حكم الشرك في الربوبية

حكم الشرك في الربوبية من أهمّ الأحكام الشرعية التي لا بدّ للمسلمين من الاطلاع عليها ومعرفتها، وهو ما سيتمّ بيانه في هذا المقال، فالتوحيد هو الأساس في العقيدة السليمة، ولا يكون الإنسان مؤمنًا بالله إلا إن كان موحّدًا لله -سبحانه وتعالى- وتوحيد الربوبية واحدٌ من أقسام التوحيد الثلاثة، وهي توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، ولا يكتمل توحيد المؤمن إلا باكتمال الثّلاثة، ونقض واحدٍ منهم يؤدي للشرك، وفي موقع المرجع وعبر هذا المقال سيتمّ التعريف بالشرك في الربوبية وبيان حكمه وأنواعه ومظاهره.

معنى التوحيد

إنّ التوحيد هو عكس الشرك ومن الضروري بيان معناه قبل الاطلاع على حكم الشرك في الربوبية ومعناه، فالتوحيد مصدر من الفعل وحّد في اللغة، ويقال موحد أي ينسب صفة الوحدانية لله -سبحانه وتعالى- وأفرد له كلّ صفاته وأسمائه، وآمن بأنّه متفرّد عن كلّ ندٍ وشكلٍ وصفة من صفات الخلق في كلّ حالاتهم وأحوالهم، وأن يكون العبد عارفًا بالله، ويعرف التوحيد اصطلاحًا أنّه إفراد الله جلّ وعلا بما يختصّ به من الألوهية والربوبية والأسماء والصفات وهو أساس العقيدة الإسلامية الصحيحة والإيمان بالله.[1]

شاهد أيضًا: ما حكم الدعوة الى التوحيد مع الدليل

تعريف الشرك في الربوبية

قبل الخوض في حكم الشرك في الربوبية من الضروري التعريف به، فهو الاعتقاد بوجود متصرفٍ آخر مع الله -سبحانه وتعالى- في أمرٍ من أمور الكون، فيوجد ويعدم ويحيي ويميت ويجلب الخير ويدفع الشر، والاعتقاد بأيّ معنى آخر به من معاني الربوبية، ويكون أيضًا الشرك في الربوبية بأن يعتقد الإنسان أنّ هنالك من يشارك الله في أسمائه وصفاته ومقتضياتهما، كعلم الغيب والعظمة والكبرياء، وقد قال تعالى في محكم تنزيله: {قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ}.[2] فالله وحده من بيده ملكوت كلّ شيء وتصريف كلّ شيء.[3]

حكم الشرك في الربوبية

إنّ الله -سبحانه وتعالى- هو الملك المدبر والمعطي والمانع والضار والنافع، وهو الخافض والرافع فمن شهد بذلك لغير الله فقد أشرك شرك الربوبية، وحكم الشرك في الربوبية ما يأتي:

  • شركٌ أكبر لا يغفر لصاحبه وهو مخلّدٌ في النار.

فالشّرك الأكبر من أعظم ما نهى الله عنه، وقرن النهي عن الشرك بالعبادة التي من أجلها خلق الثّقلين، وهو أوّل أمرٍ حرّمه الله على عباده، فهو مخرجٌ عن الملة ودم صاحبه وماله حلال، وفي الآخرة يكون خالدًا في النار أبدًا، وقد قال تعالى: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ}.[4] فيحبط عمل المشرك، وتحرم ذبيحته، ولا يرث في الإسلام ولا يورث، ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، فإنّه يكون قد ارتكب أعظم الجرائم والعياذ بالله.[5]

شاهد أيضًا: حكم الشرك في الالوهيه

أنوع الشرك في الربوبية

إنّ بيان حكم الشرك في الربوبية من الأمور التي تدفع لبيان أنواع الشرك في الربوبية، والتي قسّمها أهل العلم إلى نوعين اثنين، ويمكن بيانهما فيما يأتي وهما:

شرك التعطيل

النوع الأول وأقبح أنواع الشرك ومثاله شرك آل فرعون، ويقال له شرك التّعطيل لأن الشرك والتعطيل أمران متلازمان، حيث إنّ كلّ معطل مشرك وكل مشرك معطل، ولا يلزم الشرك أصل التعطيل، بل يكون المشرك أحيانًا مقرًّا بالخالق لكنّه عطّل حقّ التوحيد، ويمكن تقسيم شرك التعطيل لثلاثة أقسام، وهي:[6]

  • تعطيل المصنوع عن صانعه والمخلوق عن خالقه، وهو كشرك الملاحدة الذين يقولون أنّ العالم أبدي وقديم قدم الزمان، وأنّه موجودٌ من اللاشيء ولم يكن معدومًا أصلًا، وكلّ الأمور عندهم تستند على السبب وينكرون وجود الخالق سبحانه.
  • تعطيل الصانع عن كماله بتعطيل أسمائه وصفاته وأوصافه، ومن أصحاب هذا الشرك منكري رسالة الرسل ومنكري القدر والتحليل والتحريم.
  • تعطيل ما يجب على العبد من حقيقة التوحيد فلا يوجد خالقٌ ومخلوق بل الكلّ سواء، فعطّلوا وجود الخالق سبحانه.

شرك الأنداد من غير تعطيل

يكون هذا الشرك بجعل إلهٍ آخر مع الله، ولم يعطّل أسماء الله ولا صفاته ولا ربوبيّته، فهو يعترف بوجود الله لكنّه يعبد مخلوقًا سواه، ومن أمثلته:[6]

  • شرك النصارى الذين جعلوا الله ثالث ثلاثة مع المسيح والسيدة مريم.
  • شرك المجوس الذين أسندوا حوادث الخير إلى النور وحوادث الشر إلى الظلام.
  • شرك القدرية الذين يقولون أنّ الحيوان يخلق أفعال نفسه وتحدث من غير مشيئة الله.
  • شرك الندّ لله، كمن يجعل نفسه ندًّا لله فيزعم أنّه يملك من أسمائه وصفاته.
  • الشرك بالكواكب والنجوم والأوثان فيجعلها سبب لأمر هذا الكون.
  • شرك من أسند النعم إلى غير الله بغير استحقاق.

شاهد أيضًا: لماذا كان التوحيد سببا للتمكين في الأرض

بهذا نصل لختام مقال حكم الشرك في الربوبية، والذي قام بتعريف معنى التوحيد، وتوضيح معنى الشرك في الربوبية وتعريفه قبل بيان حكمه، ثمّ انتقل لذكر أنواع الشرك في الربوبية بالتفصيل.

المراجع

  1. islamqa.info , معنى التوحيد ، وأقسامه , 27/12/2021
  2. سورة الزمر , الآية 38.
  3. dorar.net , تعريف الشرك في الربوبية , 27/12/2021
  4. سورة المائدة , الآية 72.
  5. dorar.net , حكم الشرك في الربوبية , 27/12/2021
  6. dorar.net , أنواع الشرك في الربوبية والأسماء والصفات , 27/12/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *