الأضحية في عيد الأضحى ، حكمها شروطها ووقتها

الأضحية في عيد الأضحى من العبادات التي يجب على المسلم معرفة تفاصيلها قبل قدوم عيد الأضحى إذا كان ينوي تقديم الأضحية، وهذا ما سوف نتعرف عليه في هذا المقال، حيثُ يتميَّز عيد الأضحى عند المسلمين بأداء فريضة الحج في أيامه المباركة وبتقديم الأضاحي لوجه الله تعالى، وسوف يقدم موقع المرجع تفصيلًا كاملًا حول الأضحية في عيد الأضحى وحول حكم الأضحية في عيد الأضحى وشروط الأضحية والمضحي وغير ذلك.

عيد الأضحى المبارك

يحتفل المسلمون في كل عام هجري بعيد الأضحى المبارك الذي يأتي في العاشر من شهر ذي الحجة كل عام، وأيام العشر الأوائل من ذي الحجة هي أفضل الأيام في الإسلام، حيثُ يؤدي فيها المسلمون فريضة الحج التي تعدُّ أحد أركان الإسلام وأعظم العبادات، يأتي يوم عيد الأضحى بعد وقفة عرفة التي تعدُّ أهم ركن من أركان الحج، وينتهي العيد في يوم 13 من شهر ذي الحجة، ويسمَّى عيد الأضحى أيضًا بعيد النحر والعيد الكبير وعيد الحجاج وعيد القربان، وتكون أيامه أيام عبادة وذكر وصدقات وعطاء كثير للفقراء.[1]

اقرأ أيضًا: سنن عيد الاضحى وأحكام الأضحية

الأضحية في عيد الأضحى

يعدُّ تقديم الأضاحي من أهم العبادات التي يقوم فيها المسلمون في عيد الأضحى، حيثُ يتشارك في هذه العبادة الحاج وغير الحاج، وفي هذه العبادة تذكير بقصة سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما رأى في المنام أنَّه يذبح ابنه إسماعيل عليه السلام، وبعد أنََّ صدَّق الرؤيا هو وإسماعيل وتوجَّه إلى ذبحه جاءه الأمر من الله تعالى بذبح أضحية بدلًا من ذبح ابنه إسماعيل، حيث يقول تعالى في كتابه العزيز: “فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ *وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ”،[2] ومن أجل ذلك يتقرب المسلمون إلى الله بأضحية من الأنعام ويتمُّ توزيع اللحم على الأهل والفقراء والأقارب، ولذلك سمِّيَ بعيد الأضحى.[1]

حكم الأضحية في عيد الأضحى

إنَّ الأضحية في عيد الأضحى سنة مؤكدة في الإسلام، وقد ذهب إلى هذا القول عدد كبير من العلماء والأئمة فهو مذهب الشافعية والحنابلة والظاهرية والمالكية وجمهور العلماء، ودليل ذلك الحديث الذي وردَ عن أم سلمة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا دخَلَت العَشْرُ، وأراد أحَدُكم أن يضَحِّيَ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِه وبَشَرِه شيئًا”،[3] وقد علَّق الأضيحة بقوله: إذا راد وهذا يدلُّ على أنها ليست واجبًا، وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها: “أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ بكبشٍ أقرَنَ، يطَأُ في سوادٍ، ويَبْرُكُ في سوادٍ، وينظُرُ في سوادٍ؛ فأُتِيَ به ليُضَحِّيَ به، فقال لها: يا عائشةُ، هَلُمِّي المُدْيَةَ. ثم قال: اشْحَذِيها بحَجَرٍ، ففَعَلَتْ: ثمَّ أخَذَها وأخَذَ الكَبْشَ فأضجَعَه، ثم ذبَحَه، ثمَّ قال: باسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تقبَّلْ مِن محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ، ومنْ أمَّةِ محمَّدٍ. ثم ضحَّى به”،[4] وبذلك ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل من لم يضح من المسلمين سواء كان قادرًا أو غير قادر على الأضحية.[5]

شاهد أيضًا: هل الاضحية واجبة على المقتدر وحكمها لغير المقتدر

وقت الأضحية في عيد الأضحى

إنَّ وقت الأضحية في عيد الأضحى أربعة أيام وهي أيام عيد الأضحى المبارك، اليوم العاشر من ذي الحجة والذي يسمى يوم النحر والثلاثة أيام التي تليه وهي أيام التشريق وأيام النحر وأيام الذكر وأيام رمي الجمرات للحجاج في بيت الله الحرام، وهذا القول هو الراجح من أقوال أهل العلم، ويبدأ وقتها حسب رأي العلماء:[6]

  • يبدأ المسلمون بذبح الأضاحي بعد صلاة عيد الأضحى مباشرةً للإنسان المقيم في بلده، وقد جاء هذا في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا ذبحَ المسلم قبل الصلاة فإنَّها له تعدُّ أضحية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن صَلَّى صَلَاتَنَا، ونَسَكَ نُسُكَنَا، فقَدْ أصَابَ النُّسُكَ، ومَن نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فإنَّه قَبْلَ الصَّلَاةِ ولَا نُسُكَ له”.[7]
  • أمَّا إذا كان الإنسان في البادية وهو كالمسافر ولا صلاة عنده فإنَّه يضحي بعد ارتفاع الشمس وبعد أن يمضي وقت على ارتفاعها،
  • وبالنسبة للحجاج في منى فإنهم أيضًا يذبحون بعد ارتفاع الشمس بمدة ورمي الجمرات عندهم يقوم مقام صلاة العيد وهذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد رمى الجمرات ثمَّ ذبح أضحيته في حجة الوداع ولم يصلِّ وقتها صلاة العيد.

فضل الأضحية في عيد الأضحى

إنَّ الأضحية في عيد الأضحى شعيرة من شعائر الله تعالى ومعلم من معالم الإسلام والحج والعيد، ويقول تعالى في كتابه الكريم: “ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ”،[8] وفيما يأتي سيتمُّ ذكر بعض النقاط التي توضح فضل الأضحية في الإسلام:[5]

  • الأضحية شكر لله تعالى على ما أنعم به على المسلم من نعم كثيرة وعظيمة لا تعدُّ ولا تحصى.
  • إنَّ الذبح لوجه الله تعالى والتقرُّب إليه بالأضاحي من أعظم وأجل العبادات والطاعات، وقد قرن الله تعالى الذبح بالصلاة لعظيم شأن الذبح في كثير من الآيات الكريمة، حيثُ يقول في سورة : “فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ”.[9]
  • الأضحية إحياء لسنة نبي الله إبراهيم عليه السلام، عندما افتدى ولده إسماعيل بذبح عظيم كما أمره الله تعالى بعد تصديق رؤيا ذبحه، وفي ذلك يتذكر المسلم صبر نبي الله إبراهيم وابنه على قضاء الله وقدره، وكيف أنهما قدما طاعة الله تعالى على النفس والولد.
  • تعويد النفس على الإنفاق في سبيل الله والصبر على الطاعات وتقديم طاعة الله ومحبته على أهواء النفس وشهواتها.
  • في الأضحية توسعة على أهل البيت والنفس وإكرام الجيران والتصدق على الفقراء، وذلك من شأنه إدخال السرور والفرح إلى قلوب المسلمين بهذه النعم الجليلة.
  • الأضحية تحدُّث بنعم الله تعالى التي أنعمها على عباده وخصوصًا الميسورين منهم، قال تعالى: “وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ”.[10]
  • في ذبح الأضاحي مبالغة من الإنسان في الإقرار بما أمر به الله تعالى وأخبر به عن خلق الأنعام لمنفعة الإنسان، وقد أذن بذبحها وأكلها للناس وهذا من نعم الله تعالى أيضًا.

اقرأ أيضًا: هل يجوز اشتراك الأب والابن في الأضحية ؟ وحكم الاشتراك في الاضحية

شروط الأضحية والمضحي في عيد الأضحى

لقد ذكرَ العلماء عدة شروط من أجل صحة الأضحية، ولا تقتصر الشروط على الأضحية فقط، حيث يوجد شروط للمضحي أيضًا، وفيما يأتي يتمُّ ذكر شروط الأضحية والمضحي في الإسلام بالتفصيل:[5]

شروط صحة الأضحية

فيما يأتي سيتم ذكر الشروط التي لا تصح الأضحية إلا بها، وفيما يأتي شروط الأضحية :

  • أن تكون من الأنعام: أهم الشروط أن تكون الأضحية إحدى بهائم الأنعام وهي: البقر والإبل والغنم، قال تعالى في كتابه العزيز: “لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ”.[11]
  • أن تكون قد بلغت السن المحددة في الشرع: حيثُ يشترط أن تبلغ عمر الأضحية السنَّ المعتبرة وهي: خمس سنين للإبل وسنتان للبقر وسنة للمعز وستة أشهر للضأن، وهذا ما ذهب إليه عدد كبير من الفقهاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تَذبَحوا إلَّا مُسِنَّةً إلَّا أنْ يَعْسُرَ عليكم، فتذبَحوا جَذَعةً مِنَ الضَّأنِ”.[12]
  • سلامتها من العيوب: يجب أن تكون الأضحية خالية من العيوب التي لا تصحُّ الأضحية بها، وهي العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين عرجها والعجفاء التي لا تنقي، فقد قال رسول الله: “سمعْتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وأشار بأصابِعِه، وأصابعي أقصَرُ مِن أصابِعِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يُشيرُ بأُصْبُعِه؛ يقولُ: لا يجوز مِنَ الضحايا: العوراءُ البَيِّنُ عَوَرُها، والعَرْجاءُ البَيِّنُ عَرَجُها، والمريضةُ البَيِّنُ مَرَضُها، والعَجفاءُ التي لا تُنْقِي”.[13]
  • أن تكون الأضحية في وقتها: لأنَّ الأضحية لا تجوز إلا بعد دخول وقتها وهو صلاة العيد حتى رابع يوم العيد.
  • النية: يشترط في صحة الأضحية النية قبل نحرها، وقد اتفق جمهور العلماء على ذلك، لأنَّ الأعمال جميعها بحاجة إلى نية، فقد يكون الذبح للحم، وقد يكون قربة إلى الله تعالى ولذلك فإن الفعل لا يكون قربة بدون النية.

شروط المضحي‎

يوجد عدة شروط يجب أن تكون في المضحي حتى تصح الأضحية منه، وفيما يأتي شروط المضحي في الإسلام:[14]

  •  الإسلام: لا تصحُّ الأضحية من غير المسلم، لأنَّ الأضحية عبادة مخصصة للمسلمين يتقربون بها إلى الله تعالى.
  • البلوغ: يجب أن يكون المضحي بالغًا ولا تجب على الصغير حسب المالكية، أمَّا الحنفية فذهبوا إلى أنَّها تجب على الصغير إذا كان يمتلك المال، ويضحي عنه أبوه أو الوصي عليه.
  • امتلاك المال: ذهب الحنفية إلى أنَّ امتلاك المال شرط في المضحي، لأنها لا تجب في المعدم الذي لا يمتلك ما يزيد عن حاجته اليومية كثمن للأضحية.
  • أن لا يكون حاج: انفردَ المالكية بهذا الشرط وهو أن لا يكون المضحي يؤدي فريضة الحج، لأن السنة للحاج الهدي وليست الأضحية.
  • أن يكون مقيم: وقد انفرد الحنفية في سقوط الأضحية عن المسافر، ورأوا أن المسافر يشق عليه إيجاد أسباب الأضحية جميعها.

شرط الأكل من الأضحية

اختلف الأئمة والعلماء في شرط التسمية عند الذبح من أجل الأكل من الأضحية، وفيما يأتي آراء المذاهب المختلفة في شرط الأكل من الأضحية:[17]

  • يرى بعض الأئمة أن التسمية واجبة عند الذبح، فقد قال تعالى: “وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ”،[15] وأمَّا إذا نسيها المسلم سهوًا فلا بأس في لك، وقد ذهب إلى هذا القول الحنفية والحنابلة والمالكية.
  • أمَّا الشافعية فالتسمية عندهم سنة، وذلك للحديث الذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: “أنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بنِ مَالِكٍ تَرْعَى غَنَمًا له بالجُبَيْلِ الذي بالسُّوقِ، وهو بسَلْعٍ، فَأُصِيبَتْ شَاةٌ، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا به، فَذَكَرُوا للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأمَرَهُمْ بأَكْلِهَا”.[16]
  • وقد ذهب الإمام ابن تيمية إلى أنَّ التسمية على الذبيحة شرط واجب لأكلها، ولا تسقط التسمية بأي حال عن المضحي، بلا بنسيان ولا بجهل، ولا يجوز أكل الأضحية إذا لم نسيَ المسلم التسمية عند الذبح، وهذه رواية عن الإمام أحمد والإمام مالك.

في نهاية مقال الأضحية في عيد الأضحى تعرفنا على لمحة عن عيد الأضحى ودلالته في الإسلام، وعلى أضحية العيد وشروطها وعلى حكم الأضحية في عيد الأضحى وعلى شروط المضحي لغير الحاج، وعلى العديد من أحكام الأضحية المختلفة بما في ذلك شرط الأكل من الأضحية.

المراجع

  1. wikiwand.com , عيد الأضحى , 06/06/2024
  2. سورة الصافات , آية 102-107
  3. صحيح مسلم , مسلم، أم سلمة أم المؤمنين، 1977، صحيح
  4. صحيح مسلم , مسلم، عائشة أم المؤمنين، 1967، صحيح
  5. dorar.net , ذبح الأضحية , 06/06/2024
  6. binbaz.org.sa , حكم الأضحية في عيد الأضحى وكيفيتها , 06/06/2024
  7. صحيح البخاري , البخاري، براء بن عازب، 955، صحيح
  8. سورة الحج , آية 32
  9. سورة الكوثر , آية 2
  10. سورة الضحى , آية 11
  11. سورة الحج , آية 28
  12. صحيح مسلم , مسلم، جابر بن عبد الله، 1963، صحيح
  13. صحيح النسائي , الألباني، البراء بن عازب، 4383، صحيح
  14. feqhup.com , الاختيار لتعليل المختار , 06/06/2024
  15. سورة الأنعام , آية 121
  16. صحيح البخاري , البخاري، عبد الله بن عمر، 5502، صحيح
  17. islamqa.info , يسأل عن سبب اختلاف العلماء في حكم التسمية عند الذبح , 06/06/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *