حكم الميل على المشركين، ومداهنتهم؟

حكم الميل على المشركين، ومداهنتهم؟ هو ما سوف نتعرف عليه في هذا المقال، حيثُ ذكر الله تعالى الكثير من هذه الأمور في كتابه العزيز وفصَّل فيها حتى يوضح للمسلمين كرق التعامل مع الأمم الأخرى، وسوف يقدم موقع المرجع تفصيلًا حول حكم موالاة الكفار والمشركين ومداهنتهم ومداراتهم، وسوف نتعرف على حكم المداهنة في الإسلام، وعلى حكم محبة المشاهير والفنانين من المشركين والكفار وغير ذلك من الأحكام.

من هم الكفار والمشركين

يمكن تعريف الكفر في اللغة بأنه التغطية، وهو في الأصل جحود الحق وستره وردِّه، أمَّا الشرك فهو اتخاذ شريك مع الله تعالى في العبادة، وقد يكون الكفر بالتكذيب والجحود، أمَّا في الشرك فقد يكون المشرك مؤمنًا بالله تعالى، فالكافر مكذب وجاحد أمَّا المشرك فإنَّ أدنى درجة لأنه وضع شريك في العبادة مع الله، وأحيانًا يأتي كل من المصطلحين بمعنى المصطلح الآخر، فيكون الشرك بمعنى الكفر والكفر بمعنى الشرك، ويقول الإمام النووي في ذلك: “الشرك والكفر قد يطلقان بمعنى واحد وهو الكفر بالله تعالى، وقد يفرق بينهما فيخص الشرك بعبادة الأوثان وغيرها من المخلوقات مع اعترافهم بالله تعالى مثل كفار قريش، فيكون الكفر أعم من الشرك”، وقد ورد عن الشيخ عبد العزيز بن باز قوله في ذلك أيضًا: “الكفر جحد الحق وستره، كالذي يجحد وجوب الصلاة أو وجوب الزكاة أو وجوب صوم رمضان أو وجوب الحج مع الاستطاعة أو وجوب بر الوالدين ونحو هذا، وكالذي يجحد تحريم الزنا أو تحريم شرب المسكر أو تحريم عقوق الوالدين أو نحو ذلك”، بينما الشرك صرف العبادة أو بعضها لغير الله سبحانه وتعالى، مثل الاستغاثة بالأموات أو الجن أو النجوم وغيرها، ويقول الله تعالى: “وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ”،[1] ويقول أيضًا جل من قائل: “ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ”،[2] وقد سمى الله الدعاء لغيره تارة كفرًا وتارة شركًا.[3]

شاهد أيضًا: هل يجوز افراد يوم عاشوراء بالصيام

حكم الميل على المشركين، ومداهنتهم؟

لقد وردَ حكم ذلك في كتاب الله تعالى، حيثُ أنَّ هذه الأمور من المواضيع المهمة في كتاب الله تعالى وتندرج تحت الولاء والبراء، وفيما يأتي حكم ذلك:

  • إنَّ حكم الميل على المشركين ومداهنتهم في الإسلام ردَّة وكفر وخروج من ملة الإسلام، ولذلك فهو حرام قطعًا وغير جائز.

حيثُ أنَّ الكفر والشرك هو خروج من الإسلام، وإنَّ حكم مداهنة الكفار أو موالاة الكفار هو نفسه حكم مداهنة المشركين أو موالاة المشركين وهو من الأمور التي تخرِج الشخص من الدين الإسلامي، ودليل ذلك قول الله تعالى في سورة المائدة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ”.[4]

حكم المداهنة في الإسلام

يشير الفقهاء من أهل العلم إلى أنَّ تعريف المداهنة السكوت عن الأمور التي يجب على المسلم عدم السكوت عنها، ومن أجل ذلك يترك ما يجب عليه فعله أو قوله من أجل غرض وغاية دنيوية، وفي هذه الحالة يكون المداهن مثل الذي يستر على شيء ويظهر شيئًا عكس ما يخفيه، ومن الأمثلة على ذلك مصاحبة الفاسق وإظهار الرّضا عنه من دون إنكار ما هو عليه من فسوق وعصيان، ومن الأمثلة أيضًا المداهنة لأهل النّفاق قولًا وفعلًا، وإنَّ المداهنة تساهم في تعظيم الباطل، وبها يكبر وينتشر أكثر بمساعدة من المداهنين، وقد اختلف العلماء في حكم المداهنة ووضعوا لها العديد من التفصيلات، حيثُ أنَّها حرام بشكل عام وغير جائزة، ولكنَّ بعض العلماء أجاز المداهنة إذا كانت من أجل دفع مفسدة لا تدفع إلا بالمداهنة، وأحيانًا تكوه مكروهة إذا كانت بسبب ضعف وجبن وخوف ولغير ضرورة.[5]

شاهد أيضًا: حكم العملات الرقمية ابن باز

متى تجوز موالاة الكفار والمشركين

لقد حرم الله تعالى على المؤمنين أن يتخذوا الكفار والمشركين أولياء من دون المؤمنين، وذلك لأن في اتخاذهم أولياء ضعفًا في الدين الإسلامي، وتصويبًا للمعتدين، وقد وردت في ذلك آيات عديدة في كتاب الله تعالى منها قوله: “لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ”،[6] وفي هذه الآية نهى الله سبحانه وتعالى المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء أو أصدقاء أو أخلاء أو أنصارًا أو حلفاء من دون المؤمنين، وقد استثنى الله تعالى من ذلك فقط حالة واحدة، وقد تحصل في بعض الأحيان في حال الاستضعاف إذا لم يؤمن المسلم شرَّ الكافرين وكيدهم وأذاهم، فأباح الله تعالى اتقاء ذلك منهم بالظاهر لا بالنية ولا بالباطن، وهذا من فضل الله ورحمته ولطفه بعباده المؤمنين، وهذا من ضمن وما جعل عليهم في الدين من حرج، سبحانه وتعالى.[7]

ما الفرق بين المداهنة والمداراة في الإسلام

المداهنة كما سبق هي ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومصاحبة ومعاشرة الفاسق والمنافق والمشرك من أجل الدنيا، والتنازل عن بعض الأمور التي يجب على المسلم القيام بها مثل الغيرة على الدين، وقد قال الله تعالى: “لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا”،[8] أمَّا مداراة الكفار والمشركين فهي دفع المفاسد ودرء الشرور بالأفعال والأقوال اللينة والابتعاد عن الغلظة، أو الابتعاد عن صاحب الشرور إذا خاف المسلم منه.[9]

شاهد أيضًا: حكم سب الريح والدهر على أنهما الفاعل للأحداث أو الفاعل مع الله عز وجل

حكم حب المشاهير الكفار

ذهب أهل العلم والفقه إلى أنّ الحب يتعلّق ببواطن القلب، وإن حب المشاهير من الكفار يعني تعلّق القلب بهم،  ولا يجوز في الإسلام أن تتعلّق قلوب المسلمين بحب الكفار مطلقًا، ولا يختلف الحكم سواءً كان الكافر مشهورًا أو غير مشهور وساء كان صالحًا أو محسنًا أو غير ذلك، ويقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ذلك: “أيُّ عُرى الإسلامِ أوثقُ؟ قالوا: الصَّلاةُ، قال: حسنةٌ وما هي بها قالوا: صيامُ رمضانَ، قال: حسنٌ وما هو به، قالوا: الجهادُ، قال: حسنٌ وما هو به، قال: إنَّ أوثقَ عُرى الإيمانِ أن تُحِبَّ للهِ وتُبغِضَ في اللهِ”،[10] لذلك يجب على المسلم أن يحب الله ورسوله وكل من يحبه الله ورسوله وأن يبغض كل من يبغضه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.[11]

هل اليهود والنصارى كفار ومشركون

إنَّ اليهود والنصارى رغم أنهم من أهل الكتاب إلا أنهم كفار ومشركون، وهم كفار لأنهم جحدوا الحق وكذبوا به، وهم مشركون لأنه عبدوا مع الله آلهة أخرى، وأشركوا في عبادة الله تعالى، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: “وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ”،[12] ففي هذه الآية وصفهم تعالى بالشرك، ووصفهم في سورة البينة بالكفر، حيث قال الله تعالى: “لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ”.[13]

في نهاية مقال بعنوان حكم الميل على المشركين، ومداهنتهم؟ تعرفنا على مفهوم الكفار والمشركين في الإسلام، وتعرفنا على حكم المداهنة وحكم المداراة في الإسلام، كما تعرفنا على الفرق بين المداهنة والمداراة، وعرفنا متى تجوز موالاة الكفار أو مداراتهم في الإسلام.

المراجع

  1. سورة المؤمنون , آية 117
  2. سورة فاطر , آية 13-14
  3. islamqa.info , الفرق بين المشركين والكفار ومن أي الفريقين اليهود والنصارى؟ , 15/11/2021
  4. سورة المائدة , آية 51-52
  5. alukah.net , حكم مداهنة الفاسق خوفا منه , 15/11/2021
  6. سورة آل عمران , آية 28
  7. islamweb.net , حكم موالاة الكفار , 15/11/2021
  8. سورة المائدة , آية 78-80
  9. alukah.net , المداهنة والمداراة , 15/11/2021
  10. مجمع الزوائد , الهيثمي، البراء بن عازب، 1/94، فيه ليث بن أبي سليم وضعفه الأكثر
  11. islamweb.net , حكم تعلق القلب بغير المسلمين , 15/11/2021
  12. سورة التوبة , آية 30-31
  13. سورة البينة , آية 1

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *