لماذا يقولون ارحام وهو رحم واحد

لماذا يقولون ارحام وهو رحم واحد سؤال قد يرد في ذهن الإنسان في لحظة من اللحظات، وقد يحتاج إلى معرفة الإجابة حتى يكون على دراية إن كان هنالك سبب واضح لقول ذلك، لهذا سيتم التعرف في موقع المرجع على مفهوم الرحم، ومن هم الأرحام، ولماذا يقولون ارحامٌ وهو رَحم واحد، وما هي مراتب صلة الأقارب، وهل يجوز قطع صلة الرحم كل ذلك في هذا المقال.

ما المقصود بالرَّحم

الرحم لغة: موضع تكوين الولد، وأخذ مجازًا وجاء بمعنى: القرابة التي تجمع بني أب، ونقول بينهما رحم ويقصد بها: قرابة قريبة، فذوو الرحم: هم الأقارب، فيقع لفظ الرحم على كل من يجمع بينك وبينه نسب، أما في الاصطلاح فهو نوعان:[1]

  • رَحمٌ محرم: أي ما يكون فيها الرَّحم قريبًا فيحرم نكاحه أبدًا؛ فهو القرابة، والمَحرَم عبارة عن حرمة التناكح، أي كل شخصين بينهما قرابة، بحيث لو فُرض أن أحدهما أنثى والآخر ذكر؛ فلا يحل التناكح بينهم؛كالآباء والأمهات والإخوة والأخوات والأجداد والجدات وإن علوا، والأولاد وأولادهم وإن نزلوا، والأعمام والعمات والأخوال والخالات.
  • رَحمٌ غير محرم: وهم من عدا الرَّحم المحرم من الأرحامِ؛ كبنات الأعمام وبنات العمات، وبنات الأخوال وبنات الخالات، فهولاء جاز تناكح بينهم ولذلك عدوا غير محرم.

شاهد أيضًا: حديث عن فضل صلة الرحم من كتاب رياض الصالحين

مراتب صلة الأقارب

إنَّ صلة الأقارب من أجل القربات التي أمر بها ديننا الحنيف، وهي من أعظم الطاعات ويتعدى اثرها على حياة الواصل في حياته وبعد مماته، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ عليه رِزْقُهُ، أوْ يُنْسَأَ في أثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ”،[2] وقال الحديث الذي يجعل الجميع يبتعد عن كل القطيعة حيث قال: “الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ تَقُولُ مَن وصَلَنِي وصَلَهُ اللَّهُ، ومَن قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ”،[3] وقد جعل الإسلام الوصل على ثلاث مراتب وهي كالآتي:

  • المرتبة الأولى: الواصل؛ وهو الذي إذا قُطعت رَحمه وصلها.
  • المرتبة الثانية: المكافئ؛ هو الذي يصل من وصله فقط.
  • المرتبة الثالثة: مرتبة القاطع وهو الذي لا يصل أرحامهُ، ويقطع رحمَه حتى وإن وصله أهله لا يصلهم.

وقد بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- من هو الواصل في حديثه حيث قال عليه الصلاة والسلام: “ليسَ الواصِلُ بالمُكافِئِ، ولَكِنِ الواصِلُ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وصَلَها”،[4] ونقول هنا إن الوصل ليس له ضابط محدد ينطبق على كل الناس، وإنما هذا قد يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأماكن والأوقات، فمثلًا إذا كان الرَّحم فقيرًا كان وصله بالمساعدة المالية على قدر المستطاع، لا سيما وأنه الله قد ضاعف الأجر في هذا الأمر بالأجر والثواب حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: “الصدقةُ على المسكينِ صدقةٌ ، وعلى ذي الرحمِ ثِنتانِ ، صدقةٌ وصلةٌ”،[5] ومنها ما يكون الوصل بالتزاور والمشاركة الاجتماعية في المناسبات، خاصة بالأفراح والأتراح، فالمهم أن يكون هنالك تواصل واتصال ومشاركة وتعاون، ومنها ما قد يكون بالإعانة على طاعة الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو الاتصال بالهاتف في وقتنا الحالي نوع من أنواع الوصل الوصل، فإن تباعدت الديار، وتعذرت الأسفار، ولم توجد وسيلة إلا هذا فلا حرج في استعمال الهاتف، بالصورة التي تجعل الفرد كأنه مع أهله؛ لأنه بذلك يبقى على تواصل فيعرف أخبارهم ويطمئن على أحوالهم في كل وقت وحين.[6]

لماذا يقولون ارحام وهو رحم واحد

يقولون ارحام وهو رَحم لأن الأرحام هم الأقارب، وهذا بتفصيله يكون: الأرحامُ من جهة الأم، والأرحامُ ومن جهة الأب، فالآباء والأمهات والأجداد والجدات أرحام، والأولاد وأولادهم من ذكور وإناث وأولاد البنات كلهم أرحام، وهكذا الإخوة والأخوات وأولادهم أرحام، وهكذا الأعمام والعمات والأخوال والخالات وأولادهم أرحام داخلون كلهم في الأرحام كما ورد ذلك في الكتاب والسنة النبوية؛ بدليل قوله تعالى: {وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}،[7] ودليل قول النبي -صلي الله عليه وسلم- أيضًا: “مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ عليه رِزْقُهُ، أوْ يُنْسَأَ في أثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ،[2] وذكر رسول الله في حديث أبي هريرة حيث قال: “خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ منه قامَتِ الرَّحِمُ، فقالَ: مَهْ، قالَتْ: هذا مَقامُ العائِذِ بكَ مِنَ القَطِيعَةِ، فقالَ: ألا تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ، قالَتْ: بَلَى يا رَبِّ، قالَ: فَذَلِكِ لَكِ، ثُمَّ قالَ أبو هُرَيْرَةَ: {فَهلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ أنْ تُفْسِدُوا في الأرْضِ وتُقَطِّعُوا أرْحامَكُمْ}“،[8] وعليه فالواجب أن يحرص العبد المسلم على أن يصل رحمهُ وأن يحسن إليهم وأن يغتنم الأوقات والمناسبات حتى يصلهم ويحسن إليهم، ومن الجدير بالذكر أن أقارب الزوجة؛ هم أصهار وليسوا بأرحام، وكذلك أقارب الزوج بالنسبة إلى المرأة أصهار وليسوا بأرحام، وإنما الأرحامُ الأقارب من جهة الأب والأم، والإحسان إليهم لا حرج به، لكنهم ليسوا أرحام لا يأخذوا أهمية صلة الأرحام.[9]

حد صلة الرَّحم

إنَّ حدود صلة الرَّحم شأنها عائد على العرف والعادة، حيث إنه لم يرد في الشرع الإسلامي حد معين لها، حيث قال النووي في هذا: “صلة الرَّحم هي الإحسان إلى الأقارب على حسب الواصل والموصول؛ فتارة تكون بالمال، وتارة تكون بالخدمة، وتارة تكون بالزيارة، والسلام، وغير ذلك”، وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين فقال: “وصلة الأقارب بما جرى به العرف واتّبعه الناس؛ لأنه لم يبيّن في الكتاب ولا السنة نوعها ولا جنسها ولا مقدارها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقيده بشيء معين، بل أطلق؛ ولذلك يرجع فيها للعرف، فما جرى به العرف أنه صلة فهو الصلة، وما تعارف عليه الناس أنه قطيعة فهو قطيعة”.[10]

شاهد أيضًا: دعاء للاحبة والاصدقاء مكتوب

هل تجوز القطعية بين الأقارب

إنَّ قطيعة الأقارب التي وجبت على العبد صلتها؛ من كبائر الذنوب التي حث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الابتعاد عنها؛ فعن جبير بن مطعم أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: “لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قاطِعٌ“،[11] ولو أساء الأقارب لبعضهم البعض، فلا يجوز ولا يبيح هذا الأمر قطيعتهم، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليسَ الواصِلُ بالمُكافِئِ، ولَكِنِ الواصِلُ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وصَلَها“،[4] وعن أبي هريرة أن رجلا قال: “أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ لي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إليهِم وَيُسِيؤُونَ إلَيَّ، وَأَحْلُمُ عنْهمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقالَ: لَئِنْ كُنْتَ كما قُلْتَ، فَكَأنَّما تُسِفُّهُمُ المَلَّ وَلَا يَزَالُ معكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عليهم ما دُمْتَ علَى ذلكَ“،[12] ولكن مما أجازه العلماء أنه إن كان الضرر كبير ومحقق في صلة الرحم عند البعض، فتكون ليست واجبة، حيث قال الحافظ أبو عمر في ذلك: “أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت ‏مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب ‏هجر جميل خير من مخالطة مؤذية”.[13]

وهنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال لماذا يقولون ارحام هو رَحم واحد، تعرفنا على المقصود بالرَّحم والأَرحام، وما هي صلة الرَّحم، وما حد صلة الرَّحم، ثم تطرقنا إلى معرفة عدم جواز قطعية الرَّحم لأنها من الكبائر.

المراجع

  1. dorar.net , تَعريفُ الرَّحِمِ , 20/08/2021
  2. صحيح مسلم , مسلم، أنس بن مالك، 2557، صحيح
  3. صحيح مسلم , مسلم، عائشة أم المؤمنين، 2555، صحيح
  4. صحيح البخاري , البخاري، عبدالله بن عمرو، 5991، صحيح
  5. البدر المنير , ابن الملقن، سلمان بن عامر الضبي، 7/411، صحيح
  6. islamweb.net , مراتب صلة الأرحام , 20/08/2021
  7. سورة الأنفال , الآية 75
  8. صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 7502، صحيح
  9. binbaz.org.sa , من هم الأرحام؟ وهل أقارب الزوج والزوجة منهم؟ , 20/08/2021
  10. islamweb.net , حد الرحم الواجب صلتها وحد الصلة , 20/08/2021
  11. صحيح البخاري , البخاري، جبير بن مطعم، 5984، صحيح
  12. صحيح مسلم , مسلم، أبو هريرة، 2558، صحيح
  13. islamweb.net , حكم قطع صلة الرحم إن كان يترتب على وصلها ضرر , 20/08/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *