجان عدم اطّلاع أحدٍ على عورتيهما، وكانت الغرفة مغلقة وساترة، فللرجل أن يمشي أمام زوجته من غير ملابس وللمرأة أن تمشي أمام زوجها من غير ملابس أيضًا، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ ستر العورة يكون أمام عامّة الناس إلا الزوجة وما ملكت اليمين، وكذلك ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}. [5] ولذلك فإنّ الأمر مباحٌ بين الزوجين والأولى لهما الاستتار والله أعلم.[6]

شاهد أيضًا: حكم لبس البنطلون للنساء

هل يجوز للزوجين النوم عاريان

بيّن الفقهاء أنّ نوم الزجين عاريان جائزٌ ومباحٌ في الإسلام، وأنّه لا حرج عليهما في ذلك بما اتّفق عليه أهل العلم، فالله سبحانه قد أمر عباده بصون الفرج وحفظه عن الناس أجمعين، إلا عن الزوج والزوجة وما ملكت اليمين، فلا يلام الرجل لو نام مع زوجته عريانًا ولا تلام المرأة لو نامت مع زوجها عريانة، فلهما عموم الرؤية واللمس والاختلاط ببعضهما بما شرّع الله، واستدل أهل العلم بما روته أمّ المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله عنها- قالت: “كُنْتُ أغْتَسِلُ أنَا ورَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِن إنَاءٍ بَيْنِي وبيْنَهُ واحِدٍ، فيُبَادِرُنِي حتَّى أقُولَ: دَعْ لِي، دَعْ لِي. قالَتْ: وهُما جُنُبَانِ”. [7] وقد ورد عن الشيخ الألباني قوله: “تحريم النظر بالنسبة للجماع من تحريم الوسائل، فإذا أباح الله تعالى للزوج أنْ يجامع زوجته ، فهل يعقل أنْ يمنعه من النظر إلى فرجها ؟! اللهمَّ لا” فالنظر للفرج والجماع مباحان فكيف لا يباح للرجل أن ينام عريانًا مع زوجته، فالأمر مباحٌ والله أعلم.[8]

ما عورة الرجل الواجب عليه سترها

إنّ الخوض في حكم المشي في المنزل بدون ملابس يدفع للاطّلاع على ما يجب للرجل ستره من عورته، أو ما هي عورة الرجل التي عليه سترها من جسده، وفصّل أهل العلم في ذلك، وقسّموا الأمر لقسمين رئيسين وهما:[9]

  • ما على الرجل ستره أمام الرجال وفي الخلوة: اتّفق أئمة المذاهب الأربعة أنّ على الرجل واجبًا أن يستر ما بين سرّته وركبته أمام الرجال وفي خلوته، وقد ورد عن المسور بن مخرمة أنّه قال: “أَقْبَلْتُ بحَجَرٍ أحْمِلُهُ ثَقِيلٍ وعَلَيَّ إزَارٌ خَفِيفٌ، قالَ: فَانْحَلَّ إزَارِي ومَعِيَ الحَجَرُ لَمْ أسْتَطِعْ أنْ أضَعَهُ حتَّى بَلَغْتُ به إلى مَوْضِعِهِ. فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ارْجِعْ إلى ثَوْبِكَ فَخُذْهُ، ولَا تَمْشُوا عُرَاةً”.[10]
  • ما يجب على الرجل ستره أمام النساء الأجانب: لا تختلف عورة الرجل أمام الرجال وأمام النساء وهي واحدة، فعليه أن يستر ما بين الركبة والسرة أمام أيّ امرأةٍ أجنبية، وهذا هو قول جمهور العلماء، فنظر المرأة إلى عورة الرجل محرّمة.

ما يجب على المرأة ستره من جسدها

إنّ المرأة موقّرةُ ومبجّلة في الإسلام، وقد شرّع الإسلام الأحكام والضوابط لصونها وحمايتها ورفعتها عن الأذى، فستر جسدها وغطّى عورتها حتّى لا تنهش منها الذئاب البشرية، وإنّ الفقهاء قد بينوا ما يجب على المرأة ستره من جسدها مع حكم المشي في المنزل بدون ملابس، وقسّموا الحكم لثلاث حالات وهي:[11]

  • عورة المرأة أمام الرجال الأجانب: من واجب المرأة أن تستر كلّ بدنها أمام الأجنبي بما في ذلك وجهها وكفيها، وهو قول جمهور العلماء وحكي فيه بالإجماع، والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}. [12]
  • عورة المرأة أمام محارمها: على المرأة وجوبًا أن تستر جسدها كلّه أمام محارمها، إلا ما ظهر منه غالبًا كالوجه والرقبة والشعر والقدمين والكفين ونحوه، وهو مذهب الأحناف والحنابلة وقولٌ عند الشافعية، بدليل قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.[13]
  • عورة المرأة أمام النساء الأخريات: فعلى المرأة المسلمة أن تستر بدنها كلّها إلا ما ظهر منها غالبًا من وجهٍ وشعر ورقبة ونحوه أمام المرأة الأخرى سواءً كانت كافرة أو مسلمة، وهو القول الراجح والغالب.

بهذا القدر من المعلومات نصل لنهاية مقال حكم المشي في المنزل بدون ملابس، والذي بيّن عديد الأحكام وضوابط الشريعة في التعري ووضع الثياب في الخلوة، وأحكام التعري بين الزوجين والتعري عند النوم، كما بيّن ما يجب على الرجل والمرأة ستره من جسديهما.

المراجع

  1. صحيح ابن ماجه , الألباني/ معاوية بن حيدة القشيري/1572/حسن
  2. dorar.net , المبحث الثالث: ما يجِبُ سَترُه في الخَلوةِ , 02/01/2022
  3. islamweb.net , كراهية التعري لغير حاجة , 02/01/2022
  4. islamweb.net , حكم النوم بدون ملابس , 02/01/2022
  5. سورة المؤمنون , الآية 5-7
  6. islamqa.info , هل يجوز أن يمشي في الغرفة المغلقة بعد الجماع عارياً , 02/01/2022
  7. صحيح مسلم , مسلم/ عائشة أمّ المؤمنين/ 321/ صحيح
  8. islamqa.info , هل يجوز للزوجين التَّجرّد من الثياب حال النوم وما أثر ذلك في الطهارة , 02/01/2022
  9. dorar.net , ما يجِبُ على الرجُلِ سَترُه , 02/01/2022
  10. صحيح مسلم , مسلم/ المسور بن مخرمة/ 341/ صحيح
  11. dorar.net , ما يجِبُ على المرأةِ سَترُه , 02/01/2022
  12. سورة الأحزاب , الآية 59
  13. سورة النور , الآية 31

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *