هل يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم

هل يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم من الأسئلة الشرعية التي لا بدّ لكلّ مسلم ومسلمة أن يعرف جوابها، ومن واجب المسلمين إدراك الأحكام الشرعية والاطّلاع عليها، حتّى لا يقعوا فيما حظره الإسلام وما لم يبيحه الشرع، ومع اقتراب عديد المناسبات للنصارى والمسيحيين يشارك بعض المسلمين معهم ويهنئونهم في أعيادهم دون معرفة حكم ذلك في الشريعة الإسلامية، ومن خلال هذا المقال عبر موقع المرجع سيتمّ التعرف على حكم تهنئة المسيحيين بأعيادهم ومشاركتهم فيها.

هل يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم

اتفّق أهل العلم في مسألة هل يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم فهي محرّمةٌ ولا تجوز في الإسلام، فلا يجوز للمسلم أن يهنّئ النصارى في أعيادهم ومناسباتهم، وذلك يرجع أنّها تحمل في طيّاتها المعتقدات الدينية الخاصة بهم، ومناهجهم المنحرفة والباطلة والتي لا تصحّ أبدًا بل هي منحرفةٌ عن الباطل، وممّا ورد عن ابن القيّم أنّ المشاركة والتهنئة بشعائر الكفر المختصة التي تحمل الشعائر الشركية حرامٌ بالاتّفاق، كأن يهنّئهم المسلم بعيدهم وصومهم ونحوه، وهو من الكفر ومن أشدّ المحرّمات، لما في معتقداتهم من شركٍ وكفرٍ بالله -سبحانه وتعالى- وحتّى لو هنّأ المسيحيون المسلمين بأعيادهم فلا يجوز للمسلمين التهنئة بأعياد المسيحيين، فأعيادهم معاصٍ ومنكرات، وشركٌ بالله بدعوتهم لعبادة عيسى بن مريم دون الله وسجودهم للصليب  وغير ذلك مما يوجب سخط الله، فمن هنّأهم بحكم العادة والحال ومن غير معرفة الحكم الشرعي فإنّه يأثم، ومن يفعل ذلك وهو يعلم الحكم الشرعي فهو أشدّ إثمًا، أمّا من يفعل ذلك وهو يعظّم شعائرهم فقد خرج من الملّة والله أعلم.[1]

شاهد أيضاً: حكم الاحتفال بالكريسماس ورأس السنة الميلادية

حكم تهنئة المسيحيين عند العلماء المتقدمين

أجمع الأئمة في المذاهب الأربعة على حرمة تهنئة المسيحيين بأعيادهم أو مشاركتهم بها، وممّا ورد عنهم في ذلك وما نُقل ما سيتمّ بيانه فيما يأتي:[2]

  • قول الأحناف في تهنئة المسيحيين في أعيادهم: قال الأحناف لو أنّ أحدًا أهدى مسيحيًا بيضة في عيدهم يريد تعظيمه فقد كفر، ولو لم يرد تعظيمه فقد أثم إثمًا عظيمًا، فالتهنئة عند الحنفية محرمة لما فيها من تشبّه بالنصارى وغيرهم.
  • قول المالكية في تهنئة المسيحيين في أعيادهم: لا يجوز مشاركة المسيحيين في أيّ شيءٍ من أمورهم، وواجب المسلم أن يبغض من كفر بالله وجعل معه إلهًا آخر ويكذّب الله ورسوله، فهي محرّمة تحريمًا شديدًا.
  • قول الشافعية في تهنئة المسيحيين في أعيادهم: قال الشافعية أنّ من أقبح البدع ما يقوم به المسلمون من تهنئة للمسحيين في أعيادهم، ولا يحلّ لمسلم أن يشارك في أعياد غير المسلمين بل يعزّر من يفعل ذلك ويعاقب.
  • قول الحنابلة في تهنئة المسيحيين في أعيادهم: يكره تعرض المسلم لما يوجب المودة بينهما، ويحرّم تنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم، وكرّه الإسلام التّشبّه بالكفار والمشركين فلا ينبغي موافقتهم ولا تهنئتهم في أعيادهم.

شاهد أيضاً: ما الفرق بين الكريسماس ورأس السنة الميلادية

حكم تهنئة المسيحيين عند العلماء المعاصرين

انقسم أهل العلم المعاصرين في مسألة هل يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم بين مبيحين ومانعين:

  • المبيحون لتهنئة المسيحيين: منهم دائرة الإفتاء الأردنية ودائرة الإفتاء المصرية والإماراتية والقرضاوي وغيرهم، واحتجّوا على أنّ الشريعة الإسلامية سمحة تحضّ على حسن المعاملة مع الناس جميعًا، واحترام خصوصيّاتهم واحترامها، وإنّ أهل الكتاب في حالة السّلم وعدم الحرب، فمعاملتهم لا بدّ أن تقوم على العدل والإحسان، فقد قال تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَم يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.[3] ومن صور الإحسان هي تهنئتهم ومشاركتهم في أفراحهم وأتراحهم، والتهنئة هي من إظهار سماحة الإسلام وتقبّله للآخر ولا تعني الموافقة في العقائد.[4]
  • المانعون لتهنئة المسيحيين: من المانعين لتهنئة المسيحيين بأعيادهم الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين ومحمد الحقيل وغيرهم، وقالوا جميعًا أنّه لا يجوز تهنئة المسيحيين في أعيادهم بأيّ طريقة كانت، ففي أعيادهم شعائر لا ترضي الله ولا ترضي رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- ومشاكرتهم فيها وتهنئتهم بها من أشكال القبول بما تتضمّنه من عقائد وطقوس دينية محرّمة، وهو من باب التّشبّه بهم وهذا لا يجوز فعلى المسلم أن يبتعد كلّ البعد عن هذا الأمر حرصًا منه على دينه وسلامة قلبه والله أعلم.[5]

شاهد أيضاً: معنى merry christmas ميري كريسماس

هل يجوز مشاركة المسيحيين بأعيادهم والاحتفال بها

إنّ الخوض في هل يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم، يدفع للبيان حكم مشاركة المشركين من مسيحيين وغيرهم بأعيادهم والاحتفال بها، وقد بيّن أهل العلم أنّ الاحتفالات لها صورٌ عديدة ويختلف حكمها تبعًا لذلك، ويمكن بيان النّقاط التالية فيها:[6]

  • لا يحلّ لأيّ مسلم أن يشارك في احتفالاتٍ دينية للكفار، ولا يحلّ له تهنئتهم إطلاقًا بها، وهو من أشدّ الإثم ويقود بفاعله للكفر والله أعلم، وقد قال الذهبي أنّه لو كان للنصارى واليهود عيدًا مختصّين فيه فلا ينبغي لمسلم أن يشاركهم فيه، كما أنّه لا يشاركهم قبلتهم ولا شريعتهم.
  • اختلف أهل العلم في حضور المسلم لاحتفالات غير المسلمين الشخصية مثل الشفاء والزواج وغيره، فيجوز له ذلك بشروط كأن يسلم بنفسه من أيّ معصية، وأن يقوم بتأليف قلوبهم على الإسلام.
  • لا يجوز للمسلم التشبه بالكفار باحتفالاتهم جميعها فلا يلبس لباسهم ولا يزيّن مثلهم، ولا يتناول مثل طعامهم، ولا يهدي ولا يولم ولا بأيّ شكلّ من الأشكال.
  • لا يجوز حضور المسلم لأيّ مناسبة أو عيد فيها ارتباطٌ بدينٍ غير الإسلام أو تروّج له.
  • لا يجوز حضور الأعياد المتكررة للمشركين ولا المشاركة فيها كعيد الأم وعيد الميلاد والكريسماس ونحوه.
  • لا يحضر المسلم ولا يشارك الكفار في أيّ مناسبة يكون فيها اختلاط وموسيقى وطعامٌ محرم.

شاهد أيضاً: قصة شجرة الكريسماس باختصار

أدلة تحريم تهنئة النصارى بأعيادهم

تكثر الأدلة الشرعية في الدين الإسلامي التي تبيّن تحريم تهنئة المشركين بأعيادهم، ومشاركتهم بها، منها ما سيتم ذكره فيما يأتي:

  • عن الصحابي الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: “قدِمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ المدينةَ ولَهم يومانِ يلعَبونَ فيهما فقالَ ما هذانِ اليومانِ قالوا كُنَّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّةِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إنَ اللَّهَ قد أبدلَكم بِهِما خيرًا مِنهما يومَ الأضحى ويومَ الفطرِ”.[7]
  • عن عطاء بن دينار أنّه قال: “قال عمرُ: لا تَعلَّموا رطانةَ الأعاجمِ، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسِهم يومَ عيدِهم فإنَّ السَّخْطةَ تنزِلُ عليهم”.[8]
  • قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}.[9]
  • قال تعالى: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.[10]

شاهد أيضاً: هل يجوز الاحتفال بالكريسماس

إلى هنا نصل لنهاية مقال هل يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم والذي تمّ فيه بيان حكم تهنئة المسيحيين في أعيادهم، وآراء الأئمة الأربعة في هذه المسألة، وبيان آراء أهل العلم المعاصرين فيها، ثمّ بيّن المقال حكم مشاركة المشركين في أعيادهم، وترك أدلة شرعية على تحريم تهنئة المشركين ومشاركتهم في أعيادهم.

المراجع

  1. islamweb.net , حكم تهنئة وزيارة النصارى في كنائسهم في أعيادهم , 25/12/2021
  2. saaid.net , ماذا قال ساداتنا العلماء عن تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم ؟ , 25/12/2021
  3. سورة الممتحنة , الآية 8
  4. aliftaa.jo , حكم تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم ومناسبتهم , 25/12/2021
  5. binothaimeen.net , حكم التهنئة بأعياد النصارى وتوفير مستلزمات أعيادهم , 25/12/2021
  6. islamqa.info , أحوال وأحكام مشاركة المسلم في احتفالات المسلمين والكفار , 25/12/2021
  7. اقتضاء السراط المستقيم , ابن تيمية/ أنس بن مالك/ 485/ 1/ إسناده على شرط مسلم
  8. مسند الفاروق , ابن كثير/ عطاء بن دينار/ 494/2 إسناده صحيح
  9. سورة الفرقان , الآية 72
  10. سورة المائدة , الآية 3

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *