سنن الصلوات الخمس

سنن الصلوات الخمس هو الموضوع الذي سيتناوله هذا المقال، حيث إنّ الصلاة عماد الدّين وركن من أركان الإسلام الخمس، وهي الحدّ الفاصل بين المسلمين والكفر، ومن صلحت صلاته صلح عمله كلّه ومن بطلت صلاته بطل عمله كلّه، وإنّ كلّ عبادةٍ مفروضة يكون لها نوافل وسنن، وكذلك فإنّ للصلاة سنناً حدّدها الشّرع وبيّنتها السّنة النبوية الشريفة، والسّنة بمفهومها العام هي الأعمال والأقوال من العبادات التي كان يقوم بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي هذا المقال يعرفنا موقع المرجع بالسنن للصلوات الخمس من حيث عدد ركعاتها وحكمها.

مشروعية الصلاة في الإسلام

قبل الخوض في سنن الصلوات الخمس من الضروري تعريف الصلاة وبيان مشروعيّتها في الإسلام، فالصّلاة هي عبادةٌ لله الواحد الأحد بأقوالٍ وأفعالٍ مخصوصة يفتتحها المسلم بالتكبير ويختتمها بالتسليم، وهي من العبادات المفروضة على المسلمين والصّلوات المفروضة خمس صلواتٍ في اليوم والليلة، وهم آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي واجبة على كلّ المسلمين تحت كلّ الظّروف، وإنّ الحكمة من مشروعية الصلاة هي:[1]

  • إنّ الصلاة نورٌ للمسلم وضياءٌ لبصيرته، تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي.
  • والصلاة صلةٌ بين العبد وربّه، فيها يجد المسلم لذّة العبادة.
  • الصلاة غذاءٌ للرّوح وشفاءٌ للجسد.
  • إنّ الصلاة تنفيذٌ لأوامر الله وطاعةٌ له.
  • إنّ الصلاة تزجر المسلمين عن فعل المنكرات وفيها يكفّر الله السّيئات.

الصلوات الخمس وأوقاتها

إنّ سنن الصلوات الخمس من الأمور التي حددها الإسلام، وقبل أن يتمّ التّعرف عليها سيتمّ بيان الصلوات الخمس مواقيتها، وقد ذكر النّبي -صلى الله عليه وسلم- مواقيت الصّلاة وعلّمها للمسلمين، وذلك فيما رواه الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: “وَقْتُ الظُّهْرِ إذا زالَتِ الشَّمْسُ وكانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ، ما لَمْ يَحْضُرِ العَصْرُ، ووَقْتُ العَصْرِ ما لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، ووَقْتُ صَلاةِ المَغْرِبِ ما لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ، ووَقْتُ صَلاةِ العِشاءِ إلى نِصْفِ اللَّيْلِ الأوْسَطِ، ووَقْتُ صَلاةِ الصُّبْحِ مِن طُلُوعِ الفَجْرِ ما لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ، فإذا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فأمْسِكْ عَنِ الصَّلاةِ، فإنَّها تَطْلُعْ بيْنَ قَرْنَيْ شيطانٍ”.[2]  وبذلك فإنّ أوقات الصّلوات الخمسة واضحة ومبيّنة في الشريعة، وقد تمّ بيانها في الوقت الحديث عن طريق السّاعة، وقد توزّعت أوقات الصلوات لحكمةٍ كبيرةٍ من الله سبحانه وتعالى.[3]

شاهد أيضًا: كم عدد واجبات الصلاة

سنن الصلوات الخمس

إنّ سنن الصلوات الخمس هي ما يسمى سنن الرواتب، وهي كلّ صلاةٍ مسنونة تابعة للصلوات المفروضة، يبلغ عددها اثنتا عشرة ركعة من السنن وهذا القول عند جمهور الفقهاء الأحناف والشافعية واختاره ابن تيمية وابن باز وابن عثيمين، وتُقسم الرواتب على قسمين، رواتب قبلية وهي كلّ سنّة يدخل وقتها بدخول وقت الصلاة المفروضة، ورواتب بعدية وهي كلّ صلاةٍ مسنونة يدخل وقتها بأداء الفريضة وينتهي بخروج وقتها، وقد ورد عن أم حبيبة أم المؤمنين -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: “مَن صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً في يَومٍ وَلَيْلَةٍ، بُنِيَ له بِهِنَّ بَيْتٌ في الجَنَّةِ قالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: فَما تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ. وَقالَ عَنْبَسَةُ: فَما تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِن أُمِّ حَبِيبَةَ وَقالَ عَمْرُو بنُ أَوْسٍ: ما تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِن عَنْبَسَةَ وَقالَ النُّعْمَانُ بنُ سَالِمٍ: ما تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِن عَمْرِو بنِ أَوْسٍ”.[4] فهي من العبادات التي حافظ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.[5]

شاهد أيضًا: بحث كامل عن الصلاة وأهميتها مع المقدمة والخاتمة

السنن المؤكدة

سنن الصلوات الخمس المؤكدة هي الرّكعات التي تمّ ذكرها فيما سبق، وهي اثنتا عشرة ركعة من ركعات السنن الرواتب، وهي أربع ركعاتٍ قبل الظّهر، وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب، وركعتان فقط بعد العشاء، وركعتان قبل صلاة الفجر، والتّمام في الأكثر وهو العدد الآكد عن النبي صلى الله عليه وسلم.[6]

السنن الغير مؤكدة

أمّا سنن الصلوات الخمس غير المؤكّدة فهي أربع ركعات قبل العصر، وركعتان قبل المغرب، وركعتان قبل العشاء، وهي من السّنن المطلقة التي كان النّبي -صلى الله عليه وسلم- يؤدّيها تارةً ويتركها تارةً أخرى.[6]

سنة صلاة الفجر

إنّ سنّة صلاة الفجر من آكد السنن الرواتب باتّفاق أهل العلم جميعًا وذلك لما ورد فيها من الأدلّة من السّنة النبوية الشريفة، فقد ورد عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: “لَمْ يَكُنِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى شيءٍ مِنَ النَّوافِلِ أشَدَّ منه تَعَاهُدًا علَى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ”.[7] ويُستحبّ التّخفيف فيها ويكون وقتها بعد أذان الفجر.[8]

ما يقرأ في سنة الفجر

إنّ من سنّة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه كان يقرأ في سنة الفجر في الرّكعة الأولى سورة الكافرون، وفي الثانية سورة الإخلاص، أوّ أن يقرأ في الأولى من سورة البقرة الآية رقم 136 وفي الركعة الثانية الآية 64 من سورة آل عمران، وهذا ثابتٌ في الصّحيح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

سنة صلاة الظهر

إنّ الأصحّ في سنة صلاة الظّهر هو القول أنّها أربع ركعات قبل الظهر وركعتان بعدها، مع وجود أقوالٍ بنّها أربعٌ قبل الظّهر وأربعٌ بعدها، وكذلك قيل إنها ركعتين قبل الظّهر وركعتين بعدها، وقد روى الصحابي الجليل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: “كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّي قبلَ الظهرِ أربعًا، وبعدَها رَكْعتينِ”.[9] وهي من الرواتب المؤكدة والله أعلم.[10]

سنة صلاة العصر

إنّ العصر صلاةٌ لا سنّة راتبة مؤكّدة لها، لكن يُستحبّ الصلاة قبلها، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “بيْنَ كُلِّ أذانَيْنِ صَلاةٌ، بيْنَ كُلِّ أذانَيْنِ صَلاةٌ، ثُمَّ قالَ في الثَّالِثَةِ: لِمَن شاءَ”.[11] فسنة العصر ليست من السّنن الرواتب ولم يُعرف عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه داوم على الصلاة قبل العصر.[12]

سنة صلاة المغرب

في صلاة المغرب يُندب ويُستحبّ أن يصلي ركعتين قبلها لكنّها ليست من الرّواتب، والنّبي -صلى الله عليه وسلم قد خير المسلمين فيها، وللمغرب ركعتان من الرّواتب تكون بعدها، ويستحبّ أن يقرأ المسلم فيهما سورة الكافرون وسورة الإخلاص، كما يُستحب للمسلم أن يصلّي صلاة التّطوّع بين المغرب والعشاء.[13]

 سنة صلاة العشاء

ثبت عن النّبي -صلى الله عليه وسلّم- في الصّحيح أنّه كان يصلّي سنة العشاء ركعتين وهي بعد صلاة العشاء، وليس لها سنّة راتبة قبلية لكن يمكن للمسلم أن يصلي ركعتين قبلها ومن المستحب له الصّلاة ركعتين بين الأذان والإقامة.[14]

شاهد أيضًا: كم عدد ركعات السنن الرواتب

الحكمة من سنن الصلوات الخمسة

إنّ سنن الصلوات الخمس من نعم الله وفضله على عباده وذلك لما يترتّب من آثارها الفضل العظيم، فهي تزيد الحسنات وتكفّر السيئات وترفع الدّرجات، وقد شُرّعت بعض السنن الرواتب قبل الفرائض ليتمّ بذلك تهيئة العبد لصلاة الفريضة، ومنها بعد الفرائض وذلك لتُشبع رغبة العبد في العبادة، بعد أن يكون قد تذوّق لذّة عبادة الله في صلاة الفريضة، والسنن الرواتب تسدّ الخلل وتكمل النّقص في الفرائض وقد ورد عن أبي هريرة أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنَّ أوَّلَ ما يُحاسَبُ به العَبدُ يومَ القيامةِ الصَّلاةُ المكتوبةُ، فإنْ أتَمَّها وإلَّا قيل: انظُروا هل له مِن تَطَوُّعٍ؟ فإن كان له تطَوُّعٌ أُكمِلَت الفَريضةُ مِن تطَوُّعِه، ثمَّ يُفعَلُ بسائِرِ الأعمالِ المفروضةِ مِثلُ ذلك”.[15] وهي من الأمور التي تعين العبد على كثرة السجود الذي يكون من أهمّ أسباب دخول المسلم للجنة.[16]

شاهد أيضًا: شروط الصلاة واركانها وواجباتها

قضاء سنن الصلوات الخمس الرواتب

إنّ قضاء سنن الصلوات الخمس الرواتب من الأمور المشروعة لكن اختلف أهل العلم فيها، فيرى أصحاب المذهب الحنفي والمالكي والقول المشهور عند أصحاب أحمد في قول عدم القضاء للرواة إلا سنّة الفجر فإنّها تُقضى، ويرى الشافعيّة والحنابلة وأخذ به ابن تيمية وابن القيم وابن عثيمين أنّ الرّواتب تُقضى أمّا ما يكون من النوافل غير المؤقتة فلا يُقضى، وقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قضى مع صلاة الفجر سنّتها وقضى ركعتي سنة الظّهر بعد العصر لما شُغل عنهما، والأفضل للسنن أن لا تُقضى في وقت النّهي والله ورسوله أعلم.[17]

بهذا نصل لنهاية مقال سنن الصلوات الخمس الذي تمّ فيه بيان مشروعية الصلوات الخمسة، وعدّد الصلوات الخمس وحدّد مواقيتها، وفصّل المقال في سنن الصلوات الخمس وبيّن المؤكّدة منها وغير المؤكدة، ثمّ ذكر الحكمة من مشروعية السنن الرواتب، وحكم قضاء سنن الصلوات الخمس.

المراجع

  1. al-eman.com , حكمة مشروعية الصلاة , 28/10/2021
  2. صحيح مسلم , مسلم، عبد الله بن عمر، 612، صحيح.
  3. islamqa.info , ما هي مواقيت الصلوات الخمس؟ , 28/10/2021
  4. صحيح مسلم , مسلم، أم حبيبة أم المؤمنين، 728، صحيح.
  5. dorar.net , السُّننُ التابعةُ للفرائِض (السُّنن الرَّواتب) , 28/10/2021
  6. al-eman.com , السنن الرواتب المؤكدة , 28/10/2021
  7. صحيح البخاري , البخاري، عائشة أم المؤمنين، 1169، صحيح.
  8. dorar.net , سُنَّةُ الفَجرِ , 28/10/2021
  9. تخريج شرح السنة , شعيب الأرناؤوط، علي بن أبي طالب،876، حسن.
  10. dorar.net , سُنَّة الظُّهرِ , 28/10/2021
  11. صحيح البخاري , البخاري، عبد الله بن مغفل، 627، صحيح.
  12. dorar.net , سُنَّةُ العَصر , 28/10/2021
  13. dorar.net , سُنَّةُ المغربِ , 28/10/2021
  14. islamqa.info , سنة العشاء القبلية والبعدية . , 28/10/2021
  15. فتح الغفار , الرباعي، أبو هريرة، 184/1، إسناده لا بأس به.
  16. al-eman.com , حكمة مشروعية السنن المؤكدة , 28/10/2021
  17. dorar.net , حُكمُ قَضاءِ السُّننِ الرَّواتبِ , 28/10/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *