هل يجوز قراءة القران للميت

هل يجوز قراءة القران للميت من الأسئلة التي تهمُّ كلُّ من فقدَ شخصًا عزيزًا عليه من المسلمين، فالموت هو انتقال الإنسان من الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة للقاء الله لذلك يحبّ بعض الناس أن يقدموا ثواب قراءة القران أو ما شابه ذلك لأمواتهم بغية الأجر والثواب لأنفسهم ومن أجل زيادة ثواب الميت أيضًا والتخفيف عنه إذا كان من أهل المعاصي، وتنتشر بين كثير من المسلمين عادات قراءة القرآن على الميت في مجالس العزاء أو في القبور، وفي موقع المرجع ستتم الإجابة عن ذلك السؤال وبيان حكم قراءة القرآن على الميت بالتفصيل.

هل يجوز قراءة القران للميت

إنّ قراءة القران للميت لا تشرَع وليس لها أصل في الشرع الإسلامي، لأن الأولى أن تكون قراءة القرآن بين من هم على قيد الحياة حتى يتعلموا منه ويتدبروا آياته الكريمة ويستفيدوا من أحكامه وتعاليمه، أمَّا قراءة القرآن الكريم على شخص ميت خلال أيام العزاء كما يفعل كثير من المسلمين أو على القبر أو عند الدفن أو قبل الدفن ذلك كله ليس له أصل في الإسلام ولم يرد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من الصحابة والتابعين، وقد اختلفت أقوال العلماء في قراءة القرآن للميت وفي ختم القرآن للميت فمنهم من أجاز هذا الأمر ورغب فيه، وعدَّ ذلك بمثابة الصدقة بالمال عن الميت، واعتبر بعض العلماء أن تلك الأمور توقيفية وتعدُّ إحدى العبادات ولا يجوز أن يجتهد المسلم في أداء العبادات إذا لم ينص عليها الشرع، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “من عملَ عملا ليسَ عليهِ أمرُنا فهو ردٌّ”،[1] لذلك لا أصل في قراءة القرآن على الميت والأولى تركها والالتزام بالعبادات التي لها أصل في الدين.[2]

اقرأ أيضًا: حكم قراءة الفاتحة على الميت

هل يجوز اهداء ثواب قراءة القران للميت

إن اهداء ثواب قراءة القران للميت ليس له أصل في الشرع، وقد ذهب إلى هذا القول عدد من العلماء مثل الإمام الشافعي، وهو لا يختلف عن حكم قراءة القرآن للميت، وقد أجاز كثير من العلماء ذلك واعتبروه مثل بقية الأعمال الصالحة التي يمكن إهداء ثوابها للميت.[2]

هل يصل ثواب قراءة القرآن عن الميت؟

يرى من أجاز قراءة القرأن للميت وإهداءه ثواب القراءة أنَّ ثواب قراءة القرآن عن الميت يصل إليه، مثل مثل بقية الأعمال التي بينت الأدلة الشرعية من كتاب الله تعالى وأحاديث رسوله -صلى الله عليه وسلم- أنَّها تصل، وهذا هو الراجح من أقوال أهل العلم والله أعلم.[3]

صيغة إهداء ثواب قراءة القران للميت

لقد أجاز بعض أهل العلم قراءة القرآن للميت وشجع على القيام به، وقد يقتنع أحد المسلمين بأقوال الذين أجازوا ذلك، وعندها يحاول أن يبحث عن صيغة مناسبة من أجل إهداء ثواب قراءة القرآن للميت، ولم يرد في الشرع شيءٌ عن ذلك أبدًا، ويمكن للمسلم أن يهدي ثواب قراءته للميت بأية صيغة يختارها ومن هذه الصيغ المعروفة:[3]

• اللهم إن كنت قبلت قراءتي هذه فاجعل ثوابها لفلان.
• اللهم اجعل مثل ثواب ما قرأت إلى روح فلان بن فلان واغفر له يا ذا الجلال والإكرام.
• اللهم أوصل ثواب ما قرأته إلى روح النبي -صلى الله عليه وسلم- وإلى أرواح جميع أموات المسلمين وروح عبدك فلان.

حكم الدعاء للميت

يختلف حكم الدعاء للميت عن حكم قراءة القرآن على الميت فقد أجاز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدعاء للميت ولم يرد عنه أنَّه حرام أو لا يجوز، وقد دعا رسول الله لكثير من أموات المسلمين في أحاديث كثيرة، ومن الأحاديث التي تؤكدُ أن الدعاء للميت صحيح ولا حرج فيه الحديث الذي وردَ عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “استغْفِروا لأخيكُم، واسْألوا اللهَ له التثبِيتَ فإنه الآن يُسْألُ”، وفي هذا إشارة إلى جواز الدعاء للميت وطلب المغفرة والتثبيت له.[4]

شاهد أيضًا: دعاء للميت في العشر الاواخر من رمضان

أفضل دعاء للميت

يمكن الدعاء للميت بجميع صيغ الدعاء التي تفيد الاستغفار له والترحم وطلب المغفرة له وكلّها صحيحة، ولكنّ أفضل دعاء للميت ما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسيتمُّ ذكر بعض الأحاديث التي ورد فيها أدعية للميت عن رسول الله:[4]

• عن عوف بن مالك الأشجعي قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو يصلي على جنازة: “اللهمَّ! اغفرْ له وارحمْه، واعفُ عنه وعافِه، وأَكرِمْ نُزُلَه، ووسِّعْ مُدخلَه، واغسِلْه بماءٍ وثلجٍ وبرَدٍ، ونَقِّه من الخطايا كما يُنقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنسِ، وأَبدِلْه دارًا خيرًا من دارِه، وأهلًا خيرًا من أهلِه، وزوجًا خيرًا من زوجِه، وقِه فتنةَ القبرِ وعذابَ النارِ”.[5]
• عن واثلة بن الأسقع أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “اللَّهمَّ إنَّ فلانَ بنَ فلانٍ في ذمَّتِك وحبلِ جوارِك فأعِذْه مِن فتنةِ القبرِ وعذابِ النَّارِ أنتَ أهلُ الوفاءِ والحقِّ، اللَّهمَّ فاغفِرْ له وارحَمْه إنَّك أنتَ الغفورُ الرَّحيمُ”.[6]
• عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: “كان النبيُّ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ – إذا صلَّى على جنازةٍ قال: اللهمَّ اغفرْ لحيِّنا وميتِنا وشاهدِنا وغائبِنا، وصغيرِنا وكبيرِنا، وذكرِنا وأنثانا، اللهمَّ من أحييتَه منا فأحيهِ على الإسلامِ ومن توفَّيتَه منا فتوفَّهُ على الإيمانِ [زاد بعضُهم] اللهمَّ لا تحرمنا أجرَه ولا تضلَّنا بعده”.[7]

دعاء للميت بعد قراءة القران له

يجوز أن يدعو المسلم بأي دعاء يطلب فيه الرحمة للميت ويهديه فيه ثواب قراء القرآن الكريم، ومن أفضل الأدعية للميت هي الأدعية الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما سبق، ومن الأدعية المحمودة بعد قراءة القران للميت: اللهم ارحم فلانًا بن فلان رحمةُ واسعة تسع السموات والأرض، اللهم اجعل قبره في نور لا ينقطع واجعله في جنتك آمنًا مطمئنًا، اللهم أوصل مثل ثواب ما قرأت إلى روحه واجعله في ميزان حسناته يا رب العالمين.[4]

أفضل ما يهدى للميت

يوجد كثير من الأمور وأفعال الخير التي يستفيد منها الميت بعد وفاته، والميت ينتفع بأعمال الخير والبر التي قام بها أو كان سببًا للقيام بها قبل وفاته، وهي أمور وردَت في الشرع الإسلامي، وأفضل ما يهدى للميت هو الصدقة عن الميت وعتق الرقاب إن وجدت والدعاء والاستغفار له، بالإضافة إلى الأعمال الأخرى مثل الصيام والحج والصلاة والتي ذكرَت في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “”إنَّ ممَّا يَلحَقُ المؤمنَ مِن عَمَلِه وحَسناتِه بعدَ موتِه عِلمًا عَلَّمَه ونشَرَه، ووَلدًا صالحًا ترَكَه، ومُصحَفًا وَرَّثَه، أو مَسجِدًا بناه، أو بيتًا لابنِ السبيلِ بناه، أو نهرًا أجراه، أو صَدَقةً أَخرَجَها مِن مالِه في صِحَّتِه وحياتِه، يَلحَقُه مِن بعدِ موتِه”،[8] وأفضل الصدقات على الإطلاق هي سقاية الماء.[9]

حكم قراءة القران للميت دار الافتاء

ذكرت دار الإفتاء الخلاف الواقع بين العلماء في حكم قراءة القرآن للميت، وأوضحت أنَّ منهم من أجاز ذلك ومنهم من منعه، وبينت أنّ أدلة من أجازوا ذلك قوية، وفيما يأتي توضيح كلا القولين:[10]

• القول الأول: ذهبت جماعة من أهل السنة منهم الحنابلة والحنفية إلى أنَّ جميع الأعمال الصالحة والقربات يجوز للمسلم أن يهبها ويهدي ثوابها لمن يشاء، سواء كانت صومًا أو صدقة أو صلاة أو حجًا أو قراءة قرآن، لقوله تعالى: “الَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ”.
• القول الثاني: ذهب الشافعي إلى أنَّ قراءة القرآن لا تصل إلى الميت، ولا يصل من الأعمال إلا الدعاء والصدقة والاستغفار، لقوله تعالى: “وأنْ ليس للإنسانِ إلا ما سَعَى”.

لقد تعرف القارئ في نهاية المقال على إجابة سؤال: هل يجوز قراءة القران للميت في الإسلام؟ وتبيَّن أن ذلك لا أصل له في الشرع، وقد أجازه بعض أهل العلم واعتبروه مثل بقية الأعمال التي يمكن أن تنفع المسلم، وبعضهم اعترض على ذلك واعتبر ذلك الموضوع توقيفيًا لا يجوز الاجتهاد فيه والله أعلم.