كم استمر حكم الخلفاء الراشدين

كم استمر حكم الخلفاء الراشدين الذين تولوا حكم الدولة الإسلامية عقب وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي دولة الخلافة الوحيدة التي لم يكن الحكم فيها وراثيًا؛ فقد كان قائمًا على الشورى، ويهتم موقع المرجع في الحديث عن الخلفاء الراشدون، وعن كم استمر حكم الخلفاء الراشدين، ونبذة عنهم، وعن كيف تولى الخلفاء الراشدون الخلافة.

الخلفاء الراشدون

قبل أن نجيب عن سؤال كم استمر حكم الخلفاء الراشدين، لا بد من التعرف على من هم الخلفاء الراشدون، فهم الخلفاء المسلمين الأوائل الذين تعاقبوا على إمارة المسلمين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بما يعرف بالخلافة الراشدة، وهؤلاء الخلفاء هم: أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهناك بعض المؤرخين من يعتبر أن الحسن بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- هو الخليفة الراشدي الخامس، ومنهم من يعتبر الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- من الخلفاء الراشدين أيضًا نظرًا لانتشار العدل بين الناس في عهده، ولأن أسلوب حكمه كان شبيهًا بأسلوب حكم الخلفاء الراشدين، وقد كانت المدينة المنورة هي عاصمة الدولة في عهد أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، إلا أن علي بن أبي طالب اتخذ من الكوفة عاصمة له.[1]

اقرأ أيضًا: ما ابرز اعمال الخلفاء الراشدين

كم استمر حكم الخلفاء الراشدين

استمر حكم الخلفاء الراشدين ثلاثين عاماً، وقد تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: “خِلافةُ النُّبوَّةِ ثَلاثونَ سَنةً، ثمَّ يُؤتِي اللهُ الملكَ -أو مُلكَه- مَن يشاءُ”،[2] حيث بدأ حكمهم من عام 11هـ وانتهى في عام 41هـ، فقد حكم أبو بكر الصديق سنتين، وحكم عمر بن الخطاب عشر سنوات، وحكم عثمان بن عفان اثني عشرة سنة، وحكم علي بن أبي طالب خمس سنوات، وحكم الحسن بن علي بن أبي طالب ثمانية أشهر، فيكون حكم الخلفاء الراشدين قد استمر حوالي ثلاثين عامًا، قال ابن كثير: “وإنما كملت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي، فإنه نزل عن الخلافة لمعاوية في ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين، وذلك كمال ثلاثين سنة من موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه توفي في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، وهذا من دلائل النبوة صلوات الله وسلامه عليه وسلم تسليما”.[3]

اقرأ أيضًا: ما الدليل على تحريم الطعن بالصحابة من سورة الحشر

نبذة عن الخلفاء الراشدين

فيما يلي نبذة عن الخلفاء الراشدين، وأبرز أعمالهم خلال فترة حكمهم:

أبو بكر الصديق

تولى الخلافة من عام 11هـ/632م إلى عام 13هـ/634م، بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو أول الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو وزير رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، ورفيقه عند هجرته إلى المدينة المنورة، خير الناس بعد الأنبياء والرسل، وأكثر الصحابة إيمانا وزهدا، وأحب الناس إلى النبي بعد زوجته عائشة، بايعه المسلمون في سقيفة بني ساعدة، ومن أهم أعماله أثناء توليه الخلافة: محاربة المرتدين عن الإسلام فشارك في حروب الردة، وإرسال جيش أسامة بن زيد لمقاتلة الروم، وجمع القرآن بعد مقتل الكثير من حفظة القرآن في حروب الردة، والفتوحات الإسلامية في العراق والشام.

عمر بن الخطاب

تولى الخلافة من عام 13هـ/634م إلى عام 23هـ/644م، هو ثاني الخلفاء الراشدين ومن كبار الصحابة، وأحد أشهر الأشخاص والقادة في التاريخ الإسلامي ومن أكثرهم تأثيرا ونفوذا، هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن علماء الصحابة وزهادهم،  كان ابن الخطاب قاضيا خبيرا وقد اشتهر بعدله وإنصافه الناس من المظالم، وهو مؤسس التقويم الهجري، وفي عهده بلغ الإسلام مبلغًا عظيمًا، وتوسع نطاق الدولة الإسلامية حتى شمل كامل العراق ومصر وليبيا والشام وفارس وخراسان وشرق الأناضول وجنوب أرمينية وسجستان، وهو الذي أدخل القدس تحت حكم المسلمين لأول مرة وهي ثالث أقدس المدن في الإسلام، وبهذا استوعبت الدولة الإسلامية كامل أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية وحوالي ثلثي أراضي الامبراطورية البيزنطية.

اقرأ أيضًا: من هو شهيد المحراب

 عثمان بن عفان

تولى الخلافة من عام 23هـ/644م إلى عام 35هـ/656م، هو ثالث الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين إلى الإسلام. يكنى ذا النورين لأنه تزوج اثنتين من بنات النبي صلى الله عليه وسلم، بويع بالخلافة بعد الشورى التي تمت بعد وفاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد استمرت خلافته نحو اثني عشر عامًا، وقد تم في عهده جمع القرآن وعمل توسعة للمسجد الحرام وكذلك المسجد النبوي، وفتحت في عهده عدد من البلدان وتوسعت الدولة الإسلامية، ومن البلدان التي فتحت في أيام خلافته أرمينية وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبرص، وقام بإنشاء أول أسطول بحري إسلامي لحماية الشواطئ الإسلامية من هجمات البيزنطيين.

علي بن أبي طالب

تولى الخلافة من عام 35هـ/656م إلى عام 40هـ/661م، هو رابع الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو ثاني أو ثالث الناس دخولاً في الإسلام، وأول من أسلم من الصبيان، هاجر إلى المدينة المنورة بعد هجرة الرسول بثلاثة أيام وآخاه النبي محمد مع نفسه حين آخى بين المسلمين، وزوجه ابنته فاطمة في السنة الثانية من الهجرة، بويع بالخلافة سنة 35هـ بعد فتنة مقتل عثمان بالمدينة المنورة، وحكم خمس سنوات وثلاث أشهر وصفت بعدم الاستقرار السياسي، لكنها تميزت بتقدم حضاري ملموس خاصة في عاصمة الخلافة الجديدة الكوفة، وقعت في عهده الكثير من المعارك بسبب الفتن التي تعد امتدادًا لفتنة مقتل عثمان، كمعركتي الجمل وصفين، مما أدى لتشتت صف المسلمين وانقسامهم، كما خرج على علي جماعة عرفوا بالخوارج وهزمهم في النهروان، واستشهد -رضي الله عنه- على يد عبد الرحمن بن ملجم في رمضان سنة 40هـ.

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي ولد في بطن الكعبة.

الحسن بن علي بن أبي طالب

تولى الخلافة من عام 40هـ/661م إلى عام 41هـ/662م، هو خامس الخلفاء الراشدين، بويع بالخلافة في أواخر سنة 40هـ بعد وفاة علي بن أبي طالب في الكوفة، واستمر بعد بيعته خليفة للمسلمين نحو ثمانية أشهر، ثم تنازل عنها لصالح معاوية بن أبي سفيان بعد أن صالحه على عدد من الأمور، وانتقل الحسن بعد ذلك من الكوفة إلى المدينة المنورة وعاش فيها بقية حياته حتى توفي في سنة 49هـ، وقيل سنة 50هـ، واستدل علماء المسلمين على أنه أحد الخلفاء الراشدين بالحديث الذي ورد عن سفينة مولى رسول الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “خِلافةُ النُّبوَّةِ ثَلاثونَ سَنةً، ثمَّ يُؤتِي اللهُ الملكَ -أو مُلكَه- مَن يشاءُ”،[2] وإنها كملت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي، فإنه نزل عن الخلافة لمعاوية في ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين، وذلك كمال ثلاثين سنة من موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه توفي في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة.

عمر بن عبد العزيز

تولى الخلافة من عام 99هـ\681م إلى عام 101هـ\720م، وهو ثامن خلفاء الدولة الأموية، تولى الخلافة بعد وفاة ابن عمه سليمان بن عبد الملك، وسبب تصنيفه ضمن الخلفاء الراشدين هو اشتهاره بالعدل والزهد والورع، فقد تميزت خلافته بعدد من المميزات، منها: العدل والمساواة، ورد المظالم التي كان أسلافه من بني أمية قد ارتكبوها، وعزل جميع الولاة الظالمين ومعاقبتهم، كما أعاد العمل بالشورى، ولذلك عده كثير من العلماء من الخلفاء الراشدين، كما اهتم بالعلوم الشرعية، وأمر بتدوين الحديث النبوي الشريف، ويرى بعضهم أنه هو المجدد الأول في الإسلام، واستمرت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام، حتى قتل مسموما سنة 101هـ.[3]

كيف تولى الخلفاء الراشدون الخلافة

تتميز فترة الخلافة الراشدة بأنها الفترة الوحيدة التي لم يكن الحكم فيها وراثيًا؛ فقد كان قائمًا على الشورى، عكس دول الخلافة التالية؛ فقد كان الحكم فيها قائمًا على التوريث، وفيما يلي الطريقة التي تولى فيها الخلفاء الراشدون الخلافة:

طريقة تولي أبو بكر الخلافة

لما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة، وأرادوا عقد الإمامة لسعد بن عبادة، وبلغ ذلك أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فقصدوا نحو اجتماع الأنصار، ولما انتهوا إليهم حصل بينهم حوار في أمر الخلافة، حيث اضطرب أمر الأنصار فجعلوا يطلبون الأمر لأنفسهم، أو الشركة فيه مع المهاجرين، فأعلمهم أبو بكر أن الإمامة لا تكون إلا في قريش،  فأذعنوا لذلك وبايعوا أبا بكر واجتمعوا على إمامته، واتفقوا على خلافته.[4]

طريقة تولي عمر الخلافة

إن طريقة تولية الفاروق -رضي الله عنه- الخلافة كانت باستخلاف أبي بكر إياه، وذلك أن أبا بكر -رضي الله عنه- مرض قبل وفاته خمسة عشر يومًا ولما أحس بدنو أجله عهد في أثناء هذا المرض بالأمر من بعده إلى عمر بن الخطاب، وكان الذي كتب العهد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وقرئ على المسلمين فأقروا به وسمعوا له وأطاعوا، ولم يعهد الصديق -رضي الله عنه- بالخلافة لعمر رضي الله عنه إلا بعد أن استشار نفرًا من فضلاء الصحابة فيه.[5]

طريقة تولي عثمان الخلافة

لما طعن عمر رضي الله عنه، لم يستخلف أحدًا بعينه ليكون الخليفة على المسلمين من بعده، بل أوصى أن يكون الأمر شورى بعده في ستة ممن توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو عنهم راض، وهم: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، ولما مات الفاروق -رضي الله عنه- ودفنه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، اجتمع النفر الذين جعل عمر الأمر فيهم شورى للتشاور فيمن يلي الخلافة بعده، ففوض ثلاثة منهم الأمر إلى ثلاثة، حيث فوض الزبير ما يستحقه من الإمارة إلى علي، وفوض سعد ماله في ذلك إلى عبد الرحمن بن عوف، وترك طلحة حقه إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه.

فقال عبد الرحمن لعلي وعثمان: أيكما يبرأ من هذا الأمر فنفوض الأمر إليه؟ فسكت علي وعثمان رضي الله عنهما، فقال عبد الرحمن: إني أترك حقي من ذلك، والله علي والإسلام أن أجتهد فأولي أولاكما بالحق فقالا: نعم ثم خاطب كل واحد منهما بما فيه من الفضل، وأخذ عليه العهد والميثاق لئن ولاه ليعدلن، ولئن ولي عليه ليسمعن وليطيعن فقال كل منهما: نعم، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان فبايعه فبايع له علي وولج أهل الدار فبايعوه.[6]

طريقة تولي علي الخلافة

بعد أن استشهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، على أيدي الخارجين المارقين الشذاذ الذين جاءوا من الآفاق ومن أمصار مختلفة، قام كل من بقي بالمدينة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمبايعة علي -رضي الله عنه- بالخلافة وذلك لأنه لم يكن أحد أفضل منه على الإطلاق بعد عثمان رضي الله عنه، ولم يقبلها إلا بعد إلحاح شديد ممن بقي من الصحابة بالمدينة وخوفاً من ازدياد الفتن وانتشارها، ومع ذلك لم يسلم من معرة تلك الفتن كموقعة الجمل وصفين.[7]

طريقة تولي الحسن الخلافة

لما استشهد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- على يد الخارجي عبد الرحمن بن عمرو المرادي، بويع بالخلافة بعده ابنه الحسن رضي الله عنه، واستمر خليفة على الحجاز واليمن والعراق وخراسان وغير ذلك نحو سبعة أشهر، وقيل: ثمانية أشهر، وقيل ستة أشهر، وكانت خلافته هذه المدة خلافة راشدة حقة، لأن تلك المدة كانت مكملة لمدة الخلافة الراشدة التي أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن مدتها ثلاثون سنة ثم تصير ملكًا.[8]

شاهد أيضًا: ماذا تسمى زوجة الخليفة

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، الذي تحدثنا فيه عن الخلفاء الراشدون، وعن كم استمر حكم الخلفاء الراشدين، ونبذة عنهم، وعن كيف تولى الخلفاء الراشدون الخلافة.