حكم الجمع في الغبار

حكم الجمع في الغبار هو ما يتمّ البحث عنه من طرف المسلمين بكثرة، وذلك عندما تهبّ الرياح والعواصف الجافّة المحمّلة بالأتربة والغبار الشديد، والتي تضرّ المسلمين في بيوتهم وفي محاصيلهم، وتعطّل أعمالهم اليوميّة، وتجعل فيها الكثير من المشقة والأذى، ويترتب مع هذه الرياح المغبرة وجود مشقة كبيرة لذهاب المسلمين لصلاة الجماعة في المسجد، ولذلك يحرصون على البحث عن الرخص التي شرعها الدين الإسلامي، ومن خلال موقع المرجع سيتمّ معرفة هل يجمع بين الصلاتين للغبار ؟ وما حكم الجمع في الغبار والريح الشديدة.

جمع الصلاة

إنّ معرفة حكم الجمع في الغبار يتطلب التعرف على معنى جمع الصلاة في الإسلام، حيث إنّ الجمع في اللغة العربية هو المصدر للفعل الثلاثي جَمع، وأن يجمع الرجل يعني أن يضم، فيضم الأشياء بعضها إلى بعض، وفي الشريعة الجمع يعني ضم صلاتين معًا، وهو أمرٌ مشروعٌ في الأعذار التي عيّنها الشرع الإسلامي، وقد يكون الجمع إمّا تقديمًا أو تأخيرًا، فإمّا أن يقدّم المسلم الصلاة الأولى إلى الثانية أو يؤخّر الصلاة الثانية للأولى، وقد ذكر أهل العلم وشرحوا الأعذار المبيحة للجمع، وذكروا الشروط اللازمة للجمع وقت الصلاة الثانية، كذلك بيّنوا أنّه لا يجوز الجمع إلا في الصلوات الرباعية، فلا يجوز جمع المغرب مع العصر، ولا جمع الفجر مع الظهر والله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: دعاء الغبار وهبوب الرياح القوية من السنة النبوية

حكم الجمع في الغبار

إنّ حكم الجمع في الغبار بين صلاتين محلّ خلافٍ بين أهل العلم، فمنهم من قال أنّه جائز ومنهم من قال أنّه لا يجوز، فقد ذكر المالكية والحنابلة أنّه يجوز للمسلم أن يجمع في الغبار وذلك قياسًا على المشقة الناتجة من المطر الذي ورد فيه الجواز، أمّا الشافعية قالوا أنّه لا يجوز الجمع في الصلاة لغير المطر، وهم لا يتوسّعون في الرخص، أمّا الأحناف فيرون أنّه لا يصحّ للمسلم الجمع ما دام قادرًا على إتيان الصلاة في وقتها، ومن الجدير بالذكر أنّ قول المالكية والحنابلة في الجمع لغير سبب المطر كالغبار والطين يكون فقط في المغرب والعشاء، واشترطوا وجود شرط آخر غير الطين فالطين والغبار أو الطين والبرد الشديد يبيح الجمع، فقال أصحاب المذهب الحنبلي أنّه يجوز الجمع بسبب حصول الريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة، أو في اليوم المغبر شديد الحرارة وشديد الرياح أو شديد البرودة وشديد الرياح والغبار، والخلاف في هذه المسألة شديد، والأفضل للمسلم أن يتبع الإمام في ذلك، فالإمام الراتب ضامن، فلو أخذ بعدم الجمع والمصلي يتضرر بشدة في حضور الجماعة يصلي في البيت، ولو تحمل المشقة زاد أجره والله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز الجمع والقصر للمسافر في منزله قبل السفر؟

هل يجوز الجمع بسبب الريح الشديد والغبار

ببيان حكم الجمع في الغبار عند أهل العلم، فقد ذُكر أنّه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قام بالجمع بين صلاتين بسبب ريح أو غبار وإنما ثبت أنّه قد جمع بين الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء في المدينة وذلك بسبب المطر، وقد أخبر بعض أهل العلم أنّ هذا الجمع جمعٌ صوري، فقد كان أداء الصلاة الأولى في آخر وقتها مع تعجيل الثانية في أول وقتها، وقد صرّح أهل العلم أنّه يُباح للمسلم في الحضر الجمع عند الحاجة الشديدة، بشرط عدم اتّخاذه عادة، وقد ورد عن ابن قدامة: “فأما الريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة ففيها وجهان، أحدهما: يبيح الجمع، قال الآمدي: وهو أصح وهو قول عمر بن عبد العزيز؛ لأن ذلك عذر في الجمعة والجماعة بدليل ما روى نافع عن ابن عمر، والثاني: لا يبيحه لأن المشقة فيه دون المشقة في المطر فلا يصح قياسه عليه، ولأن مشقتها من غير حال مشقة المطر، ولا ضابط لذلك يجتمعان فيه؛ فلم يصح إلحاقه به” والله ورسوله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: الجمع والقصر للمسافر كم يوم

متى يجمع المسلم في الصلاة

حكم الجمع في الغبار من الأحكام الشرعية التي ترتبط في مسألة جمع الصلاة، والجمع من الرخص المشروعة التي جعلها الله سبحانه وتعالى لعباده، وهي مشروعة في الأحوال الآتية:[4]

• الجمع بين الظهر والعصر للحاج في عرفات: فيصلي الحاج الظهر والعصر عند أول وقت الظهر ويشرع الجمع بين المغرب والعشاء جمع تأخير.
• الجمع في السفر: ويشرع للمسلم أن يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو جمع تأخير وهو قول جمهور أهل العلم.
• الجمع في المرض: فيجوز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، وهو قول الحنابلة والمالكية، وبعض الشافعية، أما الأحناف والمشهور عند الشافعية قالوا بعدم الجواز.
• الجمع في المطر الذي يبل الثياب والبرد: قال جمهور أهل العلم أنّه يجوز الجمع بين المغرب والعشاء بسبب المطر والبرد، والمالكية قالوا يجوز التقديم بين المغرب والعشاء فقط، والحنابلة يقولون بجواز تقديمه وتأخيره، والشافعية قالوا أنّه يجوز تقديًا بين الظهر والعصر.
• الجمع في الخوف: عند الخوف ورد عن جمهور العلماء أنّه يجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء تقديمًا وتأخيرًا.
• الجمع في العذر: اختلف أهل العلم في إباحة الأعذار من غير ما ورد سابقًا التي تحلّ الجمع، فمنهم من قال لا يحل غيرها ومنهم من توسّع فيها والله ورسوله أعلم.

أحاديث الصلاة في الرحال

اتّفق أهل العلم على مشروعية قول المؤذن في المطر والرياح والبرد والغبار الشديد “ألا صلوا في رحالكم”، وذلك استنادًا لما ورد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث صلاة الرحال، وقد ورد في ذلك ثلاثة أحاديث وهي كما الآتي:[5]

• عن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما قال: “أنَّ ابنَ عمرَ أذَّنَ بالصَّلاةِ في ليلةٍ ذاتِ بردٍ وريحٍ، فقالَ: ألا صلُّوا في الرِّحالِ؛ فإنَّ رسولَ اللَّهِ كانَ يأمرُ المؤذِّنَ إذا كانَت ليلةٌ باردةٌ ذاتُ مَطرٍ ، يقولُ : ألا صلُّوا في الرِّحالِ”.[6]
• وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: “إذا قُلْتَ أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، فلا تَقُلْ حَيَّ علَى الصَّلاةِ، قُلْ: صَلُّوا في بُيُوتِكُمْ، فَكَأنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا، قالَ: فَعَلَهُ مَن هو خَيْرٌ مِنِّي، إنَّ الجُمْعَةَ عَزْمَةٌ وإنِّي كَرِهْتُ أنْ أُحْرِجَكُمْ فَتَمْشُونَ في الطِّينِ والدَّحَضِ”.[7]
• روى رجلٌ من ثقيف قال: “أنبَأَنا رجُلٌ مِن ثقيفٍ أنَّهُ سمِعَ مناديَ النَّبيِّ – صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ – يعني في ليلةٍ مَطيرةٍ في السَّفرِ يقولُ: حيَّ على الصَّلاةِ. حيَّ على الفلاحِ، صلُّوا في رحالِكمْ”.[8]

شاهد أيضًا: هل يجوز جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة

بهذا نصل لنهاية مقال حكم الجمع في الغبار، الذي بيّن مفهوم الجمع في الصلاة، وذكر هل يجوز الجمع في حال المطر والطين والغبار، وبيّن أحوال الجمع في الصلاة، كما سلط الضوء على أحاديث الصلاة في الرحال.