حكم الصبغة السوداء للنساء

حكم الصبغة السوداء للنساء من أهمّ الأحكام والمعلومات الشرعية التي ينبغي على المسلمين معرفتها وخاصّةً النساء، وذلك قبل الوقوع في المحظور بهذا الشّأن وارتكاب ما هو مُحرّمٌ في الشريعة الإسلامية، حيث إنّ الكثير من النّساء يبحثن بشكلٍ دائم عن التّجمّل بأبهى حلّة لأزواجهن، فيقمن من بين الأمور التي يتزيّنّ بها بصبغ الشّعر وتغيير لونه، وقد وردت الكثير من الأحكام والتشريعات بهذا الشّأن، وفي موقع المرجع وعبر هذا المقال سوف نتعرّف على حكم صبغ النساء للشعر بالصبغة السوداء، وكذلك تغيير لون الشّعر للأسود للرجال والنساء باختلاف الحالات.

حكم الصبغة السوداء للنساء

إنّ حكم الصبغة السوداء للنساء من الأمور التي اختلف فيها أهل العلم فبعضهم قال أنّها جائزة مع الكراهة، والقول الراجح فيها أنّها لا تجوز بل هي محرّمة في الإسلام، فالمعروف أنّ صبغ الشعر للرأس واللحية من لأمور المسنونة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكنّ أهل العلم الذين قالوا بعدم جواز الصبغة السوداء للنساء، استدلّوا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- حين قال: “يكونُ في آخرِ الزمانِ قومٌ يَخضِبون بالسوادِ كحواصلِ الحمامِ، لا يريحونَ رائحةَ الجنةِ”.[1] وقال بعض أهل العلم أنّ الصبغ بالأسود جائزٌ مع كراهة الأمر، وذلك أنّ بعض الصحابة الكرام -رضوان الله عنهم- قاموا بصبغ شعرهم باللون الأسود، كما أنّه في شرح حديث النّبي -صلى الله عليه وسلم- بما رواه جابر بن عبد الله قال: “أُتيَ بأبي قحافةَ يومَ فتحِ مكةَ ورأسُه ولحيتُه كالثُّغامةِ بياضًا فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غيِّروا هذا بشيءٍ واجتنبوا السوادَ”.[2] فإنّ هذا الحديث فيه فعل أمرٍ يدلّ على الوجوب، فالغالب في القول إنه لا يجوز للمرأة أن تصبغ شعرها بالأسود والله أعلم.[3]

حكم صبغ الشعر للمرأة باللون الأسود للزينة

إنّ حكم الصبغة السوداء للنساء للتزيّن من الأمور المختلف في حكمها، وهي محلّ خلافٍ بين أهل العلم، فالقول الغالب في الأمر يذهب لتحريم ذلك، أما أهل العلم الذين قالوا بإباحة صبغ المرأة لشعرها بالسواد بقصد التزين للزوج، فإنّ لهم عدّة اعتباراتٍ ودلالات، وأجازوا للمرأة أن تصبغ الشعر بالأسود لتتزين به لزوجها، وحرّموا عليها ذلك إن كان فيه تدليسًا وغشًّا أي من غير أن يعرف الزوج لون شعر المرأة وتقوم بصبغه أسودًا فيظنه لون شعرها الأساسي، وقال بعضهم هو مكروهٌ كراهة تحريم حتّى لو كان للزينة، فالأحوط للمرأة أن تترك الصبغ بالأسود وأن تصبغ بغيره.[4]

حكم صبغ الشعر باللون الأسود للنساء لإخفاء الشيب

إنّ صبغ الشيب من السّنة المستحبّة التي جاءت عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- لوصيّة النّبي للمسلمين أن يصبغوا الشيب مخالفةً لليهود والنصارى، لكنّ صبغ الشعر باللون الأسود للنساء لإخفاء الشيب محرّمٌ في الإسلام، وهو قول جمهور أهل العلم، وذلك استنادًا لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه: “رواه جابر بن عبد الله قال: “أُتيَ بأبي قحافةَ يومَ فتحِ مكةَ ورأسُه ولحيتُه كالثُّغامةِ بياضًا فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غيِّروا هذا بشيءٍ واجتنبوا السوادَ”. ولإنذار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنّ من يصبغ شعره أسودًا لا يشمّ ريح الجنّة، ولذلك ينبغي للمرأة أن تصبغ مشيبها بغير الأسود.[5]

