هل يجوز دفع زكاة الفطر على أكثر من شخص

هل يجوز دفع زكاة الفطر على أكثر من شخص واحدٌ من العديد من الأسئلة الّتي تُطرح تزامناً مع دخول عيد الفطر. وممّا لا شكّ فيه أنّ الإسلام يدعو للرّحمة والعطف. و كذلك إلى التّعاون والتّكاتف بين المسلمين. فيدعو من كان ذو مقدرةٍ إلى الزّكاة، ومساعدة من كان محتاجاً فقيراً. كما يهتمّ موقع المرجع بإطلاعنا على مفهوم زكاة الفطر وحكمها. و كذلك يساعدنا في معرفة مقدار هذه الزكاة ووقت تقديمها.

زكاة الفطر

إنّ الله -تبارك وتعالى- قد شمل برحمته جميع النّاس صغيراً وكبيراً، غنيّاً وفقيراً، عالماً وجاهلاً. ولقد جعل للنّاس على بعضها حقوقاً وأماناتٍ، وأحد أهمّ هذه الحقوق هي الزّكاة. فهي الرّكن الثّالث من أركان الإسلام الخمسة، وتعرّف في مفهومها الشّرعيّ، أنّها مالٌ يخصّص لفئةٍ معيّنةٍ من النّاس. وهي حقٌّ على صاحب المال لهم. و كذلك تعود عليه بالخير والفضل والبركة من الله جلّ وعلا. قال تعالى في محكم تنزيله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}.[1] وإنّ للزكاة أنواعٌ عديدة، منها وأهمّها زكاة الفطر.[2]

تعدّ زكاة الفطر من أهمّ أنواع الزّكاة، وذلك لما في وقتها من خيرٍ وفضلٍ من الله تعالى. فزكاة الفطر تكون قبل انتهاء شهر رمضان وقدوم أوّل أيّام عيد الفطر المبارك. كما تكون زكاة الفطر متمّمةً للطّاعات والعبادات الّتي عملها المسلم في شهر رمضان المبارك. كذلك تعدّ من أحكام عيد الفطر المبارك. ومن معاني زكاة الفطر، أنّها شكر الله -تبارك وتعالى- على النّعم والعطايا الّتي لا تعدّ في حياة المسلم، كذلك هي شكرٌ على بلوغ عدّة رمضان المبارك كاملةً،  وأيضاً هي خاتمة الأعمال الصّالحة في هذا الشّهر الفضيل. وشرّعها الإسلام للقضاء على الصّفات السّئية والقبيحة في نفس المسلم، كالشّحّ والبخل. والحرص الشّديد على متاع الدّنيا والله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: كم مرة ذكرت الزكاة في القرآن الكريم

هل يجوز دفع زكاة الفطر على أكثر من شخص

يجوز للمسلم أن يدفع زكاة الفطر لأكثر من شخصٍ واحد. وذلك كما ورد عن ابن عثيمين -رحمه الله- أنّه قال في كتابه الشّرح الممتع: يجوز أن توزّع الفطرة على أكثر من مسكين، ويجوز أن تُعطى عدّة فطراتٍ لمسكينٍ واحد، فللمسلم إذا أخرج زكاة الفطر، أن يوزّعها على على فقيرٍ أو أكثر من واحد. كذلك يجوز للمسلمين دفع عدّة فطراتٍ لشخصٍ واحدٍ وفقيرٍ واحد، وذلك إن كانت لديه الحاجة الشّديدة. لكنّ الأفضل توزيعها على جميع الفقراء والمحتاجين. كذلك قد أفتى أهل العلم بجواز إخراج زكاة الفطر، لفقراء بلدٍ آخر غير البلد الّذي يسكنه المزكّي. إذا لم يكن من يستحقّ الزّكاة والصّدقة، فيجوز إخراجها للمستحقّين في بلدٍ آخر.[4]

كذلك أفتى العلماء وعيّنوا الأصناف الّتي تستحقّ الزّكاة بأنواعها، سواء كانت زكاة الفطر أو غيرها. وهم كلّ من لا تجب عليه النّفقة من أبٍ وأمٍّ وجدٍّ وجدّة. و كذلك الأخ لأخته الّتي تسكن عنده، أمّا من كان قريباً لكنّ النّفقة غير واجبةٍ عليه فهو يستحقّ الزّكاة، فالأقربون أولى بالمعروف من الأباعد. شرط أن يكون الشّخص محتاجاً ومستحقّاً لهذه الزّكاة، قال مالك عندما سئل عن مستحقّي الزّكاة: لا تعطيها أحداً من أقاربك ممذن تلزمك نفقته. كذلك قال الشّافعيّ -رحمه الله: ولا يعطي أياً ولا أمّاً ولا جدّاً ولا جدّة؛ والسّبب في منع دفع الزّكاة لمن تلزم النّفقة عليهم، أنّ هذه الزّكاة إن دُفعت للأب أو الأمّ أو الأجداد، تُسقط النّفقة عنه، فيكون كأنّما دفعها لنفسه. فينتفع بها هو بأن أسقط النّفقة الواجبة عليه، فلا يكون بذلك قد أخرجها والله أعلم.[5]

شاهد أيضًا: طريقة حساب زكاة الذهب بالريال السعودي

حكم زكاة الفطر

بعد الإجابة عن السّؤال المطروح هل يجوز دفع زكاة الفطر على أكثر من شخص، كان لا بدّ من الحديث عن حكم وكاة الفطر في الشّريعة الإسلاميّة. فقد فرضها الله تعالى بعد أن فرض الصّيام في شهر رمضان المبارك، أي في العام الثّاني للهجرة المباركة. وهي واجبةٌ عهلى المسلمين في القرآن الكريم والسّنّة المباركة والإجماع أيضاً. فلا يجوز للمسلم إنكارها أو إجحادها، أو التّقاعس عن إخراجها، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في حديثه عن زكاة الفطر: “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فرَضَ زَكاةَ الفِطْرِ صاعًا من تَمْرٍ، أو صاعًا من شَعيرٍ على كُلِّ عبدٍ أو حُرٍّ، صَغيرٍ أو كَبيرٍ”.[6]

وبذلك فمن حديث رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- نجد أنّها واجبةٌ على الصّغير غير البالغ. و كذلك الكبير البالغ، وعلى الحرّ من النّاس، والعبد منهم. سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً. فهي واجبةٌ على الجميع. وممّا هو متعارفٌ عليه بأنّ ربّ العائلة أو الأب يُخرج زكاة الفطر عن أطفاله وزوجته. إن لم يستطيعوا دفعها بأنفسهم والله أعلم.

مقدار زكاة الفطر

قد وردت فيما شبق إجابة السّؤال الّذي يقول: هل يجوز دفع زكاة الفطر على أكثر من شخص؟ حيث كانت الإجابة بأنّه يجوز ذلك للمسلم عند أهل العلم. وممّا ذكر في حديث رسول الله سابقاً عن زكاة الفطر، بأنّها مقدار صاعٍ من التّمر أو الشّعير، والصّاع كما قال عنه أهل العلم بأنّه حوالي ثلاثة كيلو غرامات. ويجوز للمسلم أن يخرج  المقدار المحدّد من نوع الطّعام والقوت المتعارف عليه في بلده كالقمح  والأرزّ وغيرهما من الحبوب. كما أفتى علماء المذهب الحنفيّ بجواز إخراج زكاة الفطر نقداً. لأنّ في ذلك مصالح لمن يستحقّ هذه الزكاة. وذلك إن كانت الزّكاة في وقتٍ لم يكن لهم حاجةٌ بالحبوب أو التمر أو الطّعام، فتتحقّق الفائدة بالمبالغ الماليّة، أمّا إن كانت الزّكاة في زمنٍ قلّ فيه الطّعام، وفقدت الحبوب والقوت. فالأولى أن يتمّ اتّباع الحديث الشّريف بإخراج الحبوب في الصّدقة والزّكاة والله أعلم.

شاهد أيضًا: مقدار زكاة الفطر نقدا في السعودية

تقديم زكاة الفطر قبل العيد بيوم او يومين

تمّت الإجابة فيما سبق عن السّؤال الرّئيس وهو هل يجوز دفع زكاة الفطر على أكثر من شخص، وتبيّن بأنّ ذلك جائزٌ كما أفتى أهل العلم المسلمين، لكن ما هو الوقت الصّحيح لإخراج زكاة الفطر؟ فقد ورد في السّنّة المباركة عن صحابة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّهم كانوا يخرجون زكاة الفطر قبل عيد الفطر بيومين أو ثلاثة> وصحّ ذلك في الحديث الّذي أخرجه البخاريّ، عن عبد الله بن عمر بن الخطّاب رضي الله عنهما. حينما قال: “وكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الفِطْرِ بيَومٍ أوْ يَومَيْنِ”.[7]

واتّبع هدي هذا الحديث كلّاً من المذهب المالكيّ والحنبليّ، ونفوا جواز إخراج زكاة الفطر في أوّل شهر رمضان أو أوسطه، وقالوا بأنّ الأولى والأصحّ اتّباع سنّة رسول الله وسنّة أصحابه الكرام رضوان الله عليهم، أمّا المذهب الشّافعيّ والحنفيّ، فقد أفتوا بجواز إخراج زكاة الفطر أوّل رمضان أو أسطه، وذلك لأنّ شرط وجوب الزّكاة هو الصّيام، فبمجرّد دخول شهر رمضان وجبت الزّكاة وتحقّق الشّرط، لكنّ الصّحيح الغالب هو القول الأوّل والله أعلم.[8]

مقالات مقترحة

نرشح لك الاطلاع على المزيد من المقالات المشابهة، وهي كالتالي:

هل يجوز دفع زكاة الفطر على أكثر من شخص  هو السّؤال الذّي شكّل محور المقال، وفي الختام وجب التّنبيه على فضائل إخراج زكاة الفطر وفضلها العظيم عند الله تعالى في الدّنيا والآخرة، وأنّه لا يجوز التّقاعس وغضّ البصر عنها لأنّها فرضٌ من الفروض الشّرعيّة، والّتي تحقّق التّعاون والتّكافل في الإسلام، وتساهم في بناء المجتمع الإسلامي الموّحد.