شاهد أيضًأ: هل يجوز صبغ الشعر للمضحي

حكم الصبغة السوداء للمرأة بعلم زوجها

في حكم الصبغة السوداء للمرأة اختلف أهل العلم، بين الكراهة والتحريم، ولكنّ الكثير منهم رخّصوا للمرأة أن تصبغ الأسود في شعرها إذا أذن لها الزّوج لتتزين بذلك له، وقد ورد عن إسحاق بن راهويه أنّه رخص للمرأة أن تتزين به لزوجها، وقال النووي لو كانت المرأة خليّةً من الزوج وصبغت الأسود فهو حرام، ولو كانت متزوّجة وفعلته فهو جائز، فالأصل فيه التّحريم لكن لو أذن الزّوج لها فإنّه يُباح لها ذلك، لأنّ المقصد فيه التزين للرجل والله أعلم.[6]

حكم الصبغة السوداء للرجال

بعد الإطّلاع على حكم الصبغة السوداء للنساء، فإنّه فيما يأتي سيتمّ التّعرف على حكم الصبغة السوداء للرجال، وقد ذهب الأحناف والمالكية والحنابلة إلى أنّ خضاب الرّجال بالسّواد من الأمور المكروهة في الأوضاع الطبيعية، حيث أنّ السّواد مكروهٌ للرجل في غير الحرب أو الجهاد، أمّا الخضاب بالأسود للغزو فإنّ فيه استحبابًا، لأنّ فيه إدخال الرّهبة والهيبة في قلوب العدو، فهو محمود الأمر، ولو كان الخطاب بالأسود للرجل ليقوم بالتّزين للنساء فهو مكروه، وعند المالكيّة يكون الصبغ بالأسود للتغرير حرامٌ ولا يجوز على الإطلاق، أمّا الشافعية فقالوا أنّه محرّمٌ بكلّ الحالات، فلا يجوز للرجل صبغ الرأس واللحية أبدًا بالسواد، فالخلاصة أنّ على الرّجل الابتعاد عن صبغ شعره بالأسود وذلك امتثالًا لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واتّباعًا لسنّته.[6]

شاهد أيضًا: هل يجوز صبغ الشعر في عشر ذي الحجة

حكم الصبغة غير السوداء للنساء

ممّا لا شكّ فيه أنّ حكم الصبغة السوداء للنساء محرّمة ولا يجوز استخدامها بقول أكثر أهل العلم، أمّا الأصباغ غير السّواد للنساء أو الرّجال فهي مباحة، ما لم يكن فيها مشابهة للكفار أو فيها موادً ضارّة فإنّها لا تجوز، فالأصل في كلّ الأمور غير العبادة هو الحلّ، وبه يجوز للمرأة أن تصبغ الشعر بما تشاء من الأصباغ غير السواد، وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين عن حكم تغيير المرأة للون شعرها، فأجاب: “إنّ تغيير اللون من الأبيض للأسود لا يجوز، فالنّبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بتجنّبه، أمّا تغيير لون الشعر بألوانٍ غير الأسود فإنّ ذلك لا حرج فيه ولا بأس، لأن أصل الأمور الإباحة حتّى يثبت دليلٌ بالمنع، إلا لو كان اللون تشبّهًا بالكفّار فإنّه لا يجوز، لأنّ من يتشبّه بقومٍ فهو منهم” والله ورسوله أعلم.[7]

شاهد أيضًا: تفسير حلم صبغة الشعر للعزباء في المنام لابن سيرين وابن شاهين والنابلسي

ما الحكمة من تحريم الصبغة السوداء للشعر

كما تبيّن فيما سبق أنّ حكم الصبغة السوداء للنساء والرجال محرّمة عند جمهور أهل العلم، ولذلك حكمةٌ بالغة وسببٌ من وراء تحريمه، حيث إنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عنه كما أخبر أهل العلم لمنع الغرور والكبر من التسلل للقلوب، فمن يظهر فيه الشّيب فإنّ ذلك يدفعه ويحمله لإعلان التوبة ولإكثار من الطّاعة، وتذكّر الموت والحياة الآخرة، فلو خضب المرء بالأسود فإنّ الكبر سيتسلل لقلبه ويحسب نفسه شابًّا فيهيم في الدّنيا، وقيل أنّ أوّل من خضب بالسّواد هو فرعون، فبتحريمه كان مخالفةً لطاغوت الكفر والعصيان، أمّا تغيير لون الشعر بغير الأسود ففيه زيادة تنظيفٍ للشعر ممّا علق به، ومخالفةٌ لليهود والنّصارى، والله ورسوله أعلم.[8]

بهذا نختتم مقال حكم الصبغة السوداء للنساء، والذي تمّ فيه معرفة أحكامٍ كثيرة تتعلق بالصباغ الأسود للسعر، كحكم صباغ المرأة لشعرها للزينة وبعلم زوجها او لإخفاء المشيب، وحكم الصباغ الأسود للرجال، وتمّ بيان حكم الصباغ بغير الأسود، ومعرفة الحكمة من تحريم اللون الأسود في صبغة الشعر للنساء والرجال.